| بائعة الكسرة ..... | |
|
+4عثمان المحسي رمضان عثمان ماهر عابدين دياب طارق عبد الوهاب أحميدى 8 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
طارق عبد الوهاب أحميدى
عدد المساهمات : 610 تاريخ التسجيل : 08/12/2010
| موضوع: بائعة الكسرة ..... الإثنين 11 يوليو 2011, 7:36 am | |
| | |
|
| |
طارق عبد الوهاب أحميدى
عدد المساهمات : 610 تاريخ التسجيل : 08/12/2010
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الإثنين 11 يوليو 2011, 7:44 am | |
| ذبالة المصباح تتمايل كأرجوحة للصغار ولا يكاد ضوءها يبين في احتضاره عبر زجاجة المصباح المكسورة فيلقى ظلالاً كئيبة على جدران الحجرة العارية من الأثاث عدا ثلاث عنقريبات بائسة فرشها من ملاءات مهترئة , ويرقد على واحد منها الأم ست أبوها وفي الاثنين الآخرين ابنتاها مريم وحليمة , وكان زفيف الهواء عبر كوتين في أعلا جدار الحجرة أتخذا كنافذتين لها يكون مع صرير الصراصير في الأركان أنغاماً مزعجة ولكن قاطني الحجرة تعودوا على هذه الأصوات المنفرة وربما استعذبوا النوم على إيقاعاتها القبيحة .. وربما أضافوا إليها من حين لآخر أصوات شخيرهم المتقطع , فهم يرقدون كالأموات جراء السعى المجهد و الكدح المتواصل بالنهار في سبيل توفير لقمة العيش . وما أن يسفر الصبح عن وجه النهار أو قبيل ذلك عندما يصيح منبه الفقراء الديك رافعاً عقيرته بالزعيق تهب الأم من مرقدها وتصيح في البنتين ليستيقظا وتسمعها تقول : ( يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم , يا بنات قومن الدنيا اصبحت , يا مريم ولعي النار تحت ( الدوكة ) , وسوي لينا كباية شاي , وأنت يا حليمة لخي العجين وحضري الطبق , ولكن البنت الصغرى حليمة تتلكأ وتتقلب في الفراش حتى يجيئها صوت أمها الغاضب (( انت يا بت , اللكاعة والكسل ده ما دايره تخلي , قومي تقوم قيامتك . )) , وتقوم البنت متكاسلة وهي تبرطم , ويتكرر هذا المشهد في مطلع كل يوم جديد .. وتجلس الأم إلى الدوكة وتشرع في عمل الكسرة طرقة طرقة وتلقي بها في الطبق إلى أن تفرغ جرة العجين من محتوياتها وإلى أن يمتلىء الطبق أو يكاد , وصهد النار المتأججة من الحطب المشتعل تحت صاج الدوكة يلفح وجه الأم وساقيها , فيدر العرق من وجهها المعروق ويسيل على صفحتي وجهها المتغضن الذي حفر الدهر مع الفقر شوارعاً فيه صارت الان مجارى للعرق المتدفق , وهذا الوجه نفسه يسيل عليه الدمع في نفس المجاري عند الحزن أو موت قريب أو عزاء في ميت وكأن صاحبته تندب سواد حظها في الدنيا .. وعندما تفرغ من عمل الكسرة تضع كل طرقتين في كيس من البلاستيك وترصها فوق بعضها البعض وتضعها في قفة لتحملها إلى السوق وذلك بعد أن تضع بعض الكسرة جانباً لغذائها هي والبنتين , فيفطرن بقليل منها بعد عجنها بالماء ووضع شيء من الملح عليها , أو إذا تيسر لها بعض الطماطم مع ( الدكوة ) , وربما توفر الأم هذه الوجبة للغذاء , وبعد ذلك تتوجه الأم و معها ابنتها الصغرى من منزلهم الصغير الحقير في أطراف المدينة والذي يسمونه السكن العشوائي , الأولى إلى السوق والثانية إلى مدرستها , واما البنت الكبرى فقد اكتفت الأم بإكمالها مرحلة الأساس