المسجد النبوىصورة بانورامية للمسجد النبوى
المسجد النبوي هو مسجد النبي محمد بن عبد الله رسول الإسلام وفيه يوجد قبره، ويعد المسجد النبوي ثاني أقدس دور العبادة بالنسبة للمسلمين بعد المسجد الحرام
في مكة. يقع في المدينة المنورة في غرب المملكة العربية السعودية. والمسجد النبوي هو أحد ثلاث مساجد تشد لها الرحال في الدين الإسلامي؛ فقد قال النبي محمد:
"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا"[1]. يعتقد المسلمون أن الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما دونه من المساجد
إلا المسجد الحرام؛ فقد قال النبي محمد: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"[2]. و يعتبر المسجد النبوي أول مكان في
الجزيرة العربية يتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1327 هـ الموافق 1909 م .
بناء المسجد في عهد رسول الله محمد
عندما وصل النبى محمد إلى المدينة المنورة في ربيع الأول من العام الأول من هجرتهِ، تحفه جموع المسلمين من المهاجرين والأنصار، بركت الناقة في أرض تقع
في وسط المدينة، فاشتراها النبي محمد من أهلها واختارها لتكون مسجداً يجتمع المسلمون فيه لأداء صلواتهم وعباداتهم، وشرع مع أصحابه في بنائه. كان طوله
سبعين ذراعاً، وعرضه ستين ذراعاً، أي ما يقارب 35 متراً طولاً، و30 عرضاً. وجعل أساسه من الحجارة والدار من اللَّبِن وهو الطوب الذي لم يحرق بالنار،
وجعل له ثلاثة أبواب، وسقفه من الجريد. وكان النبي محمد يبني معهم اللَّبِن والحجارة.
روى البخاري قصة بنائه في حديث طويل عن أنس بن مالك وفيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر ببناء المسجد فأرسل إلى ملأ من بني النجار فجاؤوا، فقال:
يا بني النجار ثامِنوني بحائطكم هذا، فقالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خِرَب، وكان فيه
نخل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، قال: فصفوا النخل قبلة المسجد وجعلوا عضادتيه (خشبتان
مثبتتان على جانبي الباب) حجارة، قال: جعلوا ينقلون ذاك الصخر وهم يرتجزون، ورسول الله صلى الله عليه وسلّم معهم يقولون: اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة
فانصر الأنصار والمهاجرة.
توسعة المسجد في عهد النبي محمد كانت أعداد المسلمين في المدينة تزداد يوما بعد يوم نتيجة الهجرة إليها، فضاق المسجد النبوي بالمصلين، وعندها قرر النبي محمد زيادة مساحته، وبالفعل بدأ بعد
فتح خيبر وذلك في السنة 7 هـ بتوسعة المسجد فزاده أربعين ذراعاً في العرض وثلاثين ذراعاً في الطول، حتى أصبح المسجد مربع الشكل مائة ذراع في مائة
ذراع. مع بقاء المسجد على حده الأول من جهة القبلة. وكان عثمان بن عفان هو الذي اشترى هذه البقعة التي أضافها النبي محمد.
التوسعة العمرية لما كثر عدد المسلمين نتيجة للفتوحات الإسلامية واتساع رقعة الدولة الإسلامية، قام الخليفة عمر بن الخطاب بتوسعة المسجد النبوي. وكانت أول توسعة للمسجد
النبوي منذ بنائه وتوسعته في عهد النبي محمد، حيث أن أبا بكر الصديق لم يضف على مساحة المسجد شيئاً، فقد انشغل أبو بكر بالأحداث التي نتجت عن وفاة
الرسول، غير أنه جدد الأعمدة النخلية التي نخرت. ففي عام 17 هـ قام الخليفة عمر بن الخطاب بإجراء عمارة كبيرة في المسجد النبوي، فزاده من الناحية القبلية
بمقدار أسطوانة بنحو عشرة أذرع ومن الغرب بمقدار اسطوانتين بنحو عشرين ذراعا وزاد في الشمال نحو ثلاثين ذراعا فصار طول المسجد 140 ذراعاً
وعرضه 120 ذراعاً وبناه كما كان في عهد النبي محمد باللبن والجريد والسعف وجذوع النخل وجعل ارتفاعه أحد عشر ذراعا وجعل له سترة بارتفاع ذراعين أوثلاثة.
