أسرع رجل في الصين

أسرع رجل في الصين

في سباق بريفونتين ضمن الدوري الماسي لألعاب القوى في يوجين بالولايات المتحدة الأمريكية، كسر العداء الصيني سو بينغ تيان حاجز العشر ثواني واحتل المركز الثالث في سباق المائة متر في اليوم الأخير من مايو عام 2015 بتوقيت بكين، حيث سجل رقما آسيويا جديدا للاعبين الآسيوين. ويعد العداء الصيني هذا أول لاعب آسيوي يكسر حاجز العشر ثواني في سباق المائة متر.
كسر هذا رقم العشر ثواني الوطني الصيني المسجل باسم ثوان تشانغ بي منغ في بطولة العالم التي أقيمت في موسكو في عام 2013. وفي الوقت الحالي أصبح سو بينغ تيان أسرع عداء في الصين وهو دون السادسة والعشرين من عمره.
كان العداء القطري فيمي أوجونودي سجل 93ر9 ثانية في سباق دورة الألعاب الآسيوية في كوريا الجنوبية في العام الماضي، ولكنه من أصل أفريقي. كما سجل العداء الياباني يوشيديكيرو 87ر9 ثانية في سباق أقيم في تكساس الأمريكية في مارس عام 2015 ولكن حققه بمساعدة الرياح.

رزنامة النجاح

ولد سو بينغ تيان في التاسع والعشرين من أغسطس عام 1989 بمدينة تشونغشان بمقاطعة قوانغدونغ. شارك في المهرجان الرياضي لتلاميذ المرحلتين الإعدادية والثانوية بمدينة تشونغشان في نوفمبر عام 2014 واحتل المركز الأول في سباق 100 متر، ولم يشارك سو بينغ تيان في سباق رسمي قبل هذا المهرجان. وفي ديسمبر عام 2014، التحق سو بينغ تيان بالمدرسة الرياضية بمدينة تشونغشان بمقاطعة قوانغدونغ، وبدأ تدريباته الاحترافية. وفي الثامن من سبتمبر عام 2011، فاز سو بينغ تيان بميدالية ذهبية في سباق 100 متر في بطولة الصين لألعاب القوى بتحطيم الرقم القياسي الصيني الذي سجله اللاعب تشو وي. وفي الرابع من أغسطس عام 2012 في دورة الألعاب الأولمبية بلندن، أصبح سو بينغ تيان أول لاعب صيني دخل نصف نهائي سباق 100 متر في دورة الألعاب الأولمبية، مما سجل تاريخا جديدا لتطور ألعاب القوى الصينية. في الأول والعشرين من عام 2013، فاز سو بينغ تيان بميدالية برونزية بنتيجة 06ر10 ثانية في محطة بكين لسباق التحدي العالمي لألعاب القوى عام 2013، وسجل أفضل نتيجة له. في الثامن من مارس عام 2014، دخل سو بينغ تيان نهائي بطولة العالم المفتوحة في مدينة سوبوت في بولندا، وفاز بلقب أول عداء صيني لمسافة قصيرة شارك في نهائي بطولة العالم ودورة الألعاب الأولمبية، وحطم رقما قياسيا جديدا في الصين. وفي الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2014، حصل على ميدالية فضية في سباق 100 متر في دورة الألعاب الآسيوية في إنتشون بكوريا الجنوبية بنتيجة 10ر10 ثانية. وفي الحادي والثلاثين من مايو عام 2015، كسر سو بينغ تيان حاجز العشر ثواني في سباق المائة متر بنتيجة 9ر9 ثانية!

الجهود سلاحه

قال سو بينغ تيان: "واجهتني صعوبات كثيرة، وفكرت في الاعتزال، لكن لم أتخلى عن جهودي. أستيقظ من النوم في الساعة الخامسة كل صباح، ثم أقوم بتدريبات شاقة." أصيب سو بينغ تيان ي بشد عضلي شديد في بطولة ألعاب القوى في مقاطعة قوانغدونغ عام 2005، وبعد أن أُخذ إلى خارج الملعب، أراد سو بينغ تيان ترك التدريبات بسبب الألم الشديد والشوق العميق إلى والديه. وبتشجيع من المدرب، استعاد سو بينغ تيان ثقته بنفسه، وكتب في مدوناته: "التمسك بالفرصة وبذل أقصى الجهود عندما يكون الحظ سعيدا، والمثابرة مفتاح النجاح عندما يكون الحظ سيئا."

في الحقيقة، سو بينغ تيان ليس عداء محترفا فحسب، وإنما ايضا طالب ماجستير في السنة الثانية في معهد الاقتصاد بجامعة جينان بمدينة قوانغتشو. قال تشانغ تشي، نائب أمين لجنة الحزب الشيوعي بمعهد الاقتصاد، إن سو بينغ تيان مجتهد في الدراسة، ويحضر كل الدروس في الوقت المحدد في فترة عدم المشاركة في المسابقات الكبيرة، ويتمنى سو بينغ تيان أن يتخرج في هذه المعهد في عام 2016.
قالت فو جينغ يان، الأستاذة في معهد الاقتصاد: "سو بينغ تيان هو الأكثر اجتهادا بين زملاءه". عندما كان سو بينغ تيان في السنة الثالثة في الجامعة قال لأساتذته إنه يريد دراسة الماجستير، ويسعده أنه حقق هدفه في عام 2013.