وأبقتها في المنزل بعد أن عجزت عن تدبير مصاريفها الدراسية , مع أنها كانت تتلقى العلم في مدرسة حكومية مجانية , ولكن القائمين على أمر هذه المدرسة ونظيراتها كانوا يطالبون بمساهمات مالية بشتى المعاذير لا يقدر على دفعها المساكين , فيكفي مريم ما تلقته من تعليم إلى أن يفتح الله عليها بابن الحلال الذي يتخذها زوجة له .. وكان الحمل الثقيل قد حط بغتة على كاهل الأم كصاعقة اصابت شجرة وعرتها من أوراقها بعد حرقها , وذلك بعد أن تلقت نعي زوجها الجندي الذي لاقى منيته في حرب الجنوب وترك لها بنتين في ميعة الصبا .. و أحتارت ماذا تفعل ولا معين لها من أهل الزوج أو من أهلها فكلاهما سواء في الفقر والمسكنة وكلاهما في حاجة إلى من يعينهما في زمن بلغت المعيشة فيه حد الكرب , وعزت فيه لقمة العيش وحبة الدواء بل جرعة الماء في أحيان كثيرة .. وفي غمرة أحزانها حدثت ست أبوها نفسها قائلة : ( والله كان نأكلها بموية ما بمد يدي لزول وطول ما فوقي عافية إن شاء الله أشيل المونة وأعيش نفسي وبناتي ) , وصارت ست أبوها تشتري الذرة وتصنع منها الكسرة , واتخذت لها موقعاً في السوق الكبير تبيعها فيه , ولكن في كل بضعة أسابيع أو أشهر صار ثمن الذرة يرتفع ويزداد ثمن الوقود من حطب وفحم مما يزيد تكلفة الكسرة , وتضطر إلى رفع ثمنها , ولكن الناس رغم حبهم وتفضيلهم للكسرة يجدون أن ثمن خبز القمح ارخص ثمناً منها فيتحولون إليه , واضطرت ست أبوها مرة اثر أخرى إلى تقليل ما تصنعه من الكسرة حتى لا تبور وتزيد خسارتها , وقل العائد من بيع الكسرة .. وسألتها ابنتها الصغرى بإمتعاض : (يا أمي ليه بتقللي العجين في كل مرة ؟ تعبتي من العواسة ولا شنو ؟ ) , و أجابتها بنبرة حزينة : ( أنا ما فيني عوجه لكن العيش و الحاجات البنعمل بيها الكسرة غلت شديد .) طيب يا أمي ما تشتكوا للحكومة عشان ترخس ليكم الحاجات . وأجابتها الأم وفي صوتها رنة يأس : (( والله يا بنتي شكينا لمن حسنا أنقرش ومافي زول جايب خبرنا .. بس الله لينا وهو العالم بحالنا )) , واستفهمت البنت محتجة : (( لكن يا أمي الناس ديل ما بياكلوا كسرة ولا بياكلوا عيش فينو وباسطة !؟)) وردت عليها بغضب ممزوج بضيق عديم الحيلة العاجز: ((يا بتي ديل دنيتهم دنيا ثانية, ديل ما عايشين معانا, الله يلطف بينا وبى كل امة محمد... كدي خلي الكلام وقومي لخي العجين)). واضطرت ست أبوها إلى تقليل ما تصنعه من الكسرة مرة أخرى , وقل ما يأكلونه منها ولكنها أبت أن تمد يدها وأصبحت هي وأبنتاها يتقوتون بالكسرة والماء والملح وحسب .
الكاتب /هلال زاهر الساداتي | |
|
| |
ماهر عابدين دياب
الموقع : لندن عدد المساهمات : 2905 تاريخ التسجيل : 02/05/2010
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الإثنين 11 يوليو 2011, 7:52 am | |
| ذكرتنا الايام الحلوة ياطارق ايام عمل الكسرة ليأكل ناس البيت والضيفان , مش البيع بالرغم من ان بائعة الكسرة قادتها الظروف لتقوم بتربية اولادها بعرق جبينها. لكن بائعتنا اشك انها تعرف عمل الكسرة...ولو اكلتو تكون ما قصرت...لكن ما اروع ان يكون الانسان نصير المستضعفين...وقمة العلو ان نتواضع لنكون احد المستضعفين ولو اسما.
