الجميع يتسابق نحو بلوغ المراد ونيل المقاصد.. فمنهم من يحدوه الأمل يتطلع لبناء مستقبل عريض به حاشية يصفقون له ويعزفون له أجمل الألحان إن اخطأ فلا يجد من ينصحه بل الصواب والخطأ عندهم حسن.. اقوام تناسوا الله فأنساهم أنفسهم.. بيوت العزاء أصبحت أماكناً لتباهي النساء يلبسن أفضل الثياب وبعضهن بزخرف الحناء حتى سميت (حنة البكاء).. اما الرجال ونسة الكورة والسياسة تملأ المكان الشاي يجوب الخيمة طباخين يعملون أطهى الطعام.. عند سكرات الموت يلتف حولك الأهل والأقارب الكل يجهز لرحيلك يعرضوا عنك وانت وحيد فيكشف لك وبصرك حديد لا مال ينفع ولا حاشية ترفعك ولا لسان ينجيك يغسلوك ثم يكفنوك.. تحمل وكأن الجميع يحاول التخلص منك تضع بحفرة مقدارها شبر تدفن وحيداً بظلام دامس!!.
إنه القبر الذي يهرب منه الجميع يتحاشون ذكره بالمقابر يتفرجون دون أن تخشع قلوبهم فان عذابه أثر غضب الله وسخطه على عبده فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك، كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه، فمستقل ومستكثر ومصدق ومكذب..!!.
وجاء عنه «صلى الله عليه وسلم» أن رجلاً ضرب في قبره سوطاً فإمتلأ القبر عليه ناراً لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور، ومر على مظلوم فلم ينصره. وفي حديث آخر أخبر «صلى الله عليه وسلم» عن رضخ رؤوس أقوام بالصخر لتثاقل رؤوسهم عن الصلاة وعن الذين يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة اموالهم وعن الذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم، والذين تقرض شفاهم بمقارض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام والخطب.
ففي حديث رواه أبو سعيد عنه «صلى الله عليه وسلم» ذكر أرباب بعض الجرائم وعقوباتهم: فمنهم من بطونهم أمثال البيوت وهم على سابلة آل فرعون وهم أكلة الربا ومنهم من تفتح أفواههم فليقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم وهم أكلة أموال اليتامى، ومنهم المعلقات بثديهن وهن الزواني، ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم، وهم المغتابون، ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وهم الذين يمزقون أعراض الناس؟!. وأخبر النبى «صلى الله عليه وسلم» عن صاحب الشملة التي غلها من المغنم، انها تشتعل عليه ناراً في قبره، هذا وله فيها حق، فكيف بمن ظلم غيره ما لا حق فيه؟! فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات وعذاب ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات وفي باطنها الدواهي والبليات؟!. اذاً كيفية النجاة؟! تجنب الأسباب التي تقتضي عذاب القبر ومن أنفع أسباب تجنبه: أن تجلس قبل النوم ساعة تحاسب فيها نفسك على ما خسرته وربحته في يومك ثم تجدد توبة نصوحاً بينك وبين الله فتنام على تلك التوبة وتعزم ألا تعود مرة أخرى إذا استيقظت من نومك.. وايضاً ما ينجي ذكر الله تعالى فالاكثار منه فلاح وسورة الملك التي تقرأ عند كل ليلة والصلاة عند أوقاتها والزكاة والصيام وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس من أسباب النجاة من عذاب القبر وكربه وفتنه !؟ نسأل الله لنا ولكم العمل الصالح والتقي والإبتعاد عن ظلم الآخرين وأكل أموالهم بالباطل فكل مال مأخوذ تسأل عنه يوم القيامة فلا تغذي نفسك بالحرام فتشقى في الدارين..
والله المستعان
منقول من صحيفة الوطن