شبكة مراغه الأصاله والتاريخ
اسماء الله الحسني Welcom11
شبكة مراغه الأصاله والتاريخ
اسماء الله الحسني Welcom11
شبكة مراغه الأصاله والتاريخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالموقع الرئيسى للشبكةصفحتنا على الفيس بوكأحدث الصورالصفحه الرئيسيهالصحف السودانيهالمصحف الشريفالتسجيلدخول

إدارة شبكة ومنتديات مراغه : ترحب بكل أعضائها الجدد وتتمنى لهم أسعد الأوقات بيننا شرفتونا بإنضمامكم لنا ونتمنى مشاهدة نشاطكم ومساهماتكم التي سوف تكون محل تقديرنا واهتمامنا أهلا وسهلا وحبابكم عشرة بين اخوانكم وأخواتكم

شبكة مراغه الأصاله والتاريخ نحو سعيها للتواصل مع أعضائها الكرام فى كل مكان وزمان تقدم لكم تطبيق شبكة مراغه للهواتف الذكيه فقط قم بالضغط على الرابط وسيتم تنزيل التطبيق على جهازك وبعد ذلك قم بتثبيته لتكون فى تواصل مستمر ومباشر مع إخوانك وأخواتك على شبكتنا.

 

 اسماء الله الحسني

اذهب الى الأسفل 
+4
طارق عبد الوهاب أحميدى
وصفية عيسي
شريف عبد المتعال
ماهر عابدين دياب
8 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 1:18 pm



الدرس الاول:

فضل لحفظ اسماءالله الحسنى


بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى :

(( ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها )).

(الاعراف -180-)

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

(( ان لله تسعة وتسعين اسما ، مائة الا واحد ، من حفظها دخل الجنة ، و هو وتر يحب الوتر )).

فضل اسم الله الاعضم :

عن بريدة رضي الله عنه قال : سمع النبي رجل يدعو و هو يقول :

((اللهم اني أسالك أنت الله لا الاه الا أنت الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد )) .

قال ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم :

( و الذي نفسي بيده لقد سال الله باسمه الاعظم الذي اذا دعي به استجاب و اذا سأل به أ عطى ) .

قال الرسول صلى الله عليه و سلم :

اسم الله الأعظم في هاتين الايتين :

(( وإلهكم الاله واحد لا الاله الا هو الرحمن الرحيم )).

(البقرة-163-)

((الم ..الله لا الاه الا هو الحي القيوم )).

(فاتحة آل عمران )

أسماء الله الحسنى بالترتيب للحفظ

هو الله الذى لا إله إلا هو:



الرحمن .... الرحيم .... الملك .... القدوس .... السلام .... المؤمن

المهيمن .... العزيز .... الجبار .... المتكبر .... الخالق .... البارئ

المصور .... الغفار .... القهار .... الوهاب .... الرزاق .... الفتاح

العليم .... القابض .... الباسط .... الخافـض .... الرافع .... المعـز

المذل .... السميع .... البـصير .... الحكـم .... العـدل .... اللطـيف

الخبير .... الحلـيم .... العظـيم .... الغفـور .... الشكـور .... العلى

الكبير .... الحفيظ .... المقيت .... الحسيب .... الجلـيل .... الكـريم

الرقيب.... المجيب .... الواسع .... الحكيم .... الودود .... المجـيد

الباعث .... الشـهيد .... الحـق .... الوكـيل .... القـوى .... المـتين

الولـى .... الحميد .... المحصى .... المبدئ .... المعيد .... المحيى

المميت .... الحـى .... القــيوم .... الواجد .... الــماجد .... الـواحد

الصمد .... القــادر .... المقتدر .... المـــقدم .... المؤخر .... الأول

الآخر .... الظــاهر ....الباطن .... الــوالى .... المتعالى .... الــــبر

الــــتواب .... المنـــتقم .... العفــو .... الــرءوف .... مــالك المـــلك

ذو الجلال والاكرام .... المقسط .... الجامع .... الغنى .... المغنى

الـــــمــانع .... الضـــــار.... النـــــافــع .... النــــور .... الهــادى

الــبديـــع .... الــــبـــاقى .... الــــــوارث .... الرشيد .... الصبور



عدل سابقا من قبل maher abdeen في الأحد 10 أبريل 2011, 11:50 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 1:28 pm



الدرس الثاني:


معاني عامة لاسماء الله الحسني

لفظ الجلالة: الله

كلمة "إلاه" تعني: معبود .. وهي اسم مشتق من الفعل أله بالفتح .. فكل ما اتخذه الناس معبوداً منذ القدم يصح أن يطلق عليه اسم (إله). فمن الناس من اتخذ الشمس إلهاً .. أي معبوداً، ومنهم من اتخذ النارإلهاً، ومنهم من اتخذ القمر إلهاً، ومنهم من اتخذ البقر إلهاً. وكلمة (إلاه) قدتطلق ويراد بها معناها فقط. إقرأ..
*
الرحمن - الرحيم

(الرحمن) اسم مشتق من الفعل (رحم)، والرحمة في اللغة هي الرقة والتعطف والشفقة، وتراحم القوم أي رحم بعضهم بعضا والرحم القرابة. الرحمن اسم من أسماء الله الحسنى، وهو مشتق من الرحمن وهو اسم مختص بالله تعالى لا يجوز أن يسمى به غيره، إقرأ..
*
الملك

ملك الشيء أي حازه وانفرد باستعماله والانتفاع به أو التصرف فيه. والاسم مالك .. وأملكه الشيء أو ملكه الشيء أي جعله ملكا له .. وتملك الشيء أي امتلكه. (والملك) بفتحالميم واللام هو واحد الملائكة، وهو جنس من خلق الله تعالى نوراني لطيف كجبريل وعزرائيل. أما (الملك) بفتح الميم وكسر اللام فهو اسم من أسماء الله الحسنى .. إقرأ..
*
القدوس

تقدس في اللغة يعني تطهر .. ومنها (التقديس) أي التطهير .. والقدس بسكون الدال وضمها تعني الطهر ومنها سميت الجنة حظيرة القدس .. وسمى جبريل روح القدس. والقداسة تعني الطهر والبركة .. وقدس الرجل لله أي طهر نفسه بعبادته وطاعته، وعظمه وكبره. إقرأ..
*
السلام

سلم) من الآفات ونحوها أي برئ .. و(أسلم) أي انقاد، وتطلق أيضا على من يعتنق الإسلام .. وأسلم أمره لله أي فوضه فيه، وسالم زيد أي صالحه .. وسلم بالأمر أي رضي به .. وسلم على القوم أي حياهم بتحية الإسلام. و(الإسلام) هو الخضوع والرضا بالمسلم به. إقرأ..
*
المؤمن


آمن به أي وثق به وصدقه، والمضارع يؤمن، والمصدر إيمان. وآمن بشيء أي اعتقده حقيقة .. والإيمان التصديق .. وأمن بكسر الميم أي اطمأن ولم يخف. والإيمان وصف يوصف به الإنسان .. يقال آمن فلان أو فلان مؤمن إقرأ..
*
المهيمن


هيمن على شيء أي سيطر عليه .. و(المهيمن) أي المسيطر، وهو اسم من أسماء الله الحسنى. فالحق سبحانه وتعالى مهيمن على كونه منذ لحظة خلقه .. وهيمنته مستمرة إلي أن تقوم الساعة، فينال كل عامل جزاء عمله. وهذه الهيمنة الإلهية لها صور وآثار لا تحصى .. منها أن كل شيء يحدث في الكون يحدث بأمره عز وجل .. الخلق كان بأمره كما جاء في الحديث القدسي: "كنت كنزا مخفيا فأردت أن اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني" وبعد الخلق إقرأ..
*
العزيز

عز أي قوي وسلم من الذل .. وعز فلان على فلان أي كرم عليه، وعز على كذا أي شق على .. وعز فلانا أي غلبه وقهره .. وأعزه أي جعله قويا عزيزا. والعزيز اسم من أسماء الله الحسنى ويعني الغالب الذي لا يهزم، وهو اسم يضم ثناياه العديد من الصفات: كالقوة والغلبة والقدرة على كل شيء والقيومية إقرأ..
*
الجبار

جبر فلان فلانا أي أغناه من فقر أو أصلح عظمه من كسر، وجبر الله فلانا أي سد حاجته .. وأجبره على الأمر أي أكرهه عليه. وكلمة (جبار) بدون ألف ولام والتعريف تستخدم كصفة من صفات الأفراد، وفي هذه الحالة تكون بمعنى القهر والطغيان إقرأ..
*
المتكبر


(كبر) بفتح الكاف وكسر الباء أي أسن أو تقدم في العمر. و(كبر) بفتح الكاف وضم الباء أي عظم وتعالى. والكبر أو الكبرياء تعني العظمة أو العلو والرفعة. والمتكبر كوصف للعبد صفة ذميمة، ولكنها صفة من صفات المدح الواجبة للكمال الإلهي المطلق. فالعبد الذي يتكبر أي يتعاظم إنما يتكبر ويتعاظم على غيره من العباد، إقرأ..
*
الخالق

خلق الله العالم أي أوجده من العدم، والخالق بالألف واللام لا تطلق إلا على الحق عز وجل، فيجوز أن يطلق على الإنسان وصف (خالق) ولا حرج، بينما لا يجوز أن يوصف أن يسمى (الخالق) ويؤخذ ذلك من قوله تعالى:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)"} (سورة المؤمنون) إقرأ..
*
البارئ

(برؤ) بضم الراء أي خلا من العيب أو التهمة، و(برأ) من العيب أو التهمة أي قضى ببراءته منه، والاسم (برئ) كما في قوله تعالى:
{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا"112"} (سورة النساء) إقرأ..
*
المصور

(صور) الشيء أي جعل له شكلا معلوما .. ويطلق هذا الفعل على من يقوم بعمل تمثال مجسم للشيء .. أو يرسمه على الورق .. أو يلتقط له صورة بآلة تصوير .. والاسم (مصور).
و(المصور) بأل التعريف اسم من أسماء الله الحسنى. إقرأ..
*
الغفار

غفر في اللغة أي غطى وستر، وغفر الله لفلان أي ستره وعفا عنه، و(الغفار) اسم من أسماء الله الحسنى، وقد عبر الحق جل وعلا عن صفة المغفرة لديه بالعديد من المشتقات منها الفعل الماضي (غفر) كما في قوله تعالى:
{ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (سورة القصص ـ 16) إقرأ..
*
القهار

القهر في اللغة هو السيطرة والغلبة .. والاسم (قاهر)، والقهار اسم على وزن صيغة المبالغة (فعال) وهو اسم من أسماء الله الحسنى وهو يعني أنه لا شيء في الكون يخرج عن سيطرته وغلبته .. كل شيء خاضع لأمره في حركته وفي سكونه، ولا يمكن لمخلوق أن يخرج عن هذه السيطرة الإلهية بحال من الأحوال إقرأ..
*
الوهاب

وهب فلانا شيئا أي أعطاه إياه بلا عوض أو مقابل، والاسم (واهب) و(وهوب) و(هاب) .. والهبة أي المعطية بلا مقابل. و(الوهاب) اسم من أسماء الله الحسنى على وزن صيغة المبالغة (فعال) والله تبارك وتعالى هو الوهاب بحق إذ هو الذي يهب ما يملك، كما أنه هو الذي يعطي بلا مقابل ولا ينتظر الرد إقرأ..
*
الرزاق


من أسماء الله الحسنى الرزاق، يقول الحق سبحانه وتعالى:
{إن الله هو الرزاق "58"} (سورة الذاريات)
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق"
ورزق الله نعمة منه لا تحصى.
أولاً: رزق الخلائق جميعاً بكافرهم ومؤمنهم وكل ما في الكون حرصاً عليه وما فيه، منه وإليه، إقرأ..
*
الفتاح


قال تعالى:
{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "59"} (سورة الأنعام)
هو الذي يفتح خزائن رحمته على عباده، وهو الذي فتح على النفوس خزائن رحمته على عباده، وهو الذي فتح على النفوس باب توفيقه، وهو الذي رفع الحجاب على قلوب أوليائه، ويفتح قلوبهم وعيون بصائرهم ليبصروا الحق حتى يصلوا إلي عين اليقين. وهو الذي يفتح لهم الأبواب إلي ملكوته سبحانه وتعالى، إقرأ..
*
العليم

قال تعالى:
{ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي على الله من شيءٍ في الأرض ولا في السماء "38" } (سورة إبراهيم)
وقال تعالى:
{آلم "1" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين "2" الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون "3"} (سورة البقرة) إقرأ..
*
القابض - الباسط

الحق سبحانه وتعالى هو الذي يقبض ويبسط، أي: أنه الذي يعطي الرزق اختباراً، ويمنع الرزق اختباراً. ويرد لك ما تعطيه لغيرك، أو تنفقه في سبيل الله أضعافاً مضاعفة، ويأمر المقترض بضرورة سداد القرض متى أصبح قادراً وإليه ترجعون، فيأخذ كل ذي حق حقه. الحق سبحانه وتعالى عنده الخزائن التي لا تنفذ إذا أعطى لكل واحد مطلوبه، فلن ينقص ذلك مما عنده شيئاً. إقرأ..
*
الخافض - الرافع

قال تعالى:
{والسماء رفعها ووضع الميزان "7"} (سورة الرحمن)
هو الذي يخفض الكفار بالإشقاء، ويرفع المؤمنين بالإسعاد. وهو الذي يرفع أولياءه بالتقرب، ويخفض أعداءه بالإبعاد. هو رب الواقعة. الخافضة الرافعة، أي: خافضة لقوم إلي النار، ورافعة آخرين إلي الجنة. الخافض لمن تعالى، الرافع لمن تواضع، ومن بيده الميزان يخفض ويرفع. إقرأ..
*
المعز - المذل


قال تعالى:
{وتعز من تشاء وتذل من تشاء "26"} (سورة آل عمران)
لأن ظواهر الكون لا تقتصر على من يملك، وإنما مع من يملك، أناس هم ملوك ظل، ومعنى (ملوك ظل) أي يتمتعون بنفوذ مؤقت، هؤلاء منهم كل الشر، يغترون بالملك ويفعلون ما يشاءون، أو يفعل الآخرون لهم ما يأمرون به. وحين ينزع الملك لاشك أن المغلوب يعزه الله، أما الظالمون أنفسهم فيذلهم الله.
إقرأ..
*
السميع


قال تعالى:
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سمعياً بصيراً "58"} (سورة النساء)
وحين نرى تذييل آية بصفتين من صفات الحق، أو باسمين من أسماء الله الحق سبحانه، فلابد أن تعلم أن بين الصفتين أو الاسمين وبين متعلق الآية علاقة، إقرأ..
*
البصير


قال تعالى:
{والله بصير بالعباد "15"} (سورة آل عمران)
أي: أن الله سيعطي لكل إنسان على قدر موقفه من منهج ربه، فمن أطاع ليأخذ جنة الله، فإن الله يعطيه الجنة، ومن أطاع الله لأن ذات الله أهل لأن تطاع فإن الله يعطيه من ذاته. وفي هذا المقام قالت رابعة العدوية: إقرأ..
*
الحكم


قال تعالى:
{أفغير الله ابتغي حكماً .. "114"} (سورة الأنعام)
هو الشاهد، وهو الحاكم، وهو المنفذ، ولذلك فهو سبحانه:
{خير الحاكمين "87"} (سورة الأعراف)
لأنه جل جلاله لا يحتاج لشاهد قد يخطئ أو يقول زوراً، بل سبحانه وتعالى إقرأ..
*
العدل


قال تعالى:
{وتمت كلمت ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلمته .. "115"} (سورة الأنعام)
سبحان الله الحكم العدل، والعدل هو في اللغة مصدر أقيم مقام الاسم للزيادة، أي: البالغ في العدل، أي: الذي لا يظلم أحداً، والعدل مأخوذ من الاعتدال وهو الاستواء، ويقع صفة للحكم والحاكم معاً، فيقال: حاكم عدل، وحكم عدل إقرأ..
*
اللطيف - الخبير


قال تعالى:
{ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "14"} (سورة الملك)
ولنعطي مثلاً من حياتنا، فهذه الأمثال ضربت لتقريب الأفهام، وإيضاح المراد للناس، فنحن نعرف أن الكرسي قد تم صنعه من خشب (زان) أو (أرو) أو (موجنة)، وأن المسمار الذي يربط الجزء بالجزء إما أنه مسمار صلب أو غير ذلك، وكذلك يعلم صانع الكرسي أي صنف من الغراء استعمل في لصق أجزاء الكرسي، إقرأ..
*
الحليم


قال تعالى:
{ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "14"} (سورة الملك)
ولنعطي مثلاً من حياتنا، فهذه الأمثال ضربت لتقريب الأفهام، وإيضاح المراد للناس، فنحن نعرف أن الكرسي قد تم صنعه من خشب (زان) أو (أرو) أو (موجنة)، وأن المسمار الذي يربط الجزء بالجزء إما أنه مسمار صلب أو غير ذلك، وكذلك يعلم صانع الكرسي أي صنف من الغراء استعمل في لصق أجزاء الكرسي، إقرأ..
*
العظيم


الحق سبحانه وتعالى يقول:
{أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء .. "185"} (سورة الأعراف)
يريد الله سبحانه وتعالى أن يلفت الكفار إلي أن في ملكوته أشياء كثيرة تدل على عظمته وقدرته، فإذا كان في السماء والأرض أشياء كبيرة الحجم تستطيع أن تراها إقرأ..
*
الغفور

كل فعل من الحق سبحانه وتعالى إنما يتجرد من ملابسات الزمان ومن ملابسات المكان، فإن كنا نقرأ على سبيل المثال:
{وكان الله غفوراً رحيماً "96"} (سورة النساء)
فليس معنى ذلك أن مغفرة الله ورحمته هي فعل ماض، إقرأ..
*
الشكور


الإنسان حين يريد أن يثني على شخص لابد أن يقيمه لتكون قيمة الثناء مناسبة مع قدر المثنى عليه، فإذا انتقل هذا إلي الله سبحانه وتعالى فلابد أن نعرف كل صفات الكمال في الله حتى نستطيع أن نعطيه حق قدره. وصفات الكمال في الله لا تتناهى، ولا يمكن أن تحصى، وهذا أول عجز، أما العجز الثاني فهو أنني لو عرفت بعض الصفات فهل أستطيع أن أعطي على قدرها؟ لا أستطيع. إقرأ..
*
المقيت

قال تعالى:
{وكان الله على كل شيء مقيتاً "85"} (سورة النساء)
هو الذي يعطي الأقوات، وقيل في معنى المقيت: أي خالق الأقوات البدنية والروحانية، وموصلها إلي الأرواح والأشباح. وصلى الله على سيدنا محمد الذي جعل من القوت ذكر الحي الذي لا يموت. إقرأ..
*
الكريم


قال تعالى:
{فإن ربي غني كريم "40" } (سورة النمل)
قال أهل اللغة في معنى الكريم: إنه النفاح، نسأله تعالى أن ينفحنا نفحة خير، إنه على كل شيء قدير. ويقال: أكرمه الله، وكرمه الله، وأكرم نفسه بالتقوى، وأكرمها عن المعاصي، وهو يتكرم عن الشوائن، إقرأ..
*
الحفيظ

قال تعالى:
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ "57"} (سورة هود) إقرأ..
*
الحسيب


قال تعالى:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"173"} (سورة آل عمران)
الحسب من الحسب الذي هو الاكتفاء، فيكون معناه الكافي سبحانه ولنتدبر الآيتين:
{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ"62"} (سورة الأنفال)
إقرأ..
*
الجليل


قال تعالى:
{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ "78"} (سورة الرحمن)
والجليل اسم من الجلال والعظمة، ومعناه منصرف إلي جلال القدر وعظم الشأن، ومعناه المستحق للأمر والنهي، ومن حق البارئ جل ثناؤه على من أبدعه أن يكون أمره عليه نافذاً، وطاعته له لازمة، إقرأ..
*
الرقيب


قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "1" } (سورة النساء)
إقرأ..
*
المجيب


قال تعالى:
{إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ "61"} (سورة هود)
هو القريب المجيب، الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ونسأله تعالى أن نستجيب له بطاعته، سبحانه، وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إقرأ..
*
الواسع

قال تعالى:
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ"7"} (سورة غافر) إقرأ..
*
الحكيم


قال تعالى:
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ "269" } (سورة البقرة)
هو ذو الحكمة البالغة، وكمال العلم، وإحسان العمل، وقيل: إن الحكمة هي العلم مع العمل والعدل، وقيل: إن الحكمة مجموعة معانٍ من العدل والتنظيم والتقويم والعلم. "والحكيم" صيغة تعظيم لذي الحكمة، فيكون معنى الحكيم العظيم في حكمته، إقرأ..
*
الودود


قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا "96"} (سورة مريم)
الودود هو الود وهو الحب، وسبحان المحب للمؤمنين، وهو المحبوب لهم ومحبة الله لعباده، ورحمته إياهم، ومحبة المؤمنين لله تعالى: طاعته، وطاعة الله رحمة من الله، إقرأ..
*
المجيد


قال تعالى:
{إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "73" } (سورة هود)
المجيد هو ذو الشرف التام الكامل، المفيض على العباد بالمجد والعطايا، والمجد هو الشرف العظيم الرفيع القدر، والمجيد في اللغة هو الذي عظم كرمه. وقيل في معنى "المجيد" سبحانه: هو الشريف ذاته، الجميل أفعاله، الجزيل عطاؤه إقرأ..
*
الباعث


قال تعالى:
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين"164"} (سورة آل عمران)
إقرأ..
*
الشهيد

قال تعالى:
{قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم .. "43"} (سورة الرعد)
هو الشهيد العليم بظواهر الأشياء، وهو الخبير العليم ببواطن الأشياء، وقيل: الشهيد مبالغة في الشاهد، والشهادة ترجع إلي العلم مع الحضور. وهو الذي كرم الإنسان بنعمة المشاهدة، فرأي من آيات الله ما أفعم القلوب بالشهادة، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم. إقرأ..
*
العلي


هكذا نرى عظمة الخالق التي تهدي كل كائن إلي القدرة على التفاعل والاختيار المناسب، وكما يحدث ذلك في النبات نجده يحدث أيضاً بشكل آخر في الحيوان، نجد أن هناك هداية لبعض الحيوانات عندما نتأملها نرى العجب. فالتمساح على سبيل المثال يخاف الإنسان منه ويرهبه، هذا التمساح يفتح فمه في بعض الأوقات ليسمح لنوع معين من الطيور أن يتغذى على بقايا طعام التمساح، والتمساح يفتح له فمه ويترك للطير فرصة التقاط بقايا الطعام من فمه إقرأ..
*
الكبير

هو الكبير الذي لا تهتدي العقول لوصف عظمته، وهو الكبير الذي فاق مدح المادحين، ذلك بأن الله اكبر من مشاهدة الحواس وإدراك العقول.
عن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعلمهم من الحمى ومن والأوجاع كلها أن يقولوا: "بسم الله الكبير، نعوذ بالله العظيم من شر كل عرق نعار، ومن شر حر النار" إقرأ..
*
الحق

قال تعالى:
{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ "25"} (سورة النور)
هو الموجود باليقين الثابت، والله سبحانه هو الحق .. ومنه الحق، وإليه يرجع كل حق. وصفات الله سبحانه حق، والعدل حق، والصدق حق. ويقول تعالى:
{وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ .. "82"} (سورة يونس) إقرأ..
*
الوكيل


قال تعالى:
{وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً "81"} (سورة النساء)
هو الوكيل الكافي لمن توكل عليه، القائم بأمور العباد، وهو الذي من استغنى به أغناه عما سواه، وهو المتصرف في الأمور حسب إرادته، وهو سبحانه الموكول إليه تدبير أمر كل شيء. وقد ذكر "الوكيل" ثلاث عشرة مرة في الكتاب الحكيم إقرأ..
*
القوي


قال تعالى:
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ "66"} (سورة هود)
هو الخلاق العليم، ذو القوة المتين، والقوة لله جميعاً، ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال تعالى:
{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ"15"} (سورة فصلت)
وقد ذكر "القوى" سبحانه تسع مرات في القرآن الكريم، فهو تعالى قوي شديد العقاب. ومادام الإنسان قد آمن بأن العبادة لله وحده والاستعانة بقوة الله جل شأنه، مادام هذا الإيمان قد استقر في القلب وظهر في السلوك، فلابد أن تقف قوة الخالق بجانب العبد المؤمن لينتصر على خصوم الإيمان يقول الحق:
{) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "5"} (سورة الفاتحة) إقرأ..
*
المتين


قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ "58"} (سورة الذاريات)
هو الله الرزاق ذو القوة المتين، وهو الذي لا تتناقص قوته. عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى "المتين" يقول "الشديد". وفي اللغة يقال: هو متين القوي، ومن المجاز يقال: رأي متين. واسمه تعالى "المتين" يدل على القوة والقدرة والله سبحانه متم قدره، وبالغ أمره. وقد ذكر "المتين" سبحانه، إقرأ..
*
الولي


قال تعالى:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "62"} (سورة يونس)
كلمة ولي أي من يليك، أي: من هو قريب منك، ومادام قريباً منك فهو أول من تفزع إليه حين تصادفك عقبة أو مصيبة، ومادمت قريباً منه فهو ينصرني ويفيض علي. فإذا قربت من عالم يعطيني علماً، وإذا قربت من قوي يرفع عني ما لا أستطيع حمله، وإذا قربت من غني يعطني إذا احتجت، فالولي يعني القريب والناصر، إقرأ..
*
الحميد


قال تعالى:
{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ "24"} (سورة الحج)
هو الحميد مستوجب الحمد، أهل الثناء بما أثنى على نفسه، وأحمد الله تعالى بجميع محامده، والحمد لله صاحب الحمد ومستحقه، فمن ذا الذي يستحق الحمد سواه؟ بل له الحمد كله لا لغيره، إقرأ..
*
المحصي


قال تعالى:
{وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيءٍ عدداً "28"} (سورة الجن)
هو الذي أحصى كل شيء بعلمه، وهو المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، العالم بخفيات الأمور ومحصيها، وقيل: المحصي من الإحصاء وهو الإحاطة بحساب الأشياء، وما شأنه التعداد. وفي اللغة يقال: أرض محصاة، أي: كثيرة الحصى، إقرأ..
*
المبدئ ـ المعيد


قال تعالى:
{إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ .. "4"} (سورة يونس)
هو الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلي الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلي الحياة. يقول الحق سبحانه:
{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "28"} (سورة البقرة)
إقرأ..
*
المحي ـ المميت


قال تعالى:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير"6"} (سورة الحج)
هو خالق الحياة ومعطيها لمن يشاء، وهو الذي أحيا قلوب المؤمنين بنوره، وهو الذي أرسل رسوله بالهدى والحق، ونزل الكتاب، لينذر من كان حياً، ويحق القول على الكافرين، وهو الذي أنزل من السماء ماء، وجعل من الماء كل شيء حي. إقرأ..
*
الحـي


قال تعالى:
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .. "255"} (سورة البقرة)
وصفة "الحي" هي أول صفة يجب أن تكون لله جل علاه؛ لأن القدرة والعلم بعد الحياة، فكل صفة تأتي بعد الصفة الأولى للحق وهي (الحي)، فلو كان عدماً ـ والعياذ بالله ـ لما جاءت أي صفة بعد ذلك. فكلمة "حي" عندما نسمعها توضح لنا أنه يستحيل معها ألا يكون قادراً ولا مدركاً. ولقد احتار الفلاسفة في معنى "حي" حتى توصلوا إلي ذلك إقرأ..
*
القيوم


قال تعالى:
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .. "255"} (سورة البقرة)
لم يوجد إله آخر حتى يرينا نفسه ودلائل قدرته، ومادام قد أخبرنا الله بالقضية الواضحة أنه لا إله إلا هو، فلابد أنه القيوم لإدارة الكون؛ لأن هذا الكون يحتاج إلي قيومية لإدارته. إن القيومية اللازمة لإدارة الكون تتطلب أن يكون القيوم سبحانه وتعالى إقرأ..
*
الواجد


قال تعالى:
{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ .. "21"} (سورة الحجر)
قيل: الواجد الذي لا يضل عنده شيء، ولا يفوته شيء. وقيل: الواجد مأخوذ من الوجدان بمعنى العلم الناشئ عن الوجدان. ويقال: وجدت فلاناً فقيهاً. أي: علمت كونه كذلك. وقيل: الواجد هو الله، يجد كل ما يطلبه ويريده، إقرأ..
*
الماجد


"اللهم أنت الماجد المجيد، الفعال لما يريد، نسألك الإمداد يوم الوعيد"
هو الذي تعطف بالمجد وتكرم به ـ فهو العظيم القدر، العظيم الشرف، الواسع الكرم. ويجوز أن يكون الماجد بمعنى المجيد، كالعلم بمعنى العليم. عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن ربه عز وجل قال إقرأ..
*
الصمد


قال تعالى:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) "} (سورة الإخلاص)
ما معنى الصمد؟
الصمد هو المعنى الجامع، الذي يدخل فيه مطالب كل موجود، فهو الصمد الذي تصمد إليه جميع المخلوقات بالافتقار والحاجة، ويفزع إليه العالم بأسره، وهو الذي كمل في علمه، وحكمته وحلمه وقدرته، وعظمته ورحمته، إقرأ..
*
القادر


قال تعالى:
{فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُون "23"} (سورة المرسلات)
قدرة الحق سبحانه لا تقارن بقدرة الخلق، فالله حي وأنت حي، لكن هل حياة المخلوق المنتهية يمكن أن تقارن بحياة الخالق الأزلي الدائم؟ إن الله سميع والإنسان يسمع، فهل سمع الله ـ وهو الخالق البارئ المصور إقرأ..
*
المقتدر


قال تعالى:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) "} (سورة القمر)
هو ربي المقتدر، ذو القدرة العظيمة، المسيطر بقدرته البالغة على خلقه وعلى كل من أعطاه حظاً من قدرة. إقرأ..
*
المقدم ـ المؤخر


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير"
هو المقدم والمؤخر لما شاء، كما شاء بحكمته، وهو المقدم من شاء بالتقوى والإنابة، والصدق والاستجابة، المؤخر لمن شاء بعدله وحكمته إقرأ..
*
الأول


قال تعالى:
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "3"} (سورة الحديد)
هو الأول قبل كل شيء، بلا بداية، والآخر بعد كل شيء بلا نهاية، وهو الموجود الواجب الوجود، الأول لكل ما سواه، المتقدم على كل ما عداه، إقرأ..
*
الأخر


قال تعالى:
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "3"} (سورة الحديد)
هو الآخر الأبدي الباقي الدائم بلا نهاية، وسبحان الله رب الآخرة والأولى. يقول الحق سبحانه وتعالى:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ "1"} (سورة سبأ) إقرأ..
*
الظاهر
*
الباطن


"وأنت الباطن فليس دونك شيء"
هو الباطن في حقيقة ذاته، فلا تصل إليها العقول، وهو من احتجب عن إدراك الحواس مع شدة ظهوره، وكمال نوره، وهو من ليس له شبيه ولا ضد. وهو الباطن على كل شيء رحمة وعلماً، وهو الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وما لنا من دون الله إقرأ..
*
الولي


قال تعالى:
{وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ"11"} (سورة الرعد)
هو المالك للأشياء والمتولي لها، والمتصرف فيها كيف يشاء، وهو المنفرد بالتدبير، القائم على كل شيء، ولا دوام ولا بقاء إلا بإذنه، وكل شيء يجري بحكمه وبأمره، ويحتمل أن يكون الوالي بمعنى المنعم بالعطاء والدافع للبلاء. ولنتدبر الآية الكريمة من إقرأ..
*
المتعال

قال تعالى:
{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ "9"} (سورة الرعد)
هو البالغ في العلو، المتعالي بوجوب وجوده، رفيع الدرجات ذو العرش، وقيل المتعال: معناه المرتفع في كبريائه وعظمته، وعلا مجده عن كل ما يدرك، أو يفهم من أوصاف خلقه. فكل من أسمائه المجيد والعلي والعظيم والكبير والمتعالي، إقرأ..
*
البر

قال تعالى:
{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ "28"} (سورة الطور)
هو العطوف على عباده بلطفه. الذي من على السائلين بحسن عطائه، وعلى العابدين بجميل جزائه، وهو الذي منه كل مبرة وإحسان. والبر بفتح الباء معناه: فاعل البر، أي: الإحسان، وهي كلمة جامعة لكل صفات الخير، إقرأ..
*
التواب

قال تعالى:
{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"118"} (سورة التوبة) إقرأ..
*
المنتقم


قال تعالى:
{) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ "4"} (سورة آل عمران)
هو الذي ينتقم من الظالمين بعدله، وهو الذي ترجى رحمته، وإنا ندعوه تعالى خوفاً وطمعاً، وبهذا الاسم تعتدل موازين العدل، وتستقيم الحياة، ويأمن كل إنسان على مسيره ومصيره إقرأ..
*
العفو


قال تعالى:
{إن الله لعفو غفور "60"} (سورة الحج)
هو الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً، كل أحد مضطر إلي عفوه ومغفرته، كما هو مضطر إلي رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى أسبابها.
إقرأ..
*
الرءوف


قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ"207"} (سورة البقرة)
هو ربي الرءوف الرحيم، الشديد الرحمة الذي كلف الثري بما لم يكلف به المسكين، وأخذ المقيم بما لم يأخذ به المسافر، وخفف الفرائض في حال الضعف. والحمد لله الذي يحب أن تؤتي رخصه، إقرأ..
*
مالك الملك


قال تعالى:
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "26"} (سورة آل عمران)
هو الذي له التصرف المطلق، مالك الملك، الذي تنفذ مشيئته في ملكه كيف يشاء إقرأ..
*
ذو الجلال والإكرام


قال تعالى:
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ "27"} (سورة الرحمن)
هو الذي لا جلال ولا كمال ولا شرف إلا هو له، ولا كرامة ولا إكرام إلا هو صادر منه. فالجلال له في ذاته، والكرامة فائضة منه على خلقه. وقيل:
{ذُو الْجَلَالِ .. "27"} (سورة الرحمن)
إشارة إلي صفات الكمال.
{وَالْإِكْرَامِ "27"} (سورة الرحمن)
إقرأ..
*
المقسم


قال تعالى:
{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ "54" } (سورة يونس)
هو المقسط، القائم بالقسط، المقيم للعدل، العادل في الحكم، وهو الذي ينتصف للمظلوم من الظالم وكماله في أن يضيف إلي إرضاء المظلوم إرضاء الظالم، وذلك غاية العدل والإنصاف، ولا يقدر عليه إلا الله تعالى. إقرأ..
*
الجامع


قال تعالى:
{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ "9"} (سورة التغابن)
هو الذي جمع الكمالات كلها ذاتاً، ووصفاً، وفعلاً. فليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات، ولا كفعله فعل، وسبحان جامع الناس ليوم لا ريب فيه. و"يوم الجمع" هو يوم القيامة، وسمي بذلك لأن الله تعالى يجمع فيه بين الأولين والآخرين، ومن الإنس والجن، وجميع أهل السماء والأرض، إقرأ..
*
الغني


قال الله تعالى:
{وأنه هو أغنى وأقنى "48"} (سورة النجم)
وقال تعالى:
{يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد "15"} (سورة فاطر)
فهو تعالى (الغني) الذي له الغنى التام المطلق من كل الوجوه لكماله وكمال صفاته، ولا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، إقرأ..
*
المغني


قال الله تعالى:
{ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "48"} (سورة يونس)
هو يعطي الغني والكفاية لمن شاء من عباده على ما اقتضته حكمته سبحانه، وسبقت به مشيئته، فهو الذي يعطي السائلين سؤالهم. قال تعالى:
{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ "34"} (سورة إبراهيم) إقرأ..
*
المانع

قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لم منعت"
هو الذي يمنع البلاء حفظاً وعناية، ويمنع العطاء عمن يشاء ابتلاء وحماية، وهو الذي يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب. وهذا الاسم لم يرد في القرآن الكريم، لكنه مجمع عليه، فقد ذكر في كل منن رواية الوليد، ورواية زهير إقرأ..
*
الضار ـ النافع


قال تعالى:
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ.."49"} (سورة يونس)
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ.."188"} (سورة الأعراف)
هو الذي يصيب من يشاء من عباده برحمته، وهو الذي يملك الضر والنفع وهو على كل شيء قدير، وقد يكون من الضر نفع، أو نوع من أنواع العلاج للذين هم بربهم لا يشركون إقرأ..
*
النور

قال تعالى:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.. "35"} (سورة النور) إقرأ..
*
الهادي


قال تعالى:
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا "31"} (سورة الفرقان)
هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وهو الذي هدى ما خلق لما أراد منه في دينه ودنياه، وجميع أمره. وهو المرشد لعباده، وهو الذي دل المؤمنين إلي الدين الحق، وهو الذي يهدي القلوب إلي معرفته، والنفوس إلي طاعته، إقرأ..
*
الهادي

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا "31"} (سورة الفرقان)
هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وهو الذي هدى ما خلق لما أراد منه في دينه ودنياه، وجميع أمره. وهو المرشد لعباده، إقرأ..
*
البديع

{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "101"} (سورة الأنعام)
هو الخالق البديع في ذاته، ولا يماثله أحد في صفاته، ولا في حكم من أحكامه، إقرأ..
*
الباقي

هو الموجود الواجب وجوده بذاته، وهو الدائم الوجود، الموصوف بالبقاء، والبقاء لله تعالى، هو بقاء أبدي أزلي .. من أبد الأبد .. إلي أزل الأزل. وليست صفة بقائه ودوامه سبحانه وتعالى كبقاء الجنة والنار ودوامهما، ذلك بأن الجنة والنار مخلوقتان كائنتان بعد أن لم تكونا. فيكون بقاء الجنة والنار أبدياً غير أزلي إقرأ..
*
الوارث


{وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ "23"} (سورة الحجر)
هو من له ما في السماوات والأرض، رب كل شيء ووارثه، ورازقه، وراحمه، وهو الباقي بعد فناء خلقه الذي لا يشركه في ملكه أحد، إقرأ..
*
الرشيد


قال تعالى:
{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا "10"} (سورة الكهف)
هو ربي الرشيد المرشد، ملهم الرشد لأهل طاعته، وهو الذي أرشد الخلائق إلي هدايته، ذو الحبل الشديد والأمر الرشيد. قال الحليمي رحمه الله: "الرشيد" هو المرشد سبحانه ومعناه: الدال على المصالح والصالح والداعي إليهما، إقرأ..
*
الصبـور

قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "200"} (سورة آل عمران)
هو الصبور الذي يملي ويمهل، وينظر ولا يعجل ولا يعاجل، ولا يسارع إلي الفعل قبل أوانه، وينزل الأمر بقدر معلوم، ولا يؤخره عن أجله. وربما كان معنى الصبور هو الذي يسقط العقوبة بعد وجوبها إقرأ..