السماء تؤتي ثمارها

سو بينغ تيان وتشانغ بي منغ عداءان ممتازان للمسافات القصيرة في الصين، سو بينغ تيان طوله 72ر1 متر، أما تشانغ بي منغ الذي سجل نتيجة 10 ثوان فطوله 86ر1 متر، ويعدو 44 خطوة في المائة متر. حقق سو بينغ تيان اختراقا مبكرا إذ حطم في عام 2011 الرقم القياسي الصيني الذي احتفظ به تشو وي ثلاثة عشر عاما، وفي السنوات التالية بعد هذا العام، حصل تشانغ بي منغ على نتائج مثمرة وحطم رقما قياسيا صينيا مرتين في عام 2013.
يبلغ عمر تشانغ بي منغ 28 عاما، ويصعب عليه أن يحقق نتيجة أفضل بسبب إصابته بجروح، أما سو بينغ تيان البالغ من العمر 26 عاما فله مستقبل أوسع. انتظر كثيرون من عشاق ألعاب القوى في الصين و في آسيا أن يكسر تشانغ بي منغ حاجز العشر ثواني في سباق المائة متر، بينما واصل سو بينغ تيان بذل جهوده.

سو بينغ تيان ليس طويل القامة، فنقطة تفوقه هي سرعته ومرونته في سباق المائة متر. في أول ثلاثين مترا يعتبر سو بينغ تيان من أسرع العدائين في آسيا، وفي المسافة ما بين خمسين مترا وستين مترا انخفضت قوة سو بينغ تيان وسرعته ويؤثر العداءون على المستوى العالي على إيقاعه في هذه المسافة دائما، فاهتم سو بينغ تيان بنقطة ضعفه هذه واكتشف طريقة لرفع مستواه. في نهاية عام 2014، قام سو بينغ تيان بتدريبات شتوية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولاحظ المدرب الأجنبي أن سو بينغ تيان بنطلق بقدمه اليمنى فاقترح عليه تعديل هذا الأسلوب بالانطلاق بقدمه الأيسر.

قال سو بينغ تيان إن مسيرة اللاعبين قصيرة، وإنه يتمنى أن يحافظ على حالته الجيدة لأطول وقت ممكن ويحقق نتائج ممتازة طول مسيرة حياته الرياضية. قال سو بينغ تيان: "إن العداءين المتفوقين لمسافة قصيرة يستطيعون تمديد مسيرة عدوهم إلى ثلاثين عاما من عمرهم، والسبب في ذلك يرجع إلى اهتمامهم بطريقة التدريب والحياة." بالإضافة إلى التدريبات اللازمة، يولي سو بينغ تيان اهتماما كبيرا بالطعام والشراب.
قال سو بينغ تيان: باعتباره من أعضاء المنتخب الوطني الصيني، إنه ليس لاعبا عاديا، بل يمثل الوطن. وهو يشعر بالفخر بالمشاركة في المسابقات العالمية كلاعب صيني، وأكد أنه يتطلع إلى تحقيق نتيجة أفضل في بطولة العالم لألعاب القوى التي تقام في بكين في أغسطس عام 2015.

خطوة جديدة لألعاب القوى الصينية

ليو شيانغ يعد رمزا في الصين بعد إحرازه أول ميدالية ذهبية أولمبية للصين في ألعاب القوى في سباق 110 أمتار حواجز خلال أولمبياد أثينا 2004، ولقب بطولة العالم 2007، ولديه رقم قياسي عالمي سجله في 2006، هل هذا يعني أن مستوى اللاعبين الصينيين لألعاب القوى عال في العالم؟ بالطبع لا! في الحقيقة، المسافة بين المستوى الآسيوي والمستوى العالمي لألعاب القوى مازالت كبيرة. نتيجة سو بينغ تيان في سباق بريفونتين ضمن الدوري الماسي لألعاب القوى في يوجين بالولايات المتحدة الأميكية تدل على أن العداء الآسيوي حقق اختراقا جديدا، وخاصة في سباق 100 متر الذي يرغب الكثير من الناس في مشاهدته، هذا الاختراق له مغزى هام.
ظل وانغ شين كون، عميد كلية التربية الرياضية بالمعهد الرياضي في مدينة شنيانغ يولي اهتمامه الكبير لتطور ألعاب القوى الصينية، وقال إن الكثير من لاعبي ألعاب القوى وخاصة العداءين لمسافة قصيرة في الصين ممتازون في السنوات الأخيرة، اختراق سو بينغ تيان سيدفع ألعاب القوى الصينية إلى التقدم بخطوة كبيرة في المستقبل.

لماذا نقول إن ألعاب القوى الصينية ستشهد تقدما بخطوات كبيرة؟ يرجع ذلك إلى استراتيجية الصين لتدريب اللاعبين. بدأت الصين في السنوات الأخيرة تدعو كثيرا من المدربين الأجانب إلى الصين لمساعدة اللاعبين المحليين، بينما أرسلت دفعة كبيرة من اللاعبين والمدربين الصينيين المتفوقين إلى الخارج للدراسة الاحترافية الحديثة، وسو بينغ تيان واحد منهم.

قال سو بينغ تيان بعد السباق في يوجين: "في الحقيقة، كانت التدريبات في الولايات المتحدة الأمريكية مفيدة جدا، وساعدتني على تحقيق تقدم كبير." وقال وانغ شين كو: "بالإضافة إلى التدريبات، يتم تبادل الخبرات بين الصين والدول الأخرى في مجال العلاج الصحي بعد السباق، وعلى سبيل المثال أن اللاعبين الصينيين يستطيعون أن يحصلوا على العلاج الجلدي والتدليك لاستعادة قوتهم وتجنب إصابتهم.

تقام بطولة العالم لألعاب القوى في بكين في أغسطس 2015، ونتمنى أن يعرض اللاعبون الصينيون أفضل مهاراتهم ويحققوا مزيدا من التقدم والاختراق فيها.