توسعة عثمان بن عفان لم تعد الزيادة التي بناها عمر بن الخطاب تسع المصلين والزوار، فقام الخليفة الراشد عثمان بن عفان بتوسعة المسجد النبوي، وكان ذلك عام 29 هـ حيث زاده من
جهة القبلة والشمال والغرب، وأشرف على البناء بنفسه، فبناه بالحجارة المنقوشة والجص، وغطى سقفه بخشب الساج وجعل معظم أعمدته من حجارة منقوشة
وبعضها من الحديد والرصاص، وبنى المقصورة على مصلاه من لبن وجعل فيها طيقاناً ينظر الناس منها إلى الإمام، وكان يصلي فيها خوفاً من الذي أصاب عمر،
وكانت زيادته من الجهات الثلاثة بمقدار عشرة أذرع من جهة القبلة وعشرين ذراعاً من جهة الشمال وعشرة أذرع من جهة الغرب، ولم يزد من الناحية الشرقية
لمكان حجرات أمهات المؤمنين. وفرغ منه سنة 30 هـ وبقي المسجد النبوي على زيادة عثمان بن عفان حتى عهد الدولة الأموية.
التوسعة الأموية استمر المسجد على ما هو عليه كما بناه الخليفة عثمان بن عفان حتى جاء الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك فرأى إحداث زيادة أخرى مع إعادة بناء المسجد
النبوي، فأمر واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز ببناء المسجد من جهاته الأربع وتوسعته وبدئ بالبناء سنة 88 وانتهت سنة 91 هـ فبدأ عمر بن عبد العزيز
وأدخل حجرات أمهات المؤمنين في المسجد، وكان بناؤه من الحجارة المنقوشة وسوارية من الحجارة المنقورة وقد حشيت بعمد الحديد والرصاص. وعمل سقفان
للمسجد السقف العلوي والسفلي، فكان السقف السفلي من خشب الساج. وجعل للمسجد أربع مآذن فكان الوليد بن عبد الملك أول الخلفاء الذي أدخل الحجرة الشريفة في
المسجد، وقد زاده من جهة الغرب نحو عشرين ذراعا ومن جهة الشرق نحو ثلاثين ذراعا وزاد فيه أيضا من جهة الشمال نحو عشرة أذرع.
التوسعة العباسية استمرت عناية الخلفاء بالمسجد النبوي، فقاموا بإصلاحات وترميمات إلا أن الزيادة في المسجد بقيت على عهد الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي، حتى جاء الخليفة
العباسي المهدي للحج وزار المدينة ورأى ما عليه المسجد النبوي فأمر بعمارة شاملة له وتوسعته فزاد فيه من الناحية الشمالية فقط وكان ذلك عام 161هـ واستمرت
أربع سنوات حتى انتهت عام 165 هـ وكان مقدار الزيادة مائة ذراع، وقد حدثت في العصر العباسي مجموعة من الترميمات والإصلاحات مثل تجديد بعض
الأرضيات وتوسعتها، وإصلاح السقف من جهة القبر النبوي الشريف، وعمل وزرة رخام بارتفاع 1.75م، وتبليط الأرض بالرخام الأبيض، وتكسية بالفسيفساء
لبعض حوائط المسجد مع ترميم هذه الحوائط، وتكسية الحوائط الخارجية للقبر النبوي بالرخام.
إصلاحات وتوسعات المماليك وفي عام 654 هـ احترق المسجد النبوي الحريق الأول فقام الخليفة العباسي المستعصم بالله في عام 655 هـ وبدأ بعمارة المسجد النبوي، إلا أنها لم تتم بسبب
غزو التتار واستيلائهم على بغداد وقتل الخليفة العباسي وتولى سلطان مصر واليمن إكمال ذلك المشروع وقد كان للسلطان الظاهر بيبرس دورا بارزا في ذلك فقد
كمل سقف المسجد سقفا فوق سقف كما كان سابقا قبل الحريق وبهذا ينتقل أمر المدينة إلى ملوك مصر المماليك وقاموا ببعض الأعمال في المسجد النبوي.