ونقول يالطيف


عدل سابقا من قبل maher abdeen في الأحد 10 أبريل 2011, 11:55 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شريف عبد المتعال
 
 
شريف عبد المتعال


الموقع : ايطاليا
عدد المساهمات : 3801
تاريخ التسجيل : 01/01/2011

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 7:57 pm

تحياتي استاذا ماهر حقيقة أسماء الله و الحسني موضوع يجب الوقوف عنده و كما كتبت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

(( ان لله تسعة وتسعين اسما ، مائة الا واحد ، من حفظها دخل الجنة ، و هو وتر يحب الوتر )).


مثلاً : لو سألنا شاب عده أسأله



* ما اسم ابيك - لا اعرف .
* ما طول ابيك - لا اعرف .
* ما صفات ابيك- لا اعرف .
* ماذا يحب ابيك - لا اعرف .
* ما يكرة ابيك - لا اعرف .


اذا تكرر الرد من الشاب لا اعرف لا اعرف اكيد سنزعل من هذا الشاب لانه لا يعرف صفات ابيه لانه اقرب الناس اليه نحن ما سألنه من اب الجيران و لن نغفر له تجاهل ابيه .....؟؟؟؟؟


ما بالك بشخص لو سألناه ما اسم ربك - لا اعرف ما صفات ربك - لا اعرف لا اعرف - لا اعرف ....

و الله اقرب الينا من حبل الوريد - اصبحنا نخاف من العباد و لا نخاف من رب العباد - ضروره ان نعرف وقت الدعاء بكل اسم ..

تقبل مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://shareef.forumattivo.it/
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 10:31 pm


شكرا اخي الرائع شريف لهذا التذكير الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 10:40 pm

]size=24]
الدرس الثالث
b[/ شرح أسماء الله الحسنى (الرحمن)
[/
size]]
[b]الدرس الثالث: الرحمن



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

. معني الرحمن نقلا عن الدكتور ( محمود عبد الرازق الرضواني)


ومن منهج السلف في التعامل مع أسماء الله عز وجل وصفاته ، الحرص على حفظها ، والعمل بمقتضياتها ، وقد ورد في فضل ذلك أجر عظيم ، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ) . ولا يعني هذا الحديث أن أسماء الله تعالى محصورة في تسعة وتسعين اسماً، بل لله عز وجل من الأسماء ما لا يعلمه إلا هو . كما ثبت في مسند الإمام أحمد وصححه الشيخ الألباني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ، إلا أذهب الله همه ، وحزنه ، وأبدله مكانه فرجا . .. ) .
ومن منهج السلف في أسماء الله وصفاته دعاؤه بها والتضرع إليه بمعانيها ، قال تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }( الأعراف:180) .
ومن منهج السلف في أسماء الله وصفاته أيضاً : اتخاذها منهجاً في التعرف على الخالق سبحانه والتقرب إليه ، فهي مفاتيح المعرفة به سبحانه ، وبها يترقى العبد في درجات الأنس بالله جلا وعلا .




الرحمن



اسم الله الرحمن ورد في القرآن والسنة معرفا ومنونا مفردا ومقترنا


قال تعالى ( الرحمن علم القرآن )


ورد الأسم في 45 موضع من القرآن اقترن في 6 منها باسمه الرحيم ولم يقترن بغيره في بقية المواضع



شرح الاسم وتفسير معناه


الرحمن في اللغة صفة مشبهة وهي ابلغ من الرحيم


والرحمة في حقنا هي رقة في القلب تقتضي الاحسان الي المرحوم وتكون بالمسامحة واللطف او المعاونة والعطف


والرحمن اسم يختص بالله عز وجل ولا يجوز اطلاقه في حق غيره


والرحمن سبحانه هو المتصف بالرحمة العامة الشاملة التي تشمل المؤمنين والكافرين


والله سبقت رحمته غضبه


ولما كانت الرحمة التي دل عليها اسمه الرحمن رحمة عامة بالناس اجمعين فان الله خص هذا الاسم باستوائه علي العرش في جميع المواضع التي وردت في القرآن والسنة

قال تعالى ( الرحمن علي العرش استوي )

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم

( فاذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه اوسط الجنة واعلي الجنة وفوقه عرش الرحمن )

دلالة الاسم علي اوصاف الله

ذكر الله تعالى انه بسبب الرحمة اخر العذاب علي الكافرين ولو كانت رحمة خاصة لأهلكهم اجمعين

اسم الله الرحمن دل باللزوم علي الحياة والقيومية والغنى والاحدية والعزة والصمدية والعلم والحكمة وكل ما يلزم للرحمة المطلقة العامة . لانه لا يتصور صدور الرحمة من ميت او من حي انعدمت قدرته عليها او زالت رحمته وتناقصت وانعدم قيام وصف الرحمة به . ولا يتصور ايضا ان من يمنح الرحمة يكون مفتقر الي غيره وليس غنيا بذاته في قيام رحمته وعزته وقدرته وقوته . فلابد لرحمته اذا من صمديته وسيادته واحديته وكماله في جميع الاوصاف

الدعاء باسم الله الرحمن دعاء مسأله

ورد الدعاء بالاسم مطلقا في استعادة مريم ابنة عمران عندما تمثل لها جبريل بشرا سويا

قال تعالي ( قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا )

وعند احمد في مسنده من حديث عبد الرحمن التميمي ان رجلا سأله كيف صنع رسول الله صلي الله عليه وسلم حين كادته الشياطين ؟ قال ( جاءت الشياطين الي رسول الله صلي الله عليه وسلم من الاودية وتحدرت عليه من الجبال وفيهم شيطان معهشعلة من نار يريد ان يحرق بها وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم .


فهبط اليه جبريل عليه السلام فقال : يامحمد قل ’ قال : ما اقول ؟ قال : قل اعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق وذرأ وبرأ , ومن شر ما ينزل من السماء , ومن شر ما يعرج فيها , ومن شر فتن الليل والنهار , ومن شر كل طارق الا طارقا يطرق بخير يارحمن , قال فطفئت نارهم ، وهزمهم الله تبارك وتعالى )


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ( الا اعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل احد دينا لأداه الله عنك , قل يا معاذ : اللهم مالك الملك , تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء , وتعز من تشاء , وتذل من تشاء , بيدك الخير انك علي كل شيء قدير , رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما , تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك )

الدعاء باسم الله الرحمن دعاء عبادة

دعاء العبادة بالاسم هو امتلاء القلب بالرحمة والحب والحرص علي ماينفع عموم الخلق ’ فالرحمن رحمته عامة وتوحيد العبد للاسم في سلوكه يقتضي الرحمة العامة بعباد الله سواء كانوا مؤمنين او كافرين

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا اهل الارض يرحمكم من في السماء )

وقال صلى الله عليه وسلم وهو علي المنبر : ( ارحموا ترحموا واغفروا يغفر الله لكم ’ ويل لأقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون علي مافعلوا وهم يعلمون )

الاقماع هم الذين يسمعون القول ولا يعملون به

وقال عليه الصلاة والسلام ( ان احب اسمائكم الي الله عبد الله وعبد الرحمن )

ونقول يارحمن يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 11:06 pm


الدرس الرابع

دراسة متكاملة عن اسم الرحيم

الرَّحِيمُ

1- الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه :

اسم الله الرحيم تحققت فيه شروط الإحصاء ، فقد ورد في القرآن والسنة مطلقا معرفا ومنونا ، مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها ، واسم الله الرحيم اقترن باسمه الرحمن كما تقدم في ستة مواضع من القرآن ، وغالبا ما يقترن اسم الله الرحيم بالتواب والغفور والرءوف والودود والعزيز ، وذلك لأن الرحمة التي دل عليها الرحيم رحمة خاصة تلحق المؤمنين ، فالله عز وجل رحمته التي دل عليها اسمه الرحمن شملت الخلائق في الدنيا ، مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم ، لكنه في الآخرة رحيم بالمؤمنين فقط ( ) .
ومما ورد في الدلالة على ثبوت اسم الله الرحيم قوله تعالى :  تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ِ [فصلت:2] ، وقوله :  سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ  [يّس:58] ، وكذلك قوله تعالى :  نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  [الحجر:50] .
أما أدلة السنة فمنها ما رواه البخاري من حديث أَبِى بَكْرٍ الصديق  أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ  : عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي ، قَالَ : ( قُلِ اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ ، وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( ) ، وعند أبي داود وصححه الألباني من حديث عبد الله بنِ عُمَرَ  قَالَ : ( إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللهِ  فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ : رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَىَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( ) .

2- الشرح والتفسير :

الرحيم في اللغة من صيغ المبالغة ، فعيل بمعنى فاعلٍ كسَمِيعٌ بمعنى سامِع وقديرٌ بمعنى قادر ، والرحيم دل على صفة الرحمة الخاصة التي ينالها المؤمنون ، فالرَّحْمَنُ الرحيم بنيت صفة الرحمة الأُولى على فعلان لأَن معناه الكثرة ، فرحمته وسِعَتْ كل شيء وهو أَرْحَمُ الراحمين ، وأَما الرَّحِيمُ فإِنما ذكر بعد الرَّحْمن لأن الرَّحْمن مقصور على الله عز وجل ، والرحيم قد يكون لغيره ، فجيء بالرحيم بعد استغراق الرَّحْمنِ معنى الرحْمَة لاختصاص المؤمنين بها كما في قوله :  وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيما ً [الأحزاب:43] ، وقال عبد الله بن عباس  : ( هما اسمان رقيقان أَحدهما أَرق من الآخر ) ( ) .
والرحمة الخاصة التي دل عليها اسمه الرحيم شملت عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة فقد هداهم إلى توحيده وعبوديته ، وهو الذي أكرهم في الآخرة بجنته ، ومنَّ عليهم في النعيم برؤيته ( ) ، ورحمة الله لا تقتصر على المؤمنين فقط ؛ بل تمتد لتشمل ذريتهم من بعدهم تكريما لهم كما قال تعالى في نبأ الخضر والجدار :
 وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ  [الكهف:82] ، فالإيمان بالله والعمل في طاعته وتقواه من أهم أسباب الرحمة الخاصة ، قال تعالى :  وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلكُمْ تُرْحَمُونَ  [آل عمران:132] ، وقال :  وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلكُمْ تُرْحَمُون  [الأنعام:155] ( ) .

3- دلالة الاسم على أوصاف الله :

اسم الله الرحيم من جهة العلمية يدل على ذات الله ، ومن جهة الوصفية يدل على صفة الرحمة الخاصة ، فدلالته على الذات والصفة معا مطابقة ، ودلالته على ذات الله وحدها تضمن ، وعلى الصفة وحدها تضمن ، قال تعالى :  يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ إِلا مَن رَّحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ  [الدخان:38/42] ، فالآية ورد فيها الاسم ودلالته على الوصف ، وهذه رحمة خاصة بالمؤمنين تضمنها اسمه الرحيم ، وقالت امرأة العزيز بعد توبتها :  وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ  [يوسف:53] ، فالآية اشتملت على الاسم والوصف معا ، وقال سبحانه وتعالى :  وَإِذَا جَاءَكَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُل سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  [الأنعام:54] ، ووجه الدلالة في أن الرحيم هو المتصف بالرحمة الخاصة أن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة لأنه الغفور الرحيم ، ولا تلحق هذه الرحمة كما ورد في الآية إلا المؤمنين التائبين المصلحين ، ومن الأدلة التي تتضمن الاسم ودلالته على الوصف معا قوله تعالى :  يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  [الحديد:28] ، وقال تعالى عن نبيه نوح  ومن ركب معه السفينة :  وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ  [هود:41] ، ومعلوم أن من ركب السفينة هم أهل التوحيد والإيمان ، وقال تعالى عن رحمته التي شملت أهل الجنان :  لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ  [يس:57/58] ، والأدلة في ذلك كثيرة وتتبعها في القرآن والسنة يطول ، فالرحيم ورد في أغلب النصوص على أنه المتصف بالرحمة الخاصة ، والاسم يدل باللزوم على ما دل عليه اسمه الرحمن ، ويدل أيضا على الأوصاف المتعلقة بالرحمة الخاصة لأن رحمة الله للمؤمنين تدل على اتصافه باللطف والحلم والرأفة ، والكرم والإحسان والود ، والمنة والعفو والرفق ، وكل ما يرافق الرحمة الخاصة التي يرحم الله بها أهل طاعته ، واسم الله الرحيم دل على صفة من صفات الأفعال لأنها تتعلق بمشيئته .
وتجدر الإشارة إلى أن اسمي الله الرحمن الرحيم يجتمعان في المعنى من جهة تعلقهما بالمشيئة ، ويفترقان من جهة تعلقهما بالحكمة ، فالرحمن دل على الرحمة العامة والرحيم دل على الخاصة ، فمن الوجه الأول ورد الجمع بينهما في حديث أنس بن مالك  الذي رواه الطبراني وحسنه الألباني أن رسول الله S قال لمعاذ  : ( ألا أعَلمُك دُعاء تَدعو به لو كَان عليكَ مثل جبلِ أحدٍ دَيْنا لأدَّاه الله عنْكَ ، قل يا معاذ : اللهمَّ مَالِكَ المُلكِ ، تُؤْتِي المُلكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، رَحمَن الدُنيا والآخِرَة ورَحيمَهما ، تُعْطيهُما مَن تَشاء وتمنَعُ مِنْهما مَنْ تَشاء ، ارحمني رَحمة تُغْنِيني بها عَن رَحمةِ مَنْ سِوَاك ) ( ) ، فلما ذكر النبي S تعلق الرحمة بالمشيئة جمع بين الاسمين في المعنى ، أما الوجه الثاني في تعلق الاسمين بالحكمة ؛ فإن حكمة الله اقتضت أن تكون الدنيا قائمة على معنى الابتلاء ويناسبها الرحمة العامة ، و أن تكون الآخرة قائمة على معنى الجزاء ويناسبها الرحمة الخاصة ، والأدلة السابقة كافية في إظهار الفرق بينهما .

4- الدعاء بالاسم دعاء مسألة :

ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق في قوله تعالى عن إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام :  رَبَّنَا وَاجْعَلنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ  [البقرة:128] ، وقوله تعالى في شأن موسى  :  قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ  [القصص:16] ، وقوله سبحانه عن أهل الجنة :  إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ  [الطور:28] ، ودعاء أهل الجنة يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة .
ومما ورد في السنة من الدعاء بالاسم المطلق ما رواه البخاري من حديث أبي بكرٍ  أنه قال للنبي S: ( عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي ، قَالَ : قُلِ اللهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( ) ، وعند النسائي وصححه الشيخ الألباني من حديث حنظلة بن علي t أن محجن بن الأدرع حدثه : ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ S دَخَلَ المَسْجِدَ ، إذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ ، فَقَال َ: اللهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللهُ بِأَنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ S : قَدْ غُفِرَ لَهُ ثَلاَثاً ) ( ) ، وعند أبي داود وصححه الألباني عن واثلة بن الأسقع t أنه قال : ( صَلى بِنَا رَسُولُ اللهِ S عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : اللهُمَّ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَمْدِ ، اللهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) ( ) ، وعنده أيضا وصححه الألباني من دعاء ابن مسعود t : ( اللهمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلاَمِ ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَجَنِّبْنَا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، وَاجْعَلنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ مُثْنِينَ بِهَا قَابِلِيهَا وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا ) ( ) .
ومما ورد من الدعاء بوصف الرحمة الخاصة الذي تضمنه اسم الله الرحيم قوله تعالى في شأن موسى  :  قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ  [الأعراف:151] ، وقوله عن أيوب  :  وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ  [الأنبياء:83] ، وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( سَمِعَ النبي S رَجُلاً يَقْرَأُ في المَسْجِدِ ؛ فَقَالَ : رَحِمَهُ الله ، لَقَدْ أذكرني كَذَا وَكَذَا آيَةً ، أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا ) ( ) ، وعنده في رواية أخرى قالت عائشة : (تَهَجَّدَ النبي S في بيتي فَسَمِعَ صَوْتَ عَبَّادٍ يُصَلِّي في المَسْجِدِ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، أَصَوْتُ عَبَّادٍ هَذَا ؟ ، قُلتُ : نَعَمْ ، قَالَ : اللهمَّ ارْحَمْ عَبَّادًا ) ( ) .
ومما يدل على دعاء المسألة مقتضى الطلب أو الخبر الذي يتضمنه كما ورد في قوله تعالى :  إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ الله أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ  [البقرة:218] ، فالمسلم يقول : اللهم إني أرجو رحمتك إنك أنت الغفور الرحيم ، وقوله :  وَمَنْ يَعْمَل سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله غَفُوراً رَحِيماً  [النساء:110] ، فيقول : اللهم إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم ، وقوله تعالى :  أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ  [المائدة:74] ، اللهم إني أتوب إليك وأستغفرك إنك أنت الغفور الرحيم .

5- الدعاء بالاسم دعاء عبادة :

دعاء العبادة باسم الله الرحيم هو امتلاء القلب برحمة الولاء ورقة الوفاء التي تدفع إلى حب المؤمنين وبغض الكافرين ، وأسوتنا في ذلك هو سيد الخلق أجمعين ، قال تعالى :  لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَليْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَليْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ  [التوبة:128] ، وقد كان النبي S رحيما بأصحابه رفيقا حبيبا قريبا صديقا ، روى البخاري من حديث مالك بن الحويرث t أنه قال : ( أَتَيْتُ النَّبِيَّ S فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ ليْلةً ، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلى أَهَالينَا قَال : ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلمُوهُمْ وَصَلوا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَليُؤَذّنْ لكُمْ أَحَدُكُمْ وَليَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ ) ( ) ، وعند مسلم من حديث عياض t أن رسول اللهِ S قَال ذات يوم في خطبته : ( وَأَهْل الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ ، ذُو سُلطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ ، وَرَجُل رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلبِ لكُل ذِي قُرْبَى ، وَمُسْلمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَال ) ( ) ، فالطاعة تدفع إلى الرحمة والعفو والمغفرة ، وتوحيد الله يستوجب الفوز والنجاة في الآخرة .
وممن تسمى عبد الرحيم أبو زياد المحاربي الكوفي عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد (ت:211) ، وأخرج له البخاري في صحيحه قال : ( حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ المُحَارِبِيُّ قَال : حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيل عَنْ أَنَسٍ t قَال : أَخَّرَ النَّبِيُّ S صَلاَةَ العِشَاءِ إِلى نِصْفِ الليْل ، ثُمَّ صَلى ثُمَّ قَال : قَدْ صَلى النَّاسُ وَنَامُوا ، أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا ) ( ) .

******************************

(1) انظر تفسير أسماء الله الحسنى لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد ص 28 ، نشر دار الثقافة العربية دمشق سنة 1974م ، ومناهل العرفان في علوم القرآن ، لمحمد عبد العظيم الزرقاني ، 2/62 تحقيق مكتب البحوث الدراسات ، الطبعة الأولى ، نشر دار الفكر ، بيروت ، 1996.
(2) البخاري في كتاب الدعوات ، باب الدعاء قبل السلام 1/286 (799) .
(3) أبو داود في كتاب الوتر ، باب في الاستغفار 2/85 (1516) ، وانظر صحيح أبي داود (1357) وانظر أيضا صحيح ابن ماجة 2/321 (3075) ، والسلسلة الصحيحة (556) .
a. انظر بتصرف : لسان العرب 12/231 ، وتفسير القرطبي 1/106 ، وانظر المزيد حول هذا المعنى في المقصد الأسنى لأبي حامد الغزالي ص62 ، والأسماء والصفات للبيهقي ص69 ، وفتح الباري 13/358 .
b. انظر في هذا المعنى : تفسير ابن جرير الطبري 1/57 ، وفتح الباري 13/358 .
c. شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك 4/538 ، وتفسير الطبري 16/7 ، وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود 6/55 ، وجامع العلوم والحكم ص186 .
(1) رواه الطبراني في الصغير بإسناد جيد ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1821) .
(1) البخاري في كتاب الدعوات ، باب الدعاء قبل السلام 1/286 (799) .
(2) النسائي في السهو ، باب الدعاء بعد الذكر1/386 (1224) ، صحيح أبي داود 2/185(869) .
(3) أبو داود في الجنائز ، باب الدعاء للميت 3/211 (3202) ، صحيح أبي داود 2/617 (2742) .
(4) أبو داود في الصلاة ، باب التشهد 1/254 (969) .
(5) البخاري في الشهادات ، باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه وإنكاحه ومبايعته 2/940 (2512) .
(6) الموضع السابق .
(1) البخاري في كتاب الأذان ، باب من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد 1/226 (602) .
(2) مسلم في كتاب الجنة ، باب التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار 4/2197 (2865) .
(1) البخاري في مواقيت الصلاة ، باب وقت العشاء إلى نصف الليل 1/209 (546) .
__________________

ونقول يرحيم يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 11:22 pm


الدرس الخامس

اسم الله الملك

بسم الله الرحمن الرحيم

أسم الله الملك


إن من أسماء الله الحسنى : الملك ، "وإن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ".

قال تعالى :

هُوَ للَّهُ لَّذِى لَآ إِلَهَ إِلَّا هُوَ لمَلِكُ لقُدُّوسُ لسَّلَمُ لمُؤمِنُ لمُهَيمِنُ لعَزِيزُ لجَبَّارُ لمُتََبِّرُ‌ سُبحَنَ للَّهِ عَمَّا يُشرُِونَ () (سورة الحشر)

وقال تعالى :

مَلِكِ يَومِ لدِّينِ () (سورة الفاتحة)

وعند السادة الشافعية يجب أن تقرأ في الركعة الأولى : مالك يوم الدين ، وفي الركعة الثانية: ملك يوم الدين ، وقد ورد هذا الاسم في آية أخرى .

قال تعالى :
فِى مَقعَدِ صِدقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقتَدِرِ () (سورة القمر)


وفي آية رابعة قال تعالى :


قُلِ للَّهُم مَلِكَ لمُلكِ تُؤتِى لمُلكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ لمُلكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ‌ بِيَدِكَ لخَيرُ‌ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ () (سورة آل عمران)

وفي آية خامسة قال تعالى :

فَسُبحَنَ لَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىءٍ وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ () (سورة يس)

تعريف الملك :

القدرة على التصرف إذاً هو من أسماء الذات ، وهو من أسماء الأفعال، فيمكن أن يكون من أسماء الذات ومعناه : القدرة على التصرف ، ويمكن أن يكون من أسماء الأفعال ومعناه المتصرف .

حديث قدسي : "أنا ملك الملوك ، ومالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فإن العباد أطاعوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة ، وإنِ العبادُ عصوني حولت قلوب ملوكهم عليهم بالسخط والنقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، وادعوا لهم بالصلاح ، فإنّ صلاحهم بصلاحكم" .

الله : ملك بل مالك الملوك ومعنى هذا أن أي شيء يُملَّك مالكه الله سبحانه وتعالى ، وقال بعض العلماء : الملك هو الذي يحكم ولا يملك، والمالك هو الذي يملك ولا يحكم ، والله سبحانه وتعالى مالك وملك .

أحياناً يملك الإنسان الشيء ولا ينتفع به وليس من حقه أن يتصرف فيه، وأحياناً ينتفع فيه ويتصرف فيه ولا يملكه ، وأحياناً يملك الشيء وينتفع به ويتصرف فيه وليس المصير له ، مثال بيت يملكه ملكاً حراً شرعياً يسكنه ، فإن صدر قرار استملاك يصبح مصيره ليس له ، إذاً إذا قلنا إن الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك : يملك الشيء ويتصرف به ومصيره إليه ، فتكون أعلى درجات الملكية هي ملكية الله سبحانه وتعالى .

سئل أعرابي يملك قطيعاً من الغنم ، لمن هذه ؟ قال : لله في يدي ، فالمؤمن الصادق : بيته ومتجره ، سيارته ، خبرته ، مكانته ، شهاداته ، يراها بملك الله عز وجل .

مثال : أعلى طبيب في اختصاصه، إذا تجمدت خثرة في دماغه ، يفقد ذاكرته فمصيره إلى مستشفى المجانين، إذاً مَن مالك الملك ؟ الله سبحانه وتعالى .

هذه العين التي ترى بها ، من مالكها ؟ الله سبحانه وتعالى ، هذه الأذن، هذا اللسان ، هذه الحركة ، هذه القوة ، أيْ مِن لوازم الأيمان : أن ترى أن كل شيء بحوزتك هو ملك لله عز وجل سمح لك أن تتصرف به . لمن هذا القطيع يا فلان ؟ لله في يدي ، وبيتك لله في يدك ، ومتجرك لله في يدك ، وسمعتك ومؤلفاتك وعقلك وذكاؤك لله في يدك
الآن إذا قلنا : فلان ملك ، نقصد بها حقيقةً أم مجازاً ، العلماء قالوا : لا يمكن أن يملك حقيقةً إلا الله ، وأيُّ وصف للملكية لغير الله فهو وصف مجازي وعلى سبيل المجاز فقط ، لأن الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ، فهل من ملك يستغني في ذاته عن كل موجود ؟ ألا يشرب ، ألا يستنشق الهواء ، ألا يأكل ، ألا يشعر بحاجة إلى النوم ، ألا يخاف ، ألا يحزن ، ألا يتمنى أن يكون له أعوان كثر ، إذاً أي إنسان مفتقر في وجوده وفي صفاته إلى إنسان آخر ، لا يمكن أن يكون ملكاً حقيقياً ، الملك الحقيقي هو الله عز وجل ، وإذا سمينا فلاناً ملكاً فهو من باب المجاز .

الملك الحقيقي الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ويحتاجه كل موجود ، بل لا يستغني عنه شيء في شيء لا في ذاته ولا في صفاته ، فهو ملك في ذاته ، في وجوده ، في صفاته ، مستغنياً عن كل شيء ، بحاجة إليه كل شيء ، هذا هو الوصف الدقيق للملك ولا ينطبق إلا على الله عز وجل ، إذاً الملك الحقيقي هو الله ، وكل من يصف نفسه أنه ملك أو مالك هذه الدار أو مالك هذه الدكان أو مالك هذه التجارة أو صاحب هذه الشركة هذا من باب المجاز ، أعرف حجمك الحقيقي رحم الله عبداً عرف حده فوقف عنده .

الله سبحانه وتعالى : مالك مُمَلِّك ، الشخص الذي لا يستطيع أن يملك فليس ملكاً ، فمن لوازم هذا الاسم أن الله مالك مملك ، والدليل ...

قال تعالى:

قُلِ للَّهُم مَلِكَ لمُلكِ تُؤتِى لمُلكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ لمُلكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ‌ بِيَدِكَ لخَيرُ‌ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ () (سورة آل عمران)

والملك الحقيقي الذي يملك هواه ولا يملكه هواه ، والذي أُعتِق من أَسْرِ نفسه وليس ملكاً لنفسه.


رَبِّ قَد ءَاتَيتَنِى مِنَ لمُلكِ وَعَلَّمتَنِى مِن تَأوِيلِ لأَحَادِيثِ‌ فَاطِرَ لسَّمَوَتِ وَلأَرضِ أَنتَ وَلِىِّ فِى لدُّنيَا وَلأَخِرَةِ‌ تَوَفَّنِى مُسلِمًا وَأَلحِقنِى بِلصَّلِحِينَ ()(سورة يوسف)

بعضهم قال : المَلِكُ: الذي ملك قلوب العابدين فأقلقها ، الحقيقة أن الإنسان منذ أن عرف الله عز وجل ، أو منذ أن بدأ في معرفة الله ، دخل في دوَّامة الحب ، أصبح مشغولاً ، أصبح عظيماً بعد أن كان تافهاً ، يعني أن المؤمن قلق لا ينزاح عنه قلقه حتى يلقى الله عز وجل ، هل اللهُ راض عني ؟ هل عملي وفق ما يرضي الله ؟ هل الله يحبني ؟ هل في عملي إخلاص ؟ هل في عملي زيغ ؟ هل هناك ما أرجوه غير الله عز وجل ؟
ومَلَكَ قلوبَ العارفين فأحرقها ، المَلِكُ مَنْ إذا شاءَ مَلَّك ومن إذا شاء أهلك :

إِنَّ بَطشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ () (سورة البروج)

إذا أعطى أدهش ، وإذا حاسب فتّش ، أعطانا قبل سنوات أمطاراً غزيرة دهشنا بها سبعين ضعفاً عن إنتاج السنوات السابقة من القمح وإذا انحبست أمطار السماء ، فَمَنْ في الأرض كلها يستطيع أن يصدر قراراً بإنزال المطر ! ولو اجتمعت الأمم كلها ، المجالس كلها ، والقيادات كلها، وإذا انحبست الأمطار مات الزرع وتبعه الضرع وتبعه الإنسان . فنحن عبيد لأننا مفتقرون لماء السماء :

قُل أَرَءَيتُم إِن أَصبَحَ مَآؤُكُم غَورًا فَمَن يَأتِيكُم بِمَآءٍ مَّعِينِ () (سورة الملك)

اللهُ سبحانه وتعالى . المَلِكُ من إذا شاء ملّك وإن شاء أهلك ، الملك الحق من لا ينازعه معارض ، لا خصومات لا معارضون لا مُشَوشون منتقدون ، ولا يمانعه ناقد فهو في تقديره منفرد ، وبتدبيرهُ متوحِّد ، ليس لأمره مرد ولا لحكمه رد، والمَلِكُ من دار بحكمه الفلك . ذكر الله تعالى في آية واحدة خمسة بنود للملكية.

قال تعالى :


قُلِ للَّهُم مَلِكَ لمُلكِ تُؤتِى لمُلكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ لمُلكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ‌ بِيَدِكَ لخَيرُ‌ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ () (سورة آل عمران)

العلماء فسروا المُلْك أنه ملك الآخرة كما فسَّروه ملك الدنيا ، فإذا كنت مؤمناً، مستقيماً ، صادقاً مخلصاً ، لك عمل طيب فأنت ملك ، ولكن مِن ملوك الدار الآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟

والإمام علي يقول: "الغنى والفقر بعد العرض على الله" ، وقال "تؤتي الملك من تشاء " ولكن من تشاء ؟ إذا قال الله عز وجل : "والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "! ما معنى يهدي من يشاء ؟ يعني من شاء الهداية هداه الله، " ويضل من يشاء ": من شاء الضلالة أضله الله ، فالهداية والضلالة أصلهما هداية جزائية أو ضلال جزائي مبني على هداية أو ضلال اختياري.

ونقول ياملك يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 10 أبريل 2011, 11:37 pm




الدرس السادس



بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

معاني أسم الله القُدّوس .

قال تعالى :

هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَيۡمِنُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَڪَبِّرُ‌ۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشۡرِڪُونَ (23) [سورة الحشر]

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ (1) [سورة الجمعة]

وقبل أن نمضي في الحديث عن هذا الاسم الجليل ، أودُّ أن أقف وقفة يسيرة عند مقدمة ضرورية :

كلكم يعلم أن الجماد كائن يشغل حيزاً ، له طول وعرض ، وارتفاع ووزن.. تعلمون ما الحجم ؟ هناك نقطة ، النقطة ليس لها حجم ، فإذا تحركت شكلت خطاً ، فإذا تحرك الخط شكَّل سطحاً ، فإذا تحرك السطح شكل حجماً. نقطة ، خط ، سطح ، حجم.

الجماد يشكل حجماً ، يعني له طول ، وعرض ، وارتفاع ، ووزن أما النبات ، فيشكل حجماً ، وينمو ، أما الحيوان فيشغل حيزاً ، وينمو ويتحرك ، أما الإنسان فيشغل حيزاً ، وينمو ويتحرك ، ويفكر ، ففي اللحظة التي يعطل فيها الإنسان فكره ، وعقله ، يكون قد انتهت إنسانيته ، وعاد إلى طور البهيمية. يعني مَن كانت حياته طعاماً وشراباً ، ومتعاً مباحة وغير مباحة ، وعملاً ومالاً ، دون أن يفكر في الذي خلقه ، في الذي أوجده ، أين كان ، أين سيكون ، ما المصير ؟ فما قيمة الإنسان الذي يعطل فكره أو يستخدمه في غير ما خُلق له ؟

يعني : من الممكن أن تشتري حاسوباً بعشرات الملايين ، وتضع على هذا الحاسوب حاجاتك ، ثم تجعله كالطاولة ، أليس هذا غباءً شديداً ؟! أن تستخدم جهازاً بالغ التعقيد ، يقدم لك خبرات كثيرة لو أعملته ، تستخدمه كطاولة ؟ فأما الذي يعطل عقله ، أو يستخدمه في غير ما خُلق له ، فهذا الإنسان ألغى إنسانيته ، وتحركت فيه حيوانيته.

قلت هذه المقدمة ، من أجل أن تعلموا أن الله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان قوةً إدراكية. فما الذي يجب أن يدركه بها ، ما الموضوع؟ هنا السؤال .

قرأت قبل فترة ، أن ما يُطبع في العالم في اليوم الواحد ، لا يستطيع الإنسان أن يقرأه في أقل من خمسين عاماً ، إذاً هناك موضوعات لا تُعد ولا تُحصى. ما الذي آخذُ ، وما الذي أدعُ ؟ ما الذي أقرأُ ، وما الذي لا أقرأ ؟ ما الذي أطلع عليه ، وما الذي أهمله ؟ هذا سؤال خطير .

إذاً لابد من الاصطفاء ، لابد من أن تصطفي الموضوع الخطير والمعنى الخطير ، الذي له علاقة بمصيرك .

يعني إنسان في مكتبة ، أربعة جدران فيها كتب من الأرض وحتى السقف ، وبعد أيام عنده فحص مصيري ، إن نجح في هذا الامتحان سوف يترتب على نجاحه مكتسبات كثيرة ، في هذه المكتبة كلها كتاب واحد مقرر ، له علاقة بهذا الامتحان ، إذاً من البديهي أن يدع كل هذه الكتب ، وأن يقرأ هذا الكتاب .

إذاً فالإنسان أُودع فيه قوة الإدراك ، أُودع فيه العقل : " لمَّا خلق الله العقل ، قال أقبل فأقبل ، ثم قال أدبر فأدبر ، قال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أحب إلي منك ، بك أعطي وبك آخذ ".

إن سألتموني عن أعظم شيء خلقه الله في الكون ، أقول لكم العقل لأنه مناط التكليف ، لولا هذا العقل الذي أودعه فيك ما كلفك ، والعقل وسيلة معرفة الله عز وجل .

قلنا في درس سابق ، إن المشكلة : بما أن النفوس من طبيعة واحدة فلو أن أَيَّ إنسان بعيد عن الله عز وجل عرف ما عرف المؤمن لأقبل على الله كما يقبل المؤمن ، لو أن أي إنسان عرف ما عرفه رسول الله لأحب الله كما أحبه رسول الله ، النفوس واحدة ، والدليل.