وقولوا يالطيف
| |
|
| |
رمضان عثمان
الموقع : الخرطوم عدد المساهمات : 743 تاريخ التسجيل : 11/04/2011 العمر : 47
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الإثنين 11 يوليو 2011, 8:39 am | |
| قراءة لواقع مرير يجسد معني الصبر علي ضنك العيش والإعتماد علي النفس في سبيل كسب لقمة العيش الشريفة
يمكن أن تكون مشروع لدراما إجتماعية تعالج مثل هذه القضايا
شكراً يا إبن خالتي
| |
|
| |
عثمان المحسي
عدد المساهمات : 237 تاريخ التسجيل : 01/07/2010
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الإثنين 11 يوليو 2011, 8:58 am | |
| العزيز : طارق التحية الصباحية لكوالأخوة المشاركين والشكر علي الموضوع الحيوي والاجتماعي .. وما يتجسد فيه من جوانب الكفاح والصبر من الفقراء .والصبر لهؤلاء الفقراء يعني أن مصيرهم الجنة والحساب اليسير وهم يدخلون الجنة بآلاف السنين قبل الأغنياء .. فما دام الانسان مخلوق بهدف العبادة في دار الفناء فأحسن القصور والاملاك في دار البقاء ما قيل الفقر :يمشي الفقير وكل شئ ضده والناس تغلق دونه ابوابها وتراه مبغوضا وليس بمذنب ويري العدواة لا يرى اسبابهاحتي الكلاب اذا رات ذا ثروه خضعت لديه وحركت اذنابها واذا رات يوما فقيرا عابرانبحت عليه وكشرت انيابها[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|
| |
طارق عبد الوهاب أحميدى
عدد المساهمات : 610 تاريخ التسجيل : 08/12/2010
| |
| |
وصفية عيسي
عدد المساهمات : 719 تاريخ التسجيل : 25/05/2010
| |
| |
فخرالدين عثمان
الموقع : الخرطوم عدد المساهمات : 371 تاريخ التسجيل : 02/06/2011
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الإثنين 11 يوليو 2011, 12:55 pm | |
| قصة من نسيج الواقع السودانى الأصيل على الرغم من مرارتها ( عنقريب , صاج الدوكة, لخ العجين, كسرة, دكوة , طبق الكسرة, السكن العشوائى, غلاء المعيشة , المعاناة )
الحمد لله على كل حال تحية عطرة أخ طارق أحميدى وربنا يديك ألف عافية
دمتم سالمين | |
|
| |
ماهر عابدين دياب
الموقع : لندن عدد المساهمات : 2905 تاريخ التسجيل : 02/05/2010
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الإثنين 11 يوليو 2011, 4:31 pm | |
| وانا من زمن كانوا بيطبخوا بالكشنقور بدل اللحمة...وبالمناسبة ياشباب (والحكاية كلها عواسة في عواسة) وبقرب موعد شهر رمضان المبارك...هل بيوتنا مازالت تعوس الابريق الابيض والحلو مر؟ وهل الايام وانت ماشي وراء البيوت بتشم ريحة الابري والحلومر وتشاهد الحريم بالبتل بيشحدوا القرقريبة والعجين المر؟ وهل موائد رمضان لازالت عامرة بهذه المشروبات؟ ولا بقينا ناس عصاير جاهزة ساااااااكت؟
اجمل اكلة في الدنيا طبعا كسرة بي ملوخية مفروكة...ربنا يخلي عائسات وبائعات الكسرة.