وفي شهر رمضان من عام 886هـ احترق المسجد النبوي الحريق الثاني، فشرع الأشرف قايتباي بعمارة شاملة للمسجد النبوي، وتم توسعته بمقدار ذراعين وربع
وذلك من الجانب الشرقي مما يلي المقصورة وعمل للمسجد سقفا واحدا ارتفاعه اثنان وعشرون ذراعا وتم تسقيف المسجد عام 888هـ وتمت عمارة المسجد حوالي عام 890هـ.
إصلاحات وتوسعات العثمانيين أولى العثمانيون عنايتهم بالمسجد النبوي كغيرهم من الخلفاء والسلاطين فكان السلطان سليمان القانوني أول من عمل إصلاحات في المسجد النبوي من العثمانيين، فقام
بعمل بعض الترميمات والإصلاحات وذلك عام 940هـ وكذلك عام 947هـ حيث قام بعمل ترميمات وتجديدات للمسجد النبوي أكبر وأشمل من سابقتها.
وقد قام عدد من السلاطين العثمانيين بإجراء عدة إصلاحات للمسجد النبوي. وفي عام 1265هـ قام السلطان عبد المجيد بعمارة لكامل المسجد النبوي والتي تعتبر
العمارة الرئيسية في عهد العثمانيين واستمرت حتى عام 1277هـ فكان العمال يهدمون جزءا ثم يبنونه حتى لا تتعطل الصلاة في المسجد وهكذا إلى أن تناولت
العمارة للمسجد كله عدا المقصورة وما فيها ومنبر الرسول والجدار الغربي والمحراب النبوي والمحراب العثماني والمحراب السليماني والمنارة الرئيسية فأبقوها على
حالها لإتقانها وحسن صنعها.
التوسعة السعودية أولت الحكومة السعودية المسجد النبوي عناية ورعاية منذ عهد مؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز وحتى وقتنا الحاضر، فقد نال حظا وافرا من العناية والرعاية في
هذه المرحلة لم يشهده في عصور سابقة، وفيما يلي توضيح للتوسعات:
مع تزايد أعداد المسلمين الذين يقصدون الديار المقدسة لأداء مناسك الحج وزيارة المسجد النبوي بالمدينة أصبح المسجد النبوي يضيق بزواره، وهذا ما جعل الملك
عبد العزيز يذيع للعالم الإسلامي بيانا أعلن فيه اعتزامه تنفيذ مشروع توسعة الحرمين المكي والمدني بدءًا بالمسجد النبوي. وهي تعتبر أكبر توسعة مرت على
المسجد حتى ذلك الوقت حيث بلغ مساحتها (6024م). والمساحة التي أزيلت في عمارة السلطان عبد المجيد هي (6247م)، فتكون مساحة العمارة السعودية
(12271م). وقد بدأ الهدم في (5/شوال / 1370هـ)، وانتهى البناء عام(1375هـ) في عهد الملك سعود بن عبد العزيز.
وبعد هذه التوسعة أصبحت مساحة المسجد (16327م)، وأقيمت هذه العمارة من الخرسانة المسلحة من أعمدة تحمل عقود مدببة، وقُسِّم السقف إلى مسطحات
مربعة، شُكِّلت على أنماط الأسقف الخشبية، وعمل للأعمدة المستديرة تيجان من البرونز زخرفت بزخارف نباتية، وكسيت الأعمدة بالموزايكو، وغطيت قواعدها
بالرخام، وأقيم مئذنتان في الجهة الشمالية ارتفاع الواحدة (70) متراً.وطول الجدار الشرقي الغربي (128) متراً والشمالي (91) متراً.
معالم المسجد النبوي منبر النبي محمد قال النبي محمد: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي".
وكان النبي محمد يخطب أولاً إلى جذع نخلة ثم صنع له المنبر فصار يخطب عليه، روى البخاري في صحيحه عن جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يقوم
يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم. فجعلوا له منبراً، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى
المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلّم فضمَّه إليه يئِنُّ أنين الصبي الذي يُسَكَّن قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر
عندها". وأقيم بعد الجذع مكانه أسطوانة تعرف بالإسطوانة المخلقة أي: المطيبة.