قال تعالى :

يَـٰٓأَيُّہَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٍ۬ وَٲحِدَةٍ۬ وَخَلَقَ مِنۡہَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡہُمَا رِجَالاً۬ كَثِيرً۬ا وَنِسَآءً۬‌ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَ‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبً۬ا (1) [سورة النساء]

من طبيعة واحدة ، من جبلة واحدة ، من خصائص واحدة ، مادامت طبيعة النفس واحدة التفاوت إذاً في ماذا ؟ في العلم. لذلك قالوا : يفعل الجاهل في نفسه ما لا يفعله عدوه به.

مزارع عنده حقل ، مزروع نبات له ريع كبير ، قُدِّرت هذه المساحة المزروعة بهذا النباتَ وَريعُها في الموسم الواحد يزيد عن مائتي ألف ليرة من البيوت المحمية ، فاشترى دواءً كيمائياً ، وحله من دون تعليمات الصانع ، ورشَّه. كل هذا النبات مات من فوره ، وخسر الموسم كله فهذا الإنسان الجاهل ، إذ لم يقرأ التعليمات ، فعل في نفسه ما لا يفعله عدوه به.

إذاً الأزمة أزمة معرفة ، أزمة علم. المشكلة الأخطر ؛ أن الإنسان حينما يأتيه الموت سيعرف كل شيء ، وسينكشف له كل شيء ، وسيرى الحقيقة ، وسوف ينكشف له الغطاء. لقد رأى فرعون ما رآه سيدنا موسى ، ولكن بعد فوات الأوان.

المشكلة أن المعرفة ينبغي أن تكون في الوقت المناسب ، يعني ينبغي أن تعرف ما يناسب في الوقت المناسب ، ينبغي أن تصطفي من كل المعارف والمعلومات الشّيء المناسب ، وأن تعرفه في الوقت المناسب.

والسؤال الجديد الآن : لماذا يجب أن نعرف الله ؟ أليس هو غني عن المعرفة ؟ قال تعالى :

إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِى ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعً۬ا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ (Cool [سورة إبراهيم ]

حديث : " يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ و َإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا " . [أخرجه مسلم الترمذي ]

لماذا نعرف الله ؟ نعرفه من أجل أن نعبده ، ولن تعبده إلا إذا عرفته ، ولماذا نعبده ؟ من أجل أن نسعد به ، من أجل أن يتحقق الهدف من خلقنا.

قال تعالى :

إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ‌ۚ وَلِذَٲلِكَ خَلَقَهُمۡ‌ۗ وَتَمَّتۡ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ (119) [سورة هود]

إذاً نعرفه ، فنعبده ، فنسعد به. ولهذا قال ربنا عز وجل :

وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ (56) [سورة الذاريات]

وإياك أن تغفل عن هذه الآية أبد دهرك ! العبادة كما تعرفون : طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية. من بين ملايين ملايين ملايين ملايين ملايين إلى أن ينقطع نفسي. من بين ملايين ملايين الموضوعات ، ما الموضوع الأكثر أهميةً ؟ أن تعرف الله عز وجل ، لأنه كما يقول الله سبحانه ، لمن يوضع في القبر أول ليلة :

" عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ولم يبق لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت " .

يجب أن تعرفه لأن المصير إليه ، لأنك راجع إليه ، لأنك ستأتيه فرداً تتخلى عن كل شيء، كل المكتسبات التي حصَّلتها في العمر ، تفقدها في ثانية واحدة ، ليس لك إلا الله !

" يا قيس ، إن لك قريناً يدفن معك وهو حي ، وتدفن معه وأنت ميت فإن كان كريماً أكرمك ، وإن كان لئيماً أسلمك ، ألا وهو عملك".

إذاً من بين ملايين ملايين الموضوعات ، ليس منها موضوع أكثر أهمية ، من أن تعرف الله عز وجل ، عرفت أنه خالق ، وعرفت أنه رب ، وعرفت أنه الإله الحق ، وعرفت طرفاً من أسمائه الحسنى ، وهذا الدرس بفضل الله ، وتوفيقه ، فيه جولة متواضعة ، حول اسم جليل من أسماء الله الحسنى ، ألا وهو اسم القُدّوس .

تعلَّمنا في الجامعة ؛ أن المدرس الناجح هو الذي يستطيع أن يتكلم حديثاً ، بأسلوب طلي جذاب ممتع ، غني ، لفترة طويلة من دون تحضير يعني معلومات عَقَلَها ، تَمَثَّلها ، تفاعل معها ، عاشها ، أصبحت في قلبه أصبحت تجري مع دمه ، فإذا أراد أن يتكلم ، فاللسان طليق والموضوع جذاب ، إذاً ألا ينبغي إن سُئلت ، ماذا تعرف عن الله؟ عن الذي خلقك عن الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد ؟

قال تعالى :

هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَـٰنِ حِينٌ۬ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡـًٔ۬ا مَّذۡكُورًا (1) [سورة الإنسان]

الذي أنعم عليك بنعمة الإمداد ، أعطاك الهواء ، أعطاك الماء أعطاك الغذاء ، أعطاك الأهل ، أعطاك الأولاد ، أعطاك العقل ، تجني به المال وأنعم عليك مرةً ثالثة بنعمة الإرشاد ، هداك إليه ، لو أنك سُئلت ماذا تعرف عن الله ؟ ألا ينبغي أن يكون الحديث عن الله سلساً جذَّاباً ممتعاً طلياً ؟ هنا السؤال.

فحينما عزمت وبالله التوفيق على أن أجعل كل درسين ، درساً في أسماء الله الحسنى ، هذا هو القصد ، أن نعرف الله عز وجل ، لأن المعرفة لابد من أن تنعكس انضباطاً في السلوك والتزاماً عند حدود الشرع ، أنا لا أصدق أبداً أن يتعلم الإنسان شيئاً لا ينفذه ، لأن الإنسان حينما يقرأ يتفاعل ، وحينما يتعلم يتمنى أن يقطف ثمار هذا العلم.

الاسم الجليل من أسماء الله الحسنى هو اسم القدوس ، ورد هذا الاسم في آيتين قرآنيتين ورد في قوله تعالى :

هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَيۡمِنُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَڪَبِّرُ‌ۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشۡرِڪُونَ (23) [سورة الحشر]

وورد في قوله تعالى :

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡمَلِكِ ٱلۡقُدُّوسِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ (1) [سورة الجمعة]

القُدُّوس : على وزن فُعُّول ، وهو من القدس ، والقُدُس : الطهارة والتقديس هو التطهير، والأرض المقدسة : الأرض المطهرة ، وسُميت الجنة حظيرة القُدُس ، لأنها مطهرة من آفات الدنيا ، وسُمي سيدنا جبريل روح القدس ، لأنه طاهر من العيوب في تبليغ الوحي ، وفي قوله تعالى حكايةً عن الملائكة :

وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ۬ فِى ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةً۬‌ۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيہَا مَن يُفۡسِدُ فِيہَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ‌ۖ قَالَ إِنِّىٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (30) [سورة البقرة]

ما معنى ونقدس لك؟ يعني يا رب نحن نطهر أنفسنا ، ونقدسها كي نكون أهلاً للإقبال عليك ، وهذه مهمة الإنسان في الدنيا ، يجب أن يقدس نفسه كي ينال مقعد صدق عند مليك مقتدر .

كلكم يعلم إذا دُعي إلى حفل كريم ، أو إلى لقاء خطير ، أو إلى مقابلة كريمة ، كيف يعتني الإنسان بمظهره بثيابه ، بألوان ثيابه ، بكل حركاته وسكناته ، فلذلك الملائكة يقولون :

وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ‌ۖ قَالَ إِنِّىٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (30) [سورة البقرة]

هل تصدقون أن مهمة الإنسان في الدنيا ؛ أن يطهر نفسه كي تغدو مؤهلة لتكون في جوار الله في الجنة ، لأن الله طيب ، ولا يقبل إلاّ طيباً . " عبدي طهَّرت منظر الخلق سنين " الإنسان يدهن بيته ، يقول مدخل يحتاج إلى تعديل يرتب غرفة الاستقبال ، يزين مركبته ، يزين لباسه لماذا ؟ هذا منظر الخلق.

يقول الله عز وجل في الحديث القدسي :

" عبدي طهَّرت منظر الخلق سنين ، أفلا طهرت منظري ساعة " والقلب منظر الرب . ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك.



إذاً يجب أن يكون شغلك الشاغل أن تطهِّر نفسك ؛ كي يُسمح لك أن تكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة ، وحَسُنَ أولئك رفيقاً .

النقطة الدقيقة في هذا الدرس ربما تحتاج إلى شرح ، جاء في تعريف هذا الاسم الجليل أن القدُّوس هو المنزَّه عن كل وصف ، من أوصاف الكمال ، هنا المشكلة ؟ ما هذا الكلام يا أستاذ ؟!. جواب هذا الكلام أن الإنسان حينما أدرك ذاته ، رأى في نفسه كمالات ونواقص العلم كمال ، الحلم كمال ، الصبر كمال ، السمع ، البصر ، الإرادة ، الحياة هذه كمالات. الجهل نقص ، العمى نقص ، الصمم نقص ، الخرس نقص اللؤم نقص ، الحقد نقص ، الضجر نقص. الإنسان رأى أن هناك كمالات ، وهناك نواقص ، فلما أراد أن يثني على الله عز وجل نسب إلى الله عز وجل الكمالات التي يعرفها هو إنّ الله سبحانه وتعالى القدُّوسٌ منزه عن الكمالات التي يتصورها الإنسان من عنده ، كل ما خطر ببالك عن الله بخلاف ذلك.

قال تعالى :

فَاطِرُ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِ‌ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٲجً۬ا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَـٰمِ أَزۡوَٲجً۬ا‌ۖ يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِ‌ۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَىۡءٌ۬‌ۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ (11) [سورة الشورى]

الله عز وجل ليس كالأب ، ولا كالمعلم ، أعظم من ذلك ، الله رحيم كما يرحم الأب ابنه لا. فالأب أحياناً يرحم ابنه رحمة من دون علم فيورده المهالك ، الله رحيم عليم .

لذلك لما أراد الإنسانُ أن يثني على الله عز وجل فقد أثنى عليه بصفات الكمالات البشرية ، قال : الله سبحانه وتعالى قدوس منزه عن كل وصف من صفات الكمال البشري ، هو أعظم من ذلك ، هو منزه عن صفات كمال الناس ، ومن باب أولى منزه عن صفات النقائص ، بل إنه منزه عن كل صفة تُتصور للخلق ، كل شيء تصوره الإنسان عن الله عز وجل فهو منزه عن هذه الصفات .

ومن معاني الله أكبر ، أنه كل ما عَرفتَ عن الله عز وجل ، فالله أكبر من ذلك ، أكبر مما عرفت ، هذا معنى ، منزه ومقدس عن كل صفة يمكن لإنسان أن يتصورها ، منزه ومقدس عن كل صفة تشبه صفات الإنسان وتماثلها ، ولولا أن الله سبحانه وتعالى سمح للإنسان أن يصفه بصفات كمال البشر ، لكان وصفه بصفات كمال البشر ذنباً من الذنوب ، تقول : الله رحيم ، تقول : الله عادل ، الله لطيف ، الله حليم ، إذا قلت : الله حليم يعني يأتي في بالك أن الإنسان قد يحلم ، قد يُستفز فلا يغضب ، هكذا .. هو قدوس عن هذه الأوهام ، وعن هذه الصفات. فهل صارت واضحة هذه ؟ أَقبلتموها؟

ومِنْ أمتع ما في الحياة مذاكرة العلم. رجل من العارفين بالله ، سأل عارفاً بالله آخر : ألا تشتاق إلى الله ؟ قال لا والله لا أشتاق إليه. أعوذ بالله ما هذا الكلام ؟ قال لا والله لا أشتاق إليه ، قال: ما هذا الكلام؟ أجابه ، متى غاب عني حتى أشتاق إليه ؟ متى غاب عني ؟

وآخر يسأل يا إمام متى كان الله ؟ قال ومتى لم يكن ؟ متى لم يكن حتى تقول لي متى كان الله ؟.

الآن مرحلة أخرى القدُّوس هو المنزه عن كل وصف يدركه الحس عن كل تصور يتصوره الخيال ، أو يسبق إليه الوهم ، أو يختلج به الضّمير ، أو يقضي به التّفكير. أمّا أن تقول منزّه عن العيوب والنّقائص ، فإنّ هذا يقترب من باب قلّة الأدب مع الله عزّ وجل أو من باب ترك الأدب .

بربك لو كنت في حضرة إنسان عظيم ، وقلت أنت : يا سيدي حدْثتُ الناس عنك ، قال ماذا قلت لهم ، قال : قلت لهم إن جنابك لست بكاذب! ما هذا ؟ أيقبل هذا ؟ هل تمدح ملكاً بأنه ليس كاذباً ، قال : هذا من ترك الأدب ، ألم تر في الملك شيئاً إيجابياً ، نفيت عنه الكذب.

وهناك قاعدة : إنّ نفي الشيء أحد فروع تصوره ، إذا نفيت عن جهة نقيصةً، إذاً بالإمكان أن تقع منه هذه النقيصة ، نفي الشيء أحد فروع تصوّره ، إذن من ترك الأدب أن تقول : الله سبحانه وتعالى منزّه عن النقائص ، منزّه عن العيوب ، هذا من ترك الأدب .

من تعريفات اسم القدُّوس أن القدوس من تقدست عن الحاجات ذاته. أمّا أنت فمحتاج ، أنت فقير ، كل شخصيتك ، وعلمك وذكائك وقوة هيمنتك على الناس ، وجلدك ، وعلمك ، كل هذه الصفات تتلاشى أمام شربة ماء .

قال له : يا أمير المؤمنين بكم تشتري هذا الكأس إذا مُنع عنك ، قال بنصف ملكي ، قال فإذا مُنع إخراجه قال : بنصف ملكي الآخر .

أنت مُحتاج إلى الهواء ، فلو مُنع منك الهواء. هذا الذي كان يقطع الصحارى ، يجتاز الصحراء على ناقة عليها زاده وطعامه وشرابه تعب من السفر ، جلس ليستريح ، أفاق فلم يجد الناقة وعليها طعامه وشرابه ، وهو في عُرض الصحراء ، فأيقن بالهلاك ، من شدة البكاء أخذته سنة من النوم ، أفاق فرأى عن بعد شجرةً ، فأشرق في نفسه نور من الأمر ، هُرِعَ نحو الشجرة ، فإذا إلى جانبها بركة ماء شرب منها حتى ارتوى ، ثم تولى إلى الظل ، فإذا كيس مملوء ، ففرح به فرحاً عظيماً، وهو يحسب أن فيه خبزاً ، ولكنْ يا للأسف ، لقد فتح الكيس فلم يجد فيه إلا لآلئ ، فصاح وا أسفاه هذه لآلئ ، اللآلئ لها قيمة في المدينة ؟ لو كان في الكيس خبز ! أما وقد منع منك الخبز يقول وا أسفاه هذه ليرات ذهبية . ماذا أفعل بها في الصحراء؟

في الحرب العالمية الثانية كما سمعت ، الرغيف بيع بليرة ذهبية . إذاً فالإنسان ضعيف ، مفتقر إلى الهواء ، مفتقر للماء ، مفتقر للخبز مفتقر إلى الأهل ، مفتقر لمن يؤنسه ، مفتقر لمن يحبه ، أنت فقير في الأصل.

قال تعالى :

۞ يَـٰٓأَيُّہَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِىُّ ٱلۡحَمِيدُ (15) [سورة فاطر]

القُدُّوس : من تقدست عن الحاجات ذاته ، صمد ، وتنزهت عن الآفات صفاته. والقدُّوس من تقدس عن مكان يحويه ، لا يحويه مكان ، وعن زمان يبليه .

قال لي أخ كريم ، كان أستاذي قال لي سبحان الله ، أنا من خمسين عاماً أنشط من الآن طبعاً ، الإنسان في الستين غيُرُه بالثلاثين غيُرُه بالعشرين ، بالسبعين ، يعني الزمن يبليه ، يحتاج إلى قطع غيار كثيرة يحتاج إلى نظارات ، وأسنان ، وشعر أحياناً ، يحتاج إلى قطع غيار .

والقدُّوس من تقدس عن مكان يحويه ، وعن زمان يبليه ، وهو عزيز لا يرتقي إلى تصويره وَهْمّ ، ولا يطمع في جواز تقديره فَهْم ، ولا تنبسط في ملكه يد من دون تقدير .

هو قدُّوس في ذاته ، لكنَّهُ يقدّس عباده الطائعين . أقول لك هذه الكلمة ، فلان مقدس ، المقدس هو الطاهر ، تقديس بلا طهارة كلام فارغ ، فلان مقدس يعني مستقيم ، يعني عفيف ، يعني طاهر يعني سليم الصدر ، نواياه طيبة ، ليس في قلبه غلٌّ ، ولا حقد ، ولا غشٌّ ولا تخونه عينه ، ولا يسبقه لسانه ، ولا يعطي أذنه للكلام غير المقبول لا يُقدس الإنسان إلاّ إذا تنزه عن النقائص .

قال: القدُّوس من قدس نفوس الأبرار عن المعاصي ، وأخذ الأشرار بالنواصي. القدُّوس من قدس قلوب أوليائه ؛ يعني كل إنسان له قلب صنوبري لا أعتقد أن إنساناً على وجه الأرض ما له قلب ، لكنْ هناك قلب كالجوهر وقلب كالحجر .

وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ ڪَثِيرً۬ا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ‌ۖ لَهُمۡ قُلُوبٌ۬ لَّا يَفۡقَهُونَ بِہَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٌ۬ لَّا يُبۡصِرُونَ بِہَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٌ۬ لَّا يَسۡمَعُونَ بِہَآ‌ۚ أُوْلَـٰٓٮكَ كَٱلۡأَنۡعَـٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ‌ۚ أُوْلَـٰٓٮكَ هُمُ ٱلۡغَـٰفِلُونَ (179) [سورة الأعراف]

لكنِ الإنسانَ كلما اقترب من الله عز وجل ، صار ذا قلبٍ كبير ، ذا قلب صافٍ ، قلبٍ ممتلئ حباً لله عز وجل . يعني فرق كبير جداً بين قلب وقلب ، قلب يلامس السماء رفعة ، وقلب يلامس الحضيض ضَعَةً ، قلب كالجوهر صفا ماؤه ورقّ ، وقلب كالكدر القلوب أنواع ، والقلب بيت الرب ، ومحصلة إيمانك كله هذا القلب :

يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ۬ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٍ۬ سَلِيمٍ۬ (89) [سورة الشعراء]

وهذا الدرس بفضل الله عز وجل ، هدفه أن يسير الإنسان إلى قلب سليم ، وأن يتعاهد قلبه.

قال : القدُّوس من قدس قلوب أوليائه عن السكون إلى المألوفات الإنسان مستهلَك ، طعامه، وشرابه ، وبيته ، وأولاده ، ورزقه ، ودكانه ومتجره ، ومعمله ، ووظيفته ، ومكانته وصحته ، وقلبه ، وشرايينه ومعمله. مستهلَك ، هموم الدنيا تستهلكه ، لكن قلب العابد مُستَهلِك وليس مستَهلَكاً ، يستهلك الدنيا بمعرفة الله ، ولا يسمح لها أن تستهلكه المؤمن يقود هواه ولا ينقاد له ، المؤمن يسيطر على نفسه ، ولا يسمح لها بالسيطرة عليه ، المؤمن يحتكم إلى القيم ، ويحكمها ، ولا يسخرها ولا يسخر منها ، المؤمن له مرتبة أخلاقية لا يهبط عنها ، وله مرتبة علمية لا يزيغ عنها ، وله مرتبة جمالية ، هكذا ، المؤمن شخصية فذة .

قال : القدُّوس من طهَّر نفوس العابدين بإبعادهم عن دنس المخالفات واتباع الشهوات ، والقدُّوس من طهّر قلوب الزاهدين من حب الدنيا والقدُّوس من طهّر قلوب العارفين مما سواه. طهر قلوب العابدين وطهّر قلوب الزاهدين ، وطهر قلوب العارفين . فالعابدون متصفون بطاعة الله ، مقبلون على عبادته ، متحرِّقون إلى الإقبال عليه . والزاهدون مقيمون على الاكتفاء بوعد الله ، معرضون عما يوجب التهمة من ضمان الله. إذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك مِمّا في يديك . إذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتق الله ، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ربنا عز وجل قال :

فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ‌ۖ إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِينِ (79) [سورة النمل]

وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (139) [سورة آل عمران]

مشاعر القهر ، مشاعر الخنوع ، الذل لا يعرفها المؤمن الذي يعرف أَنَّ أمره كله بيد الله ، وأن الله صاحب الأسماء الحسنى والصفات العلى . لذلك النبي الكريم كان إذا ألم به خطب فماذا كان يقول :

" لا إله إلا الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا الله العليم الحكيم "


لا إله إلا اللهُ كلَّ شيء بيدك يا رب وأنت رحمن رحيم. لذلك لا يحزن قارئ القرآن ، قارئ القرآن لا يمكن أن يحزن ، لأن الأمر كله بيد الله ، كن فيكون ، ليس عند الإنسان محلات أقفرت ، وشواغر خَلِيَتْ ، والمِلاك وظائفه تعبأت ، هذه المرتبة انحجزت . المهمة أَخذها ثلاثة ، وبقي مائة موظف قاعدين ، عند الإنسان كل أمر محدود ، وكله مقنن ، أما ربنا عز وجل ففضله واسع عظيم .

العارفون إذا قاموا قاموا بالله ، وإن نطقوا نطقوا بالله ، وإن سكتوا سكتوا بالله ، فكيفما دارت أوقاتهم ، وتغيرت أحوالهم ، فالغالب على قلوبهم ذكر الله .

مؤمن أنت عاهدت الله عز وجل ، في السراء والضراء ، في الغنى والفقر ، في الصحة والمرض ، في عمل وبلا عمل ، في زواج وبلا زواج لك بيت أو بلا بيت :

مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٌ۬ صَدَقُواْ مَا عَـٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِ‌ۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُ ۥ وَمِنۡہُم مَّن يَنتَظِرُ‌ۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلاً۬ (23)[سورة الأحزاب]

قال بعض العارفين : أذاقنا الله مما أذاقهم شمة ، إنه ولي كل نعمة . طعم القرب ، من ذاق عرف ، الحديث شيء والذوق شيء ، قل ألف مليون قطعة نقد ممكن ، أَملكها ، شيء ثانٍ ، كلمتها سهلة ، الحديث عنها سهل أما أن تملكها شيء آخر .

وبعد ، فكيف نقيم علاقتنا بهذا الاسم ؟ قالوا : من عرف هذا الاسم طهَّر نفسه عن متابعة الشهوات ، الله قدوس ، هو مُنزه ؟ يَستحيل إلا أن يكون مقدساً فإذا كنت تَطمع أن تكون مع الله دائماً ، فعليك أن يكون إقبالك على الله ، حقيقة واتصالك بالله حباً وذكراً ، وبذا يحبك الله ، الله قدوس ، القدوس يحب المقدس .

إذاً من عرف هذا الاسم فلابد من أن يطهِّر نفسه عن متابعة الشهوات يعني مرتبة الإحسان : اعبد الله كأنك تراه ، خوفاً ، حباً ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. حال المراقبة . قال مَن عرف هذا الاسم طهر نفسه عن متابعة الشهوات ، وطهر ماله عن الحرام والشبهات ، ومن عرف هذا الاسم طهر وقته عن دنس المخالفات. احرص على أن يراك حيث أمرك ، وأن يفقدك حيث نهاك في وقت مجلس العلم أين أنت ؟ في بيت الله. في وقت صلاة الجمعة أين أنت ؟ فيما بين الفجر والشمس أين أنت ؟ على السرير أم على مصلاك ، يجب أن يراك حيث أمرك ، وأن يفقدك حيث نهاك، في هذه الطرقات المزدحمة بالنساء الكاسيات العاريات ، هل أنت في هذا الطريق؟ لا والله ، هو في بيت من بيوت الله. احرص على أن يراك حيث أمرك ، وأن يفقدك حيث نهاك .

قال : من عرف هذا الاسم طهر وقته عن دنس المخالفات ، وطهر قلبه عن مسلك الغفلات، طهر روحه عن فتور المساكنات . وأن تعتريه المساكنات يعني أن يركن إلى الزوجة ، يركن إلى أولاده، أنه يأثرهم على مرضاة الله عز وجل.

يقولون : خليك قاعد معنا الآن ، حاجتك دروس ، أما شبعت دروساً ، يركن إلى الأهل والأولاد ، يركن إلى نزهة أعاقته عن مجلس علم ، لكن من عرف هذا الاسم طهَّر نفسه عن متابعة الشهوات ، طهر ماله عن الحرام والشبهات ، طهر وقته عن دنس المخالفات ، طهر قلبه عن مسالك المخالفات ، طهر روحه عن فتور المساكنات ، طهر سرَّه عن الملاحظات والالتفاتات. فلان يراني ؟ دخل المسجد ليصلي لقي إخواناً في المسجد ، قام بكسل ليصلي ، لله يقول أنا خاشع .. لا .. لا تلاحظ الخلق أبداً ، لاحظ الخالق ، هؤلاء لا ينفعونك إطلاقاً ، أنت لك عند الله مكانة ، لا يرفعها مدح المادحين ، ولا يخفضها ذم الذامين .

أقول لك هذا المثل وأردده كثيراً : معك كيلو معدن ، هو ذهب ، ظنه الناس تنكاً ، خير إن شاء الله ، ثمنه موجود ، لو كان معك كيلو تنك ، بذكاء بارع ، وطلاقة لسان ، وقدرة إقناع أقنعت الناس أنه ذهب، خير إن شاء الله ، لا إن قنعوا بأن التنك ذهب تربح ، ولا إن اتهموك بأن ذهبك تنك تخسر ، خيرك منك وشرك فيك .

قال : هذا الذي عرف اسم القدُّوس لا يتذلل لمخلوق ولا يذل نفسه التي بها ربه بل يسمو بها يعني اضرب مثلاً ، وإن كان لا علاقة وشيجة له بالدرس ، أحد أصحاب رسول الله صافح النبي عليه الصلاة والسلام بيده اليمنى ، بعد أن صافحه وأشرقت روحه ، قال والله لا أمس بها شيئاً غير شريف ، يعني عاش ثمانين عاماً وما مسَّ بيمينه ذكره ، لماذا ، لأنه صافح بهذه اليمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصارت يده عند نفسه مقدسة .

طيّبْ هذه النفس التي عبدت ربها ، هذه النفس التي أَقبلت عليه سبحانه ، أيليق بها أن تتذلل لمخلوق ؟ وقد عرفت اسم القدوس ، هذه النفس التي تقدست بمعرفة الله لا يمكن أن تتذلل لمخلوق ، لذلك من جلس إلى غني فتضعضع له (أي تمسكن له) ذهب ثلثا دينه .

اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت ... فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت

ويُعاب أن تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم. لذلك سيدنا إبراهيم ماذا قال حينما جاءه سيدنا جبريل ؟ قال له ألك عند الله حاجة ، وقد أوقدوا ناراً عظيمة ، وألقَوه بها ، يا إبراهيم ألك عند الله حاجة ، قال : علمه بحالي يغني عن سؤالي .. قلنا يا نار كوني برداً لو لم يقل الله: سلاماً لماتَ من البرد ، قال سلاماً لو لم يقل على إبراهيم لصارت النار منذ أن وضع هذا النبي العظيم بهذه النار حتى الآن لصارت لا تحرق وفقدت خصيصتها . ولما عدنا نستفيد منها ، بضع كلمات ، يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم لو لم يقل على إبراهيم لكانت النار لا تحرق أحداً إلى يوم القيامة ، ولما وجدت في طبخٍ وسيلة ، ولما تمكنت من صهر حديد ، ولما نعمت في تدفئة مركزية ، أو حلمت بمدفأَة تدفأ بها انتهى .

قُلۡنَا يَـٰنَارُ كُونِى بَرۡدً۬ا وَسَلَـٰمًا عَلَىٰٓ إِبۡرَٲهِيمَ (69) وَأَرَادُواْ بِهِۦ كَيۡدً۬ا فَجَعَلۡنَـٰهُمُ ٱلۡأَخۡسَرِينَ (70) [سورة الأنبياء]


نعم برداً وسلاماً على إبراهيم فقط ‍! يعني إذا كان الله معك فمن عليك ، المؤمن له معاملة خاصة عند الله عز وجل ، والدليل :

وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِبً۬ا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَيۡهِ فَنَادَىٰ فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لَّآ إِلَـٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّى ڪُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (87) فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُ ۥ وَنَجَّيۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّ‌ۚ وَكَذَٲلِكَ نُـۨجِى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (88) [سورة الأنبياء]

ولديك قانون : كَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ والله هذه الآية وحدها ، تملأ النفس إشراقاً ، تملأ النفس طمأنينةً تملأ النفس عزة ، تملأ النفس كرامةً ، " وكذلك ننجي المؤمنين ".

قال : هذا الذي عرف اسم القدُّوس كيف يتذلل لمخلوق بهذه النفس التي تقدست بمعرفة الله عز وجل ؟ مستحيل أن يُذلّ نفسه إلاّ لله سبحانه. وهذا الذي عرف اسم القدوس لا يعظم مخلوقاً بالقلب الذي به شهده. هذا القلب عظم الله عز وجل أن يعظم مع الله أحداً ؟ مستحيل إلا أن يعظم أولياءه ، لأن المؤدى واحد .

يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ لِيُرۡضُوڪُمۡ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ۥۤ أَحَقُّ أَن يُرۡضُوهُ إِن ڪَانُواْ مُؤۡمِنِينَ (62) [سورة التوبة]


يعني إرضاء رسول الله هو عين إرضاء الله . قال : هذا الذي عرف اسم القدُّوس يجب أن لا يبالي بما فقده بعدما وجده. هل فهمتموها. إنها واضحة .

أحد الصالحين عرف الله عز و جل ، تقدست روحه بمعرفة الله ، وذاق طعم قربه ، ولكنَّ بيته صغير ، بيته قبو أجرة ، وظيفته متواضعة ، معاشه قليل ، زوجته وسط ، له جيران متعبين ، يا رب ماذا فقد من وجدك ؟ ثم يقول والله ما نقصَنا شيء ، هنا البطولة ، إذا عرفته فعلاً لا ترى أنك خسرت شيئاً أبداً . مرض مزعج ألمَّ به ، وهذه مشيئة الله ، رضيت بقضاء الله ، لذلك طعم القرب ينسي كل شيء .

فليتك تحلو والحياة مريـــــــــرة ... وليتك ترضى والأنام غضــــــــــاب
وليت الذي بيني وبينك عامـــــــر ... وبيني وبين العالمين خــــــــراب
إذا صح منك الوصل فالكـــل هيــن ... وكل الذي فوق التراب تــــــراب

فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي ... رأوه لما وليت عنا لغيرنـــــــــا
ولو سمعت إذناك حسن خطابنـــــا ... خلعْتَ عنك ثياب العجب وجئتنا

لذلك هذا الذي عرف اسم القدُّوس لا يبالي بما فقده بعدما وجده . قرأت مرةً عن سيدنا الصديق رضي الله عنه ، كلمةً لا أنساها ، ترى ذات يوم أحد الناس يندب حظه ، يقول : زوجتي كبيرة ، يقول لك : من سني أخذتها كيف هذه الغلطة غلطتها؟ ما الذي صار ؟ . سيدنا رسول الله أخدها أكبر منه بخمس عشرة سنة ، في سن أمّهِ بالضبط .

سيدنا الصديق ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط ، أحدهم لقي جوهرة ثمنها ثلاثمائة مليون ، ونسي أن يأخذ الصدفات من على شاطئ البحر ، جمع قليلاً من الأصداف وشيئاً من أحجار ذات لمعان ، ألوانُها غريبة ، لقي جوهرة ثمنها ثلاثمائة مليون ونسي الصدفات. هل يندم ؟ لنْ يندم أبداً.

الآن : ولا يرجع قبل الوصول إليه بعدما قصده. على الطريق مشى ، ثم انتكس ، لِمَ مَلّ ، ولماذا ؟ إنه لا يملك بيتاً ، يريد بيتاً يملكُهُ ، ماشى على الطريق إلى الله عز وجل. غير متزوج ، لم يلبث أن تزوج انقطع عن مجالس العلم ، وجد ركونه إلى بيت وزوجة أكثر راحة وأدنى سعادة .

انظر لهذه الكلمة ما أدقها : ولا يرجع قبل الوصول إليه بعدما قصده. أنت قصدت الله عز وجل ، يجب أن لا يثنيك شيء ، لا مشكلة ولا خطر ، ولا وهم ، ولا تهديد ، ولا فقر ، أبداً ، هذا هو الصدق.

قال : من آداب من عرف هذا الاسم أن تسمو همته ، إلى أن يطهره الله من عيوبه . عنده عيوب في نفسه ، المشكلة ـ يا إخوان ـ أن عيوب الجسد تنتهي مشكلتها عند الموت ، مهما كانت من آفات ، وأمراض ، مثلاً أحدهم يده مصابة ، والآخر بصره ضعيف وثالث آلام في ظهره ، إذا جاء ملك الموت يُنهي كل المشكلات ، ولم يعد لأحد من هؤلاء مشكلة أبداً .

كل أمراض الجسد تنتهي عند الموت ، وكل أمراض القلب تبدأ عند الموت الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا.

اللؤم الذي فعله إنسان في الدنيا مُخَدّر ، أما إذا استيقظ عند الموت فحاله ساعتئذٍ يكشفها معنى الحديث الشريف التالي ، والآيات بعده : إن العار كما ورد في الأحاديث الشريفة في الجامع الصغير :

" إن العار ليلزم المرء يوم القيامة ، حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أهون علي مما ألقى ، وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب ".

آلام النفس ، آلام الندم ، الشعور بالخيبة ، الشعور بالخسارة الكبرى.

قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلۡأَخۡسَرِينَ أَعۡمَـٰلاً (103) ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُہُمۡ فِى ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّہُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا (104) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَـٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآٮِٕهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَـٰمَةِ وَزۡنً۬ا (105) ذَٲلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَـٰتِى وَرُسُلِى هُزُوًا (106) [سورة الكهف]

قال : من آداب من عرف هذا الاسم ، أن تسمو همته إلى أن يطهره الله من كل عيوبه ، وأن يطهره عن دنس كل عاهاته ، في جميع حالاته ويطهر قلبه من كل كدراته ، وأن يرجع إلى الله تعالى بحسن الاستجابة في جميع أوقاته .

قال : فإن من طهَّر لسانه عن الغِيبة ، طهَّر الله قلبه عن الغيبْة عنه ويصبح قريباً منه ، ومن طهَّر لله طرفه عن النظر بالريبة ، طهَّر الله سرَّه عن الحجاب . إذا الإنسان حجب بصره عن المحرمات ، يكشف الله عن بصيرته فإذا أطلق بصره حجب عن بصيرته . وإذا طهر لسانه عن اغتياب الناس ، يقربه الله إليه .. يعني ملخص هذا الدرس :

وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ‌ۖ قَالَ إِنِّىٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (30) [سورة البقرة]


يعني نطهِّر أنفسنا كي نستحق أن نكون معك يا رب ، في جنتك مع أوليائك ، مع المؤمنين، مع الأنبياء مع الصديقين ، مع الشهداء ، مع الصالحين .

قال : حكي عن إبراهيم ابن الأدهم ، أنه مرَّ بسكران ، مطروح على قارعة الطريق ، وقد تقيأ ، فقال في نفسه بأي شيء أصابته هذه الآفة وقد ذكر الله بهذا الفم ، هذا اللسان ذكر الله، هذا الفم ذكر الله ،هو ممتلئ زَبَداً قيئاً ، ملقىً على قارعة الطريق ، وكان إبراهيم شيخاً جليلاً عظيماً ، فجاء بنفسه وغسل فمه ، فلما أفاق السكران أُخبر بما فعله معه إبراهيم ابن الأدهم ، فخجل الرجل السكران من الله تعالى ، وتاب، وحسنت توبته فرأى إبراهيم في المنام كأن قائلاً يقول له ، يا إبراهيم طهَّرت فمه من أجلنا ، فطهرنا قلبه من أجلك.

تأثرت من هذه القصة ، يعني مثلاً لك ابن يأسان منه ، حاولت أنْ يصلي ولو صلاة شكلية، جهدت حتى جعلته يصلي هذه الصلاة الشكلية ، لعل الله عز وجل يتفضل عليك فيطهر قلبه. أنت كن عند الأمر والنهي وعلى الله الباقي ، قف في الصلاة متخشعاً لعل الله يتجلى عليك، حاول أن تصلي مع أولادك لعل الله سبيل الرشاد ، طهر ظاهرهم لعل الله يطهر باطنهم لك الظاهر وعلى الله السرائر .

