اليوم هو السابع عشر من شهر رمضان المعظم يصادف ذكرى معركة بدر الكبرى التي كان السبب الرئيس لها رغبة المسلمين استعادة أموالهم التي سلبتها قريش بعد هجرة المسلمين إلى المدينة وتركهم أموالهم وحاجياتهم بمكة، فكان أن اعترض المسلمون قافلة أبو سفيان القادمة من الشام، انتصر المسلمون في هذه الموقعة المهمة بالنسبة للتأريخ الإسلامي والتي كانت بداية الطريق للفتح الأكبر فتح مكة والتي كانت بداية الطريق لانتشار الإسلام الأكبر وتوسعه شرقاً وغرباً وعودة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أحب بقاع الأرض إليه مكة المكرمة، وغزوة بدر هذي ينبغي أن يقف الناس عندها لا وقفة تأريخية نجتر من خلالها مجرد معركة إسلامية انتصر فيها المسلمون بل النظر بعين أوسع إلى الحكم والعبر التي ينبغي أن تدرس في القيادة ولعل أبرزها مبدأ الشورى الذي طالبه النبي (ص) وهو يطلب من أصحابه أن يشيروا عليه، وهو ما يؤكد عظم الشورى في الإسلام لأن النبي (ص) المرسل من رب العرش كان يعلم أنه يمكنه اتخاذ القرار بما يلزم تنفيذه دون مماطلة من أصحابه أو تسويف ولكن ولأنه المعلم والمربي الذي يضع لبنات الدولة الإسلامية بكل مفاهيمها وديمقراطيتها اختار أن يضع درساً في الشورى وهو يسأل أصحابه (ص) أن أشيروا علي!!
* وتقفز المقولة الخالدة حينما قام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول الله امضِ لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون)، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، وياله من تسليم ويالها من شورى وياله من موقف تقشعر منه الأبدان!!
* ثم النبي (ص) يستمع برضا ويكرر قوله أن أشيروا علي، وحينها قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟، فقال النبي: أجل، فقال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء. لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله؛ فقال النبي: سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم.
* ما أعظم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتداول الرأي مع أصحابه، وما أعظم الإسلام الذي جاء به نبينا وهو يهذب الإنسانية ويرسي دعائم الحياة، وما أعظم غزوة بدر هذه وهي تمنحنا الحق في أن ندافع عن أموالنا وممتلكاتنا بقوة إيمان لا تعرف الانكسار، لكم نحتاج إلى غزوات بدر في هذا الزمان ونحن نرى أموال المسلمين يتقاسمها الأقوام ويذلون بها أرض الإسلام التي ما خضعت يوماً لجبروت الطغاة الكفار، ننظر إلى القدس السليبة والناس يتفرجون على جرائم اليهود، وإلى العراق الكسير وسطوة الغرب فيه، وأفغانستان المسلمة وهوان المسلمين على الناس ونرفع أكفنا بالدعاء لله أن يجمع شمل المسلمين ليكون هنالك ألف بدر أخرى تطهر الأرض من دنس المشركين ولا تذر عليها من الكافرين دياراً!!
* تعلمنا بدر الكبرى أن إيمان المسلمين بقضيتهم ودينهم هي الخلاص من المحاصرة التي يمارسها أعداء الدين في كل مكان لقتل بذور الإسلام على أرض الله، ولأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فإنا نحلم بالتغيير الأكبر الذي يكون عماده (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وسنجد ملائكة الرحمن تقف معنا في معاركنا ويمدنا المولى بآلاف من الملائكة مردفين، فقط علينا أن نصفي النية لله ولديننا!!