ولحرمة هذا المنبر جعل النبي محمد إثم من حلف عنده -كاذباً- عظيماً، حيث قال: "لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطب إلا وجب له النار.
الروضة هي موضع في المسجد النبوي واقع بين المنبر وحجرة النبي محمد. ومن فضلها عند المسلمين ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة: " أن النبي صلى الله
عليه وسلّم قال: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي". وذرعها من المنبر إلى الحجرة 53 ذراعاً، أي حوالي 26 متراً ونصف
متر وهي الآن محددة سجاد اخضر اللون مختلف عن بقية سجاد الحرم.
الصفة وتعرف بدكة الأغوات بعدما حُوِّلت القبلة إلى الكعبة أمرالنبي محمد بن عبد الله بعمل سقف على الحائط الشمالي الذي صار مؤخر المسجد، وقد أعد هذا المكان
لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل وإليه يُنسب أهل الصفة من الصحابة ومن أشهرهم أبو هريرة. ووما يرويه المؤرخون وكتّاب السيرة النبوية
المسلمون: أن الصحابة كان يأخذ الواحد منهم الاثنين والثلاثة من أهل الصفة فيطعمهم في بيته، كما كانوا يأتون بأقناء الرطب ويعلقونها في السقف لأهل الصفة
حتى يأكلوا منها، فذهب "المنافقون" ليفعلوا مثل فعلهم رياء فصاروا يأتون بأقناء الحشف والرطب الرديء، فأنزل الله فيهم قوله: "وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ
وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ.." سورة البقرة آية: 267، وفيهم نزل قول القرآن الكريم: "لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي
الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ" سورة البقرة آية 273.
وكان جُل عمل أهل الصفة تعلّم القرآن والأحكام الشرعية من رسول الإسلام أو ممن يأمره رسول الإسلام بذلك، فإذا جاءت غزوة، خرج القادر منهم للجهاد فيها.
واتفقت معظم الأقوال على أن ما يقرب من أربعمائة صحابي تواردوا على الصفة، في قرابة تسعة أعوام إلى أن جاء الله سبحانه وتعالى بالغنى "كما تذكر المصادر
الإسلامية"، وذلك قبيل وفاة النبي محمد. يقول أبو هريرة: "لقد رأيت معي في الصفة ما يزيد على ثلاثمائة، ثم رأيت بعد ذلك كل واحد منهم واليًا أو أميرًا،
والنبي صلى الله عليه وسلّم قال لهم ذلك حين مر بهم يوماً ورأى ما هم عليه".
الحجرة النبوية هي حجرة عائشة بنت أبي بكر والتي دُفِن فيها النبي محمد بعد وفاته. ثم دفن فيها بعد ذلك أبو بكر الصديق سنة 13 هـ وكان قد أوصى عائشة أن يدفن إلى جانب
رفيقه رسول الإسلام محمد، فلما توفي حفر لهُ وجعل رأسه عند كتفي الرسول. ودفن فيها بعدهما عمر بن الخطاب سنة 24 هـ إلى جانب الصديق، وكان قد استأذن
عائشة في ذلك فأذنت له.
وصفة القبور وترتيبها كالآتي: قبر النبي محمد في جهة القبلة مقدماً. ويليه خلفه قبر أبي بكر الصديق ورأسه عند منكب النبي محمد. ويليه من خلفه قبر عمر بن
الخطاب، ورأسه عند منكب الصدّيق. وكانت الحجرة من جريد مستورة بمسوح الشعر، ثم بنى عمر بن الخطاب حائطاً قصيراً، ثم زاد فيه عمر بن عبد العزيز.
وفي عهد الوليد بن عبد الملك أعاد عمر بن عبد العزيز بناء الحجرة بأحجار سوداء بعدما سقط عليهم الحائط، فبدت لهم قدم عمر بن الخطاب. ثم جُدد جدار الحجرة في عهد قايتباي (881هـ).