قال يا إبراهيم لقد طهرتَ فمه من أجلنا فطهرنا قلبه من أجلك .. القصة لها تتمة ، دخل مسجداً مرة ، ورأى رجلاً يبكي بكاءً مراً ، ويتهجد وينادي ربه ، ويدعوه ، أعجبته هذه الصلاة وهذا التهجد وهذا الخشوع قال : من أنت يا فلان ؟ من الرجل ؟ قال إن الذي هداني أخبرك بحالي ما قال لك يا إبراهيم طهرت فمه من أجلنا فطهرنا قلبه من أجلك ، إن الذي هداني أخبرك بحالي.

لا تيأس ، لو رأيت الإنسان في أقل درجات المعصية أو في أشدها، الصلحة مع الله ممكنة بلمحة. " إذا رجع العبد إلى الله ، نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنِّئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله " .

يا أيها الإخوة الأكارم : أختم درسي بهذه الكلمات فاحفظوها :

"إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً في القلب ، وسعةً في الرزق وقوةً في البدن ، ومحبة في قلوب الخلق". ألا يتمنى أحدنا أن يكون كذلك ، وجه كالشمس منير ، قلب مستنير سعة في الرزق ، قوة في البدن ، محبة في قلوب الخلق .

أحد العلماء بمصر عاش مائة وثلاثين سنة. رجل من علماء دمشق رحمهم الله تعالى ، عاش ستاً وتسعين سنة ، ويروي عنه تلامذته أنه كان مستقيم القامة ، حاد البصر ، مرهف السمع ، أسنانه في فمه ، خدوده متوردة ، قوي البنية ، كلما سُئل ، ما هذه الصحة ؟ يقول يا بني حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر . اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا .

قال : "وإن للسيئة سواداً في الوجه ، وظلمة في القلب والقبر ، ووهناً في البدن ، ونقصاً في الرزق" ، قال عليه الصلاة والسلام : " قد يُحرم المرء الرزق بالذنب يصيبه " .

ونقصاً في الرزق ، وبغضاً في قلوب الخلق ، والذنب ـ أيها الإخوة ـ والسيئة سببُ هوانِ العبد على ربه ، وسقوطه من أعين خلقه. هان الله على الناس فهانوا عليه .

آخر نصيحة ، اتق الله باجتناب المحرَّمات تكن من التوابين ، وتورَّع عن اقتحام الشبهات تكنْ من المتطهرين ، وازهد فيما زاد عن قدر الضرورة تنجو من الحساب الطويل ، وأقبل على خدمة مولاك تنل الثواب الجزيل .

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً .

ونقول ياقدوس يالطيف القدوس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالإثنين 11 أبريل 2011, 11:00 pm



الدرس السابع

معني السلام

للشيخ النابلسي


الناس يحبون "السلام"، والله عز
وجل هو "السلام".
أيها الإخوة: هذه الأسماء، أسماء الله الحسنى لها تعاريف نظرية، كما كان في درس سابق، ولها تطبيقات عملية وهي أنواع. أنواع أسماء الله
الحسنى هناك أسماء ذات، وهناك أسماء صفات، وهناك أسماء أفعال. اسم ذات، اسم صفات، اسم أفعال، فذات الله "سلام"، و"السلام" من صفات
الله عز وجل ويهب "السلام" لعباده، إذًا من أسماء الأفعال.
أيها الأخوة: يمكن أن ترى هذا الاسم من خلق الله، كنت أقول دائمًا: إن الكون مَظهر لأسماء الله الحسنى.، فمثلاً: الإنسان ينام هيكله العظمي له
وزن، والعضلات التي فوق الهيكل العظمي لها وزن، وزن الهيكل مع ما فوقه من عضلات تضغط على ما تحته من عضلات. فإذا ضغطت الأوعية
الدموية تضيق لمعتها. الله عز وجل أودع بالإنسان مراكز للإحساس بالضغط، فإذا ضُغطت العضلات، ومعها الأوعية التي تحت الهيكل العظمي.
هذه المراكز مراكز الضغط تعطي إشارة إلى الدماغ، لقد ضُغطنا، الدماغ يعطي أمر إلى العضلات فينقلب الإنسان على شقه الآخر، وهو نائم، تصور
.( إنسان نائم تقلب أكثر من أربعين مرة قال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ (الكهف: 18
تقلب الإنسان في نومه من أجل سلامته، الإنسان إذا أصيب بمرض السبات لابد من تقليبه، وإلا يتفطر لحمه، ينسلخ لحمه، وهذا من آيات الإعجاز
العلمي، لولا أن أهل الكهف الذين مكثوا في كهفهم ثلاثمائة عام، لولا أن الله قلبهم لماتوا بعد شهر من إيوائهم في الكهف، (ونقلبهم)، فالتقليب
تطبيق عملي لاسم الله " السلام".
وأنت نائم، وأنت غارق في النوم يتجمع اللعاب في فمك، تذهب إشارة إلى الدماغ. لقد زاد اللعاب في الفم، والدماغ يعطي أمرا وأنت نائم إلى لسان
المزمار فيغلق فتحة الهواء، ويفتح فتحة المريء ويسري اللعاب إلى المعدة، هذا يتم من حين لآخر أثناء النوم، وأنت نائم، هذا من اسم " السلام".
لو أن الله ملكك حركة القلب، مستحيل أن تنام، إذا نام الإنسان مات فورًا، لكن حركة القلب لا إرادية،
تولاها عنك، تنام نومًا عميقًا والقلب ينبض. لو أن الله أوكل إليك حركة الرئتين، فيه مركز بالدماغ مركز التنبيه النوبي، هذا المركز أحيانًا يتعطل بحالات
نادرة جدًا. ما معنى تعطُل هذا المركز؟ ممنوع النوم، ينام يموت فورًا، يجب أن يتنفس تنفس إرادي حتى ما يموت، طبيب في دمشق توفاه الله عز
وجل أصيب بهذا المرض، جاءوا له بدواء من أمريكا، يجب أن يأخذه كل ساعة، لذلك يهيئ أربع منبهات ينام الساعة التاسعة يستيقظ الساعة
العاشرة يأخذ حبة، ينام يستيقظ الحادية عشرة، الثانية عشرة، الواحدة، الثانية، الثالثة، الرابعة. في مرة جاء ابنه من بلاد بعيدة، من شدة فرحه لم
ينتبه للمنبهات الأربعة، وفي الصباح وجدوه ميتًا.
أنت منتبه لهذه النقطة؟ تنام والرئتان تعملان بشكل آلي، من أسماء الله " السلام" عمل الرئتين وأنت نائم، عمل القلب وأنت نائم، عمل البنكرياس
والمرارة، آليات معقدة جدًا تتم وأنت نائم.
أيها الأخوة: من أسماء الله " السلام" أن الله وضع دماغك في صندوق عظمي ولئلا يُكسر هذا الصندوق، لئلا يكون سريع العطب له مفاصل ثابتة.
يعني ممكن إذا إنسان وقع على الأرض، وارتطم رأسه بالأرض، أن تتداخل قطع الجمجمة تداخل صغير جدًا هذا التداخل يمتص الصدمات، وجعل
سائل بين الجمجمة وبين الدماغ، أيضًا هذا السائل يمتص الصدمات، هذا من اسم " السلام".
أين وضع نخاعك الشوكي؟ في سلسلة عظمية في الظهر، أين وضع القلب؟ في القفص الصدري، أين وضع أخطر معمل في جسم الإنسان...
معامل كريات الحمراء؟ في نقي العظام، أين وضع الرحم؟ في الحوض، كلها أماكن محصنة... الدماغ في الجمجمة، والنخاع الشوكي في العامود
الفقري، والرحم في الحوض، والقلب في القفص الصدري، والعين في المحجر هذا التجويف لولاه لفقد معظم الناس عيونهم. العين في المحجر،
والرحم في الحوض، والنخاع الشوكي في العامود الفقري، والقلب في القفص الصدري، أليس هذا من اسم "السلام"؟.
الماء يزداد حجمه في الدرجة زائد 4، ينفرد الماء من بين كل العناصر، أنه على التبريد في درجة زائد 4 يزداد حجمه، بدل أن ينكمش، لولا هذه
الخاصة الاستثنائية لما كان هذا الدرس، ولما كانت دمشق، بل لما كانت حياة على وجه الأرض. لو أن الماء إذا تجمد انكمش، أي زادت كثافته، أي
غاص إلى أعماق البحار، بعد حقب عديدة تصبح البحار كلها متجمدة، وينعدم التبخر، وتنقطع الأمطار، يموت النبات، ويموت الحيوان، ويموت الإنسان،
هذه الظاهرة.
أيها الأخوة، لأن الله "سلام"، لو ذهب أحدنا إلى بلد في شمال الأرض بالمنطقة القطبية، يضع قبعة على رأسه، قفازات في يده، ويرتدي ثيابًا صوفية،
كل شيء له احتياط، إلا العين هل بإمكانه أن يغطيها؟ العين فيها ماء، والماء يلامس جو حرارته 69 تحت الصفر، نظريًا يجب أن يفقد كل إنسان
بصره هناك، لكن الله لأنه " سلام" أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد، هذا من تطبيقات اسم "السلام".
الطفل الآن يولد ما في قوة في الأرض يمكن أن تعلمه آلية معقدة جدًا ألا وهي المص، يجب أن يضع شفتيه حول حلمة ثدي أمه، وأن يحكم
الإغلاق، وأن يسحب الهواء، هذا منعكس آلي يولد مع الطفل. لو أنه في أثناء تغسيله بعد الولادة مباشرة وصلت إصبع الممرضة إلى شفتيه مصها،
معه آلية المص، سماه العلماء منعكس المص. والله لولا هذا المنعكس لما كان هذا الدرس، ولما كان إنسان على وجه الأرض، والله عز وجل لحكمة
بالغة بكل خمسمائة ألف ولادة يأتي طفل ما معه منعكس المص، يموت فورًا، في قوة تعلمه؟ يا بابا الله يرضى عليك عشان ما تموت، ضع
شفتيك على حلمة ثدي أمك، وأحكم الإغلاق، واسحب الهواء، يأتيك الحليب، ما في قوة تعلم الطفل. الله زوده بمنعكس آلي يمص ثدي أمه بإحكام،
وبدقة، وبمهارة وقد ولد لتوه، هذه من تطبيقات اسم "السلام".
من الذي يمنع أن نفهم أسماء الله الحسنى من خلال خلقه؟ ما الذي يمنع أن نفهم أسماء الله الحسنى من خلال الكون؟ من خلال خلق الإنسان،
من خلال خلق الحيوان، خلق النبات.
أيها الأخوة: يعني الدم لابد من أن يُجَدد بالأوكسجين، فالطفل في بطن أمه الأوكسجين معطل، التنفس معطل، في رئتين، لكن ما في هواء، من
فتح ثقبًا بين الأذينين كشفه عالم فرنسي اسمه " فوتال"، من فتح هذا الثقب؟ ينتقل الدم من أذين إلى أذين، لمجرد أن يولد هذا الطفل تأتي جلطة،
وتغلق هذا الثقب، يد من؟ افهم اسم "السلام" هكذا.
إذا قلت الله "السلام" يعني هيأك أنك أنت حينما تمشي على قدمين لطيفتين، لولا جهاز التوازن في الأذن لا يمكن لإنسان أن يقف على قدميه. هل
بإمكان أهل الأرض أن يجعلوا ميتًا يقف؟ مات أوقفه، مستحيل، لأقل حركة تتفاقم، يقع، أما أنت لما تميل ميل قليل في جهاز معقد جدًا في الأذن،
في سائل، وفي أهداب، وفي أعصاب، لما تميل ميل قليل ينتبه الإنسان يعدل، لولا هذا الجهاز ما في راكب دراجة، من خلق هذا الجهاز؟ الله عز
وجل سلمنا.
أيها الأخوة، "السلام" هو إلهنا، وربنا، سلمت ذاته من كل عيب، وسلَّم خلقه من كل ضرر، و " السلام" من أسماء الذات، ومن أسماء الأفعال، أعطى
السلامة لخلقه يعني الطعام الفاسد تتقيأه، لماذا؟ الجنين المشوه يسقط لا يبقى، من أسمائه " السلام".
لكن الملخص أيها الأخوة، أنه ما من مشكلة على وجه الأرض إلا بسبب خروج عن منهج الله، وما من
خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل، والجهل أعدى أعداء الإنسان، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.
لذلك إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معًا فعليك بالعلم. والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا
أعطيته بعضك لم يعطك شيئًا.
أيها الأخوة الكرام: ما من عطاء إلهي يفوق العلم، دقق في هذه الآية: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}.
أسماء الله الحسنى حينما تعرفها يجب أن تتبدل جذريًا، أنت تتبدل 180 درجة أولاً تحب الله، تعبده، تطيعه، تتخلق بهذا

ونقول السلام اللطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالإثنين 11 أبريل 2011, 11:16 pm



الدرس الثامن
]size=18]

معني المهيمن

الشيخ النابلسي


فمن معاني المهيمن الرقيب الشهيد الذي يعلم السر وأخفى ، يعلم خائنة الأعين ، يعلم ما تخفي الصدور ، يعلم ما ظهر وما بطن ، يعلم ما تعلن وما تسر ، يرى الأشياء ويرى ما خلف الأشياء ، يرى الظاهر ويرى الباطن .

ومن لوازم اسم المهيمن القدرة التامة على تحقيق مصالح ذلك الشيء علماً وقدرةً ، في بني البشر من يعلم ولكنه لا يقدر ، وفي بني البشر من يقدر ولكنه لا يعلم ، ومن لوازم اسم المهيمن صفة ثالثة المواظبة والاستمرار، قد تعلم ولا تقدر حيث يقول العوام : " العين بصيرة واليد قصيرة "، وقد تقدر ولا تعلم . فالإنسان القوي والذي يتمتع بأعلى درجات القوة ولكنه لا يعلم موجود ، وقد تعلم وتقدر وهذا النوع في بني البشر نادر الوجود أن تعلم وأن تقدر ولكن لا تضمن المستقبل. قد تكون على علم بما يجري تحت يديك على علم بما يجري حولك وأنت واثق بأن يدك تطول كل هذا الذي تحت سلطانك ولكن لا تدري ماذا يكون في المستقبل، أما إذا قلنا المهيمن اسم من أسماء الله الحسنى فمن لوازم المهيمن أنه يعلم ، ولا نهاية لعلمه لاشيء يخفى عليه ، فلو أن طبيباً فحص مريضة تشكو له من بعض أعضائها ، و استرق النظر إلى عضو آخر فهذه خيانة وليس في الأرض كلها من يعلم هذه الخيانة إلا الله ، يعلم خائنة الأعين ، أي يعلم السر ، علم ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، يعلم السر وما يخفى عنك ، يعلم الجهر وما تعلنه ، يعلم السر وما تخفيه عن الناس ، يعلم ما هو أخفى من السر ما يخفى عنك ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم في خواطركم في صراعاتكم في نواياكم في طموحاتكم في حركاتكم في سكناتكم في سركم في جهركم في بواطنكم في علانيتكم يعلم كل شيء ، بالمناسبة لن يستطيع الإنسان أن يهيمن إن لم يعلم بتلك المعلومات والملابسات المحيطة بموضوعه قبل كل شيء ، لا يستطيع إنسان أن يهيمن على شيء ما مهما كان ضيقاً إن لم يعلم بكل ذلك يقولون : تقصَّ الحقائق ، يقولون : بِثَّ العيون ، كيف تملك القرار إن لم تملك الحقيقة ؟ المهيمن يعلم .

ولكن ما نفع العلم إذا كنت لا تقدر ها أنت تعلم ولا تقدر ، المهيمن يعلم وقادر على كل شيء لا يعجزه شيء ولا نهاية لتعلقات قدرته ، كل الممكنات أي كل ما سوى الله من ضمن قدرته ، ولكن قد تملك قد تعلم وقد تملك ولكن لا تعلم ما سيكون في الغد ، قال تعالى :



(سورة النور: الآية 44)

وقال تعالى :

(سورة آل عمران :الآية 140)

من لوازم المهيمن طبعاً أسوق لكم هذه الفكرة لتأكيد المعنى ، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا سافر يقول :

"اللهم أنت الرفيق في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد ".

هل تعتقدون أن هذه الصفة يمكن أن تكون في إنسان ما ، وأن يكون معك في السفر وفي الوقت نفسه أن يكون خليفتك في بيتك وأهلك وأولادك ، مستحيل إما أنه معك وإما أنه في بيتك ، لذلك قالوا هاتان الصفتان لا تجتمعان إلا لله عزوجل ، هو معك بالحفظ والرعاية والتوفيق والتسديد والنصر والتأييد وهو في البيت مع أولادك معية علم وقدرة ورعاية في غيبتك يحفظهم من كل مكروه يحفظهم من كل حادث ، هو معك وهو خليفتك في البيت .

أقول لكم من النادر أن يجتمع لإنسان العلم والقدرة ، لذلك في المجتمعات البشرية أفراد تفوقوا في العلم ولكن يدهم قصيرة ، وأفراد تفوقوا في القدرة ولكن علمهم محدود ، لكن لو أنه ، فرضاً ، اجتمع لإنسان وهذا شيء نادر جداً كمال العلم مع كمال القدرة ولا بالخمسين مليون قد يوجد إنسان فيه كمال العلم مع كمال القدرة لكن ينقصه رؤية المستقبل ، قد يأتي من هو أقوى منه فينتزع ما بيده ، قد يأتي من هو أذكى منه ، قد يأتي من هو أخبث منه فيأخذ ما بين يديه .

إذاً قد يجتمع العلم والقدرة ولا تملك المستقبل ولكن إذا قلت الله مهيمن معنى ذلك أنه يملك العلم الكامل :

( سورة الحجرات : الآية 16 )

والقدرة الكاملة لا نهاية لتعلقات علمه ولا نهاية لتعلقات قدرته وليس في الكون جهة أخرى تشاركه في الحكم قوله :

(سورة الكهف : الآية 26)

لو كان في الكون آلهة غير الله لفسدتا ، إذاً لذهب كل إله بما خلق ولَعَلا بعضهم على بعض ، لا يوجد جهة أخرى تنافس أو تسيطر أو تقاوم أو تنازع أو تفسد ، لذلك إذا اتكلت على المهيمن فهو الذي يعلم كل شيء وقادر على كل شيء وليس كمثله شيء .

ومن باب الموازنة : فالإنسان قد يملك ولا ينتفع ، قد يملك يبتاً ثمنه أربعون مليون ليرة لكنه مؤجر قبل عام السبعين مثلاً يملكه ولا ينتفع به ، وقد ينتفع ببيت لا يملكه ، وقد ينتفع به ويملكه فجأة صدر قرار استملاك مصيره ليس بيده ، أما إذا قلنا :

(سورة آل عمران )

فالكون كلهُ مْلكُهُ مِلكا وتصرفاً ومصيراً .

أيها الأخوة الأكارم ، جزء أساسي جداً من إيمانك بالله أن تعرف أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى ، وقد يسأل سائل عن هذا الحديث المتواتر هل هو حديث صحيح قاله النبي ؟ :

" إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ".

نعم إنه صحيح ومتواتر ، إياك أن تفهم كلمة أحصاها أنه عدَّها ، إياك أن تفهم كلمة أحصاها أنه قرأها أو حفظها أو عدها لا، أحصاها فهمها ونال نصيبه منها ، إن لاحظتم في دروس سابقة كل اسم من أسماء الله الحسنى أنت كمؤمن لك منه نصيب فإن لم يكن لك نصيب من هذا الاسم فكأنك ما أحصيت هذه الأسماء لأن النبي علي الصلاة والسلام روي عنه قوله :

" تخلقوا بأخلاق الله ".

فالمهيمن علم لا نهاية له وقدرة تامة ومواظبة واستمرار هذا معنى المهيمن، ولكن هناك أربعة معانٍ فرعية تضفي على هذا المعنى شيئاً نفيساً جداً :

المعنى الأول : إذا كان الله هو المهيمن ففي معاني هيمنته الحب والشفقة ، أحياناً تقف الأم حول سرير ابنها المريض وهي تلاحظ حركاته وسكناته ، هذه الوقفة الحانية المشفقة وقفة علم وقفة سيطرة ولكن بدافع نبيل بدافع الشفقة والعطف والحنان ، فإذا قلنا فلان مهيمن بدافع الحقد وبدافع العنجهية والغطرسة والقوة والانتفاع والمناجزة وما إلى ذلك ، فهذا استبداد وبطش إن وصف الإنسان بأنه مهيمن لها معنى أما إن وصف الله عزوجل بأنه مهيمن فمن معاني هيمنة الله عزوجل حبه وعطفه على عباده ، النبي عليه الصلاة والسلام رأى امرأة تقبل ابنها فقال عليه الصلاة والسلام :

" أتلقي هذه المرأة بولدها إلى النار ؟ قالوا : معاذ الله ، النار حق وإحراقها حق ولهيبها حق ، ولكن هذا شيء متعلق بذات الله عزوجل ، قال : والذي نفس محمد بيده لله أرحم بعبده من هذه بولدها " .

فهيمنة الله عز وجل هيمنة عطف وحب وشفقة ورحمة وحرص على سعادتك وعلى آخرتك وعلى مستقبلك ، هذا المعنى الفرعي الأول علم وقدرة واستمرار ، أما المعاني الفرعية للهيمنة : الحب والشفقة .

فلان مهيمن على هذا المستودع أي أمين عليه لا يدع حاجة تخرج منه بلا علم وبلا تسجيل وبلا مراقبة وبلا محاسبة ، هيمنة الأمانة . ولندع المعنى الأول هيمنة الشفقة كالأم على ابنها .

والمعنى الثاني : هيمنة الأمانة ، لذلك من معاني المهيمن الحافظ :

(سورة يوسف : الآية 64 )

ومعنى مهيمن أنك إذا كنت مع الله عزوجل واعتقدت بوجوده وأردت أن تحاور إنساناً فأنت المنتصر ، الحوادث كلها تأتي مصدقة لك ، كل إنسان يطرح نظرية أو يطرح فرضية أو يطرح مذهباً أو يطرح فكرة أو يطرح تفسيراً أو يطرح تحليلاً أو يطرح عقيدةً ، الوقائع تثبت العقيدة التي جاء بها القرآن ، فإذا كنت أنت مع القرآن فأنت المهيمن وأنت المنتصر .

أن تقول مثلاً :

(سورة البقرة)

يمحق الله الربا ، هذه آية كريمة وهذه عقيدتك ، فالمرابي يقول لك العكس : أيعقل أن أجمد المال من دون أن أضعه في مصرف لأتقاضى عليه فائدة مجزية أعيش بها ، أنت كمؤمن تطرح أن الله عزوجل يمحق الربا وهذا المُعرض الكافر يطرح نظرية أخرى وهي أن الإنسان لا بد من أن يستثمر ماله ، الأيام تدور والوقائع تتجدد فإذا بهذا المرابي يمحق ماله ، من الذي هيمن في هذا الموضوع ؟ أنت، أنت اعتقدت أن المرابي يمحق ماله ، الأيام أكدت هذه الحقيقة فأنت المهيمن ، أنت تعتقد أن الإنسان إذا غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه وانعكس هذا في حياته الزوجية ، يقول لك آخر : لا هذه العين يجب أن تستمتع ، فهذا الجمال لمن خلق ؟ لنا ، فلا بد من إطلاق البصر وأن تملأ العين من هذه المناظر الحسنة الجميلة ، تقول له : لا هذا أمر إلهي وهذه آية قرآنية ، تدور الأيام فإذا بهذا الذي يمضي نهاره كله في الطرقات يملأ عينيه من الحرام قد أصيب بمرض ارتخاء الجفون ، من الذي هيمن في هذا الموضوع ؟ أنت ، أنت الذي هيمنت جاءت الوقائع تؤكد ما تعتقد من أن هذا أمر إلهي ، أنت إذا اخترت فتاة لم تخترها إلا لدينها وعفافها وشرفها وصلاحها وأسرتها الصالحة وآثرت دينها على الجمال وعلى المال وعلى الحسب وعلى النسب وعلى الوجاهة في الدنيا ، أنت انطلقت من أن هذا العمل هو طاعة لله عزوجل قال سبحانه :

(سورة البقرة : الآية 221)

هو انطلق من شهوته وقال : الزوجة يجب أن تكون مِلْءَ العين جمالاً وفتنة كما أحب كما أشتهي ولا قيمة لقلة دينها ، تدور الأيام هذا الذي اختار المرأة الصالحة لصلاحها ودينها ترى حياته الزوجية مستقرة وسعيدة ومفعمة بالمودة والمحبة ، تتنامى سعادته ويبارك الله له في هذه الزوجة ويأتيه الأولاد ، أما الذي آثر الجمال على الدين حياته قطعة من جحيم من الذي هيمن في الموضوع ؟ المؤمن ، لذلك ربنا عز وجل يقول:

(سورة القصص )

إذن هذه صحيحة من معاني المهيمن أن هيمنة الله عزوجل هيمنة حب وشفقة وأن هيمنة الله عزوجل هيمنة حفظ وأمانة .

ومن معاني هيمنة الله عزوجل أن الله عزوجل يصدقك بأفعاله ، أي شيء تعتقده ورد في القرآن الكريم . ومن معاني أن الله مهيمن أنك أنت المنتصر ، وكلامك هو الصواب ، واعتقادك هو الصحيح ، والأفعال تأتي مصدقة لك ، هذا معنى المهيمن كاسم من أسماء الله الحسنى ، إذاً الهيمنة العلم الكامل ، العلم التام والقدرة التامة والاستمرار والمواظبة ، هذه المعاني الأساسية ، أما المعاني الفرعية هيمنة حب لا هيمنة غطرسة وعنجهية وسيطرة كما يكون الإنسان ، وهيمنة محافظة على المهيمَن عليه ، أمين مستودع لا تأخذه في الله لومة لائم ، وهيمنة تصديق لكل ما جاء به القرآن ، هذا الجانب النظري من معنى المهيمن ، علم وقدرة واستمرار ، شفقة وحفظ وتصديق .

والآن بعض الأمثلة : هناك وقائع وشواهد وحقائق تعمق مفهوم هذا الاسم ومدلولاته . سيدنا موسى حينما قال الله له ولأخيه هارون :

[سورة طه ]

فرعون وما أدراكم ما فرعون الذي ذبح أبناء بني إسرائيل واستحيا نساءهم من يجرؤ على أن يخاطبه ، وعلى أن يبين حقيقة دعواه الزائفة في أنه إله ، من يجرؤ ؟

[سورة طه]

إنني معكما أسمع وأرى وفرعون بيدي ، إذاً إذا آمنت أن الله هو المهيمن تستسلم يرتاح قلبك ، تطمئن نفسك ، يستقر فؤادك ، ترتاح أعصابك ، الأمر بيد الله بعلمه وبقدرته ، كل الخلق بيده ويعلم السر وأخفى .

سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام حينما كان عند يهود خيبر وائتمروا أن يلقوا عليه حجرا فيقتلوه ويرتاحوا منه بزعمهم ، من الذي أخبره أن يتحول عن هذا المكان ؟ الله عز وجل هم اتفقوا في غرفة محكمة الإغلاق ، اتفقوا على ذلك والله عز وجل أخبره ، معنى مهيمن هنا أنه علم ما يقولون .

عمير ابن وهب خرج مع صفوان ابن أمية وقال له عمير : أتمنى لو أذهب إلى المدينة فأقتل محمدا وأريحكم منه ، لولا ديون ركبتني ولولا أولاد أخشى عليهم العنت ، فقال له صفوان فورا : أما الديون التي عليك فهي عليَّ بلغت ما بلغت وأما أولادك فهم أولادي فامض لما أردت ، سقى سيفه سُمّاً ووضعه على عاتقه وامتطى راحلته وتوجه إلى المدينة ، لقيه عمر ابن الخطاب فقال : هذا عدو الله عمير ، قيده بحمالة سيفه وساقه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال : يا رسول الله هذا عدو الله عمير جاء يريد شرا ، الله مهيمن، قال : يا عمر أطلقه فأطلقه، فقال له النبي : ادنُ مني يا عمير دنا منه ، قال له : سلم علينا ، قال : عمت صباحا يا محمد ، قال له: قل السلام عليكم ، قال : لست بعيد عهد بالجاهلية هذا سلامنا ، قال له : ما الذي جاء بك إلينا ، قال : جئت لأفك أخي من الأسر ، فقال : وهذا السيف الذي على عاتقك ، قال : قاتلها الله من سيوف وهل نفعتنا يوم بدر، فقال له: ألم تقل لصفوان لولا ديون ركبتني وأولاد أخشى عليهم العنت لذهبت وقتلت محمدا وأرحتكم منه ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، الله عز وجل مهيمن هذه المؤامرة التي أحيطت بكل أجواء الحذر والحيطة أبلغها الله عز وجل للنبي عليه الصلاة والسلام .

هذه المرأة التي جاءت تشكو النبي عليه الصلاة والسلام وتقول : يا رسول الله إن فلان تزوجني وأنا شابة ذات أهل ومال وجمال فلما نثرت له ما في بطني وتفرَقتْ أهلي عني وذهب مالي وكبرت سني قال : أنت علي كظهر أمي ، ولي منه أولاد إن تركتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إليَّ جاعوا ، فبكى عليه الصلاة والسلام رقة لها وعطفا وشفقة ورحمة وقال: ما أظنك إلا قد بِنْتِ منه ، هذا طلاق فقال الله عز وجل :

(سورة المجادلة )

فكان عمر ابن الخطاب عملاق الإسلام كلما مر بهذه المرأة كان ينزل عن دابته إجلالا لها ويقف أمامها بأدب ويستمع لها ، فقال له أحدهم : أنت أمير المؤمنين وتستمع لهذه المرأة ؟ قال : كيف لا أستمع لها وقد استمع الله لها من فوق سبع سموات ، معنى هذا أن الله مهيمن ويسمع كل شيء .

سيدنا موسى قال : أنا رسول الله ، قالها فرعون ، وكلمة فرعون تعني في وقته أعظم إنسان وأعظم دولة دولته ، وأعظم حضارة حضارته وقال أنا ربكم الأعلى وجمع السحرة كلهم ووعدهم بالعطايا وبالمناصب من أجل أن يقهروا سحر موسى كما يَدّعون قال تعالى :

(سورة طه )

من انتصر ؟ سيدنا موسى ، الله مهيمن على كل شيء .

هذه كلها شواهد قرآنية على اسم المهيمن ، علم وقدرة واستمرار ، هيمنة شفقة وهيمنة حفاظ وهيمنة تصديق .

سيدنا إبراهيم جاءه جبريل وقد أوقدوا ناراً عظيمة ، جمعوا حطباً أياماً وأسابيع أوقدوها وأركبوه بأرجوحة كي يسقط في وسطها ، هم مسيطرون مهيمنون ، بيدهم كل شيء ألسنتهم تردد مَنْ أشدُّ منّا قوة ، "أولم يعلموا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة "، جاءه جبريل فقال : يا إبراهيم هل لك من حاجة ؟ قال : منك لا ، قال جبريل من الله ، قال : علمه بحالي يغني عن سؤالي . ثلاث كلمات ، قلنا :

يا نار - الله مهيمن - كوني بردا ، بردا كان مات من البرد ووجدوه مجمدا ، قال: وسلاما وقال : على إبراهيم ، لو لم يقل على إبراهيم لعدم وجود النار في الأرض فتصبح النار لا تحرق إلى يوم القيامة ، ثلاثة كلمات

(سورة الأنبياء)

من المهيمن ؟ الله عز وجل .

ألم يقل : علمه بحالي يغني عن سؤالي .

أُمُّ موسى ، أعطني أُماً تستطيع أن تضع ابنها فلذة كبدها في صندوق وتلقيه في اليمّ ، الله عز وجل أمرها بأمرين ونهاها عن نهيين وبشرها بشارتين :

(سورة الأنبياء )

أرضعيه وألقيه في اليم . هذان أمران ، " ولا تخافي ولا تحزني " وهذان نهيان ، البشارتان : إنا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين ، فهذا الصندوق من سَيَّرَهُ إلى شط فرعون ؟ يعلم ويسيطر ، وحينما فتح الصندوق من ألقى حبه في قلب امرأة فرعون ؟ الله عز وجل ، إذاً الله مهيمن .

هذه القصص كلها تؤكد أسماء الله الحسنى ، سيدنا يونس لا أعتقد مهما ضاقت بكم الأمور في الدنيا ، لا أعتقد أن هناك مصيبة على وجه الأرض ، تفوق أن تكون في ظلمة بطن الحوت مع ظلمة البحر مع ظلمة الليل ، في ظلمة بطن الحوت ، فإذا فتح الحوت فمه جمع أربعة أطنان من السمك كوجبة عشاء معتدلة ورضعته ثلاثمائة كيلو غرام من الحليب فتكون ثلاث رضعات ألف كيلو غرام ، كل يوم يحتاج إلى طن حليب ، والحوت تقريبا وزنه مائة وخمسون طناً ، فجوفه غرفة، فسيدنا يونس نبي عظيم . فجأة يجد نفسه في ظلمة بطن الحوت وفي ظلمة الليل وفي ظلمة البحر

(سورة الأنبياء )

يا ترى هل في بطن الحوت جهاز فاكس أو جهاز تلكس أو هاتف أو إشارة أو كبل ماذا يوجد ؟ لا يوجد شيء ، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين :

(سورة الأنبياء )

ألا ترتاح نفسك إلى هذه القصة ؛ التي ختمت ببشارةٍ لكل مؤمن : "وكذلك ننجي المؤمنين " ففي أي عصر وأي زمان وفي أي مصر وفي أي ظرف مهما كان شديدا ، الله مهيمن، أنت كن مع المهيمن وارتح مطمئناً إلى سلامة المصير .

انظر إلى الطفل الصغير وهو في حضن أمه لا يتكلم بشيءٍ إِطلاقا ، الأب يتمزق لتأمين المازوت ولتأمين الأدوات المدرسية والابن مرتاح يريد المجموعة الفلانية والفلانية والفلانية يعطي الطلبات وهو مرتاح ، والأب يتمزق لتأمين هذه الأغراض فإذا كان الشخص مع المهيمن فهو على كل شيء قدير .

سيدنا زكريا لم يتكلم ، على موضوع المهيمن قال :

(سورة مريم )

جرب ابقَ صامتاً واطلب من الله طلباً بصدق وبإخلاص والطلب معقول من خيري الدنيا والآخرة ، واجهد أن تبقى صامتا من دون أي كلمة بداخلك ، تجد أن الله استجاب لك معنى هذا أنه سمعك وعلم سرك القضية لا تحتاج لرفع الصوت

(سورة مريم )

نداؤه الخفي اخترق السَّبعَ الطباق فاستجاب الله لسيدنا زكريا لأن الله مهيمن .

في غزوة حنين ، أصحاب النبي الذين خاضوا معه بدرا وأحدا والخندق و...... أصحاب رسول الله وهم ساكتون لم يتكلموا إِطلاقا ويوم حنين :

(سورة التوبة:الآية 25 )

لن نغلب اليوم من قلة عشرة آلاف صحابي ومعهم رسول الله بعد أن فتحوا مكة ودانت لهم الجزيرة من طرفها إلى طرفها الآخر ومع ذلك :

(سورة التوبة )

الله المهيمن ، علم إعجابكم بأنفسكم فألقى في قلوبكم الخوف وقلوبكم في يدي الله . إمّا أن يملأها خوفا وإما أن يملأها طمأنينة ، القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء ، الله مهيمن .

الأمر كله بيد الله ، سيدنا رسول الله بغار حراء و سيدنا الصديق إلى جانبه قال: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا ، فقال : يا أبا بكر ما رأيك باثنين الله ثالثهما ، وفي المرة الثانية أصعب فقال له : لقد رأوني أي لقد وقعت عين أحد المطاردين على عين أبي بكر عين بعين فقال : لقد رأوني ، قال : يا أبا بكر ألم تقرأ قوله تعالى :

(سورة الأعراف )

الله مهيمن ، دعوة إسلامية عظيمة حفظها الله بخيوط العنكبوت ، وهذا من عظمة قدرة الله عز وجل أنه يحفظ أعظم شيء بأتفه سبب ، الله مهيمن ، وأحيانا يهلك إنسان بأتفه سبب ، يحفظه بأتفه سبب ، ليظهر لك كمال قدرته عز وجل .

