كشفت
دراسة جديدة عن انتشار نوع جديد من النمل في أوربا يهدد ليس فقط النمل المستوطن بل
أيضا بخسائر اقتصادية كبيرة، مشيرة إلى وجود نوع من النظام الاجتماعي الذي يمكن هذا
النوع من النمل من التكاثر بسرعة مثل الزواج من الأقارب.
أشار
علماء ألمان في دراسة جديدة إلى انتشار فصيلة جديدة من النمل بشكل واسع وسريع في
أوروبا. وأكدت البروفيسور سيلفيا كريمر، من جامعة ريجنسبورج الألمانية في بحث تنشره
مجلة "بلوس ون" الأمريكية مخاوف الباحثين من أن يهاجم هذا النوع من النمل الكثير من
الحدائق والمنتزهات في ألمانيا وبريطانيا والدول الاسكندنافية ويتسبب بأضرار مادية
وبيئية واسعة هناك.
وقامت
الباحثة كريمر بالتعاون مع زملائها في كشف أسباب نجاح هذا النمل في التكيف مع بيئات
جديدة مما ساعدها على الانتشار في مناطق جديدة. وكان أول اكتشاف لهذا النوع من
النمل الذي يطلق عليه المتخصصون اسم "لاسيوس نيجليكتوس" في المجر عام 1990، والذي
زحف إلى العديد من البلدان الأخرى ووصل على سبيل المثال إلى باريس و وارسو وأكثر من
مئة مكان في بلاد أوروبية أخرى.
وعثر
على هذا النمل لأول مرة في ألمانيا قبل سبع سنوات وكان ذلك في مدينة يينا شرق
ألمانيا. وأشار الباحثون إلى أن انتشار هذا النوع من النمل العملاق تم على سبيل
المثال عن طريق تبادل الأشجار في المعارض الخاصة بالحدائق.
وأشارت
كريمر إلى أن هذا النمل يفضل العيش في الحدائق وأنه سرعان ما يطرد أنواع النمل
الأخرى منها، كما ذكرت أنه يزيح أيضا الحشرات الأخرى الأصغر، مثل العناكب، من
المناطق التي يزحف إليها. وقالت إن فصيلة نمل "لاسيوس نيجليكتوس" تشبه النمل الأسود
ولكن حجم النمل العامل أكبر عشرة إلى مئة مرة من هذا النمل الأسود.
وتشير
بعض التقديرات إلى أن الخسائر التي تسبب فيها النمل الأحمر في الولايات المتحدة على
سبيل المثال تقدر سنويا بنحو 600 مليون يورو بعد أن كان هذا النمل لا يعرف إلا في
المناطق الحارة فقط. وترى كريمر أن ظهور نمل "لاسيوس نيجليكتوس" في وسط أوروبا
وجنوبها غير طبيعي، معربة عن اعتقادها أن نجاح هذا النمل في الانتشار في أوروبا
يعتمد بشكل أساسي على تركيبتها الاجتماعية، مضيفة في هذا السياق قائلة إن هذا
النمل لايضطر للخروج إلى منطقة غير منطقته للتزاوج بل يقوم بهذه العملية في أعشاشه
في حين أن النمل المستوطن يتزاوج مع نمل قرى أخرى، وهذا النمل الجرار يقوم بما يمكن
أن نسميه "زواج المحارم" مما يمكنها من إنتاج الكثير من الملكات الجديدة دون
الاعتماد على الآخرين، حسب تعبير الباحثة الألمانية.
كما
أشارت الباحثة الألمانية إلى أن هناك سببا آخر وراء انتشار هذا النمل، وهي أن
قوافله لا تشتبك مع قرى النمل المجاورة في صراع حول الغذاء بل ربما تعاونت مع بعضها
في جلب الغذاء، فإذا عثرت نملة من النمل المستوطن على غذاء فإنها تستدعي المساعدة
من عشها وربما تم ذلك عبر طرق طويلة جدا أما هذا النمل الجرار فيستطيع الاستعانة
بنمل أقرب عش "لذا فهي ناجحة للغاية".
كما
اكتشف الباحثون أن هذا النمل الجديد يعيش بكثافة أكبر بكثير من النمل العادي في حيز
ضيق. وقالت كريمر:"ربما رأينا ثلاث أو أربع أو خمس نملات يهرعن جيئة وذهابا على جذع
إحدى الأشجار ولكن هذا النمل الجرار يحتشد في ممرات واسعة للنمل ويستطيع الشخص
العادي تمييز هذا النوع الجديد عن طريق هذه الممرات التي قد يصل عرض الواحد منها
إلى عشرة أو عشرين سنتيمترا".