الحائط المخمس هو جدار مرتفع عن الأرض بنحو 13 ذراعاً أي ستة أمتار ونصف، بناه عمر بن عبد العزيز سنة 91 هـ حول الحجرة، وسمّي مُخَمساً لأنه مكون من خمسة
جدران وليس له باب، وجعله مخمساً حتى لا يشبه بالكعبة.
القبة الخضراء وتسمى أيضا بالقبة الفيحاء، وعرفت قديما بالزرقاء والبيضاء. وهي القبة التي بنيت على الحجرة النبوية في أيام الملك قلاوون عام 678 هـ وكانت مربعة من
أسفلها مثمنة من أعلاها وكانت بالخشب على رؤوس الأساطين المحيطة بالحجرة وسمر فوق الخشب ألواح من الرصاص عن الأمطار وفوقها ثوب من المشمع. ثم
حدث حريق في الحرم في عهد السلطان حسن بن محمد بن قلاوون واحترق من ضمنه ألواح الرصاص فجددت هذه الألواح ثم جددت مرة أخرى عام 765 هـ على
عهد السلطان شعبان بن حسن بن محمد.
وفي عهد السلطان قايتباي عام 886 هـ حدث الحريق الثاني للحرم فأمر بتجديد بناء الحرم ومن ضمنه القبة الخشبية إلا انه أمر ببنائها بأحجار منحوتة من الحجارة
السوداء وجعل ارتفاعها 18 ذراع (8.88 متر) ثم بنى فوقها قبة أخرى تحويها وأحكمت الحجارة بالجبس الذي حمل من مصر ولم يكن معروفا في الحجاز في
ذلك الوقت. وفي عهد السلطان الغازي محمود العثماني تشققت القبة العليا فأمر بهدم أعاليها وإعادة بناءها. وجعلوا أثناء العمل حاجزا خشبيا بين القبتين حتى لا
يطلع العمال على قبر النبي محمد، ولا يسقط على القبة الأساسية شيء. ولم يشعر الناس بالمضايقة لأن البنائين اتخذوا سقالات من خارج الحرم. واشترك بالبناء
معظم أهل المدينة تبركًا ولم يمانع السلطان وقتئذ. وفي نهاية العمل حضر السلطان إلى المدينة لمشاهدة الإنجاز.
أما الشباك الذي في القبة فهو موازي للشباك الذي في القبة الداخلية ويقع فوق القبر الشريف. وكان خدم الحرم يفتحونه يوم صلاة الاستسقاء، فقد روى ابن حجر
العسقلاني أنه: "قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة ا فقالت انظروا قبر النبي فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا
فمطروا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق".
هذا وقد دعت الوهابية إلى هدم القبة الخضراء وإخراج قبر الرسول من المسجد، حيث يقول الشيخ مقبل بن هادي الوادعي: وبعد هذا لا أخالك تردد في أنه يجب
على المسلمين إعادة المسجد النبوي كما كان في عصر النبوة من الجهة الشرقية، حتى لا يكون القبر داخلا في المسجد، وأنه يجب عليهم إزالة تلك القبة التي أصبح
كثير من القبوريين يحتجون بها...فجدير بنا معشر المسلمين أن نعمد إلى تلك القباب المشيدة على القبور فنجتثها من على الأرض.
أساطين المسجد النبوي وهي السواري (الأعمدة) التي في المسجد النبوي في القسم القبلي منه أقيمت في عمارة السلطان عبد المجيد العثماني في مكان السواري التي كانت في عهد النبي
محمد من جذوع النخل، فقد تحرّوا عند البناء مواقعها. وإذا أطلق اسم على سارية قالمقصود بذلك مكانها. وفي المسجد النبوي ثمان سواري أسطوانات دخلت
التاريخ، فقد كان لكل واحدة منها قصة في زمن النبي محمد.
مكتبة المسجد النبوي يوجد في الحرم مكتبتين؛ الأولى وهي الأقدم في وسط الحرم ويوجد بها مخطوطات تراثية، والثانية موقعها على سطح الحرم من جهة الغربية خاصة بالكتب
والمجلدات ويوجد في المكتبة مكتبة رقمية.