في غزوة الأحزاب ، الجزيرة العربية كلها اجتمعت على حرب محمد عليه الصلاة والسلام واليهود خانوا عهده معه وانكشف ظهره وبقي للإسلام ساعات ، بقي الإسلام قضية زمن إلى أن قال أحدهم: أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته ، الله عز وجل أرسل رياحاً عاتية أطفأت نارهم واقتلعت خيامهم وقلبت قدورهم وكفى الله المؤمنين القتال ، الله مهيمن ، كل شيء بيده ، الرياح بيده وصدق الله العظيم :

(سورة المدثر)

منخفض جوي يمنع الرؤية ... بيده ، رياح عاتية يعطل حركة الآليات ... بيده ، القلوب ... بيده ، يلقي فيها الخوف أو عدم الخوف .... بيده ، كل شيء ... بيده ، باخرة من أضخم البواخر في العالم بنيت عام ألف وتسعمائة واثنتي عشرة ، وقد بنيت طبقتين فلو ثقبت طبقة فالجدار الآخر يمنع غرقها ، بنيت بلا زوارق نجاة ثقة بأنها لن تغرق ، طبعت نشرة وكُتب في هذه النشرة : إن القدر لا يستطيع إغراق هذه الباخرة ، من أفخر البواخر في العالم . قيل : فيها من الأثاث ومن الثريات ومن الفضيات ما لا سبيل إلى وصفه ، المطاعم والصالات والأبهاء والغرف والمسابح .... أي هي مدينة عائمة ، وفي أول رحلة من رحلاتها ركب فيها أغنى أثرياء أوربا ، ويقال بأن حلي النساء تقدر بمئات الملايين ، وفي عرض البحر ارتطمت بجبل ثلجي فشقها شطرين، وأرسلت إشارات الاستغاثة فظن كل من حولها من البواخر أن هذه الإشارات تعبير عن احتفالات تدشين السفينة وغرق جميع ركابها ، وقبل سنة كما أذكر قرأت بحثا في مجلة العربي عثروا على مكانها ورأيت صورا لها في قاع البحر هذه الباخرة التيتانيك ، قال وقتها أحد القساوسة : هذا درس السماء إلى الأرض.

قبل سنوات ، دولة متقدمة جداً ممن يقول أهلها : مَنْ أشدُّ منّا قوة ، صنعوا مركبة فضائية من المقرر أن تبقى في الفضاء سنة تقريبا ، سبعة روّاد فضاء مع امرأة ، والخطة أن تحمل هذه المرأة في الفضاء من أحد الرواد وأن تبقى في الفضاء تسعة أشهر وأن تلد في الفضاء ومعهم مُوَلِّد في المركبة ليكون أول مولود يولد في الفضاء ، وسَمَّوا هذه المركبة تشالنجر أي المتحدي ، بعد سبعين ثانية من إطلاقها أصبحت كرة من اللهب . منْ المهيمن ؟ ألم يقوموا بالعد التنازلي ، ألم يضبطوا الأجهزة جهازاً جهازاً ، أين المهيمن ؟ الله سبحانه وتعالى ، كن مع المهيمن وارتح بالاً .

صديق لي حدثني أنه زار بستان في أحد أطراف دمشق والبستان مؤلف من قطعتين لأخوين شقيقين ، وكان قمح الأخ الأول نامياً نمواً عجيباً ، وقمح الآخر نموه ضئيل جدا ، وهذا الصديق يعرف الله عز وجل فجاء للأول واستحلفه لماذا بستانك هكذا ؟ قال: والله أعتني به كما يعتني أخي ببستانه ، بل إن الذي يقوم على البستانين مُرابع واحد ، ما السر؟ قال : لي أخ آخر متوفى وله أولاد أيتام ونويت في قلبي أن أعطي أولاد أخي الأيتام نصف غلة هذا البستان ، والثاني على عكس الأول ، هذه القصة تؤكد أن الله علم نية هذا البستاني فضاعف له غلته وعلم نية هذا فأنقصها هذا الآخر معنى المهيمن يعلم ويفعل .

وكذلك صديق آخر حدثني عن مجموعة مزارع في أطراف دمشق وهنالك بعض الرعاة الذين عندهم قطعان غنم يأتون لهذه المزارع لتشرب الغنم ، فيطردون هذا الراعي مع غنمه ، من هذه المزارع مزرعة واحدة تستقبل أيَّ راع وتسقي الغنم بنفس طيبة ، أقسم لي رجل في هذه المنطقة أن سبعة مزارع جفت آبارها إلا هذا البئر حصرا والعائد لهذه المزرعة، ولم يكتفِ بأنه سمح للرعاة بل بنى أحواضاً كي ترتاح الغنم في أثناء شربها ، لقد اشترى أحواضاً إكراماً لمن ؟ الله مهيمن : النبع بيده وتشالنجر بيده وتيتانيك بيده والسحاب بيده والبواخر بيده والحوت بيده ، كل شيء بيده ، فأحيانا الإنسان يكون في مكان فاقداً حريته وهو في مكان ناءٍ يخرج فيه ثعبان ، وهذا الإنسان مؤمن على الأعم الأغلب تجد الثعبان واقفاً ولا يتحرك ولا ينقض عليه ، أحياناً تجد كلباً عقوراً بقي بلا طعام أياماً عديدة فإذا واجه إنساناً تقياً يقف مكبَّلا مَنْ المهيمن ؟ الله عز وجل .

الله عز وجل يقول :

(سورة الزمر )

يقول لك سيطرة ، الله هو المسيطر ، كلُّ شيء خلقه اللهُ مُسيطِرٌ عليه ، ولم يخلق شيئاً وتركه هملاً ، لذلك :

(سورة الزمر )

أحيانا الحريق ، ينشب حريق في بعض أسواق دمشق ويأكل الأخضر واليابس في معظم الحوانيت إلا حانوتاً واحداً ، تلتف النار حوله ولا تحرقه ..... بيده النار .

قبل خمسين عاماً في هذه البلدة جاء جراد أكل الأخضر واليابس ، يقول لي رجل توفي رحمه الله كان مكلفاً بضبط هذا الأمر ومراقبة أصحاب البساتين في جمع الجراد قال : رأينا الأشجار بلا قشر، الجراد أكل أوراقها وثمارها وقشرها الخارجي ، ولكننا فوجئنا ببستان كأنه روضة من رياض الجنان ، دخلنا عليه وطلبنا صاحبه ، قلنا ما هذه؟ فقال : أنا أستعمل دواء ، فامتلأنا غضباً وغيظا منه ، معك دواء وتمنعه عن المسلمين ، قال : يا سيدي هذا الدواء لا يستعملونه ، هو الزكاة أنا أزكي عن هذا البستان .

هذه مشاهدات من واقع الناس وحياتهم . آلاف وملايين كل شيء بيد الله عز وجل ، فالبطولة أن تعرف الله أن تعرفه هو المهيمن ، إذا عرفته مهيمنا انقطعت آمالك ممن سواه ، لا تتوسل لغيره ، أنت فيما بينك وبينه في منتهى الخضوع في منتهى التذلل في منتهى الافتقار . إذاً أنت في جانبك الأمن كله .

أما مع الناس عزيز ، إذا لم تعرفه مهيمنا وظننت بأن زيدا مهيمنا تصبح أمام زيد كالطفل الصغير ، تبالغ في التذلل له ويبالغ في إهانتك تبالغ في الخضوع له ويبالغ في دوسك بقدمه لذلك

" من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ".

السؤال الآن أنت كمؤمن وهذه الفقرة الثالثة ، الفقرة الأولى التعاريف النظرية لاسم المهيمن ، كمال العلم وكمال القدرة والاستمرار ، وهيمنة الله هيمنة حب وشفقة ورحمة وهيمنة حفاظ وهيمنة تصديق ، ثلاث فقرات بالتعريف وثلاث إضاءات على هذا التعريف ، هذا القسم النظري والقسم العملي شواهد :

أخ كريم أصيب قلبه بآفة ، والأطباء هنا بدمشق أجمعوا أنه لا بد له من إجراء عملية في بلد أجنبي ، ذهب إلى هناك وهو على طاولة الفحص ، اغرورقت عيناه بالدموع وقال : يارب هذا القلب من صنعك وأتمنى أن لا يفتح وبكى ، أجري الفحص الأول ، الوضع سليم ، هذه القصة منذ اثنتي عشرة سنة ، وإلى الآن بأتم صحة ، هذا الدسام التاجي الشريان الأبهر والشريان التاجي ، الشرايين الفرعية التي كانت مسدودة من الذي قام بفتحها ؟ يد من فتحتها ؟ الله مهيمن على قلبك .

وهذه الكُلْية توقفت عن العمل ، لماذا توقفت ؟ من أوقفها ؟ ومن حركها ؟. الله مهيمن ، تأكد أن الأعصاب والكليتين والقلب والرئتين والشرايين والمعدة والأمعاء والقنوات الدائرية والسمع والبصر واللسان كل أعضائك بيد الله :

(سورة آل عمران )

هذه الخلايا من الذي يمنعها من أن تنمو نمواً خبيثاً ؟ الله عز وجل ، ليس هنالك سبب واضح للسرطان حتى الآن ، إنسان بأتم قوته وبأتم صحته وبأتم نشاطه ، غذاء منتظم ، رياضة حركة ، فجأة نمو خبيث في جهة بجسمه ، عظَّمَ الله أجركم .

من المهيمن على هذه الخلايا ؟ يمنعها من أن تنمو نمواً خبيثا أو أن لا تنمو ، الله عز وجل .

حتى الزوجة بيد الله عز وجل ،الإمام الشعراني يقول :

" أنا أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي "، أياما تجدها مَلَكَاً . سبحان الخالق، ملكاً من السماء ، وأياماً تفكر بهذه الساعة المشؤومة التي تعرفت بها عليها ، بيد الله عز وجل يلين قلبها أو يقسو قلبها ، يجعلها مطواعة أو عنيدة بيد الله عز وجل .

حتى الأولاد : حالهم الشيء نفسه ، وزبائنك ومتجرك ورؤساؤك في الدائرة ومتبوعوك ومركبتك إذا أثنيت عليها وأثنيت على صانعها ونسيت الله أثناء حديثك عنها تقطعك في الطريق أمرها بيد الله عز وجل ، أما الزلازل الجراثيم النبي قال :

" لا عدوى "

لكن هناك عدوى ، ما معنى هذا الحديث ؟ أي إياك أن تعزو هذا الفعل إلى زيد أو عبيد ، يجب أن يعزى المرض إلى الله عز وجل ، فإذا أذن الله تفعل هذه الجراثيم فعلها وإن لم يأذن لا تفعل أبدا .

هذا القسم العملي وبقي القسم التطبيقي الأخير .

المؤمن إذا أردناه أن يتخلق بأخلاق الله يجب أن يعرف أحوال نفسه ، يعرف نفسه ، هل هي مريضة فيها انحراف وفيها كِبْر وفيها عُجْب وفيها غرور وفيها تجاوز للحدود ؟ إيمانه بالله كافٍ أم غير كافٍ ؟ يجب أن يعلم ، أحوال قلبه ، أحوال نفسه ، أن يعلم دخله وإنفاقه للمال ، تعامله مع الآخرين جوارحه مدى انضباطها ، مِنْ تخلُّق المؤمن بأخلاق الله المهيمن أن تعلم أنّ أحوالك مرضية عند الله أم غير مرضية ، مستقيم أم غير مستقيم ، يوجد بدخلك شبهة ، يوجد بعلاقاتك حرمة ، يوجد تقصير بالحقوق يجب أن تعلم ، ولن تعلم إلا إذا حضرت مجالس العلم لأن العلم بالتعلم ، هذه حرام يا أخوان وهذه حلال ، هذا يجوز وهذه صفة مذمومة وهذه صفة ممدوحة ، فأنت من حضور مجالس العلم تعلم فإذا تعلمت فقد حققت ثلث اسم المهيمن ، الآن يجب أن تسعى كي تطهر نفسك من آفاتها ، الجوارح من المعاصي ، القلب من السوّى ، تطهير القلب مما سوى الله ، تطهير الجوارح من معاصي الله تطهير الفكر من عقائد زائغة من خرافات من أوهام ، من خزعبلات ، من حيل ، من تزوير ، يجب أن تطهر عقلك من كل عقيدة زائغة ، وتطهر جوارحك من كل معصية وعليك أن تطهر قلبك مما سوى الله ، هذا من تطبيق اسم المهيمن ، أي أنه راقبَ قلبَه وأشرف على أغواره وأسراره واستولى على تقويم صفاته وهيئاته وقام بحفظها على الدوام ، تصرفاته ، نوبات نوبات ، في يوم الجمعة مرتاح أو منشرح ، السبت تفسد أخلاقي والأحد لا أصلي تأتي الجمعة أنت غير متخلق بأخلاق الله ، عندك اتجاه نوبي .

يجب أن تعلم أحوالك ، يجب أن تقوّم أفعالك ، يجب أن تثبت على هذه الاستقامة التامة ، أنت عاهدت الله عز وجل العلم والإصلاح والثبات .

الأرقى من ذلك أن تدعو إلى الله وأن تعلم أحوال إخوانك أن فتسعى إلى تقويمهم وأن تبقى على عهدك مع الله من خلال تعاملك معهم .

أَنْ تصلح نفسك من معاني قوله تعالى :

(سورة الأنفال )

أصلح نفسك ، كيف تصلحها إن لم تعرف أمراضها إن لم تعرف انحرافاتها، إن لم تعرف تقصيرها ، إن لم تعرف أدرانها إن لم تعرف مشكلاتها ، إن لم تعرف مخالفاتها . المعرفةُ أساس ، إذاً تحتاج إلى علم كي تعرف ، وإلى إرادة كي تُصَحِّح ، وإلى صدق كي تستمر ، إذا فعلت هذا فقد تخلقت بأخلاق المهيمن .

وبعدُ ، مادام الله يراقبك ، فما موقفك أنت ؟ الحياء من الله ، من تطبيقات اسم المهيمن أن تستحي من الله ، الله يراقبك يجب أن تستحي منه ، الله قوي يجب أن تتوكل عليه ، لا شريك له يجب أن تثق بالمستقبل :

(سورة الرعد :الآية 11)

ثلاثة تطبيقات يجب أن تعلم أحوال قلبك وأحوال نفسك وأحوال عقيدتك تصوراتُك قِيَمُك يجب أن تصححها ، لا بد من حضور مجالس العلم ، يجب أن تملك إرادة قوية كي تصلح اعوجاجك ، كي تقيم جوارحك على طاعة الله ، يجب أن تملك الصدق كي تستمر على هذا ، علم وإرادة وصدق هذا أول تطبيق .

ثاني تطبيق : مادام الله شهيداً عليك يجب أن تستحي منه

(سورة النساء)

ومادام الله مسيطراً يجب أن تتوكل عليه ، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ومادام الله لا شريك له وقال لك :

(سورة الرعد :الآية 11)

إذاً يجب أن تثق بالمستقبل ، وأن الله عز وجل مادمت لم ُتغَيّر لن يُغَيّر ، مادمت على طاعته قائما فأنت من خير إلى خير ومن درجة إلى درجة ومن منزلة إلى منزلة ومن رقي إلى رقي ، هذا اسم المهيمن أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت إلى توضيح تعريفاته وتطبيقاته وشواهده .

والحمد لله رب العالمين

ونقول يامهيمن يالطيف
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وصفية عيسي
 
 
avatar


عدد المساهمات : 719
تاريخ التسجيل : 25/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالثلاثاء 12 أبريل 2011, 9:28 am

اللهم اجعلنا من يحصون ويحفظون اسماءه جل جلاله ويدعون به ليل نهار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شريف عبد المتعال
 
 
شريف عبد المتعال


الموقع : ايطاليا
عدد المساهمات : 3801
تاريخ التسجيل : 01/01/2011

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأربعاء 13 أبريل 2011, 9:19 pm

--------------------------------------------------------------------------------

العلاج بأسماء الله الحسنى
منقول

أكتشف د.ابراهيم كريم مبتكر علم البايوجيومترى أن أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية
لعدد ضخم من الأمراض وبواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس الطاقة داخل
جسم الإنسان ,واكتشف أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناعة
للعمل بكفاءة مثلى في عضو معين بجسم الأنسان واستطاع د.ابراهيم بواسطة تطبيق قانون
الرنين أن يكتشف أن مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي الى تحسين في مسارات
الطاقة الحيوية داخل جسم الإنسان، وبعد أبحاث استمرت 3 سنوات توصل د.ابراهيم الى مايلي:-

اسم المـرض اسم اللـــــــه
اسم المـرض اسـم اللـــــه
1. الأذن السمـــــــــيع 2. العظـــــــــام النـــــــــــــــافع
3. العمود الفقري الجبـــــــــــــار 4. الركبــــــــة الــــــــــــرؤوف
5. الشعـــر البديــــــــــــــع 6. القـــــــــــلب النــــــــــــــــور
7. العضلات القـــــــــــــــوي 8. أوردة القلب الوهـــــــــــاب
9. عضلة القلب الـــــــــــــرزاق 10. الأعصــاب المغنـــــــــــى
11. الشريــــــان الجبــــــــــــــــار 12. المعــــــــــده الــــــــــرزاق
13. السرطـــــان جل جلالــــــــــه 14. الغدة الدرقية الجبــــــــــــار
15. الفخــــــــــذ الــــــــــــرافع 16. الصداع النصفي الغنــــــــــــي
17. الشرايين بالعين المتعـــــــــــال 18. الكـــــــــــلى الحـــــــــــــي
19. القـــولـــون الـــــــــــــرؤوف 20. الأمعــــــــاء الــــــــــــرزاق
21. الكبـــــــــــد النافـــــــــــــــــع 22. البنكريـــــاس البــــــــــــارئ
23. اكياس دهنية النافـــــــــــــــــع 24. الرحــــــــم الخالــــــــــــق
25. المثانــــــــه الهـــــــــــــــادي 26. الروماتيزم المهيـمــــــــن
27. البروستاتـــة الرشيــــــــــــــد 28. عصب العين الظاهـــــــــــر
29. الغدة الصنوبرية الهــــــــــــــادي 30. ضغط الدم الخافـــــــــض
31. الرئـــــــــــة الــــــــــــــرزاق 32. الغدة الثيموسية القـــــــــــــوي
33. الغدة فوق الكلوية البــــــــــــــــارئ 34. قشر الشعر جل جلالــــــــــــه
35. الجيوب الأنفية اللطيف – الغني - الرحيم 36. العين النور – البصير - الوهاب


ويشير الدكتور إلى انه أول شخص تجري عليه الأبحاث حيث عالج عينيه من الالتهاب
وانتهى بنطق التسبيح باسم النور والبصير والوهاب وخلال عشر دقائق تم الشفاء وزوال
احمرار العين، ويلاحظ أن نفس أسماء الجلالة تستخدم للوقاية ايضا ,وقد اكتشف ان طاقة
الشفاء تتضاعف عند تلاوة ايات الشفاء بعد ذكر التسبيح بأسماء الله الحسنى ومن هذه الايات
قولة تعالى (فيه شفاء للناس),(ونزل من القران مافيه شفاء ورحمة),(وشفاء لما في الصدور)
(واذا مرضت فهو يشفين)......

طريقة العلاج :-
وضع اليد على مكان الألم وذكر التسبيح الى ماشاء الله..ويكرر ذلك حتى يزول الألم باذنه تعالى...
والله الشافـــــــي ..


أسال الله القدير الشفاء لكل مريض
أستغفر الله وأتوب إليه
سبحان الله وبحمده
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://shareef.forumattivo.it/
طارق عبد الوهاب أحميدى
 
 
طارق عبد الوهاب أحميدى


عدد المساهمات : 610
تاريخ التسجيل : 08/12/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالخميس 14 أبريل 2011, 12:52 pm

اللهم اجعل هذة التنذكرة فى ميزان حسنات من كتبها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالخميس 05 مايو 2011, 11:16 pm


الدرس التاسع

منقول....


رحاب الله (أسماء الله الحسنى)"العزيز"......
"بسم الله الرحمن الرحيم"

"رحاب الله".. " من أسماء اللله الحسنى"..
الحمد لله الذي لا إله إلا هو،خلق السموات والأرض وله الأسماء الحسنى،ماأحلى أن نعيش في رحاب الله مع نفحات إيمانية وصفات ربانية لنشعر بحلاوة الإيمان الذي يقربنا من الله سبحانه وتعالى .. وما أروع أن يكون القلب صافياً ومعلقاً بالخالق تبارك وعلا ،يناجيه ويدعوه ويخشع له إيماناً وتعظيماً لقدسيته وإعترافاً بوحدانيته سبحانه وتعالى.
في هذه المساحة نبحر مع أسماء الله الحسنى لنتعرف أكثر على هذه السمات والصفات التي إختص بها يبحانه وتعالى والتي من شأنها أن تقرب العبد إلى ربه إذا ماكانت ضمن الزاد اليومي للمسلم، إضافة العودة إلى تراثنا من خلال عقيدتنا وتاريخنا وتراثنا ومواقف رسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم" ، وقصص وحكايا الصالحين ، لنعيد لأنفسنا ذكريات السلف الصالح لعلنا نخطو على دربهم انحقق لأنفسنا الراحة والسعادة في الدنيا والآخرة.
(العزيز).....
من العز ، وهوالقوة والشدة والغلبة والرفعة ، وكل ممتنع عزيز والعزيز القوي والنادر.
ذكر لفظ العزيز في القرآن الكريم كصفة من صفات الذات الألهية تسعا وثمانين مرة جاءت بمعنى الذي لا يقهر أو لامثيل له ولا نظير ، وجاءت مقرونة بصفة من صفاته مثل الحكيم نحو قوله: ((وهو العزيز الحكيم))"الروم"(27).
والرحيم: ((وإن ربك لهو العزيز الرحيم))"الشعراء"(9).
والعليم: ((وهوالعزيز العليم))"النمل"(78).
والغفور أو الغفار: ((إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور))"فاطر"(28) ، ((رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار))"ص"(66).
والقوي: ((إن الله قوي وعزيز))"المجادلة"(21).
والمقتدر: ((فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر))"القمر"(42).
والحميد كقوله تعالى: ((وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد))"البروح"(Cool.
وكما أثبت سبحانه وتعالى لنفسه صفة العزة فقد خص بها رسوله والمؤمنين بقوله تعالى: ((ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين))" المنافقون"(Cool
والعزة:هي الغلبة والحمية والأنفة
قال الغزالي في المقصد الأسني: (العزيز هو الخطير الذي يقل وجود مثله وتشتد الحاجة إليه ويصعب الوصول إليه ، فإذا لم تجتمع له هذه المعاني الثلاثة لم يطلق عليه اسم العزيز).
وقال القشيريمن آداب الشخص العزيز أنه لا يعتقد لمخلوق سوى الله عزة وإجلالاً، بجانب عزة الله وجلاله سبحانه وتعالى ، ولهذا يقول الرسول "صلى الله عليه وسلم" من تواضع لغني لأجل غناه ذهب ثلثا دينه) ، والعزة عند الانسان فضيلة إذا إستظلت بظل الله وطاعته ولاذت بحماه فهو العزيز الذي تشتد ،إليه الحاجة ويصعب الوصول إليه، وهو القوي الذي لا يجوز عليه المكر وهوخير الماكرين.
أخرج أبو داوود في باب "الرقي"عن عثمان بن أبي العاص أن النبي "صلى الله عليه وسلم"كان يقول: ((أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد)). فالله وحده هو العزيز القوي والكل له عبيد: عزيز ، وكل العاملين عبيد تفرد فوق العرش وهو مجيد
له الملك تعنو الكائنات لنوره قريب إليها في الوجود بعيد
له الأمر لا شيء من الخلق كلهم يريد إذا كان العزيز يريد.

ونقول ياعزيز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالخميس 05 مايو 2011, 11:29 pm


الدرس العاشر...الجبار


الجبـــــــــار

جبر فلان فلانا أي أغناه من فقر أو أصلح عظمه من كسر , وجبر الله فلانا أي سدحاجته .. وأجبره على الأمر أي أكره عليه . وكلمة جبار بدون ألف ولام التعريف تستخدم كصفة من صفات الأفراد , وفي هذه الحالة تكون بعني القهر والطغيان .. فهي في حق الإنسان صفة ذميمة , ويتجلى ذلك في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى Sad وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) وقوله تعالى : ( وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) وقوله تعالي : (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) ولذلك ينفي الحق جل وعلا عن نبيه يحيى عليه السلام هذه الصفة فيقول : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا* وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا*وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا* وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) كما نفاها أيضا عن نبيه عيسى عليه السلام فقال عليه لسانه : (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) ونفي الجبر هنا هو نفي للطغيان والقهر والتحكم في مخلوقات الله عز وجل لمنافع وأهواء شخصية .

أما الجبار بألف ولام التعريف فهو اسم من أسماء الله الحسنى .. وإن كانت صفة الجبر كوصف للمخلوق صفة ذميمة , فهي في حق الله عز وجل من الصفات الواجبة لكماله المطلق لأنها تعني أن الحق جل وعلا يجبر كسر عباده , فهو تبارك وتعالى الذي جبر الفقير حين شرع الزكاة والصدقات وجعل الحسنة بعشر أمثالها وبسبعمائة ضعف قابلة للزيادة . وعلمنا أن الصدقة توضع في يده قبل أن توضع في يد الفقير . وهو الذي جبر المريض حين جعل له أجرا إذا تقبل البلاء بالصبر والرضاء بقضاء الله عز وجل , وجعل زيارته زيارة له عز وجل . وهو الذي جبر عباده الطائعين له بأن يتولاهم برعايته وحفظه فيشعرون أنه عز وجل معهم في كل وقت وحين كمثل الضرير الفقير الذي يعبد الله حق عبادته ويتوكل عليه حق التوكل .. كان إذا وضع يده في جيبه يبحث عن مبلغ من المال ليقضي به حاجة في نفسه .. إما أن يجد مبلغا من المال لا يذكر من أين أتاه , أو يأتيه من يرد عليه السلام فيعطيه من المال ما يغطي حاجته . ومن معاني الجبار أيضا أنه سبحانه وتعالى قاهر يدين له كل شيء ويخضع له من سواه . والجبر بهذا المعنى ليس وصفا ذميما في حق الله عز وجل , لأنه تبارك وتعالى منزه عن كل ما يناقض كماله المطلق ... فالجبروت البغيض المذموم هو أن تقهر إنسانا عل مالا يريد , والحق تبارك وتعالى لا يفعل ذلك .. وإذا قهر جل وعلا مخلوقا على شئ فثق أن في هذا القهر مصلحة حتى وإن عجزت عن إدراكها . خذ على سبيل المثال : جسم الإنسان والذي يتكون من عدة أجهزة كالجهاز الهضمي والتنفسي والعصبي وخلافه .. تجد أن هذه أجهزة مقهورة قهرا إلهيا على العمل بالنحو الذي تعمل به . فالقلب مثلا يعمل بلا أدنى تدخل من الإنسان , كما أن الإنسان لا يستطيع أن يوقف قلبه عن العمل , وهكذا شأن سائر الأجهزة .. كلها تعمل بنظام ثابت ومحكم بلا تدخل من الإنسان لأنها مقهورة على أن تقوم بهذا العمل أو ذاك , فالقهر هنا نعمة من نعم الله عز وجل على الإنسان وينبغي أن نحمده على جبروته الذي أخضع له هذه الأجهزة . وإذا تأملت أيضا النظام الكوني وعلى وجه الخصوص المجموعة الشمسية تجد أن الشمس تدور حول نفسها بسرعة معينة .. كذلك الأرض وسائر الكواكب الأخرى تدور حول نفسها بما يترتب على ذلك من تعاقب الليل والنهار وتدور أيضا حول الشمس بما يترتب على ذلك من تعاقب فصول السنة . وهذه الدورات تتم في تناسق معجز يكفل انتظام تعاقب الليل والنهار وانتظام تعاقب فصول السنة .. ما الذي يجعل هذه الكواكب والتي هي أجسام جامدة تسير كأنها كائنات عاقلة حكيمة .. إنه الجبروت الإلهي .. الذي أخضع هذه الأجسام للإرادة الإلهية .. وهذا أيضا يستلزم منا الحمد لله عز وجل , لأنه لو لم يقهر الكون على هذا العمل المحكم المنظم لما دامت لنا حياة على الأرض . فالجبار كاسم ووصف من أوصاف الحق عز وجل يمثل صفة من الصفات الواجبة لكماله المطلق عز وجل . وإذا كان الجبر يرادف القهر في أحد معانية .. فإنه قهر يحقق النفع والمصلحة للإنسان ويدفع عنه الضرر . ومن معاني الجبروت أيضا أن الحق جل وعلا يمهل الظالم ويمد له مدا لعله يتذكر أو يخشى , فإذا أصر على ظلمه وتمادي في عناده أخذه تبارك وتعالى أخذ عزيز مقتدر .. وقد رأينا ذلك في قصة قارون والتي أخبرنا الحق عز وجل عنها فقال : ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ* وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ* قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ* فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ*وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ*فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ* وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) سورة القصص. وكذلك أخذ الله عز وجل بجبروته قوم لوط حين أصروا على الفاحشة فكانوا يأتون الرجال ويقطعون السبيل ويفعلون المنكر , وأخبرنا المولى عنهم فقال : (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ*وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ* قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ*وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ*إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ* وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) سورة العنكبوت ورأينا كيف أخذ الله عز وجل فرعون وقومه بجبروته حين أصروا على العناد والكفر وفي ذلك يقول جل وعلا : ( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى* فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشَِهُمْ* وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) سورة طه .إن الجبر الإلهي بكل معانيه صفة من صفات الكمال الإلهي المطلق .. ولا يستعمل الحق جل وعلا جبروته في موضع إلا تحقيقا لخير أو دفعا لشر .. وهو سبحانه مستحق للحمد على جبروته كما هو مستحق الحمد على رحمته ومغفرته وكرمه . فهو كما أخبر عن نفسه : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) سورة الحشر

ونقول ياجبار


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالجمعة 06 مايو 2011, 12:11 am


الدرس الحادي عشر....المتكبر





تفسير القرآن للشعراوي
أسماء الله الحسنى - المتكبر


كبر بفتح الكاف وكسر الباء أي أسن أو تقدم في العمر وكبر بفتح الكاف وضم الباء أي عظم وتعالى . والكبر أو الكبرياء تعنى العظمة أو العلو والرفعة . والمتكبر كوصف للعبد صفة ذميمة , ولكنها صفة من صفات المدح الواجبة للكمال الإلهي المطلق . فالعبد الذي يتكبر أي يتعاظم إنما يتكبر ويتعاظم على غيره من العباد , وهذا تكبر بلا مقتضى وبلا سند , فالناس سواسية كأسنان المشط مهما اختلفت درجاتهم , فاختلاف الدرجات والرتب لا يخرج أحدا عن كونه إنسانا , وكلنا في هذا الوصف سواء , وهو اختلاف لا يجعل أحدنا أعظم من أخيه , لأنه اختلاف لا فضل لنا فيه , إذ مرجعه إلى إرادة الله عز وجل وحكمته التي ذكرها في قوله تعالى : ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) إن الآية الكريمة صريحة في أن الله عز وجل رفع بعضنا فوق بعض درجات , فلا فضل لنا إذن في ذلك , وإن قال أحد : إنما أوتيته على علم عندي أو عمل قمت به فإننا نقول له إن علمك وعملك أيضا هبة من الله عز وجل , وقد أراد سبحانه بهذا التفاوت أن يجعل كلا منا مسخرا للآخر . ولا يظن أحد أن هذا التفاوت يتنافى مع العدل الإلهي , ومن يظن ذلك فإننا نقول له : إنك فهمت الآية فهما خاطئا , لأن الله سبحانه وتعالى لم يقسم عباده قسمين .. قسم مسخر , وقسم مسخر , بل جعل كلا منا مسخر ومسخر في آن واحد , فالذي يعمل في تسليك المجاري ودورات المياه مسخر للطبيب والمهندس وغيرهما , وفي نفس الوقت فإن الطبيب والمهندس وغيرهما مسخرون لخدمة عامل المجاري .. بل إن ما يبذله عامل المجاري في عمله وما يرقيه من عناء لا يمثل مثقال ذرة مما عاناه الطبيب أو المهندس من الكد والعناء طوال سنوات الدراسة وتحصيل العلم الذي يمكنه من أداء الخدمة التي يؤديها لهذا العامل . فالكل إذن مسخر ومسخر وفقا لمعنى الآية السابقة , ومن أسباب التفضيل أيضا قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) وهذه حكمة أخرى لتفاوت الدرجات ألا وهي الابتلاء , فالغنى مثلا يبتلي فيما أوتي من سعة الرزق .. هل سيخرج زكاة ماله ويؤتي الصدقات أم يكنز الأموال ؟ والفقير يبتلى هل سيصبر على ضيق ذات اليد .. أم يعترض ويسخط ؟ وهكذا الشأن في سائر النعم والنقم !! فإذا كان التفاوت بين العباد حادثا بإرادة الله عز وجل ولحكمته , وليس لنا فيه فضل , فإنه لا يصح أن يتصور أحدنا أنه أعظم أو أكبر من أخيه , ومن يتصور ذلك فهو متكبر , والتكبر في حقه صفة ذميمة , لأنه أراد أن يصف نفسه بما ليس لها , فمهما أوتي الإنسان من زينة الدنيا فهو إنسان وهو عبد الله عز وجل , ولن تخرجه ممتلكاته عن هذا الوصف , وقد أوضح لنا الحق جل وعلا موقفه من المستكبرين من خلقه وأوضح لنا جزاءهم يوم القيامة فقال سبحانه : ( الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وقال عز وجل : ( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وقال الحق سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) وقد مدح الله عز وجل عباده الذين لا يستكبرون عن عبادته في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى : (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) سورة السجدة أما المتكبر كاسم من اسماء الله عز وجل وصفة من صفاته , فإنه من مقتضيات الكمال الإلهي المطلق , وهو لا يعني أن الحق تبارك وتعالى يتكبر على عباده كما يفهم السطحيون , وإنما يعني أنه جل وعلا عظيم بذاته ومتعالي فوق عباده بحكم كونه الخالق الموصوف بصفات الكمال المطلق وبحكم كونهم المخلوقين من العدم والقائمين به عز وجل ولا قيام لهم بدونه . والحديث عن الصفات الإلهية دون فهم معناها يوقع في الخطأ الجسيم والضلال المبين , وقد سمعنا من قبل مقولة أحد المستشرقين : أنه في الوقت الذي تصف فيه عقيدتنا السمحاء الخالق بالتواضع المطلق فإن الإسلام يصفه بالكبرياء المطلق , وهذا القول إن دل على شيء فإنما يدل على جهله بمفهوم الصفات الإلهية في الإسلام , فمفهومه للتكبر والتواضع بالنسبة لله عز وجل كمفهومة للتواضع والتكبر بين الناس , وشتان بين هذا وذاك . إن العلاقة بيننا وبين الله عز وجل فيما يتعلق بالتكبر والتواضع هي أن الحق تبارك وتعالى هو المتكبر أي العظيم بذاته والمتعالي بذاته ونحن المتواضعون له فإذا أردنا أن نتكبر على بعضنا البعض أو عليه عز وجل فقد خرجنا على مقتضى التواضع الذي هو صفة لصيقة بنا وهذا محرم شرعا , وقد قال جل وعلا في الحديث القدسي : العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما ألقيته في النار .. بينما التواضع في حق الله عز وجل خروج على مقتضى العظمة الذاتية والعلو الذاتي له جل وعلا , وهو تكلف غير جائز على الله تبارك وتعالى , وإذا قال زيد من الناس أنه يعامل الناس بتواضع فإنه في حقيقة الأمر متكبر , لأنه يشعر في دخيلة نفسه أنه أفضل منهم وأعظم منهم ومع ذلك فهو يعاملهم بتواضع , وإن جاز أن يوصف إنسان بأنه متواضع فإنه لا يجوز أن يوصف الله عز وجل بهذا الوصف لأن التواضع في اللغة من الضعة وهي الدنو , والدنو يليق بالمخلوق ولكنه لا يليق بالخالق عز وجل المتصف بصفات الكمال المطلق . والكبرياء الإلهي عصمة من الانقياد لاحد , إذ كيف ينقاد الحق عز وجل لغيره وهو المتكبر المتعالي عن صفات الخلق ولا يعلوه متكبر فسبحان المتكبر بربويته , المتكبر على الطغاة من خلقه الذي تذل له المخلوقات ولا يذل سبحانه لأحد , والكبر لا يليق بأحد من المخلوقين وإنما سمة العبيد الخشوع والتذلل وسبحان الذي جعل التواضع سمة من سمات خلقه , بينما الكبرياء صفة وصفات كماله , لصيقة بذاته , قديمة قدمه , وسبحان الذي قال عن نفسه وقوله الحق : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) كما قال سبحانه ( وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) سورة الجاثية

ونقول يامتكبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بايعة الكسره
 
 
بايعة الكسره


الموقع : khartoum
عدد المساهمات : 749
تاريخ التسجيل : 16/03/2011

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالسبت 07 مايو 2011, 3:43 pm

تحياتي
مشكور استاذ ماهر على المعلومات القيمه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وفى امان الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رمضان عثمان
 
 
رمضان عثمان


الموقع : الخرطوم
عدد المساهمات : 743
تاريخ التسجيل : 11/04/2011
العمر : 47

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 08 مايو 2011, 12:01 pm

الأخ العزيز / ماهر

جزاك الله خير علي هذه المعلومات والدروس القيمة

وفي إنتظار الدرس الثاني عشر

تقبل مروري مع خالص الشكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأربعاء 15 يونيو 2011, 7:31 am



المتكبر

(كبر) بفتح الكاف وكسر الباء أي أسن أو تقدم في العمر. و(كبر) بفتح الكاف وضم الباء أي عظم وتعالى. والكبر أو الكبرياء تعني العظمة أو العلو والرفعة. والمتكبر كوصف للعبد صفة ذميمة، ولكنها صفة من صفات المدح الواجبة للكمال الإلهي المطلق. فالعبد الذي يتكبر أي يتعاظم إنما يتكبر ويتعاظم على غيره من العباد، وهذا تكبر بلا مقتضى وبلا سند، فالناس سواسية كأسنان المشط مهما اختلفت درجاتهم، فاختلاف الدرجات والرتب لا يخرج أحدا عن كونه إنسانا، وكلنا في هذا الوصف سواء، وهو اختلاف لا يجعل أحدنا أعظم من أخيه، لأنه اختلاف لا فضل لنا فيه، إذ مرجعه إلي إرادة الله عز وجل وحكمته التي ذكرها في قوله تعالى: أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمت ربك خير مما يجمعون "32" (سورة الزخرف)

إن الآية الكريمة صريحة في أن الله عز وجل رفع بعضنا فوق بعض درجات، فلا فضل لنا إذن في ذلك، وإن قال أحد: إنما أوتيته على علم عندي أو عمل قمت به فإننا نقول له إن علمك وعملك أيضا هبة من الله عز وجل، وقد أراد سبحانه بهذا التفاوت أن يجعل كلا منا مسخرا للآخر.

