الحضارة السودانية ودورها في التمازج الثقافي العربي الافريقيالحضارة السودانية ودورها في التمازج الثقافي العربي الافريقي الفكر العربي أو الثقافة العربية نجده قد نشط وانتشر أكثر ما بعد الاسلام
إذ كان له القدح المعلى لأنه مع انتشار الاسلام في كل بقاع العالم كانت الثقافة تتحرك معه خاصة بعد الاستقرار العربي في كثير من المناطق لذا نجد اليوم عند
معظم الشعوب التي دخل عليهم الاسلام كم هائل من المفردات العربية والثقافية خاصة ما تعرف بطقوس العبور المتمثلة في طقوس الزواج والميلاد والوفاة بجانب
الالعاب الشعبية ولا ننسى دور الرحالة العرب الذين برعوا في نقل الحياة والثقافة الاجتماعية العربية اينما كانوا أمثال ابن خلدون – ابن حوقل – المقريزي –
اليعقوبي وغيرهم .
ملامح من الحضارة السودانية :-اولا للسودان اسماء قديمة مرت عبر فترات وحقب تاريخية متعددة واقدم الاسماء له هي بلاد كوش وجاءت في
كثير من المخطوطات القديمة وكذلك الكتب السماوية بإسم "كوش" كما في التوراة في سفر الملوك الثاني .... وايضا باسم تاتسي وتانحسيو والنوبة وكلها اسماء
اطلقت من المصريين القدماء لجنوب الوادي والاغريق اطلقوا عليه اثيوبيا أي الوجوه السمر واخيرا العرب السودان.واذا نظرنا للحضارة السودانية نجدها من اقدم
الحضارات افريقيا والعالم العربي وبدأت ارهاصاتها من العام 4000 قبل الميلاد والمعروفة بحضارة الشاهيناب التي عاصرت في نفس الفترة حضارة الفيوم
بمصر وبعد ذلك حضارة كرمة في العام 2500 قبل الميلاد كأول حضارة ذات أسس وثقافة وحياة سياسية وعسكرية عرفت باتصالها بالعالم الخارجي وصناعتها
للبرونز والنحاس والفخار المصقول بالداخل والخارج وعرفت بأسماء اقليمية كثيرة للمصريين والاغريق كأسم أيم – يم – ارم وانتهت فترة كرمة في العام 1500
قبل الميلاد مخلفة وراءها اثار وثقافة هائلة امتزجت مابين المصرية والسودانية ..... وفي العام 900 قبل الميلاد كانت ميلاد حضارة سودانية افريقية المنبع
والثقافة هي حضارة نبتا وهي من اخصب فترات الحضارة في السودان وافريقيا وبرعت في فن العمارة والعلوم الانسانية وشيدت الاهرامات ومعظم الناس
لايعرفون بان في السودان اكثر من 240 هرم ومن المعابد ما يصعب عده وهي نفس الفترة التي امتدت نفوذها الي بلاد الشام وكل وادي النيل وهذه الحقبة معروفة
لدي المصريين بالأسرة 25 وموقعها الان في السودان الحديث في بلاد النوبة وانتقلت هذه الحضارة الي وسط السودان وعرفت بحضارة مروى وانتهت المملكة في
العام 350 م علي يد عيزانا ملك اكسوم الحبشية.وبعدها كانت قيام الممالك المسيحية في القرن السادس الميلادي والتي استمدت ديانتها من مصر وتميزت هذه
الحقبة باتصالها بدول افريقية كتشاد واثيوبيا وموريتانيا وكذلك بالمناطق العربية بارسال الرسل كما حدث في عهد المعتصم مع ملك النوبة.وبإنتهاء الفترة المسيحية
في السودان عام 1323 م علي يد المماليك عاش السودان بعيدا من الاضواء والاعلام لفترارت عديدة رغم قيام مملكة اسلامية عظيمة من وسط البلاد "حضارة
الفونج أو السلطنة الزرقاء".بعد فتح بلاد النوبة من بدايات القرن ال14 كان لاستقرار بعض الجماعات العربية من بلاد النوبة الشمالية والذين اختلطوا بالسكان كان
له دور كبير في نقل الثقافة الي تلك المناطق حيث تشير بعض الدراسات الاثارية الي وجود مراكز اسلامية للجاليات العربية في بلاد النوبة منذ فترة مبكرة من
بديات الدعوة الاسلامية واكبر المجموعات العربية التي دخلت السودان هي قبائل جهينة وتوغلت الي كردفان ودارفور وبنى ربيعة وعبرت واستقرت في اواسط
وجزء من شرق البلاد ,وقد ساهمت هذه التطورات السياسية علي تغلغل الثقافة العربية بجانب الثقافة الافريقية وقيام ممالك اسلامية في القرن الخامس عشر
والسادس عشر ومجيء علماء من المغرب العربي ومصر كان له دور كبير في تنوع الثقافتين العربية والافريقية بعد هجرات كثيفة من الدول الافريقية المجاورة
والبعيدة وتلاقحت تلك الثقافات مع الثقافة النوبية التي سادت تلك الفترة.والسودان به سبعمائة وخمسين من القبائل الافريقية والعربية مع مائة واثنين وخمسين من
اللغات واللهجات المحلية وكثير من تلك القبائل واللغات منتشرة في وطننا العربي والافريقي .ومن اجمل الاشياء في الثقافة السودانية هي تمازج الثقافتين العربية
والافريقية وتشكيلها لانسان متفرد بسحناته ولغته, واللغة العربية هي لغة التواصل لكل تلك الشعوب حتي في أقصى الجنوب اما الثقافة نجدها استمدت من الثقافة
النوبية المتواجدة واللهجة أو اللكنة السودانية العربية اليوم بها كل تلك الثقافات بمفرداتها وتعبيرها الخاص أما التراث فقد اختلط بالافريقي والعربي وكل هذا أعطى
السودان ليكون رائدا من التمازج والثقافات في الوطن العربي وافريقيا.