ونقول يالطيف
| |
|
| |
وصفية عيسي
عدد المساهمات : 719 تاريخ التسجيل : 25/05/2010
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الثلاثاء 12 يوليو 2011, 5:42 am | |
| لك التحية الصباحية الاخ ماهر الحال مازال في الحال هذه الايام تعم رائحة الابريقات والدخاخين عاجة الحلة وطبعا الرائحة جميلة وموائد رمضان زي ما هي ما اتغيرت معليش للناس المتغربة ربنا معاكم ولو كان لقينا زول كنا حنرسل ليكم شوية ابريق احمر | |
|
| |
طارق عبد الوهاب أحميدى
عدد المساهمات : 610 تاريخ التسجيل : 08/12/2010
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الثلاثاء 12 يوليو 2011, 6:41 am | |
| - رمضان عثمان كتب:
قراءة لواقع مرير يجسد معني الصبر علي ضنك العيش والإعتماد علي النفس في سبيل كسب لقمة العيش الشريفة
رمضان اتمنى ان يجئ يوم تعيش فيه امهات بلادى فى مستوى بؤهل بناتهن وابناؤهن لبلوغ بعض الانسانية التى توهل الجميع للعيش الكريم الهانى | |
|
| |
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطاليا عدد المساهمات : 3801 تاريخ التسجيل : 01/01/2011
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الثلاثاء 12 يوليو 2011, 10:43 am | |
| تحياتي الاخ طارق و الأخوة المتداخلين بالبوست .. الكسرة .. هي الطبق الشعبي المحبوبه عند أغلبية السودانيين . شخصياً عند زيارتي للسودان غالباً من تجدني فى مطاعم السوق العربي (الشعبية) يأخواني عندهم كسرة و قراصة عجيبة !! نعم ليس كاكسرة و قراصة البيت الا انها مميزة جداً و بعدها فنجان قهوة تحت الشجر من ست الشاي .. نعمه اريد من مداخلتي هذه التطرق الى قصصه شعوب سبقتنا .. مثلاً الشعب المصري قد حول الكشري الشعبي الى افخم المطاعم و الفنادق كوجبة شعبية على الرغم من أنها كانت للمساكين ؟؟ الشعب الإيطالي قد حول البيتزا الى كل أنحاء العالم ما انوا تاريخ البيتزا يعود الى ايام المجاعة و كانت اكلة للفقراء فقط . الدكتورة عايدة (بياعه الكسرة) ما حان الاون ان تحولي لينا الكسرة الى المطاعم الراقية | |
|
| |
بايعة الكسره
الموقع : khartoum عدد المساهمات : 749 تاريخ التسجيل : 16/03/2011
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... السبت 16 يوليو 2011, 5:47 pm | |
| تحياتي الاخ طارق والاخوة المتداخلون مشكور على الموضوع الجميل اللى مانقدر نتفاعل معاه غير بربنا يعينهم (وهى واقع وموجود ) لان الحالة اصبحت بالجد مرهقة لطبقة من المجتمع ماقادرة حتى تامن ابسط حقوقها التعليم والصحة والتغذية السليمة مع غياب للحكومة وحتى الجيران الزمان الناس كانت بتتواصل الان كل واحد فى حاله بس نقول يالطيف. والله ياشريف انا كان على كان خليتها الاكلة الرسمية للشعب فهى اكلتى المفضلة وده سبب تعلقى بالاسم ممكن اكلها فى اى زمان واى مكان وفى امان الله | |
|
| |
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطاليا عدد المساهمات : 3801 تاريخ التسجيل : 01/01/2011
| موضوع: رد: بائعة الكسرة ..... الأحد 17 يوليو 2011, 9:46 am | |
| د. عايدة ......تحياتي وده سبب تعلقى بالاسم ممكن اكلها فى اى زمان واى مكان عندي خمسة سنوات ما أكلت كسرة رآيك شنوا .. والشاهد عندي الوالدة قادمة لزيارتنا و سألتني دايرين شنوا من السودان ؟ من الطلبات كانت الكسرة ... و فى الانتظار هل بتصل ؟؟؟؟ | |
|
| |
| بائعة الكسرة ..... | |
|