ولا يظن أحد أن هذا التفاوت يتنافى مع العدل الإلهي، ومن يظن ذلك فإننا نقول له: إنك فهمت الآية فهما خاطئا؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يقسم عباده قسمين .. قسم مسخر، وقسم مسخر، بل جعل كلا منا مسخر ومسخر في آن واحد، فالذي يعمل في تسليك المجاري ودورات المياه مسخر للطبيب والمهندس وغيرهما، وفي نفس الوقت فإن الطبيب والمهندس وغيرهما مسخرون لخدمة عامل المجاري .. بل إن ما يبذله عامل المجاري في عمله وما يلاقيه من عناء لا يمثل مثقال ذرة مما عاناه الطبيب أو المهندس من الكد والعناء طوال سنوات الدراسة وتحصيل العلم الذي يمكنه من أداء الخدمة التي يؤديها لهذا العامل. فالكل إذن مسخر ومسخر وفقا لمعنى الآية السابق، ومن أسباب التفضيل أيضا قوله تعالى: هو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم "165" ( سورة الأنعام)

وهذه حكمة أخرى لتفاوت الدرجات ألا وهي الابتلاء، فالغني مثلا يبتلى فيما أوتي من سعة الرزق .. هل سيخرج زكاة ماله ويؤتي الصدقات أم يكنز الأموال؟ والفقير يبتلى هل سيصبر على ضيق ذات اليد .. أم يعترض ويسخط؟ وهكذا الشأن في سائر النعم والنقم!! فإذا كان التفاوت بين العباد حادثا بإرادة الله عز وجل ولحكمته، وليس لنا فيه فضل، فإنه لا يصح أن يتصور أحدنا أنه أعظم أو اكبر من أخيه، ومن يتصور ذلك فهو متكبر، والتكبر في حقه صفة ذميمة، لأنه أراد أن يصف نفسه بما ليس لها، فمهما أوتي الإنسان من زينة الدنيا فهو إنسان وهو عبد الله عز وجل، ولن تخرجه ممتلكاته عن هذا الوصف، وقد أوضح لنا الحق جل وعلا موقفه من المستكبرين من خلقه وأوضح لنا جزاءهم يوم القيامة فقال سبحانه: إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين "60" (سورة غافر)

وقال عز وجل: والذين كذبوا بآيتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "36" (سورة الأعراف)

وقال الحق سبحانه: إن الذين كذبوا بآيتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين "40"}(سورة الأعراف)

وقد مدح الله عز وجل عباده الذين لا يستكبرون عن عبادته في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: إنما يؤمن بآيتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون "15" (سورة السجدة)

أما (المتكبر) كاسم من أسماء الله عز وجل وصفة من صفاته، فإنه من مقتضيات الكمال الإلهي المطلق، وهو لا يعني أن الحق تبارك وتعالى يتكبر على عباده كما يفهم السطحيون، وإنما يعني أنه جل وعلا عظيم بذاته ومتعالي فوق عباده بحكم كونه الخالق الموصوف بصفات الكمال المطلق وبحكم كونهم المخلوقين من العدم والقائمين به عز وجل ولا قيام لهم بدونه.

والحديث عن الصفات الإلهية دون فهم معناها يوقع في الخطأ الجسيم والضلال المبين، وقد سمعنا من قبل مقولة أحد المستشرقين: أنه في الوقت الذي تصف فيه عقيدتنا السمحاء الخالق بالتواضع المطلق فإن الإسلام يصفه بالكبرياء المطلق، وهذا القول إن دل على شيء فإنما يدل على جهله بمفهوم الصفات الإلهية في الإسلام، فمفهومه للتكبر والتواضع بالنسبة لله عز وجل كمفهومه للتواضع والتكبر بين الناس، وشتان بين هذا وذاك.

إن العلاقة بيننا وبين الله عز وجل فيما يتعلق بالتكبر والتواضع هي أن الحق تبارك وتعالى هو (المتكبر) أي العظيم بذاته والمتعالي بذاته ونحن (المتواضعون) له، فإذا أردنا أن نتكبر على بعضنا البعض أو عليه عز وجل فقد خرجنا على مقتضى التواضع الذي هو صفة لصيقة بنا وهذا محرم شرعا، وقد قال جل وعلا في الحديث القدسي: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما ألقيته في النار)
بينما التواضع في حق الله عز وجل خروج على مقتضى العظمة الذاتية والعلو الذاتي له جل وعلا، وهو تكلف غير جائز على الله تبارك وتعالى، وإذا قال زيد من الناس أنه يعامل الناس بتواضع فإنه في حقيقة الأمر متكبر؛ لأنه يشعر في دخيلة نفسه أنه افضل منهم وأعظم منهم ومع ذلك فهو يعاملهم بتواضع، وإن جاز أن يوصف إنسان بأنه متواضع فإنه لا يجوز أن يوصف الله عز وجل بهذا الوصف لأن التواضع في اللغة من الضعة وهي الدنو، والدنو يليق بالمخلوق ولكنه لا يليق بالخالق عز وجل المتصف بصفات الكمال المطلق.

والكبرياء الإلهي عصمة من الانقياد لأحد، إذا كيف ينقاد الحق عز وجل لغيره وهو المتكبر المتعالي عن صفات الخلق ولا يعلوه متكبر. فسبحان المتكبر بربويته، المتكبر على الطغاة من خلقه الذي تذل له المخلوقات ولا يذل سبحانه لأحد، والكبر لا يليق بأحد من المخلوقين، وإنما سمة العبيد الخشوع والتذلل. وسبحان الذي جعل التواضع سمة من سمات خلقه، بينما الكبرياء صفة من صفات كماله، لصيقة بذاته، قديمة قدمه، وسبحان الذي قال عن نفسه وقوله الحق: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون)

كما قال سبحانه: (وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم "37" (سورة الجاثية)

ونقول يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأربعاء 15 يونيو 2011, 7:37 am


الخالق

خلق الله العالم أي أوجده من العدم، والخالق بالألف واللام لا تطلق إلا على الحق عز وجل، فيجوز أن يطلق على الإنسان وصف (خالق) ولا حرج، بينما لا يجوز أن يوصف أن يسمى (الخالق) ويؤخذ ذلك من قوله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طينٍ "12" ثم جعلناه نطفةً في قرار مكين "13" ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله احسن الخالقين "14" (سورة المؤمنون)

فدل قوله تعالى (فتبارك الله احسن الخالقين) على أنه عز وجل أطلق على الإنسان وصف خالق وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن خلق الإنسان هو خلق معدوم من موجود، بينما خلق الله هو خلق موجود من معدوم. خذ على سبيل المثال: السيارة تجد أن الإنسان يخلقها من مواد موجودة في الكون كالمعدن وخلافه، ولو لم تكن هذه المواد موجودة لما استطاع الإنسان أن يخلق أو يصنع سيارة.

أما بالنسبة للحق جل وعلا فإن الأمر مختلف .. إذ أنه يخلق الشيء من العدم المطلق .. والعدم المطلق هو اللا شيئية .. فهو تبارك وتعالى يخلق الشيء دون أن يكون له سابقة وجود على الإطلاق، ولقد أكد عز وجل على مسألة الخلق من العدم المطلق في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً "9" (سورة مريم)

وقوله تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً "1" (سورة الإنسان)
أي أن الإنسان لم يكن له وجود قبل أن يخلقه الله عز وجل. وقوله تعالى: إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط (سورة يونس ـ 4)

وقوله تعالى: قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده} (سورة يونس ـ 34)
وقوله تعالى: كما بدأنا أول خلقٍ نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين "104" (سورة الأنبياء)
والحق سبحانه وتعالى لم يؤكد حقيقة الخلق من العدم فحسب، وإنما أكد حقيقة أخرى ألا وهي أن كل شيء عدا الله عز وجل مخلوق له خاضع لأمره، ولا استثناء في هذه القاعدة، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: وخلق كل شيء فقدره تقديراً "2" (سورة الفرقان)

وقوله تعالى: قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار "16" (سورة الرعد)

وقوله تعالى: الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل "62" (سورة الزمر)

وقوله جل وعلا: ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه (سورة غافر ـ 62)

وقوله عز وجل: ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو (سورة الأنعام ـ 102) )

فالمولى عز وجل نظرا لخطورة هذه المسألة أراد أن يغلق الباب في وجه المبتدعين .. فلم يكتف بالإجمال الوارد في الآيات السابقة .. وإنما فصل هذه الآية بآيات أخرى ليؤكد أن كل شيء مخلوق ويؤكد أنه خالق كل شيء من هذه الآيات قوله تعالى: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} (سورة البقرة ـ 49)

وقوله تعالى: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور(سورة الأنعام ـ 1)

وقوله سبحانه: وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر} (سورة الأنبياء ـ 33)
وقوله عز وجل: الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيامٍ (سورة الفرقان ـ 59)

وقول الحق: الرحمن "1" علم القرآن "2" خلق الإنسان "3" علمه البيان "4" (سورة الرحمن)
وقوله سبحانه: وخلق الجان من مارج من نارٍ "15" (سورة الرحمن)

وصفة الخلق من العدم لدى الله عز وجل ليست معجزة واحدة فحسب بل معجزات متعددة متداخلة ولا يمكن لاجتهاد العقل أن يحصرها، فإحداث الشيء من اللا شيء إعجاز يعجز العقل عن تصوره، وخلق كائن حي يدرك ذاته ويدرك الكون المحيط به ويدرك خالقه إعجاز آخر، وقد لفتنا جل وعلا إلي إعجاز استحداث الكائنات الروحية ولفتنا أيضا إلي أنه وحده القادر على هذه الكائنات فقال جل وعلا: يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب "73" (سورة الحج)

لقد خلق الإنسان السيارة والقطار الطائرة والصاروخ والقمر الصناعي والتلفاز والمذياع وغير ذلك كثير، ولكن البشرية جمعاء لن تستطيع خلق ذبابة ولو اجتمعت في صعيد واحد، والسبب هو أن الذبابة كائن روحي تدب فيه الحياة بنفخة من الله عز وجل لا يملكها سواه .. إنها سر من أسراره جل وعلا: ومن معجزات الخلق أيضا أنه بين الكاف والنون، فالحق سبحانه وتعالى إذا أراد أن يخلق شيئا فإنما يقول له كن فيكون دون أدنى جهد أو إعياء، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى:إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون "59" (سورة آل عمران)

حينما أدعى اليهود أن الله استراح بعد أن خلق الخليقة رد عليهم الحق عز وجل يقول: ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيامٍ وما مسنا من لغوبٍ "38" (سورة ق)

أي إعجاز هذا؟ كلمة واحدة من الله عز وجل كفيلة باستحداث المخلوق دون جهد ودون عناء. كيف للإنسان أن يتصور الحجم الحقيقي لهذه القدرة وهذا الإعجاز؟ ومن معجزات الخلق أيضا أن الحق تبارك وتعالى يخلق ما يشاء، فإذا أراد أن يخلق شيئا لن يحول دون هذا الخلق حائل. وقد أكد جل وعلا هذه الحقيقة بقول تعالى: قال كذلك الله يخلق ما يشاء( سورة آل عمران ـ 47)

وقوله تعالى: يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير "17" (سورة المائدة)

والخلق الإلهي ليس خلقا عشوائيا .. بل هو خلق محكم مبني على علم إلهي مطلق، فإذا تأملت الكون وما به من تكامل وتناسق بين المخلوقات علمت مدى القدرة الإلهية على الخلق والإبداع. انظر إلي أي مخلوق من مخلوقات الله عز وجل على حدة .. يهيأ لك أنه كائن مستقل بذاته منفصل عما حوله، ولكن دقق النظر تجد أن هذا المخلوق ليس مستقلا عن الكون بل هو جزء من كل. فالإنسان مثلا لا يمكن أن يتصور وجوده بدون الهواء الذين يحيط به في كل مكان على سطح الكرة الأرضية، أو الماء الذي وفره له الله عز وجل، أو الطعام الذي تنبته له الأرض بإذنه.

وبهذه النظرة يبدو الإنسان وكأنه ترس في ساعة الكون لا انفصال ولا وجود لأحدهما بدون الآخر، فالحق سبحانه وتعالى خلق المخلوقات الحية وخلق لها مقومات الحياة في إبداع، وعلم لا يدانيه علم، وحسن لا يدانيه حسن، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: الذين احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طينٍ "7" (سورة السجدة)

فإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد خلق الكون بهذا الإبداع وهذا الإحكام فهل يمكن أن نتصور أنه خلق بلا غاية وبلا هدف، وأن المسألة أرحام تدفع وقبور تبلع كما قال الدهريون: وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (سورة الجاثية ـ 24)

وكما قالوا: وقالوا إذا ضللنا في الأرض آنا لفي خلقٍ جديد (سورة السجدة ـ 10) فيرد الحق تبارك وتعالى على هؤلاء الدهريين قائلا: وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق} (سورة الحجر ـ 85)

وكما قال سبحانه: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين "16" (سورة الأنبياء)
وكما قال عز وجل: أفحسبتم إنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون "115" (سورة المؤمنون)

فالخلق إذن ليس عبثا وليس زوالا وفناء، وإنما لحكمة أرادها سبحانه وتعالى، وفي ذلك يقول جل وعلا في الحديث القدسي: كنت كنزا مخفيا فأردت أن اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني).

ويقول في محكم التنزيل: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "56" (سورة الذاريات)
فقد شاءت حكمة المولى أن يخلق الكون ويخلق الإنسان، ويجعل الحياة الدنيا دارا للاختبار والآخرة دار للجزاء والقرار .. هل سيشكر الإنسان على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى أم سيكفر ويشرك ويجحد؟ فالخلق إذن لغاية والبعث حقيقة لا مراء فيها، وفي ذلك يقول جل شأنه: يا أيها الناس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنا خلقناكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلقةٍ لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلي أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلي أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج "5" (سورة الحج)
والمسألة لا تقف عند حد قدرته سبحانه وتعالى على البعث، بل هو قادر على تغيير الجنس البشري بأكمله بمخلوقات أخرى، وما ذلك عليه بعزيز وفي ذلك يقول جل وعلا: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد "15" إن يشاء يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ "16" وما ذلك على الله بعزيزٍ "17"} (سورة فاطر)
فإذا كان الحق جل وعلا هو الخالق المحدث المبدع .. فإنه إذن وحده المستحق للعبادة والمستحق للشكر، وعبادة غيره ظلم للنفس وحياد عن الحق، وفي ذلك يقول جل شأنه: والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون "20" (سورة النحل)

ويقول سبحانه: واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون (سورة الفرقان ـ 3)

والمولى تبارك وتعالى يحثنا على التأمل في مخلوقاته .. لما في ذلك من حث على الإيمان بوجوده والإيمان بكمال صفاته ورسله وكتبه واليوم الآخر، وفي ذلك يقول جل شأنه: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماءٍ فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابةٍ وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقومٍ يعقلون "164" (سورة البقرة)

يقول سبحانه: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب "190" الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا بطلاً سبحانك فقنا عذاب النار "191" (سورة آل عمران)

والأسماء الحسنى بما تعطيه من أوصاف قديمة قدم الله عز وجل .. فهو جل شأنه (الخالق) قبل أن يخلق الخلق، ولو لم يكن المولى عز وجل موصوفا بهذا الوصف منذ الأزل لما استطاع أن يخلق، أنه تبارك وتعالى يخلق ما يشاء في الوقت الذي يشاء وفي ذلك يقول جل وعلا: الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع يزيد الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير "1" (سورة فاطر)

مهما تحدث المتحدثون عن هذا الاسم وغيره من الأسماء الحسنى ومن خلال ما كشف الله لهم في كتابه وسنة نبيه فإنهم لن يستكشفوا جلال أسمائه عز وجل وأسرار صفاته، فإذا كنا نعجز عن الإلمام بما كشفه لنا الله تبارك وتعالى فماذا عن المحجوب الذي لم نتهيأ بعد لاستقباله والذي احتفظ به جل وعلا في علمه؟ إن الخالق هو المبدع للخلق، والمخترع له على غير مثال .. ندعوه عز وجل أن يعلمنا من علمه الفياض: ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين "54" (سورة الأعراف).

يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأربعاء 15 يونيو 2011, 7:40 am



البارئ


(برؤ) بضم الراء أي خلا من العيب أو التهمة، و(برأ) من العيب أو التهمة أي قضى ببراءته منه، والاسم (برئ) كما في قوله تعالى: ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً "112" (سورة النساء)

و(البراء) مرادف لبرئ ومنه قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون "26" (سورة الزخرف)

و(أبرأ) فلانا من حق له عليه أي خلصه منه.

و(برئ) المريض أي شفى من مرضه.

و(برأ) الله الشيء أي خلقه صالحا ومناسبا للمهمة والغاية التي ابتغاها من خلقه، ومنه بريت القلم أي جعلته صالحا للكتابة، وبريت السهم أي جعلته مناسبا وصالحا للإصابة .. والاسم (بارئ).

و(البارئ) اسم من أسماء الله الحسنى، فإذا قلنا خلق الله عز وجل الإنسان فمعنى ذلك أنه استحدثه وأوجده من العدم المطلق، وإذا قلنا برئ الله الإنسان فمعنى ذلك أنه استحدثه وأوجده من العدم المطلق في خلقة تناسب المهمة والغاية التي خلق من أجلها. فالخالق قد يخلق الشيء مناسبا أو غير مناسب، أما البارئ فلا يخلق الشيء إلا مناسبا للغاية التي أرادها من خلقه ويؤخذ ذلك من قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويمٍ "4" ثم رددناه أسفل سافلين "5" (سورة التين)

فلو كان فعل الخلق يشير إلي درجة الخلق من الحسن أو القبح لما أضاف المولى عز وجل عبارة في احسن تقويم، ولو كان اسم الله عز وجل (البارئ) مرادفا مرادفة تامة لاسمه (الخالق) لما قال تبارك وتعالى: هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم "24" (سورة الحشر)

وإذا تأملنا الكون المحيط بنا سنلاحظ أن الله عز وجل قد خلق كل شيء صالحا لمهمته مناسبا للغاية من خلقه ومتوائما مع المحيط الذي وضع فيه. فالإنسان خلق ليكون خليفة الله عز وجل على الأرض وليكون عارفا بالله عابدا له متأملا في ملكوته لذلك برأه في خلقه تناسب جلال الغاية فبرأه أي خلقه في احسن تقويم ..

أي احسن خلقه، فجعله احسن المخلوقات من حيث التركيب ومن حيث الشكل، مألوفا من سائر الكائنات الحية، معظم الكائنات في علاقة ود وتراحم مع الإنسان .. الحصان .. الجمل .. الحمار .. الكلب .. القط .. الطيور حتى الجن يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم كما قال المولى عز وجل: يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما سوءتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون "27" (سورة النساء)

فالشياطين يروننا لأننا مقبولون مألوفون لهم شكلا بينما لا نرى نحن الشياطين لأن أشكالهم غير مألوفة ولا مقبولة لدينا. ولقد صرح المولى عز وجل بخلافة الإنسان على الأرض فقال سبحانه: وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفةً قالوا تجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون "30" (سورة البقرة)

فالإنسان بصريح الآية السابقة خليفة الله عز وجل على الأرض .. خلق ليكون عارفاً بالله عابداً له، لذا برأه مناسبا لهذه الغاية بأن ميزه بالعقل، والعقل كما نعلم هو مستقر ومستودع وسائل الإدراك .. إليه ترجع قدرة الإنسان على السمع والبصر والشم واللمس، وهو الذي يحوي الذاكرة مخزن المعلومات، وهو المسئول عن عملية التفكير والتي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات.

وليس ذلك فحسب بل جعل الله للإنسان وسيلة للتعبير والبيان عما يجول بخاطره .. فخلق له لسانا مبينا ينطق الحروف بمخارجها، والحرف أساس الكلمة، والكلمة وسيلة التعبير عن المعنى الكامن في عقل الإنسان، والمولى عز وجل قد علم آدم كل الكلمات كما جاء في قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين "31" (سورة البقرة)

وقال سبحانه أيضا: الرحمن "1" علم القرآن "2" خلق الإنسان "3" علمه البيان "4" (سورة الرحمن)

وإذا تأملنا سائر الكائنات والتي خلقت مسخرة للإنسان، سنجد أن المولى عز وجل قد برأ كل كائن ـ أي خلقه مناسبا لمهمته ـ، فالناقة والحمار لديهما من القوة ما يمكنهما من حمل الإنسان وأثقاله إلي الأماكن المتباعدة. والحصان أوتى قدرا من السرعة ليتمكن به الإنسان من قطع المسافات البعيدة في أزمنة قصيرة. والبقر أوتى لحما كثيرا ليمد الإنسان بالغذاء الذي يحتاج إليه من البروتين وغيره من المواد الغذائية، وأجرى الله من بطونه لبنا نقيا سائغا للشاربين كما قال جل وعلا:وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ لبناً خالصاً سائغاً للشاربين "66" (سورة النحل)

حتى المخلوقات التي يظن البعض أن وجودها يمثل شرا محضا للإنسان .. تجد المناسبة بينها وبين مهمتها في الكون واضحة جلية، فهي من جهة تملك إيذاء الإنسان، إذ منها ما هو مفترس، ومنها ما قد يقتل الإنسان بسمه، وهذا الإيذاء ليس مقصودا بذاته وإنما قصد به إحاطة الإنسان بقدر من الأعداء لا يملك أن يتصدى لهم إلا بمعونة الله عز وجل .. فيلجأ إليه بالعبادة والدعاء إذا تمكن منه أحد هؤلاء الأعداء.

ذلك أن الإنسان يكون أقرب ما يكون من ربه عز وجل في حالات الحاجة كالمرض والشيخوخة والظلمة وغير ذلك من دواعي الحاجة والضيق والخوف وفي ذلك يقول جل وعلا: وإذا مس الإنسان الضر دعا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلي ضرٍ مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون "12" (سورة يونس)

وقوله تعالى: فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم خولناه نعمةً منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون "49" (سورة الزمر)

ومن جهة أخرى فإن الإنسان ينتفع بهذه المخلوقات .. فمنها ما ينتفع بجلده ومنها ما يفرز سموما تستخدم في صناعة الأدوية والعقاقير، كما قال شوقي رحمه الله في مدح الرسول عليه افضل السلام وأتم التسليم:
الحرب في حق لديك شريعة
ومن السموم الناقعات دواء
وإذا تأملنا المخترعات التي توصل إليها الإنسان واستطاع أن يخرجها إلي حيز الوجود .. سنجد أن الإنسان لم يخلقها من العدم المطلق بل صنعها من مواد سابقة لها في الوجود، والإنسان لم يعط هذه المواد الخصائص الملازمة لها والتي كانت أساس هذا الاختراع أو ذاك. خذ على سبيل المثال التلفاز والمذياع تجد أن نظرية عملهما تقوم على تحويل الصوت أو الصورة إلي موجات كهربائية لها تردد أو ذبذبات الصوت .. هذه الموجات تنتقل عبر الهواء أو الأثير، ثم يتم استقبالها بواسطة أجهزة استقبال، ثم يتم تحويل هذه الموجات الكهربائية إلي صوت أو صورة مرة أخرى من خلال التلفاز أو المذياع.

وهنا نتساءل: هل الإنسان هو الذي جعل الهواء قادرا على نقل الموجات اللاسلكية؟. لاشك أن الله عز وجل هو الذي (برأ) الهواء أي خلقه بما له من خصائص ليناسب المهمة والغاية التي ابتغاها من خلقه .. فهو الذي جعل في الأوكسجين اللازم لتنفس الإنسان وثاني أكسيد الكربون اللازم لتنفس النبات، وجعل فيه من الخاصية ما يمكنه من نقل الموجات الكهربائية واللاسلكية، فهو جل وعلا يعلم بعلمه الأزلي وأراد بمشيته أن يمكن الإنسان في يوم من الأيام من اختراع أجهزة لنقل الصوت والصورة .. هذا اليوم الذي سيزداد فيه أهل الأرض وتتباعد بينهم المسافات فيستلزم الأمر وسائل للتعارف وتبادل العلوم .. فهو جل وعلا القائل: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير "13" (سورة الحجرات)

وهو سبحانه المتكفل بأن يظل هذا التعارف قائما لا يحول دونه بحار أو محيطات أو جبال أو تلال، وهذا ما حققته الأجهزة الحديثة للاتصالات والتي اخترعت من مواد لها خصائص معينة، هذه الخصائص ـ كما قلنا ـ لازمتها منذ أن خلقها الله عز وجل. تأمل أيضا وسائل النقل .. تجد أن الله عز وجل قد خلق المعدن الذي استخدمه الإنسان في تصنيع هذه الوسائل .. وهو سبحانه الذي خلق البترول بما له من خاصية الاشتعال وتوليد الطاقة، وأودعه في باطن الأرض حين يحين ميعاد استخراجه واستخدامه. كل شيء في الكون .. برأه الله عز وجل أي خلقه مناسبا وصالحا للمهمة والغاية التي خلق لها، فندعوه جل وعلا كما برأنا أن يبرئنا من العيوب والخطايا وأن يبعثنا يوم القيامة من الفزع آمنين

ونقول يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأربعاء 15 يونيو 2011, 7:46 am


المصور
1 – ورود اسمِ ( المصوِّر ) في القرآن الكريم :

لم يرد هذا الاسم في القرآن الكريم إلا في آية واحدة ، وهي قوله تعالى :
﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾( سورة الحشر الآية : 24 )

الخالق البارئ المصوِّر :

وقد ذكرت لكم أن الذين فسروا أسماء الله الحسنى جرت العادة عندهم هذه الأسماء الثلاثة معاً ، ( الخالق ) ، ( البارئ ) ،
( المصوِّر ) ، وقد بينت سابقاً أن الخالق يخلق كل شيء من لا شيء ، على غير مثال سابق ، بينما المخلوق إذا عُزي إليه الخلق في نص الآية الكريمة حيث قال :﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ ( سورة المؤمنين )
إذا عُزي الخلق إلى الإنسان فهو يصنع شيئاً من كل شيء ، وعلى مثال سابق ، أما البارئ فهو خلق ، لكن على نحو معين فيه الحكمة البالغة ، وقد بينت لكم أيضاً أن الآية الكريمة :﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾( سورة الأعلى )
هذا الخلق بطريقة ، أو بخصيصة تكون كاملة ينتفع بها الآخر .

2 – اسم المصوِّر أثره في المرحلة الثالثة بعد الخالق والبارئ :

أما ( المصوِّر ) فمرحلة ثالثة ، خلق كل شيء من لا شيء ، وعلى غير مثال سابق ، والذي خلقه خلقهُ على نحو كامل ، ينتفع به ، كالماء الذي نشربه ، أودع الله فيه خصيصة ، وهي أنه إذا برّدناه ، ووصلنا في التبريد إلى درجة زائد أربع ، فإنه بدل أن ينكمش يتمدد ، وبهذا التمدد يصلح الأمر ، ولولا هذا التمدد لما كانت حياة على وجه الأرض .فالبارئ غير الخالق ، خلق الخلق على نحو معين ، فيه الحكمة البالغة ، وفيه التقدير التام ، وفيه العلم المطلق .
أما ( المصوِّر ) فهذا الشيء الذي خلقه على نحو معين أعطاه صورة .
للتوضيح : البناء يكون في الأصل على الهيكل ، إسمنت ، بعد الإسمنت يُكسى ، بعد الكسوة يزيَّن ، بالطلاء الخارجي ، والرخام ، والبلّور ، هذه صورة ، البناء في الأصل إسمنت مسلح ، هيكل إسمنتي ، لكن الأبنية الحديثة لها صور رائعة جداً ، أحياناً كل البناء بلّور من الخارج ، ينظف باستمرار .
إذاً : ( المصوِّر ) بعد الخلق و البرء تكون الصورة ، والآية الكريمة :
﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾
﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾

3 – من معاني ( المصوِّر ) :

لذلك : ( المصور ) اشتقاقاً اسم فاعل مِن صوَّر ، يصوِّر فهو مصوِّر ، والمصدر تصوير .
المعنى الأول :ومعنى صوّر الشيء لغةً : جعل له شكلاً خاصاً معروفاً .
الأب الذي عنده عدة أولاد ، كل ولد صورة ، من حيث اللون ، من حيث الطول ، من حيث شكل الوجه ، هناك وجه دائري ، ووجه مستطيل ، وهناك شعر أسود ، وشعر أشقر ، فجعل الله للشيء شكلاً خاصاً معروفاً .

المعنى الثاني :هناك معنى آخر : صور الشيء قطعه ، وفصله ، وميّزه عن غيره .
لاحظ صنعة الإنسان القطعُ كلّها متشابهة ، ما لها شخصية ، علب الطعام متشابهة تماماً ، عبوات الأغذية متشابهة تماماً ، أما الإنسان فليس هناك في الستة آلاف مليون إنسانٌ يشبه الآخر ، لا بشكله ، ولا بطوله ، ولا بلونه ، ولا بملامح وجهه ، ولا بطريقة مشيه ، ولا بطريقة كلامه ، ولا بنبرة صوته .
قال بعض العلماء : " والله يا رب ، لو تشابهت ورقتا زيتون لما سمِّيتَ الواسع .
أيها الإخوة ، صور الشيء قطعه ، وفصله ، وميّزه عن غيره ، هذه روعة في الخَلق ، نحن نحتال على ذلك فنعطي رقما للقطعة ، المركبة لها رقم ، الرقم يميزه ، أما الله عز وجل فيعطيك ملامح خاصة ، أنت فرد .
المعنى الثالث : صوّر الشيء جعله على شكل متصور ،
أما الذات الإلهية فكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك .
﴿ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .( سورة الأعراف الآية : 143 )
مخلوقات الله عز وجل بإمكانك أن تتصورها .
المعنى الرابع :أيها الإخوة ، قال العلماء : الله ( المصور ) أيْ صوّر المخلوقات بشتى أنواع الصور ، فهناك صور جلية ، وصور خفية ، فأنت تمسك كأس الماء لتشربه ، ماء صافٍ عذب زلال ، لو وضعت هذا الماء تحت مجهر لرأيت ملايين َملايين ملاَيين البكتريا ، فالصورة الجلية أنه ماء صافٍ ، والصورة الخفية أن هذا الماء فيه مليارات البكتريا النافعة والضرورية .
الصور الظاهرة جلد أبيض ، ثقيل ، جميل ، رائع ، لو وضعت هذا الجلد على مبكر ، أو على مجهر إلكتروني ، التلال ، والوديان ، والحفر ، وأفواه البراكين ، والشعر كأنه غابة ، اختلف الوضع ، في صورة ظاهرة ، وفي صورة حقيقية ،
فالله عز وجل خلق المخلوقات بشتى أنواع الصور ، في صورة جلية ،
وفي صورة خفية ، في صورة حسية وفي صورة عقلية .

التعلُّق بالحقائق لا بالصور والمظاهر :

هناك صورة جلية ، وصورة خفية ، لذلك بطولة المؤمن أنه لا يتعلق بالصورة الظاهرة ، لا يؤخذ ببت فخم اشتري بمال حرام ، لا يؤخذ بمركبة فارهة ، ركبها صاحبها ، وقد ابتز أموال الناس ،
هناك صورة ظاهرة ، وصورة خفية ، وصورة حسية ، وصورة عقلية .
المعنى الخامس :أيها الإخوة ، من معاني اسم ( المصوِّر ) أن الله يبدع صور المخلوقات ، ويزينها بحكمته ،
ويعطي كل مخلوق صورته ، كل واحد له صورة .
هناك صورًا ظاهرة ينبغي ألا نؤخذ بها ، كان عليه الصلاة والسلام كلما رأى شيئاً من الدنيا يقول
Sad( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة )) .[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك ]
الغنى والفقر بعد العرض على الله ، وقد إنسان يرى بيتاً فخماً ، أو سيارة فارهة ، يرى حديقة غناء ، أو مزرعة جميلة ، يرى طعاما ، يرى أماكن جميلة ، الدنيا ترقص الآن ، والفتن يقظة ، والدنيا حلوة نظرة ، لكن سمّها في دسمها ، ونساءها تغوي وتردي ، وتشقي أحياناً ، والمرأة المتفلتة التي لا ترعى قيمة ، ولا منهجاً ، ولا شرعاً ، بل تؤذي غيرَها .
أريد أن أقول لكم : بطولة المؤمن أنه يتعامل مع حقائق الأشياء لا مع صورها ، لكن قال بعضهم : " ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا " ، ولا مانع في ذلك .

