الأئمة المستأجرة - القدوة المفقودة
درجت العديد من المساجد في احياء الخرطوم على الاستعانة بقراء حافظين للقرآن للقيام بمهمة الصلاة بالناس في الصلوات اليومية وذلك لما يتميز به هؤلاء القراء من تفرغ لهذه المهمة بجانب الحفظ المحكم وتجويد القراءة وربما الصوت الندي ومعرفة احكام الصلاة وفقهها ،،، وقد مررت بتجربة منذ عدة سنوات كنت قريبا من لجان احد المساجد في رمضان حيث قضينا صلواتنا مع (امام) له صوت جميل واداء خاشع وبنهاية الشهر عرفت أنه يجب دفع (اجرة له) من ميزانية لجنة المسجد ، وقد صدمت حينها –رغم احقيته في الأجر- وتساءلت حينها عن دور هذه الاجارة في تجويد الأداء وما يليه من خشوع.
والشاهد هنا ان دور الإمام –في رأيي- اكبر من يعيش على صدقات المصلين وليس الامام فقط هو من يصلي بالناس بل هو القدوة لهم والمرجعية في شؤون حياتهم ، وكل ذلك ينتقص عندما تكون يده السفلى.
وهل عقمت الاحياء بالخرطوم أن يوجد بها من يحقق المعادلة بحيث يؤم الناس في الصلاة بحسن التلاوة المطلوبة وفي نفس الوقت يكون له مهنة يرتزق منها ويحفظ ماء الوجه للإمامة ويكون القدوة المفقودة؟
وأود أن اضيف هنا أنن اذا كان لا بد من الاستعانة بهم ، فان الأجدر بتولى شؤون هؤلاء الأئمة الذين يتخذونها مهنة هو جماعة الاوقاف والشؤون الدينية اي يوفروا لهم مرتبات تغنيهم عن صدقات المصلين وامتنان بعضهم على هؤلاء المستضعفين مهيضي الجناح ، وبذلك يمكن ان يقوموا بما يتيسر لهم من نصح وارشاد وتوجيه بعين قوية ودون استصغار ولا حقارة ظاهرة أو باطنة.
وفي ذات السياق نحكي حكاية سمعتها من احد المصلين بمسجد بحي جبرة بان إمام مسجد(هم ) الشاب قد بدأت عليه مظاهر تحول لأفكار ورؤى جديدة وبانت في طريقة تعامله مع الناس وفي مظهره وفي عباداته ، ولاحظ ذلك بعض المصلين ولم يهتموا كثيرا ، ولما دخل عليهم شهر رمضان وفي صلاة التروايح قام الامام وصلى بهم حسب فهمه الجديد ونقص عدد الركعات ثم صلى الشفع والوتر وسلم ، وخلال ذلك كله لم يمهلهم لاكمال اورادهم التي اعتادوا عليها فيما سبق من رمضانات ... وأراد الشاب الخروج من المسجد فاستوقفوه وجلسوا معه يسألونه عن سبب التغيير فشرح لهم وجهة نظرة وقناعته الجديدة فما كان من صاحب الحكاية الا ان واجه الشاب مباشرة بقوله (والله يا ولدنا نحنا في جامعنا دا دايرين نصلي زي كنا بنصلي بدون زيادة ولا نقصان ، ورأيك دا ما مقتنعين بيهو بتاتا- وهسع انت شغال عندنا أجير لأداء هذه المهمة فإما تصلي بينا زي ما عايزين أو تمش ممنا وتشيل معاك فهمك الجديد دا وتشوف لك جامع تاني) ... وبقى الشاب معهم رمضانهم ذاك وذهب (الفهم) يبحث عن أمام مـا.
نرجو ابداء الرأي حول الموضوع للأهمية .. وشكرا