الحظوظ الدنيوية موزَعة توزيع ابتلاء :

أيها الإخوة ، هناك نقطة دقيقة جداً في هذا اللقاء الطيب : أن الحظوظ : الوسامة حظ ، امرأة بارعة الجمال يتهافت عليها كل الرجال ، تخطب في سن مبكرة جداً ، وهناك امرأة جمالها أقلّ مما ينبغي ، وقد تكون عالمة ، ومؤمنة ، وطاهرة ، هناك شيء تراه عينك على الشبكية ، وشيء يدركه عقلك ، أنا أرى امرأة طاهرة ، عفيفة ، مستقيمة ، تعرف ربها ، قلامة ظفرها أغلى من ملكات جمال العالم المتفلتات ، البطولة أن تتعامل مع الحقائق .
لذلك أيها الإخوة ، الحظوظ ، الجمال حظ ، قد يكون لونُ الإنسانِ يلفت النظر ، أو طوله يلفت النظر ، ولاسيما المرأة ، فهذه الحظوظ موزعة في الدنيا توزيع ابتلاء ، وتوزيع امتحان ، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء .
كان عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يصلي في بيته ، لا تتسع غرفته لصلاته ونوم زوجته ، لا بد من أن تنزاح جانباً حتى يصلي ، وهو سيد الخلق ، وحبيب الحق ،
أمين هذه الأمة سيدنا أبو عبيدة بن الجراح ، دخل بعض الصحابة إلى بيته في الشام ،
غرفة فيها قِدرٌ مغطاة برغيف خبز ، وسيفه معلق ، وعلى الأرض جلد غزال يجلس عليه ،
قال له : ما هذا ؟! قال له : هو للدنيا ، وعلى الدنيا كثير ، ألا يبلِّغنا المقيل .
أيها الإخوة ، مرة ثانية الحظوظ موزعة في الدنيا توزيع ابتلاء ، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء ،
والآية الكريمة :﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾( سورة الإسراء الآية : 21 )
قد يكون مع شخص 90 مليارًا ، وغيرُه ما معه ثمن لقمة طعام ، وقد يكون بإمكانه أن يقصف هيروشيما بأمر ،
ويموت 600 ألف إنسان في ثلاث ثوانٍ ، وغيره لا يستطيع أن يتحرر من سجنه :
﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ إنسان بأعلى درجة من الغنى ، وغيرُه فقير جداً ،
وإنسانٌ صحيح وغيره مريض ، وإنسان قوي وغيره ضعيف ، وإنسان وسيم وغيره دميم ،
وإنسان ذكي جداً وغيره محدود :﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾
وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً

الآن دققوا في الفصل التالي :
﴿ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ﴾( سورة الإسراء )
درجات الدنيا مؤقتة ، ودرجات الآخرة أبدية .أيها الإخوة الكرام ، مرة ثانية ، وأؤكد على هذا كثيراً :
الحظوظ : الغنى ، الوسامة ، القوة ، الصحة
هذه حظوظ ، هذه توزع في الدنيا توزيع ابتلاء ، لا تغتر بالمال ، الغنى والفقر بعد العرض على الله
لا تتألم إن لم تكن الصورة كما تتمنى ، الجمال والقبح بعد العرض على الله ، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء
والبطولة من له :﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ ( سورة القمر )
﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾


خاتمة :

أيها الإخوة ، من أدعية النبي لهذا الاسم كان إذا سجد يقول :
(( اللَّهمَّ لَكَ سَجدْتُ ، وبِكَ آمَنْتُ ، ولَكَ أسلَمتُ ، وأنْتَ رَبِّي ، سَجَدَ وَجْهي لِلَّذي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ،
وَشَقَّ سَمعَهُ وبَصرَهُ تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقينَ )) .[ أخرجه النسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ] .
وفي دعاء آخر Sad( أنت ربي ، وأنا عبدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفسي ، واعتَرفْتُ بذنبي ، فاغفِر لي ذُنُوبي جميعاً ،
لا يغفر الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ ، واهدني لأحْسنِ الأخلاقِ لا يَهْدي لأحسنِها إلا أنت وَاصرفْ عَني سَيِّئَها ،
لا يصرفُ عني سَيِّئَهَا إِلا أنتَ )) .
[ أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن علي بن أبي طالب ] .
وفي النهاية إذا وقف أمام المرآة ، ورأى خلقه ، كان يقول :
(( الحمد لله الذي حسن خَلقي وخُلقي )) .[ أخرجه أبو يعلى عبد الله بن عباس ]
والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مني عبد المتعال
 
 
مني عبد المتعال


الموقع : الخرطوم
عدد المساهمات : 46
تاريخ التسجيل : 31/01/2011

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأربعاء 15 يونيو 2011, 8:29 am

الأخ / ماهر
جزاك الله خير علي هذه المعلومات القيمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأربعاء 15 يونيو 2011, 8:35 am


شكرا مني عبدالمتعال للمرور والتشجيع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 1:53 pm


الغفار

غفر في اللغة أي غطى وستر , وغفر الله لفلان أي ستره وعفا عنه , والغفار اسم من أسماء الله الحسنى , وقد عبر الحق جل وعلا عن صفة المغفرة لديه بالعديد من المشتقات منها الفعل الماضي غفر كما في قوله تعالى : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ) ومنها المضارع يغفر كما في قوله تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ومنها صيغة المبالغة الغفور ما في قوله تعالى : ( ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ومنها صيغة المبالغة الغفار وهو اسم من أسماء الله الحسنى كما في قوله تعالى : ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) ومنها المضاف والمضاف إليه غافر الذنب كما في قوله تعالى : ( غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ) ومنها أيضا المضاف والمضاف إليه خير الغافرين كما في قوله تعالى : (فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) ومنها المضاف والمضاف إليه ذو مغفرة كما في قوله تعالى : ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ) ومنها المضاف والمضاف إليه أهل المغفرة كما في قوله تعالى : ( وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) سورة المدثر
والحق تبارك وتعالى قد أكد لنا هذه الصفة وطلاقتها بتكرار المشتقات سالفة الذكر , فلو رجعت إلى كتابه العزيز وأردت حصر هذه المشتقات لشق عليك ذلك . ومن رحمة الحق عز وجل وحكمته أنه يغفر الذنوب , ولو أنه جل شأنه أغلق باب التوبة في وجه المذنب لتمادى في ذنوبه وترتب على ذلك هلاكه وهلاك المجتمع بأسره دنيا وآخره . وغفران الذنب للمذنب لا يتعارض مع العدالة الإلهية والتي كما قلنا من قبل تقتضي محاسبة كل إنسان وفقا لعمله . والعلة في ذلك أنه ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ وارتكاب المعاصي والذنوب , وهذا يجعل المغفرة رحمة بالبشرية جمعاء لا بطائفة دون أخرى . والحق سبحانه وتعالى قد أوضح لنا أنه لا ذنب يعظم عن مغفرته وتتجلى هذه القاعدة في قوله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فكلمة جميعا أفادت العموم والشمول , فمهما عظم الذنب .. أي ذنب فإن مغفرة الله عز وجل أعلى وأعظم .. وهذه القاعدة لا تتعارض مع الآيات التالية( : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيدًا* إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً*إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا) وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ) سورة النساء ويتجلى عدم التعارض بين القاعدة العامة وبين الآيات التي ذكرناها في قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) وقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) فالقاعدة إذن أن الله عز وجل يغفر الذنوب جميعا ما دام الإنسان في إطار الإيمان الصحيح به جل وعلا , فإذا كفر بوجود الله عز وجل أو أشرك به فقد خرج عن إطار الإيمان . ومن الثابت أنه ليس بعد الكفر أو الشرك ذنب , فأعمال الكافر والمشرك ليست محل نظر , لأن أعماله الصالحة ليست لوجه الله عز وجل فلا يستحق عنها ثوابا , وأعماله الطالحة سينال عقابه عنها في إطار العقاب الأعظم على الذنب الأعظم هو الكفر أو الشرك , وفي ذلك يقول جل وعلا : ( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) سورة البقرة ولكن ينبغي أن نلاحظ أن حرمان الكافر والمشرك من المغفرة مرتبط باستمرارية كفره وشركه , فإذا رجع عن كفره أو شركه , فالحق سبحانه وتعالى يغفر له , وفي ذلك يقول جل شأنه : (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ) فالحق سبحانه وتعالى يقابل الرجوع الصادق عن الكفر والشرك بغفران ما قد سلف , وهذه نعمة ورحمة ومغفرة ليس لها حدود . وفي مجال الحديث عن المغفرة الإلهية نذكر لأحد المستشرقين قوله : إن المغفرة الإلهية كما يبدو من القرآن الكريم تمنح على غير أساس معلوم , وليس أدل على ذلك من الآية رقم 284 من سورة البقرة والتي جاء فيها قوله تعالى : ( فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء) ونقول ردا عليه : إن المغفرة والعذاب بيد الله عز وجل ولمن يشاء من عباده , نعم .. ولكن ذلك لا يعني أن المسألة تسير وفقا للهوى .. تعالى ربنا الملك الحق عن الهوى والظلم والتفرقة بين العباد . فالحق تبارك وتعالى إن شاء أن يغفر لأحد فثق أنه جدير بالمغفرة وإن شاء أن يعذب أحدا فثق أنه جدير بالعذاب . ونذكر مثالا لذلك قول النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم والذي ورد بصحيح البخاري وصحيح مسلم : كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه إذا أنا مت فأحرقوني , ثم اطحنوني , ثم ذروني في الريح , فو الله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا فلما مات فعل به ذلك , فأمر الله تعالى الأرض , فقال اجمعي ما فيك منه ففعلت , فإذا هو قائم , فقال ما حملك على ما صنعت ؟ قال يا رب , خشيتك حملتني , فغفر له ... فإن دل هذا الحديث على شيء فإنما يدل على أن الخوف من الله عز وجل والذي يرجع إلى الإيمان الصادق به قد يجلب المغفرة , ودل أيضا على أن مغفرة الله عز وجل لا تعطي لعبد دون مبرر أو استحقاق ونذكر أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم والذي ورد في صحيح مسلم : أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا , فعلم أن له ربا يغفر الذنب , ويأخذ به , ثم عاد فأذنب , فقال أي رب , أغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب وبأخذ به , ثم عاد فأذنب , فقال أي رب اغفر لي ذنبي , فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به , اعمل ما شئت فقد غفرت لك ... إن هذا الحديث يدل أيضا على أن مغفرة الحق عز وجل لا تمنح إلا لمستحق , وهذا العبد الذي غفر له الله عز وجل كان دائم الاستغفار , وهذا يرجع إلى إيمانه الصادق بالله عز وجل وخشيته منه . وقول الحق اعمل ما شئت فقد غفرت لك .. لا يعني أنه جل وعلا أطلق له العنان ليبغي في الأرض الفساد ... تعالى المولى عز وجل عن ذلك .. فقد بدا من الحديث أن هذا العبد لم يكن يكرر نفس الذنب الذي يذنبه , والدليل على ذلك قوله جل وعلا : ثم عاد فأذنب .. ثم عاد فأذنب .. فلو كان العبد يعود إلى نفس الذنب لقال جل وعلا ثم عاد إلى ذنبه , يضاف إلى ذلك أن هذا العبد قد كشف أنه من ذوي النفس اللوامة , وصاحب هذه النفس دائما يرتقي في المعراج الروحي إلى أعلى حتى يصل إلى النفس المطمئنة إن شاء له الله ذلك , ولا يعود إلى الخلف أو يهبط إلى أسفل ... فالمغفرة في هذا الحديث رغم كونها مستقبلية إلا أنها مغفرة مترتبة على استحقاق العبد والذي يعلمه الحق عز وجل من علمه بنفس عبده , وعمله بالغيب .. إذن فهي ليست مغفرة عشوائية يعقبها طغيان من العبد وفساد في الأرض . ونذكر أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم والذي ورد في صحيح البخاري : تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم , قالوا : أعملت من الخير شيئا ؟ قال : كنت أنظر الموسر وأتجاوز عن المعسر , قال : فتجاوزوا عنه ... وهذا مثال آخر لعبد استحق المغفرة الإلهية لرحمته بالعباد وتجاوزه عما له في ذمة المعسرين . ومن رحمة الحق عز وجل أنه علمنا كيف نستجلب مغفرته فقال : ( يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) فالإيمان والتقوى إذن شريكان لابد من توافرهما لكي يغفر الله عز وجل للمستغفر . فمن يستغفر وهو كافر أو مشرك فلا مغفرة له , ومن يستغفر رياء دون خشية فعلية في قلبه وندم على الذنب فلا مغفرة له .. ولذلك كان المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وكما أخبرنا القرآن الكريم دائم الدعوة لمن حوله قائلا Sad قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالإيمان بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .. وليس الإيمان القلبي فحسب بل الإيمان القلبي الذي يصدقه العمل ... فمن آمن وعمل صالحا , صار في الإمكان أن يغفر له الله عز وجل ما اقترفه من ذنوب أن تاب وأناب . والحق سبحانه وتعالى يأمر عباده بدوام الاستغفار حيث يقول(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) وقوله تعالى : ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ) وقوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) . لذلك فإن ملائكة الله عز وجل وأنبياءه ورسله كانوا دائمين على الاستغفار . فالملائكة يستغفرون للمؤمنين كما ورد في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) سورة غافر ورسول الله موسى عليه السلام بعد أن وكز الرجل الذي من عدوه فقضى عليه . شعر بالندم والأسى على ذلك رغم أنه لم يكن يقصد قتله , فاستغفر ربه كما جاء في قوله تعالى : (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ونوح عليه السلام يطلب المغفرة له ولوالده و للمؤمنين كما في قوله تعالى : ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا) وسليمان عليه السلام وكما أخبرنا المولى عز وجل : ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) وإبراهيم عليه السلام قال كما حكى القرآن الكريم : ( فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ* الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ*وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ* وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ* وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ* وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) والمصطفى عليه أفضل الصلاة أتم التسليم والذي غفر له الله عز وجل ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما أخبرنا الحق عز وجل : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) سورة الفتح رغم ذلك كان يداوم على الاستغفار , وقد ورد في صحيح البخاري أنه قال : رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله , وما أنت أعلم به مني , اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي , اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت , وما أسررت وما أعلنت , أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير .... كما ورد في صحيح مسلم أنه قال : إنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة ... وحين غفر له المولى عز وجل ما تقدم من ذنبه وما تأخر لم يكن يقصد فتح باب المعصية على مصراعيه أمام النبي .... كلا ..... إنها المغفرة المبنية على علم الحق تبارك وتعالى بما عليه النبي من إيمان صادق مصدق بالعمل , وكشفه للغيب المستور والذي علم به أن هذه المغفرة سوف تزيد النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم طاعة فوق طاعته , حمدا فوق حمده , والنبي كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه , فقال له : غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ والحق تبارك وتعالى رحمة بأمة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قد منحنا سبلا للخلاص من الخطايا و للمغفرة الشاملة .. منها حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا .. فقد ورد عن النبي أنه قال : من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه .... وأيضا الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ... حيث ورد عن النبي أنه قال : الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر .... والصلاة بعد الذنب والاستغفار .. كما أخبرنا النبي حين قال : ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ... وليس ذلك فحسب بل إن المولى عز وجل قد جعل استغفار الأبناء للآباء بعد وفاة الأباء مسقطا للذنوب , وقد ورد عن النبي أنه قال : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث , صدقة جارية وعلم ينتفع به , وابن صالح يدعو له ... كما قال أيضا : إن الرجل لترفع درجته في الجنة باستغفار ولده .. وخير ما نختم به حديثنا دعاء لأحد العارفين قال فيه : اللهم اغفر لي تقصيري في حق نفسي وفي حقك من حيث كونك الآمر الناهي الواجب له الطاعة لا من حيث افتقارك إلى عبادتي .. وقول الحق عز وجل : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) سورة نوح

ياغفار يالطبف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 2:03 pm


القهار - 1



القهار اسم من أسماء الله الحسنى وهو كذلك خيراته كخيرات سائر أسماء الله الحسنى فهو كمال في كمال فالله تعالى مسيطر بتسييره فوق جميع عباده وحكمه في البرية سارٍ فلا يتسلط الغاشم المعتدي إلا على امرئ مستحقّ صدر عنه اعتداء وخرج منه التعدي .

أما المستقيم الطاهر فلا سلطان لمخلوق عليه ولا يسلب مال إنسان إذا كان ماله مزكى ولا يحرق ولا يغرق، فالذي استحكمت الشهوة بقلبه وسدت عليه منافذ النور يطلقه الله لما يريد بناء على حرية الاختيار التي أعطاه إياها ولكن حكم العدالة في البرية ساري فلا تظنن أن الذي اعتلجت في نفسه جريمة القتل أو السرقة أو الزنى والتعدي يستطيع أن يسرق أو يعتدي على أي إنسان أراد، فالله سبحانه القهار فوق عباده لا يمكّنه أن ينفذ ما يريد إلا على معتد مثله، {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} سورة الأنعام (129).

حتّى أنّ الزاني لا يقع عمله وعدوانه ولا ينفذ شهوته إلا على امرأة فاجرة خبثت نفسها وتطلبت هي أيضاً الفاحشة. {الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} سورة النور (3) .

وهكذا فهذه الذات العلية قائمة على الكون ومهيمنة عليه ويده تعالى القهار فوق عباده يسيّر الكون كلّه ضمن العدالة والرحمة ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة وتسييره كله ضمن الخير ولا يظلم ربك أحداً .

فالطاهرة الشريفة لا يستطيع الإنس والجن ولو اجتمعوا أنّ يمسّوها أو يلمسوها بفاحشة فالله القهار يبعث لهم ما يحولهم ويشغلهم ويقهرهم دونها، هذا من ناحية .

ومن ناحية أخرى إن كلّ من تنكّب سبيل الهدى وابتعد بهوى نفسه عن طريق الحق والرشاد فرحمة الله به تقتضي أن ينذره ليعود به إلى سبل الرشاد لينال سعادة الدنيا والآخرة بدل الخسارة الأبدية التي تفوق كلّ خسارة فمن رحمة الله به وحكمته أن يبعث له الشدائد والمصائب علّه يرجع عن غيه ويؤوب إلى رشده وإلى الصراط المستقيم وهو كذلك والشدائد تنزل بساحته والمصائب تحيط به لا حيلة له ولا مقدرة على ردها والناس جميعاً تعجز عن ردّ الزلازل التي تصيب أرضهم أو البراكين بحممها الهائلة وكذا الأعاصير والعواصف والحرائق الكبرى التي تذهب بالمدن والقرى بأسرها وكذا أمراض الأنعام والطيور التي تبيد الثروات الحيوانية وتضعف الاقتصاد، والحضارات والعلم البشري يعجز عن ردّ جائحات الأمراض المستعصية المتفشية بالبلاد ويبقون مقهورين مكسورين حيال كل ذلك حتى يغيروا ما بأنفسهم .

الله ينزل بالمعرضين أنواع الشدائد والبلاءات وهم لا يقدرون على ردّها.

فالله ينزل بالمعرضين أنواع الشدائد مهما بلغت قوتهم وحضارتهم وهم أرادوا الابتعاد عن منهل السعادة والجنات وأرادوا الدنيا المنقضية وشهواتها الرخيصة المنقضية والتي تعود على أنفسهم بالشقاء والآلام والخسارة فمن رحمة الله وحنانه أن يبعث لهم هذه الشدائد ليشدهم إلى سعادتهم حينما تصبح فيهم القابلية إلى الخير فلا يجبر أحداً ولا إكراه في الدين .

فهذه الشدائد كلها بالحقيقة خير بخير ولا تخرج عن الكمال والرحمة والحنان لأنها تشدهم إلى السعادة وإلى سبيل الهدى والرشاد، ولولاها ما دخل أحد الجنة، فالله يقهرهم بها، بحسب الاستحقاق ولكن بالنتيجة ليوردهم موارد النجاة فالجنات .

ولوضوح معنى اسم {القهّار}: لك في فرعون وآله خير مثال ففرعون ملك عالمي هدّد السحرة الذين آمنوا مع سيدنا موسى ليذبحنّهم وليصلبنّهم في جذوع النخل وليقطعنّ أيديهم وأرجلهم من خلاف، وكذلك بني إسرائيل ومضت عشرات السنين ولم يستطع أن ينفذ شيئاً مما أراد وتوعد به؛ لأنّ الله كلما أرادوا أن ينفذوا الشرّ دون حقّ كان يقهرهم بالطوفان والقحط والقمل والجراد والضفادع والدم وغيرها من شتى البلاءات، فيعودون مقهورين مكسورين عن شرورهم ويطلبون من سيدنا موسى إنقاذهم: {قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} سورة الأعراف (134) وحينما قال فرعون: ذروني أقتلْ موسى الذي لا استحقاق عليه قتل نفسه بالطوفان وجنوده، وعادت عليه نواياه بالسوء والدمار لبلاده: {..وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} سورة الأعراف (137).

فغرق فرعون وجنوده في اليمّ وبلادهم تدمرت بالزلازل وأنجى الله سيدنا موسى ومن معه .

وهكذا اسم الله القهار مهيمن في كلّ وقت وهو ضمن الرحمة والحكمة الإلۤهية، ففي كل حادثة يكون الله قاهراً فوق المعرضين المعتدين ومع التكرار في كل وقت وملازمة هذا الاسم لهم يكون تعالى قهاراً، فالله يتجلى على المعرضين الطغاة باسم القهار والقهر هنا منع التسلط بالظلم على غير المستحق، وعليها ينطبق الحديث القدسي الشريف: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا».

إذن: فالقهر الإلۤهي هو الحيلولة دون شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ودون إكراه المقهور ولكن يحوِّله عن غير المستحقّ قهراً ولو صمّم؛ إلى المستحقّ وبذا لا يتدخل في حرية اختياره.

وينطبق اسم القهار على كلّ من يخرج عن حدود الرحمة والإنسانية ليرده إلى سبل السعادة والهناء والإكرام والعودة به إلى الإنعام ويتولاه عندها بالرحمة إن تاب بعد فشله و غير و إذا أفرغ شره على مستحق لعل الأخر يغير.

فباسم الرحمن يعود على المعرضين بالشدة والبلاء ويقهرهم باسم القهار فإن أقلعوا عن طغيانهم ورجعوا إلى الحق عاد عليهم بالإكرام والإنعام باسم الرحيم .

فالله يتجلى على المعرضين الطغاة باسم القهار بما يصيبهم من شدائد ومصائب ليردهم عن غيهم ويعود بهم إلى إنسانيتهم، والجنة للإنسان ولكيلا يحرمهم من الجنات ولكيلا يوردوا أنفسهم موارد النيران .

فالقهار إذن من الأسماء الحسنى ولا يخرج بمعناه عن الكمال.

والحمد لله رب العالمين


يالطيف ياقهار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 2:08 pm

القهار - 2

القهر في اللغة هو السيطرة والغلبة ... والاسم قاهر , والقهار اسم على وزن صيغة المبالغة فعّال وهو اسم من أسماء الله الحسنى وهو يعني أنه لا شيء في الكون يخرج عن سيطرته وغلبته .. كل شيء خاضع لأمره في حركته وفي سكونه , ولا يمكن لمخلوق أن يخرج عن هذه السيطرة الإلهية بحال من الأحوال . وعن هذا القهر الإلهي يقول الحق عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) ولا يتصور أحد أن الإمساك المشار إليه في هذه الآية الكريمة هو إمساك باليد وما إلى ذلك من التصورات المادية .. بل هو إمساك بالقهر والغلبة .. إمساك الكلمة (كُن فَيَكُونُ) ... وهذا الثبات الكوني لاينحل إلا بالكلمة أيضا ولذلك يقول جل وعلا : ( حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة يونس

والكون بكل ما يحتويه يدل على صفة القهر لدى الله عز وجل .. فإذا نظرت نظرة عابرة إلى الكون وجدت أن كل مخلوق يسير وفقا للغاية التي أرادها الله من خلقه .. أنظر إلى الشمس والقمر .. الليل والنهار , تجد أنها كما أخبرنا الله عز وجل : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ* لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) سورة يس فالشمس تجري لمستقر لها في فلك خاص بها .. والقمر في فلكه الخاص .. وليس للشمس أن تقترب من مداره ولا للقمر أن يقترب من مدراها .. كل منهما يسير في الخط المرسوم ولا يخرج عنه , مما يحول دون التصادم بينهما .. وهذا الأمر ينطبق على حركة الأفلاك جميعا وليس الشمس والقمر فحسب .. ولكن الله عز وجل حين يضرب الأمثال يضربها بما هو واضح للعيان , وكذلك الليل والنهار يتعاقبان بانتظام .. فلا يأتي النهار قبل ميعاده أو يحل الظلام قبل أوانه وفي ذلك يقول جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة الأعراف كل شيء مسخر وخاضع للقهر الإلهي المطلق , حتى أعمال العباد , فمن كفر أو أشرك أو عصى فإنه لم يخرج عن إطار هذا القهر , وفي ذلك يقول جل وعلا : (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) وقال أيضا : (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) فالحق سبحانه وتعالى قادر على هدايتنا جميعا , ويستطيع أن يقهرنا على الإيمان , ولكنه لم يشأ ذلك وشاء أن يمنحنا الاختيار . ويخضعنا للاختبار , فالمسلم يختبر في أفعل ولا تفعل , وغير المسلم يختبر هل سيقدر الله حق قدره فيبحث عن طريق الهداية والحق أم يعرض ويتناسى , وحتى يكون الاختبار حقيقيا فتح الله عز وجل المجال أمام المعاصي ليعصي والكافر ليكفر والمشرك ليشرك .. فالكل إذن في ظلال دائرة القهر .. والكل لم يخرج عن الإرادة الإلهية . ومن الآيات القرآنية التي أثارت جدلا في هذه القضية قول الحق عز وجل : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) إذ أراد البعض أن يجعلها دليلا على أن الإنسان يسير سيرا مطلقا في ظل القهر والإلهي .. ويكون بذلك مجبرا في كل أفعاله , بزعم أن أعمالنا مخلوقة كما أشارت الآية الكريمة ... والحقيقة أن هذا فهم خاطئ , ونوضح معنى هذه الآية بمثال .. هب أن إنسانا قفز إلى منزل وقتل صاحبه وسرق ما به من مال .. فهل هذا يعني أن الله عز وجل هو الذي خلق فعل القتل الذي قام به هذا الشخص وفعل السرقة الذي آتاه .. بالقطع كلا .. لأن الذي خلقه الله عز وجل هو إمكانية القيام بفعل معين وليس فعلا محددا بذاته .. إن الله عز وجل الذي أعطاك يدا تبطش بها ورجلا تسير عليها قد جعل في إمكانك أن تقتل أو تسرق , كما جعل في إمكانك أن تصلي وتتصدق , فإذا قتلت إنسانا بيدك وقيل : إن الله هو الذي خلق هذا القتل فإذا هذا يعني أنه جلا وعلا قد جعل في إمكانية يدك أن تقتل , وليس معنى ذلك أنه هو الذي دفعك وقهرك على قتل من قتلت . كذلك إذا صليت فإن الله عز وجل هو الذي خلق فعلك للصلاة بمعنى أنه جعل في إمكان بدنك أن يؤدي الصلاة , وليس معنى ذلك أنه قهرك على أدائها . إن كل عمل يؤديه العباد مخلوق , بمعنى أن الله عز وجل هو الذي أعطي العباد إمكانية القيام به , وفي هذا المعنى يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابه القيم إحياء علوم الدين : إن انفراد الله سبحانه وتعالى باختراع حركات العباد لا يخرجها عن كونها مقدورة للعباد على سبيل الاكتساب وعلى هذا النحو يمكن فهم قوله تعالى : (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) فلولا أن الله عز وجل قد جعل في إمكان الإنسان أن يكفر لما استطاع أن يكفر , ولو لم يجعل في إمكانه أن يعصى لما استطاع أن يعصي كشأن الملائكة . وبهذا المعنى فإن مشيئة الإنسان لم تخرج عن مشيئة الله عز وجل , وعلم الإنسان لم يخرج عن القهر الإلهي . ومن الآيات التي أوحت للبعض بأن الإنسان مقهور على أعماله قوله تعالى : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) فقالوا : إن قوله جل وعلا : ( فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا) يعني من جهة أن هذه المصيبة من خلق الله , كما يعني أنها مكتوبة من قبل أن تقع . ونقول ردا عليهم : إنه فيما يتعلق بكون هذه المصيبة مخلوقة فقد أوضحنا هذا المعنى في شرح قوله تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) وفيما يتعلق بكونها مكتوبة قبل أن تحدث فهذا صحيح .. ولكن نبادر فنقول : إن هذه الكتابة قد بنيت على علم الغيب الذي ينفرد به الله عز وجل . فالحق تبارك وتعالى عالم بالأحداث قبل أن تقع .. فإذا كتبها وحدثت بعد ذلك فإن هذا لا يعني أننا ننفذ ما كتبه الله علينا قهرا . ولتوضيح ذلك , هب أن شخصا قام بتسجيل حلقة علمية أو دينية على شريط فيديو , فهل يمكن أن نقول إن هذا الشخص كان له تأثير على مجريات هذه الحلقة , هذا مع الأخذ في الاعتبار الفرق الشاسع بين المثال السابق وحقيقة الكتابة الإلهية , لأن الله عز وجل ليس منقطع الصلة بأعمال العباد .. فهو الذي يزيد الذين اهتدوا هدى .. وهو الذي يمد الطغاة في طغيانهم يعمهون , هذا فضلا عن أن هناك أحداثا تقع بالإرادة المطلقة له عز وجل , بمعنى أنه قدرها وكتبها لتحدث .. أي ليست الكتابة المبنية على كشفه عز وجل للغيب المستور . ومن هذه الأحداث .. الميلاد والموت .. الصحة والمرض .. الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وخلافه . ومن الخطأ الجسيم أن يزعم إنسان أن الله عز وجل قد كتب عليه مقدما أنه من أهل النار أومن أهل الجنة . وأنه مهما فعل لن يغير المكتوب , لأنه وكما ذكرنا من قبل أن هذه الكتابة لم تفرض علينا أعمالنا .. بل إن الله عز وجل قد كشف الغيب المستور وشاهد الأعمال قبل أن تقع فسجلها بعلمه للغيب , وليس على الإنسان أن يشغل باله بهذه المسألة ويجب أن يضع في ذهنه قوله الله عز وجل : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) وأؤكد على هذه الجزئية كثيرا ما أسمع شخصا يقول : ما فائدة الأعمال الصالحة إذا كان الله عز وجل قد كتب علىّ من البداية أنني من أهل النار ؟ .. وهذا الكلام محض هواء , ونقول لقائله : ومن الذي أدراك ما الذي كتبه الله لك ؟ .. ولماذا افترضت أنك من المدرجين مع أهل النار وليس من أهل الجنة ؟ إن فكرة المصير المحتوم مسبقا إلى الجنة أو إلى النار فكرة خاطئة , وما دمت أنك على قيد الحياة فتؤمن أن مصيرك لم يتحدد بعد , ولو كان العلم الإلهي المسبق بالأحداث بهذا المعنى الخاطئ الذي يفهمه هذا الشخص لما قال المولى عز وجل : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي) إذ ما معنى أن يستجيب الله عز وجل للدعاء والمصير محتوم ومعلوم ؟ ولماذا قال أيضا في الحديث القدسي : يا ابن آدم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي , يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك , يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ) فما ما معنى أن نستغفر على الذنوب والمصير محتوم ومعلوم ؟ إنه لا تعارض مطلقا بين القهر الإلهي المطلق وبين الاختيار البشري .. وندعو الله عز وجل أن يفتح بصائرنا لنفهم هذه الأمور على وجهها الصحيح . ومن القضايا التي أود أن أتحدث عنها أيضا هي قول البعض بأن الأحداث التي تقع بالإرادة المطلقة لله عز وجل كالميلاد والموت .. الصحة والمرض , قد تكون لها تأثير على اختيار الإنسان , وضربوا مثلا لذلك بمن يولد على غير الإسلام ومن يموت شابا قبل أن يصل إلى مرحلة الشيخوخة والتي دائما ما يعود فيها الإنسان إلى خالقه . ولهؤلاء نقول : إن العدل الإلهي المطلق لا تفوته أشياء قد استوقفت عدلكم المحدث , فعدلكم نفحة من العدل الإلهي ونقول لهم : إن هذه الأشياء مأخوذة في الاعتبار في الدنيا والآخرة .. وليس أدل على ذلك من أن الكافر أو المشرك إذا رجع عن كفره أو شركه فإن الله عز وجل يغفر له ما تقدم من ذنبه , وهذه منحة ليست في يد المسلم .. كما أنها مأخوذة في الاعتبار يوم القيامة , والحق سبحانه وتعالى يقول : (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) سورة النساء واسم الله القهار قد ورد مقترنا باسمه الواحد في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى : ( قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) وقوله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) وهو جل شأنه القهار منذ الأزل إلى الأبد .. وسوف ينادي يوم القيامة ويرد على نفسه قائلا : ( لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) سورة غافر

يالطيف ياقهار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رمضان عثمان
 
 
رمضان عثمان


الموقع : الخرطوم
عدد المساهمات : 743
تاريخ التسجيل : 11/04/2011
العمر : 47

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 2:11 pm



ماشاء الله تبارك الله مجهود طيب أخونا ماهر


وأنا من المداومين علي الإطلاع علي هذا البوست


ربنا يثبت أجرك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 2:13 pm


الوهاب
الوهاب اسم من أسماء الله الحسنى – فما دلالة هذا الاسم، وما الفرق بين الوهاب والعاطي؟.

الهبة هي العطية الخالية عن الأعواض وعن الأغراض.. فإذا كثرت العطايا بهذه الصفة يسمى صاحبها " وهابا " كما يسمى " جوادا "، والله تعالى هو الوهاب وهو العاطي بغير حساب.

والجود والعطاء والهبة كلها من الله تعالى، فهو الذي يعطي كل محتاج ما يحتاج إليه لا لعوض ولا لغرض عاجل ولا آجل.. والعطاء عطاءان : عطاء ظاهر في الأقوات والأطعمة والأبدان، وعطاء باطن في المعارف والمكاشفات، وذلك للقلوب والنفوس والعقول وهو أشرف العطاءين، فإن ثمرته حياة الأبد.

وهل هذا هو الفرق بين عطاء الله وعطاء العباد ؟؟

الفرق بين عطاء الله وعطاء العباد فرق غير محدود، فالله تعالى يعطي كل أنواع العطاء ويرزق كل أنواع الأرزاق بلا غرض ولا من، والخلق غير ذلك، منهم من وهب وله في هبته غرض يناله عاجلا أو آجلا سواء كان مدحا أو ثناء أو مودة، أو تخلص من مذمة، أو اكتساب ذكر حسن، فهذا معتاض وليس بوهاب، وهذا عمل العباد يقصدون العوض مقابل هبتهم، أما الله العاطي الوهاب فهو غير ذلك، ولهذا كان من أسماء الله الحسنى الوهاب، ومنها كذلك العاطي.

هل يتصور من العبد الجود والهبة لذات الجود والهبة؟؟

نعم، قد يتصور مثل ذلك من العبد فقد يبذل العبد جميع ما يملكه حتى الروح لوجه الله تعالى، وهذا العبد جدير بأن ينال رضا الله، فعمله لوجه ربه يوصله إلى نعيم جنته، ويبعده من عذاب ناره، وهذا العبد نال اقترابه من الله بأن أخذ من صفات أسماء الله الحسنى.

فحظ العبد هنا رضا الله تعالى ولقاؤه، وتلك هي السعادة العظمى التي يكتسبها الإنسان بأفعاله الخالصة لله، وهو الحظ الذي يستحقر سائر الحظوظ، ويبذل الهبة لذات الهبة ابتغاء مرضات الله تعالى ووجهه الكريم.

وهل في عباد الله صفات من اسم الله الوهاب؟؟ نعم هناك من عباد الله من لم يبق له مقصد إلا الله تعالى، فلم يكن له محبوب سوى الله ولا مطلوب سوى الله، وجعل حظه الإبتهاج بلقاء الله والقرب منه والمرافقة للملأ الأعلى المقربين من حضرته، وبذلك أخذ مثل هذا العبد من صفات اسم الله الوهاب، وهو من الأسماء الحسنى.

ومثال آخر :

الوالدة والوالد والذي يرعى ولده لذاته لا لحظ يناله منه، وإنما حظه أنه معنى بمراعاته، فالولد سلامة للوالدين لذات الولد وعطاء الوالدين للولد عطية خالية عن الأعواض وعن الأغراض

يالطيف ياوهاب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 2:14 pm


وربنا يثبت اجرك برضه يارمضان... وشكرا علي التشجيع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فخرالدين عثمان
 
 
فخرالدين عثمان


الموقع : الخرطوم
عدد المساهمات : 371
تاريخ التسجيل : 02/06/2011

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 2:27 pm

يعطيك ألف عافية أخونا ماهر
صراحة موضوع من الاهمية بمكان إنو الناس تقيف عنده وتتأمل فيه
وذلك للفائدة الكبيرة الممكن نطلع بيها منه
بس يا ريت لو كنت أديتنا ليه جرعة جرعة عشان الواحد يقدر يستوعبه تمام
وبعدين الموضوع مهما كان قيُم وجميل لو بقى طويل شوية بفقدك التركيز
ده من ناحية أما من ناحية تانية , تعرف الناس بعد مرات ما بكون عندها زمن كتير عشان
تدخل المنتدى فالموضوع إذا بقى طويل أكيد الزمن ما حيسعفها وقد يضطروا إلى تأجيل قراءته
وبعدين إحتمال زحمة المواضيع بالمنتدى تقوم تغطى عليهو ويتنسى
( مجرد رأى )

دمتم سالمين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 3:04 pm


والله حتي انا شايف انه رايك في محله
وشكرا للتنبيه وانشاء الله واحدة واحدة ... وطلقة طلقة ودانه دانه...وطلقه تعرف وين مكانه

بس نقول يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فخرالدين عثمان
 
 
فخرالدين عثمان


الموقع : الخرطوم
عدد المساهمات : 371
تاريخ التسجيل : 02/06/2011

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالأحد 19 يونيو 2011, 3:27 pm


دمت يا حبوب وشاكر ليك تواضعك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بايعة الكسره
 
 
بايعة الكسره


الموقع : khartoum
عدد المساهمات : 749
تاريخ التسجيل : 16/03/2011

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالسبت 16 يوليو 2011, 11:01 am

تحياتي
مشكور الاخ ماهر وربنا يجعله فى ميزان حسناتك واسمح لى اشارك فى الموضوع
الوكيل
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى وكفى بالله وكيلا وقال (( حسبنا الله ونعم الوكيل )) ومعناه المتولى باحسانه أمور عباده ، الموكول اليه كل أمر ، الكفيل بالخلق ، فمن توكل عليه تولاه ،ومن استغنى به أغناه . وجدير بذاكر هذا الاسم أن يقوم بشئون اخيه المؤمن ، وأن يرعى كل ما يوكل اليه من أمور الناس بهمه واخلاص ؛ قال تعالى (( والؤومنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) والحديث الشريف يقول (( والله فى عون العبد مدام العبد فى عون اخيه )) وأسأل الله العفو والعافيه فى الدين والدنيا والآخره وان يقيك شر الناس ، ويقيهم شرك ، واعلم أن لغه المتضرعين الى الله تعالى هى الدموع فابك له واشغل روحك بحلاوه ذكره . واللــــــــــــه تعالى اعلى واعلــم
طبعا فى الموبايلات فى خدمة اسمها اسماء الله الحسنى فاشتركت فيها قلت حاجة مفيدة وعينك ماتشوف الا النور كل ماادخل اسكراتش يسحبوا الرصيد ويرسلوا لى طول ماعندى رصيد قمت قلت اهه اصبر بعد ال99 اسم اشوفهم حايعملوا شنو تتخيل بعد ال99 اسم عملوا شنو ههههههههههههههه
وفى امان الله
[u]
[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالثلاثاء 16 أغسطس 2011, 4:57 am


مشكورة دكتورة عايده
طبعا بعد ال99اسم لازم يكونوا ادوكي دعوه تقيله بي حقها

كله اجر انشاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالثلاثاء 16 أغسطس 2011, 5:05 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

اسم الله ( الرزّاق ):

1 – ورودُ اسم ( الرزّاق ) في القرآن والسنة:

أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، إنه اسم ( الرزاق )، فالله سبحانه وتعالى سمّى نفسه (الرزاق) في الكتاب وفي السنة، ففي الكتاب في قوله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) ﴾

( سورة الذاريات)
وفي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ))

[ الترمذي ]

هذا الاسم الكريم ورد مطلقاً ومعرفا بـ ( ال )مراداً به العلمية، دالا على كمال الوصفية.

2 – معنى صيغة المبالغة في ( الرزّاق ):

وصيغة هذا الاسم صيغة مبالغة، وإذا جاءت أسماء الله الحسنى بصيغة المبالغة فتعني شيئين: تعني كَمًّا، وتعني نوعاً، الله عز وجل يرزق من يشاء بغير حساب، ويرزق النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، يرزق كل المخلوقات، لذلك الله عز وجل يقول:

﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا (6) ﴾

( سورة هود)

كلمة ( الدابة ) جاءت نكرة تنكير شمول، لتشمل هذه الكلمة كل شيء يدب على وجه الأرض، و( مِن ) تفيد استغراق أفراد النوع.
لو دخلت إلى صف وقلت: هؤلاء الطلاب لهم عندي جائزة، أي الذين أمامك، أما إذا قلت: ما من طالب في هذا الصف إلا وله عندي جائزة، شمل الغائبين، إذًا ( من ) تفيد استغراق أفراد النوع، فإذا جاءت ( على ) قبل لفظ الجلالة دلت على الإلزام الذاتي، أن الله سبحانه وتعالى ألزم ذاته العلية برزق العباد.

قوانين الرزق متحركة غير ثابتة:


أيها الإخوة، الآيات كثيرة جداً، والموضوع واسع جداً، ولكن لحكمة بالغة ثبتَ الله ملايين القوانين كي تستقر حياتنا، وكي تنتظم، ولكنه لحكمة بالغة حرك قوانين الصحة والرزق، وكأن الصحة والرزق أداتان لتربيتنا، لذلك:

﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾

( سورة الجن )

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾

( سورة الأعراف الآية: 96 )

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ﴾

( سورة المائدة الآية: 66 )
ويقاس على ذلك، لو أن المسلمين أقاموا القرآن الكريم لأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، وقد يُحرَم المرء بعض الرزق بالمعصية، إذًا حرك الله قوانين الرزق، وربطها بالإيمان والاستقامة، وإقامة أمر الله، قال تعالى:

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) ﴾

( سورة نوح )

أيها الإخوة الكرام، ثبات آلاف القوانين من أجل استقرار الحياة، ثبات قوانين المعادن، فقد يبنى بناء شامخ، الحديد خصائصه ثابتة، لو تغيرت خصائص الحديد لانهار البناء.
ثبات خصائص البذور، ثبات ملايين القوانين، لكن الرزق ليس ثابتا، والصحة ليست ثابتة، وكأن الصحة والرزق أداتان من أدوات تربية الله لنا، فلذلك ربط الرزق أحيانا بالتقوى والاستقامة، والطاعة والاستغفار، وهناك بحث قيم جداً حول زيادة الرزق وفق الكتاب والسنة.

كلمة ( الرزق ) واسعة عي محصورة في المال:

لكن النقطة الدقيقة أن كلمة رزق أوسع بكثير من أن تكون مالاً أو طعاماً وشراباً، والدليل على ذلك قوله تعالى:

﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) ﴾

( سورة الواقعة )
فالإنسان إذا عرف الله فهذا رزق من الله، فإذا ألقى الله في قلب الإنسان الأمن فهذا من رزق الله، الأمن رزق، إذا ألقى الله في قلبك الرضا هذا رزق، إذا ألقى الله في قلبك السكينة فهذا رزق، إذا ألقى الله في قلبك الرحمة فهذا رزق، لذلك الأرزاق أوسع بكثير من أن تكون مالاً أو صحة أو طعاماً وشراباً.
الرزق هو الشيء الذي تنعم به، فنعمة الأمن من أعظم الأرزاق، والرضى من أعظم الأرزاق، والصحة من أعظم الأرزاق، لذلك العلماء أشاروا إلى ما يسمى الرزق السلبي، حينما تعافى من جميع الأمراض فهذا رزق سلبي، يمكن أن يدفع الإنسان الملايين لمعالجة جسمه من مرض عضال، حينما ينجو الإنسان من ظلم ظالم قد يبدد المال كله، هناك رزق سلبي، وهو من خصائص المؤمنين، فإذا نجاك الله من أمراض عضالة، من ظلم الظالمين فهذا رزق.
فلذلك الرزق أوسع بكثير من أن يكون طعاماً وشراباً، أو من أن يكون مالاً، لذلك إن الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خلقه، و لكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين، السكينة رزق، كما أن المال رزق، والجمال رزق، والصحة، والقوة والسكينة رزق، والرضى رزق، والحكمة رزق، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) ﴾

( سورة البقرة)
وأرزاق الله عز وجل لا تعد ولا تحصى، ولكن معظمه يستحقه المؤمن بإيمانه وتوحيده واستقامته، وإذا ذهبت لتعدد النعم التي أسبغها الله على المؤمنين فإنها نعم عظيمة لا تعد ولا تحصى.
أيها الإخوة، من أشقى الناس مَن كان رزقه من الله أن يكذب بآياته، قال تعالى:

﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) ﴾

( سورة الواقعة )
بعثة النبي أعظم منحة إلهية لنا، القرآن الكريم منهج عظيم سخره الله لنا، لذلك أيها الإخوة، يجب أن نفهم مبدئياً أن الرب رب، وأن العبد عبد، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى حينما أراد أن يؤكد بشرية الأنبياء ماذا قال ؟ قال تعالى:

﴿ وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20) ﴾

( سور الفرقان )
أي هم مفتقرون في وجودهم إلى تناول الطعام، ومفتقرون في ثمن الطعام إلى أن يمشوا في الأسواق، هذا شأن العبد، مفتقر إلى الطعام والشراب، ومفتقر إلى ثمن الطعام والشراب، إذًا هو يعمل، فالذي يعمل ليكسب مالاً ليشتري طعاماً ليس إلهًا.

﴿ وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20) ﴾

( سور الفرقان )

من معاني الرزّاق خلقُ الأرزاق بحكمة من حيث النوع والكم والوقت والتتابع:

أيها الإخوة الكرام، من معاني الرزاق أنه خلق الأرزاق، كم من الدواب يذبح كل يوم على مستوى الأرض ؟ مليارات، هذا رزق العباد، كم من أطنان القمح ينتج كل عام ؟ بلدنا الطيب المتواضع ينتج أحيانا من محافظات شمال شرق ستة ملايين طن، وحاجة بلدنا كله إلى مليون طن فقط، إذًا الله عز وجل رزاق، مَن خلق هذا القمح ليكون غذاء كاملا ؟ الله جل جلاله، مَن جعل سوق القمح غذاء نموذجيا كاملا للدواب ؟ الله جل جلاله، التبن الذي هو سوق القمح هذا غذاء إستراتيجي للأنعام، من صمم القمح ليكون غذاء كاملاً ؟ عدد أنواع القمح بعشرات الألوف، هذا القمح ينبت في الصيف والشتاء، وفي قمم الجبال وفي الوديان والصحاري والسواحل، وفي المنطقة الحارة والباردة، أنواع منوعة رزقا للعباد، الله عز وجل جعل هذا الغذاء كاملا، من أعطى هذه الدابة القدرة على إنتاج الحليب ؟
مما يلفت النظر أن الغدة الثديية في البقرة شيء محير، إنها كالقبة تماماً، فوق هذه القبة شبكة أوعية دموية كثيفة جداً، وأن الخلية الثديية تختار من الدم حاجتها لتكوين الحليب، قال تعالى:

﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) ﴾

( سور النحل )
الفرث قد يكون سائلاً، وقد يكون غازياً، كثاني أكسيد الفحم، وقد يكون صلباً كالروث.

﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) ﴾

( سور النحل )

هذا الحليب الذي وهبنا الله إياه عن طريق الأنعام غذاء كامل، ما شرب النبي عليه الصلاة والسلام من هذا الحليب شيئاً إلا قال: اللهم زدنا منه، مشتقات الألبان غذاء أساسي للإنسان، من صممه ؟ من خلقه ؟ الله جل جلاله.
هذه الفواكه التي ترونها من صمم أنها تنضج خلال صيف بأكمله، لماذا القمح ينضج في يوم واحد ؟ والفواكه تنضج على مدى الصيف ؟
حدثني أخ كريم ضمن حقل من البطيخ قال لي: جنيت منه قدرَ تسعين سيارة، كل يوم سيارة مملوءة على مدى ثلاثة أشهر.
من جعل الفاكهة تنضج تِباعاً ؟ من برمج أن هذه فواكه تبدأ بالكرز، ثم المشمش، ثم التفاح، ثم الأجاص... من وزع نضج هذه الفواكه، وجعل آخرها العنب على مدى الصيف، تصميم من ؟ رزق من ؟
لذلك معنى الرزاق أنه خلق الأرزاق، لكن الذي يلفت النظر تناسب هذه الأرزاق مع بنية الإنسان، القمح غذاء كامل للإنسان.

حليب البقرة:


فهذه الغدة الثديية خلية تختار هي مِن شبكة الدم الذي فوقها ما يناسبها لصنع الحليب، أما كيف تختار، وكيف تصنع الحليب، هذا حتى الآن شيء غير معلوم، لكن هذه الغدة الثديية التي على شكل قبة تأخذ حاجتها من الدم، وترشح نقطَ من الحليب، هذه النقاط تجتمع في ثدي البقرة، ثدي البقرة يجمع أربعين كيلوا من الحليب، ولئلا يتمزق هذا الثدي هناك جداران داعمان متعاكسان في ثدي البقرة، ولكل جزء من هذا الثدي حلمة، لو أن أربعة إخوة لهم بقرة، كل أخ يأخذ من حلمة نصيباً متساوياً مع بقية إخوته، قال تعالى:

﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ (5) ﴾

( سور النحل )
هذا معنى اسم ( الرزاق )، من صمم هذه البقرة ؟ إنها معمل صامت رائع، تأكل الحشيش فتعطيك الحليب، من صمم الدجاجة تأكل كل شيء فتعطيك البيضة ؟ من صمم هذه الفواكه والثمار؟ هذه الخضراوات ؟ من صمم المحاصيل القمح والشعير والعدس والحمص ؟ من جعل هذه المواد متوافقة أتم التوافق مع بنية الإنسان ؟ لو أن التفاحة مثلاً بقوام لا يقطع بأسنانك ماذا تفعل ؟ لو أن طعم التفاحة لا يحتمل لا تأكلها، لو أن شكلها لا يعجبك لا تأكلها، الشكل مناسب، والطعم مناسب، والقوام مناسب، وفيها معادن، وفيها حديد، وفيها مغنيزيوم، ومواد سكرية، وحجم معتدل، ولها قشرة تحميها من العطب، هذا تصميم من ؟ لذلك أيها الإخوة، قال تعالى:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾

( سور عبس )
هذا أمر إلهي في القرآن الكريم، وكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، قال تعالى:

﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) ﴾

( سور عبس )

إذاً: التفكر في الرزق من موجبات القرآن الكريم، لأن القاعدة الأصولية: كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، وأنت تأكل الطعام صباحاً وظهراً ومساءً تفكر، الزبدة من مشتقات الألبان، واللبن المصفى من مشتقات الألبان، والجبنة من مشتقات الألبان، والقشطة من مشتقات الألبان، والسمن من مشتقات الألبان، ما هذه الألبان التي أكرمنا الله بها ؟

الأرزاق متناسبة مع بنية الجسم:

لذلك أيها الإخوة، مما يلفت الأنظار أن هذه الأرزاق متناسبة تناسباً رائعاً مع بنية الجسم.
أحياناً تشتري قطعة لمركبتك، حينما تأتي في مكانها الصحيح، على مستوى الميليمتر معنى ذلك أن المعمل واحد، المعمل الذي صنع السيارة هو الذي صنع هذه القطعة، وتناسب الأرزاق بدءاً من العدس والشعير، والقمح والحمص إلى الخضراوات إلى فواكه، إلى الألبان إلى العسل، تناسب هذه الأرزاق مع بنية الجسم هذا من صنع الحكيم، وهذا يؤكد اسم ( الحكيم ) أيضا.

كيف يكسب الناس الأرزاق ؟


شيء آخر، كيف تكسب هذا الرزق ؟ جعل لك معايش، هذا معنى دقيق جداً، فكم من إنسان في الأرض يعيش على طول الشعر ؟ ملايين، كم من إنسان يعيش على الحر المكيفات والبرادات والثلج ؟ كم من إنسان يعيش على الحر ؟ كم من إنسان على الأرض يعيش على البرد ؟ كم من إنسان في الأرض يعيش على جهل الصغار بالتعليم والجامعات، كم من إنسان يعيش على المرض ؟ كم من طبيب في الأرض ؟ معنى معايش أي: أسباب لكسب الرزق، وجعلها متناسبة مع الإنسان، ثم أعطاك وسائل كسب الرزق.
إنّ الإنسان يتمتع بخبرة عالية، هذه الخبرة مودعة في ذاكرته، والإنسان يتبدل تبدلا كاملا كل خمس سنوات، إلا دماغه وقلبه، إذا تبدل الدماغ خسر كل خبرته، فيقول: أنا كنت طبيبا، لكن ثبات خلايا الدماغ مِن نعمِ الله الكبرى.

الخبرات:

وأحد أسباب كسب الرزق خبراتك، والخبرات التي تملكها إما خبرات في الطب، أو الهندسة، أو الفيزياء، أو الكيمياء، أو الرياضيات، أو الفلك، أو في صنعة، أو في حرفة، أو في مهارة، أو في شيء آخر، فكلّ إنسان يعيش بالخبرة التي يملكها من حرفة يحترفها، من مهنة يمتهنها، فهي خبرات متراكمة.
إذاً: الله عز وجل فضلاً على أنه خلق لك الأرزاق، وجعلها متوافقة توافقا تاماً مع خلق الإنسان، أعطاك وسائل لكسب الرزق، كل واحد منا له عمل، والعمل بفضل مهارات يملكها وخبرات، هذا بالتجارة، هذا بالصناعة، هذا بالزراعة، هذا بالطب، هذا بالهندسة، هذا بالتدريس، هذا بالفيزياء، بالكيمياء، بالحقوق لحل مشكلات الناس، كل إنسان يعيش من حرفة، من مجموعة خبرات متراكمة يستخدمها لكسب المال، إذاً: الله عز وجل جعل لك معايش، والآية دقيقة:

﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ (10) ﴾

( سور الأعراف )

يعني وسائل فعالة لكسب الرزق.

بين فقرِ القدَر وفقرِ الكسل فقرِ الإنفاق:

أيها الإخوة الكرام، لكنك إذا رأيت إنساناً فقيراً فأنا لي رأي في هذا الموضوع، هناك فقر القدر، إنسان معه عاهة معذور عند الله، هذا قضاء الله وقدره، وله حكمة بالغة، عرفها مَن عرفها، وجهلها مَن جهلها، لكن هناك الفقر المذموم، وهو فقر الكسل، هذا صاحبُه يرجئ، ولا يتقن عمله، بل يقصر ويغش أحياناً، هذا الإنسان إذا كان فقيراً ففقره من خطأ يرتكبه، إنه الكسل، أنا أسميه فقر الكسل، وهناك فقر الإنفاق، فقر سيدنا الصديق حينما أنفق ماله كله، فقال: يا أبا بكر، ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال: أبقيت الله ورسوله، هناك فقر القدر، وفقر الكسل، وفقر الإنفاق.

أسباب الرزق:


لكن الرزق أيها الإخوة له سببان أساسيان، أن تأخذ في أسباب الرزق، ثم تتوكل على الله.

السبب الأول: الأخذ بالأسباب:

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))

[ أبو داود وأحمد ]

أن أسعى، أن أخرج من البيت، أن أقرأ الصحف التي فيها إعلانات لأعمال، أن أتحرك.

السبب الثاني: التوكُّل على الله:

ثم أتوكل، لذلك لما سيدنا عمر رأى أناساً يتكففون الناس في الحج فقال: << من أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: كذبتم، المتوكل من ألقى حبة في الأرض، ثم توكل على الله >>.
يدرس، يجمع الخبرات، يطرق أبواب الوزارات، أحياناً يفتح الصحف التي فيها إعلانات عمل، هذا هو السعي، وبعدئذ يتوكل على الله عز وجل.
أيها الإخوة الكرام، لكن آية مهمة جداً تحتاج إلى شرح طويل، هي قوله تعالى:

وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ﴾

( سورة الطلاق )
أنا متى أقول: أين المخرج ؟ حينما تكون الأبواب كلها مغلقة أبحث عن المخرج، أحيانا كلما طرقت باباً رأيته مسدودا، فباب الوظيفة مسدود، وباب التجارة مسدود، وباب الصناعة مسدود مثلاً، فالرزق أحياناً يجعلك في حيرة من أمرك، الأبواب كلها مغلقة، اتق الله، طبق منهج الله، وانتظر أن يفتح الله لك أبواب رزقه، هذه آية، ولزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، والآية وعد:

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

( سورة الطلاق )
هذا الكلام موجه للشباب، الشاب بحاجة إلى عمل، بحاجة إلى مسكن، بحاجة إلى زوجة، وقد يتوهم أحياناً أن الطرق كلها مسدودة.

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ﴾

( سورة الطلاق )
هذا كلام خالق الأكوان، هذا كلام من هو طليق الإرادة، هذه الآية وما فيها من وعد لا علاقة لها بالظروف كلها، ظروف صعبة، بطالة، فرص عمل قليلة، هذا كله كلام غير مقبول.

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ﴾

( سورة الطلاق )

ولهذه الآية وقفة متأنية إن شاء الله في لقاء قادم.
والحمد لله رب العالمين
يارزاق يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وصفية عيسي
 
 
avatar


عدد المساهمات : 719
تاريخ التسجيل : 25/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالثلاثاء 16 أغسطس 2011, 8:10 am

اللهم اجعله في ميزان حسناتك الاستاذ ماهر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماهر عابدين دياب
 
 
ماهر عابدين دياب


الموقع : لندن
عدد المساهمات : 2905
تاريخ التسجيل : 02/05/2010

اسماء الله الحسني Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسماء الله الحسني   اسماء الله الحسني I_icon_minitimeالإثنين 24 أكتوبر 2011, 10:45 am


- اسم الله الفتاح


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهلا بكم واليوم أول اسم من أسماء الله الحسنى، وهو اسم الفتاح، والفتاح جاء في القرآن مرتين، أما كلمة يفتح وفتحنا فجاءت في القرآن كثيراً، المرة الأولى "... رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ " (الأعراف: 89). والمرة الثانية " قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ " (سبأ: 26).

مقال اليوم مكونة من أربع محاور:

¤ ما معنى الفتاح؟ – كيف أتعرف على الله باسمه الفتاح-.

¤ نقاط هامة وأنت تتعامل مع الفتاح (4) نقاط.

¤ رمضان شهر الفتح ولهذا هو أول اسماً نبدأ به.

¤ واجبك تجاه اسم الفتاح.

¤ ما معني اسم الله الفتاح :

الناس العادية تقول لك ربنا يفتحها في وجهك، أصحاب المحلات والمهن وهم يفتحون كل يوم في الصباح أول كلمة: يا فتاح يا عليم، العلماء عندما يجدوا شاب وقد فتح الله عليه في العلم يقولوا له: اذهب ربنا يفتح عليك فتوح العارفين.. ما هو الموضوع ؟ وما سر اسم الله الفتاح على ألسنة الناس العادية؟ تعالوا نبدأ نغوص ونقترب من اسم الله الفتاح.

إن كلمة فتح لغوياً عكس مغلق.. الفتح هو إزاله كل شئ مغلق، هل تستطيع أن تقول فتحت باب وهو أصلاً مفتوح؟ بل يجب أن يكون مغلق.. اسم الله الفتاح له ثلاث معاني:

1. الذي بإرادته وقدرته يفتح كل مغلق فيكشف الكرب، ويزيل الغمة، ويرفع البلاء، ويكشف العسر.. لو أغلقت الأبواب في وجهك، لو الناس قالت لك : ليس هناك فائدة، لو أظلمت الدنيا، وخنقتك دموعك اذهب للفتاح، إن استقر هذا المعني في قلبك وعرفت الله بهذا المعنى إذاً أنت أقوى إنسان في الوجود، إذهب وتذلل وابكي واسجد بين يديه سيفتح لك إن شاء الله، الذي فطر وخلق السموات والأرض هو الذي يملك أن يقول سبحانه وتعالى: "مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "(فاطر: 2). إذا فتح لك الأبواب فمن الذي يقدر أن يغلقها؟ لو فتح لك باب رحمة لحل مشكلتك قوى الأرض مجتمعة لن تستطيع إغلاق باب الله فتحه لك. مَن عنده مشاكل عائلية، ومَن العلاقة بينه وبين إمرأته أُغلقت وستصل للطلاق، والإخوة الذين بينهم مشكلات عائلية، لو أُغلقت عليك المشكلة المادية تماماً إذهب للفتاح.. تذلل.. اسجد له.. قول له يا فتاح الموضوع صعب عليَّ وليس لها حل إلا أنت يا فتاح، التي تأخر زواجها، المريض الذي أغلقت كل أبواب الشفاء في وجهه، يا أصحاب الأمراض الشديدة، مَن لده ابن مصاب بمرض شديد، الأمة المقهورة، العراق، فلسطين، لبنان وما يحدث، وضع المسلمين المتهمين بالإرهاب.

يوم غزوة بدر نحن 300 وهم 1000، نحن معنا فرسين وهم معهم 100 فرس، الموضوع غير متكافئ الموضوع مغلق، انظر إلى النبي ماذا يفعل! يرفع يديه ويظل يدعو ويدعو ويدعو حتى يظهر بياض إبطيه ويسقط رداؤه (اللهم انجزني ما وعدتني) لدرجة أن سيدنا أبي بكر من خوفه على النبي يطبطب عليه ويقول له: هون عليك، هون عليك يا رسول الله من كثرة إقبال وإلحاح النبي على الدعاء، ثم انظر إلى الآية ماذا تقول على الكافرين: "إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ..."(الأنفال: 19) والنبي صلى الله عليه وسلم يستبشر ويقف ويقول: الله أكبر أبشروا هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقود ألف من الملائكة يقاتلون معكم يوم بدر. ويأتي الفتح وينتصر المسلمون. أتعرف الذهاب للفتاح بهذا الشكل والتذلل له؟ أتعرف أن ترفع يديك وتخفض رأسك ذلاً للفتاح وتقول له: يا فتاح أتوسل إليك باسمك الفتاح أن تزيل مشكلتي؟

يقولون أن ابن تيميه إذا استعصت عليه مشكلة علمية كان يخرج إلى الصحراء ويضع خده على التراب تذللاً للفتاح ويستغفر طويلاً، يقول: فوالله لا أعود إلا وقد فتح الله علىَّ المسألة. يا أساتذة.. يا علماء.. يا أصحاب الأبحاث العلمية.. يا أصحاب الماجستير.. يا طلبة الجئوا إلى الفتاح.

خسارة السنوات التي لم نشعر فيها بالفتاح، اعرف صديق ابنه وُلِد في ولادة متعثرة فسحبوا رأسه بجهاز فحدث خلل في الخلايا العصبية، والنتيجة رعشة شديدة كل الأطباء اجمعوا على أن يشل أو أن يموت، استسلم وكان أكبر مُناه أن يموت الولد، وهو ذاهب لصديق له قابل طبيب صدفة قال له : مازال هناك دواء، هو يحكي أنه لجأ لله عندما أغلق الأطباء الباب ودعا رغم أن كل ما بذله من جهد نتيجته صفر. الولد شفي وعمره 12 سنة وهو يلعب وينمو. ترى كم مرة الفتاح فتح لك في مشكلة أُغلقت بدون أن تطلب؟

2. الفتاح الذي يفتح أبواب النجاح والتوفيق في بداية الأمور.. ستفتح شركة، ستتزوجي، ستدخل على موضوع جديد مغلق بالنسبة لك، ولا تعرف بعد نهايته، وأنت بحاجة لدفعة إلى الأمام وتريد النجاح والتوفيق ماذا تفعل؟ فلتجري على الفتاح.. يا من تتمنون أن يكون رمضان هذه السنة فتح عليكم، فلتجروا على الفتاح لأنه يفتح في بداية الأمور كما استحكمت واستغلقت في نهايتها.. انظر للآية ماذا تقول " وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ..."(الأنعام:59)، أتعرف أنه لو قال لك (ومفاتح الغيب عنده) إذاً من الممكن أن تكون عنده وعند غيره، ولكن التقديم في الآية للقصر لا يعلمها إلا هو.

3. يفتح بين المتخاصمين بالحق.. " قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ" (سبأ: 26)، "...رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" (الأعراف: 89)، عندما يشتد الصراع بينك وبين الناس وتظلم، ويتم تشويه سمعتك وأنت برئ ويقال عليك: كذا وكذا وكذا، الفتاح يفصل بين المتخاصمين ويظهر الحق. لو ظلمك أحدهم، لو كادوا لك، لو اتهموك طالما على الحق لا تخف لو قالوا ما لم يحدث وصدق الناس فلتجري علي الفتاح وتسجد له.

السيدة عائشة اتُهمت ظلماً وقال المنافقين عليها: أنها فعلت الفاحشة -وهي زوجة النبي - مع صفوان ابن المعطل، ولمدة شهر يتحدثون عنها، ويقف النبي على المنبر ويقول: أوذيت في أهلي فمن يدفع هذا الأمر؟ وتحتدم المشكلة وتقول السيدة عائشة: بكيت ليلتي وبكيت نهاري ثم بكيت الليلة التالية لا يهدأ لي دمع حتى قلت سينفطر كبدي.. ويذهب لها النبي ويقول إن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري الله. فترد السيدة عائشة وتقول لسيدنا أبو بكر: أجب عني رسول الله. فيقول أبو بكر: لا أدري بم أجيب رسول الله. فتقول السيدة عائشة: والله لا أدري ما أقول لكم، إن قلت لكم أني بريئة من هذا الأمر لن تصدقوني، وإن اعترفت على نفسي في شئ لم أفعله ستصدقوني، والله لا أجد ما أقول لكم إلا ما قال أبو يوسف – من شدة مصابها نسيت اسم سيدنا يعقوب - فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. تقول: كان كل أملي أن يرى النبي رؤيا ببراءتي. لكن تنزل سورة النور تبرئ السيدة عائشة في 20 آية ويظهر الحق.

دخل سيدنا يوسف السجن في تهمة ظلم- تهمة شرف- الاعتداء على زوجة العزيز وهو برئ ويدخل السجن 9 سنين ويخرج برؤيا يراها الملك، وتأتي إمرأة العزيز وتقول "...الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ..." (يوسف: 51).

كم مرة أنصفك الله بدون الذهاب للفتاح؟ كم مرة لم تعرف ما تقول وأنطق لسانك بكلام يُبرؤك؟ كم مرة أخرج لك من يدافع عنك؟ كم مرة عدوك ظهر للناس أنه الكاره الظالم لك؟ وكم مرة نجاك من مشكلة؟ كم مرة تقول أنا بشطارتى فتحت شركة أو ألَّفت قصيدة؟ هو الفتاح سبحانه وتعالى. ألقي نفسك بين يديه قل له: سامحني عرفتك يا فتاح، نحن في انتظار لحظة فتح لعتق رقابنا من النار و رضا من الله.

¤ نقاط هامة وأنت تتعامل مع الفتاح (4) نقاط:

1. الفتاح يحبك أن تعمل بجد وبقوة حتى أخر لحظة؛ لأنك لا تعلم متى سيأتي الفتح، فيؤخر عليك الفتح ليختبر ثقتك به وإصرارك على العمل، تجد أُناس يدخلون رمضان يقولون : بكينا ودعينا وعبدنا ولا نشعر بقلوبنا ولم نبكي نحن سيئين.. قد يؤخر الفتح لكي تظل مُصر وواثق أنه سيفتح لك لأخر لحظة.. قد يؤخر عنك الفتح؛ لتقف على الباب طويلاً؛ لتبقى بيد يديه طويلاً، وربما تبكي في أخر دقيقة قبل نهاية يوم 30 رمضان.

أحد العلماء يقول: لا تسأم من الوقوف على بابه ولو طردت، ولا تقطع الإعتذار ولو رددت، فإذا فتح الباب للمقبولين فادخل دخول المتطفلين، وقل له مسكين فتصدق علي، فإنما الصدقات للفقراء والمساكين وأنا فقير ومسكين.

شعر حسان بن ثابت:
ببابك لن أغادره ولن أسعى إلى غيرك سأنسج بالرضا ثوبي وأشرُف أنني عبدك

لا تحزن لو تأخر الفتح بالدموع في رمضان سيفتح إن شاء الله المهم أن تظل على الباب، إن باب يطرق بشدة لابد أن يُفتح، تحب الإسلام وواثق أن الله سيفتح أملاً ؟ الفتاح يعطيك ويجدد الأمل بداخلك، ادعيه بالفتاح، هو سيفتح بالتأكيد، ولكن هل أنت مُصر على نصرة الإسلام؟

النبي ظل يدعو 26 قبيلة حتى يأووه ولا فائدة حتى ثالث أيام مني والناس تفك الخيام للرحيل، يجد 6 شباب سنهم 18 سنة في أخر يوم من أيام التشريق يحلقون يذهب إليهم ويقول لهم: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: قل. فعرض عليهم الإسلام فقالوا: هذا هو النبي الذي تُحدثنا عنه اليهود، فجُعل اليهود هم سبب فتح على الأوس والخزرج بمعرفة النبي صلى الله عليه وسلم.

2. الفتاح يأتي بالفتح من حيث لا تدري، وقد تظنه إغلاقاً وهو قمة الفتح، سيدنا يوسف سُجن 9 سنين وسِجْنه هذا قمة الفتح؛ لأنه لو لم يسجن لما كان تعرف على ساقي الملك، الملك الذي شاهد الرؤيا، ولو كان خرج من السجن مبكراً قبل رؤية الملك للرؤية هل كان سيكون عزيز مصر؟ لا بل لكان شخصاً عادياً في المجتمع.. قد يكون حال الأمة الآن فتح ونحن لا نعلم.

يوم صلح الحديبية ذهب المسلمون من أجل العمرة فمُنِعوا من العمرة فالنبي صلى الله عليه وسلم عرض الصلح.. فاتفقوا على الصلح، ولكن سيدنا عمر بن الخطاب كان يريد العمرة أو الحرب، وتنزل الآية "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً" (الفتح: 1) فيذهب سيدنا عمر إلى النبي ويقول: يا رسول الله أفتح هو؟ فقال: نعم يا عمر. فقال: يا رسول الله ألم تحدثنا أننا سنعتمر؟ قال: نعم يا عمر سنعتمر. فقال: فلم نعتمر يا رسول الله. قال: أحدثتكم أنه هذا العام يا عمر؟ فقال: لا. فقال: إذاً هو فتح.. عدد المسلمين الذين أسلموا في السنتين بعد صلح الحديبية يساووا كل المسلمين الذين أسلموا من بداية دعوة النبي وحتى صلح الحديبية.

اكتب ما فتح الله عليك في حياتك ستجد أفضل مما نقول، نحن نعرض منهجية تفكير فقط، وياليت العائلة كلها تجلس وتتذكر الفتاح في حياتهم.

3. يفتح بأهون الأشياء.. بكلمة، بدمعة، بآية، بلحظة.. إليك أمثلة:

*** تقرأ آية 100 مرة وفجأة تسمعها فيفتح عليك بمعنى عمرك ما فكرت به في حياتك، يُغير شكل حياتك، أعرف أحدهم لم يكن متدين يحكي أنه كان في طريقه للعمل فسمع آية في قهوة تُشَغِل القرآن الكريم تقول: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً" (الكهف:50)، يقول: وجدت نفسي أقول والله لن أستبدلك بعد اليوم يا رب بإبليس.

*** شاب يحكي قصة هدايته كان مسافر من القاهرة للإسكندرية بالقطار وقد أعد لمعصية من أسوأ ما يكون وآخذ كل احتياطاته، ركب القطار فجلس بجوار شاب متدين يقرأ القرآن الكريم.. يقول: فأسمعني الله هذه الآية "يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ..." (النساء:108)، ظل يبكي حتى وصل الإسكندرية فحجز عودة وعاد للقاهرة.
*** أعرف أحد الأشخاص بداية حياته كانت في منتهى الإنحراف، صديقه قال له كلمة قال له: يا فلان ياما سافرت للدنيا سافر مرة لله واعمل عمرة.

فابحثوا عن لحظات الفتح، الفرصة تطرق طرق خفيف، تذلل، ابحث عن لحظة الفتح.. رمضان.

4. إذا فتح لا يفتح فتحاً عادياً بل فتحاً مبيناً؛ لأنه لو فتح فتحاً عادياً، وأنت كنت متوقع أن يحدث هذا ستسأل أين الفتح؟ أنا كنت أتوقع هذا، إذا جاء الفتح يجب أن يكون فوق قدرتك على التخيل والتصور "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً" (الفتح:1).

السيدة هاجر كانت تسعى بين الصفا والمروة وتبذل مجهود لآخر لحظة، ما هو أقصى فتح تتمناه؟ أن يشرب إسماعيل، ولكن يجيئ الفتح وهو ليس عادياً بل ممتد إلى يوم القيامة تقديراً للجهد الذي بذلته.. فإلى يوم القيامة يشربوا من تحت أرجل ابنك يا هاجر.

النبي صلى الله عليه وسلم من غار حراء الضيق صغير، لا يعرفه ولا يؤمن به إنسان حتى فتح مكة "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً " (الفتح: 1)، لم يدخلها أحد من قبله ولا أحد من بعده فاتحاً لها كما فعل هو. في بدر عدد الصحابة 300، أُحد 1000، الخندق 1000، الحديبية 1400، خيبر 1400 العدد قليل قليل فجأة فتح مكة 10000وتصبح الجزيزة العربية بعد فتح مكة إما مؤمن به أو مسالم له أو خائف منه بعد ما كان يحذر كل الناس. وتنزل الآية "إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً" (النصر: 1/2)، ويدخل مكة ويطوف بالكعبة ومعه الـ 10000 وهو يقرأ سورة الفتح " إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً (2) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً" (الفتح:1/2/3).

يا ترى أتتمنى في فتح غيرعادي برمضان؟ وأعظم من أي سنة؟ اذهب للفتاح وقل له اجعله أحلى وأتقى رمضان في حياتي فلا أعرف هل سأحيى أم لا هل سأمرض أم لا؟ اجعلها سنة فتح يا رب.

¤ رمضان شهر الفتح ولهذا هو أول اسماً نبدأ به.

إذا جاء رمضان فتحت أبواب السماء، وأغلقت أبواب النار، وسُلسِلت الشياطين.. رمضان به 6 فتوحات من الله سبحانه وتعالى:

1- من صام رمضان إيماناً وإحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه.

2- من قام رمضان إيماناً وإحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه.

3- من قام ليلة القدر إيماناً وإحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه.

4- العتق من النار، يقول النبي: "ولله عتقاء من النار في رمضان وذلك كل ليلة"، والكريم إذا اعتق استحالة يُأسرك مرة ثانية.

5- كنوز من الحسنات، "من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدي فيه فريضة ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيمن سواه".

6- ليلة القدر خير من ألف شهر، عبادتك في هذه الليلة وكأنك تعبد الله مدة 84 سنة.

¤ واجبك تجاه اسم الفتاح.

1- تَذَلُل.

2- أمل.. سينصر الأمة إن شاء الله.

3- كُن مفتاحاً للخير، مِغلاقاً للشر.
الفتاح معك في الدنيا وأيضاً في القبر حينما يسألك الملكين بشدة وأنت خائف ومؤمن وكنت على حق: من ربك؟.. ربي الله. ما دينك؟.. ماذا تقول في الرجل الذي بعث فيك؟.. هو محمد صلى الله عليه وسلم.. فينادي منادي من السماء: صدق عبدي فافرشوا له قبره من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة.. فيفتح لك باباً إلى الجنة. فيظل العبد ينادي يا رب أقم الساعة يا ربِ أقم الساعة يا رب أقم الساعة حتى ألقى أهلي وولدي في الجنة.

يافتاح يالطيف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اسماء الله الحسني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القلب و أحواله
» أفتحو الرابط وقولو ماشاء الله تبارك الله
» قدر الله أن تتوالي الابتلاءآت ..نسال الله الامن والامان
» اسماء فى حياتنا
» الشمائل المحمدية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة مراغه الأصاله والتاريخ ::  القسم الإسلامى -
انتقل الى: