هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
إدارة شبكة ومنتديات مراغه :ترحب بكل أعضائها الجدد وتتمنى لهم أسعد الأوقات بيننا شرفتونا بإنضمامكم لنا ونتمنى مشاهدة نشاطكم ومساهماتكم التي سوف تكون محل تقديرنا واهتمامنا أهلا وسهلا وحبابكم عشرة بين اخوانكم وأخواتكم
شبكة مراغه الأصاله والتاريخ نحو سعيها للتواصل مع أعضائها الكرام فى كل مكان وزمان تقدم لكم تطبيق شبكة مراغه للهواتف الذكيه فقط قم بالضغط على الرابط وسيتم تنزيل التطبيق على جهازك وبعد ذلك قم بتثبيته لتكون فى تواصل مستمر ومباشر مع إخوانك وأخواتك على شبكتنا.
تأتي هذه الآية عقب الدعوة إلى إصلاح ذات بين المسلمين لاستجاشة قلوب الذين آمنوا واستحياء الرابطة الوثيقة بينهم، والتي جمعتهم بعد تفرق، وألفت بينهم بعد خصام؛
وتذكيرهم بتقوى الله، والتلويح لهم برحمته التي تنال بتقواه فتذكرهم بالأخوة التي تربط بينهم ومما يترتب على هذه الأخوة أن يكون الحب والسلام والتعاون والوحدة هي الأصل
في التعامل، وأن يكون الخلاف أو القتال هو الاستثناء الذي يجب أن يرد إلى الأصل فور وقوعه؛ وأن يستباح في سبيل تقريره قتال المؤمنين الآخرين للبغاة من إخوانهم
ليردوهم إلى الصف، وليزيلوا هذا الخروج على الأصل والقاعدة. وهو إجراء صارم وحازم كذلك. ومن مقتضيات هذه القاعدة كذلك ألا يجهز على جريح في معارك التحكيم
هذه، وألا يقتل أسير، وألا يتعقب مدبر ترك المعركة، وألقى السلاح، ولا تؤخذ أموال البغاة غنيمة. لأن الغرض من قتالهم ليس هو القضاء عليهم، وإنما هو ردهم إلى الصف،
وضمهم إلى لواء الأخوة الإسلامية. والأصل في نظام الأمة المسلمة أن يكون للمسلمين في أنحاء الأرض إمامة واحدة، وأنه إذا بويع لإمام، وجب قتل الثاني، واعتباره ومن
معه فئة باغية يقاتلها المؤمنون مع الإمام. وعلى هذا الأصل قام الإمام علي - رضي الله عنه - بقتال البغاة في وقعة الجمل وفي وقعة صفين؛ وقام معه بقتالهم أجلاء الصحابة
رضوان الله عليهم. وواضح أن هذا النظام، نظام التحكيم وقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله، نظام له السبق من حيث الزمن على كل محاولات البشرية في هذا الطريق.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الخميس 23 فبراير 2012, 12:36 pm
ذكر ابن إسحاق في السيرة قال: جلس رسول الله فيما بلغني مع الوليد بن المغيرة في المسجد, فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم, وفي المجلس غير واحد من رجال
قريش, فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث, فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه. ثم تلا عليه وعليهم {إنكم وما تعبدون من دون
الله حصب جهنم أنتم لها واردون} الآيات.. ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبدالله بن الزِّبَعْرَى التميمي حتى جلس. فقال الوليد بن المغيرة له: والله ما قام النضر
بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد! وقد زعم محمد أنَّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال عبدالله بن الزبعرى: أما والله لو وجدته لخصمته. سلوا محمداً أكل ما
يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة, واليهود تعبد عزيراً, والنصارى تعبد المسيح ابن مريم. فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله
بن الزبعرى ورأوا أنه قد احتج وخاصم. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده. فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن
أمرهم بعبادته فأنزل الله عز وجل: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} أي عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله
عز وجل, فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أرباباً من دون الله, ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه الصلاة والسلام, وأنه يعبد من دون الله, {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا
قومك منه يصدون} أي يصدون عن أمرك بذلك. ويتضح ما يقرره القرآن عن طبيعة القوم وهو يقول: {بل هم قوم خصمون} ذوو لدد في الخصومة ومهارة. فهم يدركون من
أول الأمر ما يقصد إليه القرآن الكريم وما يقصد إليه الرسول فيلوونه عن استقامته, ويتلمسون شبهة في عموم اللفظ فيدخلون منها بهذه المماحكات الجدلية, التي يغرم بمثلها كل
من عدم الإخلاص, وفقد الاستقامة يكابر في الحق, ومن ثم كان نهي رسول الله وتشديده عن المراء, الذي لا يقصد به وجه الحق, إنما يراد به الغلبة من أي طريق. وهناك
احتمال في تفسير قوله تعالى: {وقالوا: أآلهتنا خير أم هو؟ وهو أنهم عنوا أن عبادتهم للملائكة خير من عبادة النصارى لعيسى ابن مريم. بما أن الملائكة أقرب في طبيعتهم
وأقرب نسباً – حسب أسطورتهم – من الله سبحانه وتعالى عما يصفون.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الجمعة 24 فبراير 2012, 10:36 pm
هذه الآية قيل إنها نزلت في أعراب بني أسد. قالوا آمنا. أول ما دخلوا في الإسلام. ومنوا على رسول الله قالوا يا رسول الله أسلمنا وقاتلتك العرب ولم نقاتلك. فأراد الله أن
يعلمهم حقيقة ما هو قائم في نفوسهم وهم يقولون هذا القول. وأنهم دخلوا في الإسلام استسلاما، ولم تصل قلوبهم بعد إلى مرتبة الإيمان. فدل بهذا على أن حقيقة الإيمان لم تستقر
في قلوبهم. ولم تشربها أرواحهم {قل لم تؤمنوا. ولكن قولوا أسلمنا. ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}.. ومع هذا فإن كرم الله اقتضى أن يجزيهم على كل عمل صالح يصدر منهم
لا ينقصهم منه شيئا {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا}. ذلك أن الله أقرب إلى المغفرة والرحمة، فيقبل من العبد أول خطوة، ويرضى منه الطاعة والتسليم إلى
أن يستشعر قلبه الإيمان والطمأنينة {إن الله غفور رحيم}.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الجمعة 24 فبراير 2012, 11:44 pm
تلك هي حقيقة الإيمان يبينها الله للناس جميعا حتى يخرس ألسنة المدعين وحتي يقف كل إنسان على حقيقة ما بداخله من مشاعر وأحاسيس، فالإيمان تصديق القلب بالله وبرسوله.
التصديق الذي لا يرد عليه شك ولا ارتياب والذي ينبثق منه الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله. فالقلب متى تذوق حلاوة هذا الإيمان واطمأن إليه وثبت عليه، لا بد مندفع
لتحقيق حقيقته في خارج القلب. في واقع الحياة. في دنيا الناس، فهو انطلاق ذاتي من نفس المؤمن. يريد به أن يحقق الصورة الوضيئة التي في قلبه، ليراها ممثلة في واقع
الحياة والناس..{أولئك هم الصادقون}.. الصادقون في عقيدتهم. الصادقون حين يقولون أنهم مؤمنون. فإذا لم تتحقق تلك المشاعر في القلب، ولم تتحقق آثارها في واقع الحياة،
فالإيمان لا يتحقق. والصدق في العقيدة وفي ادعائها لا يكون.
عبدالرحمن نصرالدين
عدد المساهمات : 1940تاريخ التسجيل : 20/06/2010
موضوع: رد: فى رحاب آية السبت 25 فبراير 2012, 4:00 am
شكرا للاخ شريف وصاحب التفسير للآيات السته اللهم اجعله في ميزان حسناتكم تأتي هذه الآية عقب الدعوة إلى إصلاح ذات بين المسلمين لاستجاشة قلوب الذين آمنوا واستحياء الرابطة الوثيقة بينهم، والتي جمعتهم بعد تفرق، وألفت بينهم بعد خصام؛ اين نحن من هذه الدعوه ؟؟؟؟؟؟؟
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الإثنين 27 فبراير 2012, 11:59 am
الله أمين الخال عبد الرحمن و آياكم ومشكور علي الإضافة القيمة و تمنياتي المشاركة بالبوست بكل ما هو مفيد لديكم للاستفادة ... و تقاسم الإجر أن شاء الله ...
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الإثنين 27 فبراير 2012, 12:03 pm
اختلف النصارى في المسيح - عليه السلام - وفي أمه مريم. فجاء القرآن الكريم يقول كلمة الفصل بين هؤلاء جميعا. واختلفوا في مسألة صلبه مثل هذا الاختلاف.
وقص القرآن الكريم الخبر اليقين. وكانت كلمته هي كلمة الفصل في ذلك الخلاف. ومن قبل حرف اليهود التوراة وعدلوا تشريعاتها الإلهية؛ فجاء القرآن الكريم يثبت الأصل
الذي أنزله الله. وحدثهم حديث الصدق عن تاريخهم وأنبيائهم، مجردا من الأساطير الكثيرة التي اختلفت فيها رواياتهم، مطهرا من الأقذار التي ألصقتها هذه الروايات بالأنبياء،
والتي لم يكد نبي من أنبياء بني إسرائيل يخرج منها نظيفا!.وقد جاء القرآن فطهر صفحات هؤلاء الرسل الكرام مما لوثتهم به الأساطير الإسرائيلية التي أضافوها إلى التوراة
المنزلة، كما صحح تلك الأساطير عن عيسى ابن مريم - عليه السلام. {وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين}، {هدى}
يقيهم من الاختلاف والضلال، ويوحد المنهج، ويعيِّن الطريق،
{ورحمة} يرحمهم من الشك والقلق والحيرة، ويصلهم بالله يطمئنون إلى جواره ويسكنون إلى كنفه، وينتهون إلى رضوان الله وثوابه الجزيل.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الثلاثاء 28 فبراير 2012, 12:39 pm
لا يعرف على وجه التحديد من هو الفرعون الذي تجري حوادث القصة في عهده، ويكفي أن نعلم أن هذا كان بعد زمان يوسف - عليه السلام - الذي استقدم أباه وإخوته.
فتكاثروا في مصر وأصبحوا شعبا كبيرا. فلما كان ذلك الفرعون الطاغية {علا في الأرض} وتكبر وتجبر، وجعل أهل مصر شيعا، كل طائفة في شأن من شئونه. وأوقع أشد
الاضطهاد والبغي على بني إسرائيل، لأن لهم عقيدة غير عقيدته هو وقومه. وكذلك أحس الطاغية أن هناك خطرا على عرشه وملكه من وجود هذه الطائفة في مصر؛ ولم يكن
يستطيع أن يطردهم منها وهم جماعة كبيرة أصبحت تعد مئات الألوف، فقد يصبحون إلبا عليه مع جيرانه الذين كانت تقوم بينهم وبين الفراعنة الحروب، فابتكر عندئذ طريقة
جهنمية خبيثة للقضاء علي الخطر الذي يتوقعه من هذه الطائفة، تلك هي تسخيرهم في الشاق الخطر من الأعمال، واستذلالهم وتعذيبهم بشتى أنواع العذاب. وبعد ذلك كله تذبيح
الذكور من أطفالهم عند ولادتهم، واستبقاء الإناث كي لا يتكاثر عدد الرجال فيهم. وبذلك يضعف قوتهم بنقص عدد الذكور وزيادة عدد الإناث، فوق ما يصبه عليهم من نكال
وعذاب. ولكن الله يريد غير ما يريد فرعون؛ ويقدر غير ما يقدر الطاغية. والله يعلن هنا إرادته هو، ويكشف عن تقديره هو؛ ويتحدى فرعون وهامان وجنودهما، بأن احتياطهم
وحذرهم لن يجديهم فتيلا. فهؤلاء المستضعفون الذين يصرف الطاغية شأنهم كما يريد له هواه البشع النكير، هؤلاء المستضعفون يريد الله أن يمن عليهم بهباته من غير تحديد؛
وأن يجعلهم أئمة وقادة لا عبيدا ولا تابعين؛ وأن يورثهم الأرض المباركة. وأن يمكن لهم فيها فيجعلهم أقوياء راسخي الأقدام مطمئنين. وأن يحقق ما يحذره فرعون وهامان
وجنودهما، وما يتخذون الحيطة دونه، وهم لا يشعرون!
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الأربعاء 29 فبراير 2012, 12:39 pm
كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} إنه موقف عصيب في حياة النبي موسى عليه السلام يقصه الله علينا فبعدما
مر يوم على حادثة القتل وأصبح في المدينة خائفا من انكشاف أمره، يترقب الافتضاح والأذى. ولفظ {يترقب} يصورهيئة القلق الذي يتلفت ويتوجس، ويتوقع الشر في كل
لحظة.وبينما هو في هذا القلق والتوجس إذا هو يطلع:{فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه}! إنه صاحبه الإسرائيلي الذي طلب بالأمس نصرته على القبطي. إنه هو مشتبكا
مع قبطي آخر؛ وهو يستصرخ موسى لينصره، ولكن صورة قتيل الأمس كانت ما تزال تخايل لموسى. وإلى جوارها ندمه واستغفاره وعهده مع ربه. فإذا هو ينفعل على هذا
الذي يستصرخه، ويصفه بالغواية والضلال. {قال له موسى: إنك لغوي مبين}. غوي بعراكه هذا الذي لا ينتهي واشتباكاته التي لا تثمر إلا أن تثير الثائرة على بني إسرائيل.
ولكن الذي حدث أن موسى - بعد ذلك - انفعلت نفسه بالغيظ من القبطي، فاندفع يريد أن يقضي عليه كما قضى على الأول بالأمس، فقد طال الظلم ببني إسرائيل، فضاقت به
نفس موسى - عليه السلام - حتى رأيناه يندفع في المرة الأولى ويندم، ثم يندفع في المرة الثانية لما ندم عليه حتي ليكاد يفعله، ويهم أن يبطش بالذي هو عدو له ولقومه. ويبدو
أن رائحة فاحت عن قتيل الأمس، وأن شبهات تطايرت حول موسى. فلما أراد موسى أي يبطش بالقبطي الثاني واجهه هذا بالتهمة، لأنها عندئذ تجسمت له حقيقة، وهو يراه يهم
أن يبطش به، وقال له تلك المقالة: {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟} أما بقية عبارته: {إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين}.
فتلهم أن موسي كان قد اتخذ له في الحياة مسلكا يعرف به أنه رجل صالح مصلح، لا يحب البغي والتجبر. فهذا القبطي يذكره بهذا ويوري به؛ ويتهمه بأنه يخالف عما عرف
عنه. والظاهر أن موسى لم يقدم بعد إذ ذكره الرجل بفعلة الأمس على قتله أو إيذائه.
dr.babikir
الموقع : السودانعدد المساهمات : 780تاريخ التسجيل : 13/02/2010
موضوع: رد: فى رحاب آية الأربعاء 29 فبراير 2012, 3:05 pm
خَيْرٍ فَقِيرٌ} لقد انتهى السفر بموسى عليه السلام إلى ماء مدين. وإذا هو يطلع علي مشهد لا تستريح إليه نفس
ذات مروءة كنفس موسى - عليه السلام - وجد الرعاة الرجال يوردون أنعامهم لتشرب من الماء؛ ووجد هناك
امرأتين تمنعان غنمهما عن ورود الماء، ولم يقعد موسى. ليستريح، بل تقدم للمرأتين يسألهما عن أمرهما
الغريب: {قال: ما خطبكما قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير}. فهما امرأتان وهؤلاء
الرعاة رجال. وأبوهما شيخ كبير لا يقدر على الرعي ومجالدة الرجال، فثارت نخوة موسى - عليه السلام -
وفطرته السليمة. {فسقى لهما}. مما يشهد بنبل هذه النفس التي صنعت علي عين الله. كما يشي بقوته التي
ترهب حتى وهو في إعياء السفر الطويل. {ثم تولى إلي الظل} مما يشير إلى أن الأوان كان أوان قيظ وحر.
{فقال: رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}. إنه يأوي إلى الظل المادي البليل بجسمه، ويأوى إلي ظل الله
الكريم المنان بروحه وقلبه.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الإثنين 05 مارس 2012, 5:19 am
{فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} إنها دعوة الشيخ الكبير استجابة من السماء لدعوة موسى الفقير. دعوة للإيواء والكرامة والجزاء على الإحسان. دعوة تحملها: {إحداهما} وقد جاءته {تمشي على استحياء}
مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال. جاءته لتنهي إليه دعوة في أقصر لفظ وأخصره وأدله، يحكيه القرآن بقوله: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما
سقيت لنا}. فمع الحياء الإبانة والدقة والوضوح؛ لا التلجلج والتعثر والربكة. وذلك كذلك من إيحاء الفطرة النظيفة السليمة المستقيمة. ثم إذا مشهد اللقاء بينه وبين الشيخ الكبير.
الذي لم ينص على اسمه حيث طمأنه وهدأ من روعه فقد كان موسى في حاجة إلى الأمن؛ كما كان في حاجة إلى الطعام والشراب. ولكن حاجة نفسه إلى الأمن كانت أشد من
حاجة جسمه إلى الزاد. {نجوت من القوم الظالمين} فلا سلطان لهم على مدين، ولا يصلون لمن فيها بأذى ولا ضرار.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الجمعة 09 مارس 2012, 10:34 pm
إنها النظرة السطحية، والتصور الأرضي المحدود، هو الذي أوحى لقريش وهو الذي يوحي للناس أن اتباع هدى الله يعرضهم للمخافة، ويغري بهم الأعداء، ويفقدهم العون
والنصير، ويعود عليهم بالفقر والبوار. فهم لا ينكرون أنه الهدى، ولكنهم يخافون أن يتخطفهم الناس. وهم ينسون الله، وينسون أنه وحده الحافظ، وأنه وحده الحامي؛ وأن قوى
الأرض كلها لا تملك أن تتخطفهم وهم في حمى الله؛ وأن قوى الأرض كلها لا تملك أن تنصرهم إذا خذلهم الله. وإن الكثيرين ليشفقون من اتباع شريعة الله والسير على هداه.
يشفقون من عداوة أعداء الله ومكرهم، ويشفقون من تألب الخصوم عليهم، ويشفقون من المضايقات الاقتصادية وغير الاقتصادية! وإن هي إلا أوهام كأوهام قريش يوم قالت
لرسول الله: {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا}. فلما اتبعت هدى الله سيطرت على مشارق الأرض ومغاربها في ربع قرن أو أقل من الزمان، وقد رد الله عليهم في
وقتها بما يكذب هذا العذر الموهوم، فما بالهم يخافون أن يتخطفهم الناس لو اتبعوا هدى الله، والله هو الذي مكن لهم هذا الحرم الآمن منذ أيام أبيهم إبراهيم؟ أفمن أمنهم وهم
عصاة، يدع الناس يتخطفونهم وهم تقاة؟! {ولكن أكثرهم لا يعلمون}. لا يعلمون أين يكون الأمن وأين تكون المخافة. ولا يعلمون أن مرد الأمر كله لله.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الأربعاء 14 مارس 2012, 12:36 pm
الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} لقد كان قارون من قوم موسي، فأتاه الله مالا كثيرا، يصور
القرآن كثرته بأنه كنوز، والكنز هو المخبوء المدخر من المال الفائض عن الاستعمال والتداول، وبأن مفاتح هذه الكنوز تعيي المجموعة من أقوياء الرجال. من أجل هذا بغى
قارون على قومه. ولم يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور. وعلى أية حال فقد وجد من قومه من يحاول رده عن هذا البغي، وإرجاعه إلى النهج
القويم، الذي يرضاه الله في التصرف بهذا الثراء، {لا تفرح} لا تفرح فرح البطر الذي ينسي المنعم بالمال؛ وينسي نعمته، وما يجب لها من الحمد والشكران. لا تفرح فرح
الذي يستخفه المال، فيشغل به قلبه، ويطير له لبه، ويتطاول به على العباد.{إن الله لا يحب الفرحين}. فهم يردونه بذلك إلى الله، الذي لا يحب الفرحين المأخوذين بالمال،
المتباهين، المتطاولين بسلطانه على الناس. {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا}. وفي هذا يتمثل اعتدال المنهج الإلهي القويم. المنهج الذي يعلق قلب
واجد المال بالآخرة. ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة، {وأحسن كما أحسن الله إليك}. فهذا المال هبة من الله وإحسان. فليقابل بالإحسان فيه. إحسان التقبل
وإحسان التصرف، والإحسان به إلى الخلق، وإحسان الشعور بالنعمة، وإحسان الشكران. {ولا تبغ الفساد في الأرض} الفساد بالبغي والظلم. والفساد بملء صدور الناس
بالحرج والحسد والبغضاء، والفساد بإنفاق المال في غير وجه أو إمساكه عن وجهه على كل حال.{ إن الله لا يحب المفسدين }. كما أنه لا يحب الفرحين.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية السبت 17 مارس 2012, 8:02 pm
إنها آية تمثل موقف البشرية من زينة الحياة الدنيا ومتاعها في مقابل ما عند الله من الأجر والمثوبة، فهكذا وقفت طائفة منهم أمام فتنة الحياة
الدنيا وقفة المأخوذ المبهور المتهاوي المتهافت، ووقفت طائفة أخرى تستعلي على هذا كله بقيمة الإيمان، والرجاء فيما عند الله، والاعتزاز بثواب الله. وفي كل زمان ومكان
تستهوي زينة الأرض بعض القلوب، وتبهر الذين يريدون الحياة الدنيا، ولا يتطلعون إلى ما هو أعلى وأكرم منها؛ يسيل لعابهم على ما في أيدي المحظوظين من متاع. فأما
المتصلون بالله فلهم ميزان آخر يقيِّم الحياة، وفي نفوسهم قيم أخرى غير قيم المال والزينة والمتاع. وهم أعلى نفسا من أن يتهاووا ويتصاغروا أمام قيم الأرض جميعا.
وهؤلاء هم {الذين أوتوا العلم}. العلم الصحيح الذي يقوِّمون به الحياة حق التقويم: {وقال الذين أوتوا العلم: ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا، ولا يلقاها إلا الصابرون}. ثواب الله خير من هذ الزينة، وما عند الله خير مما عند قارون. والشعور على هذا النحو
درجة رفيعة لا يلقاها إلا الصابرون.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الثلاثاء 20 مارس 2012, 11:37 am
{فخسفنا به وبدراه الأرض} فابتلعته وابتعلت داره، وهوى في بطن الأرض التي علا فيها واستطال فوقها جزاء وفاقا. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه
أو مال. أما الذين تمنوا متاعه بالأمس فقد أدركوا كبد الحقيقة يوم أن وقفوا يحمدون الله أن لم يستجب لهم ما تمنوه بالأمس، ولم يؤتهم ما آتى قارون. وهم يرون المصير
البائس الذي انتهى إليه بين يوم وليلة. وصحوا إلى أن الثراء ليس آية على رضى الله. فهو يوسع الرزق على من يشاء من عباده ويضيقه لأسباب أخرى غير الرضى
والغضب. ولو كان دليل رضاه ما أخذ قارون هذا الأخذ الشديد العنيف. إنما هو الابتلاء الذي قد يعقبه البلاء. وعلموا أن الكافرين لا يفلحون
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الأربعاء 28 مارس 2012, 7:43 pm
رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ} هذا هو الله يوجه الخطاب إلى رسوله وهو مخرج من بلده، مطارد من قومه، وهو في طريقه إلى المدينة لم يبلغها بعد، فقد كان بالجحفة قريبا
من مكة، قريبا من الخطر {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}. فما هو بتاركك للمشركين، وقد فرض عليك القرآن وكلفك الدعوة. ما هو بتاركك للمشركين
يخرجونك من بلدك الحبيب إليك، ويستبدون بك وبدعوتك، ويفتنون المؤمنين من حولك. فامض إذن في طريقك، ودع أمر الحكم فيما بينك وبين قومك لله يجازي المهتدين
والضالين. {قل: ربي أعلم من جاء بالهدى، ومن هو في ضلال مبين}. وما كان فرض القرآن عليك إلا نعمة ورحمة؛ وما كان يجول في خاطرك أن تكون أنت المختار
لتلقي هذه الأمانة. وإنه لمقام عظيم ما كنت تتطلع إليه قبل أن توهبه: ومن ثم يأمره ربه - بما أنعم عليه بهذا الكتاب - ألا يكون ظهيرا للكافرين
{فلا تكونن ظهيرا للكافرين}. فما يمكن أن يكون هناك تناصر أو تعاون بين المؤمنين والكافرين. وطريقاهما مختلفان، ومنهجاهما متباينان. أولئك حزب الله، وهؤلاء حزب الشيطان.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الثلاثاء 03 أبريل 2012, 11:09 am
تلك لمحة من لمحات حياة يونس صاحب الحوت وتذكر الروايات أن يونس ضاق صدراً بتكذيب قومه. وغادرهم مغضباً آبقاً. فقاده الغضب إلى شاطئ البحر حيث ركب سفينة مشحونة. وفي وسط
اللجة ناوأتها الرياح والأمواج. وكان هذا إيذاناً عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة. وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق. فاقترعوا على من يلقونه
من السفينة. فخرج سهم يونس، وكان معروفاً عندهم بالصلاح. ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر. فالتقمه الحوت وهو {مُليم} أي مستحق للوم، لأنه
تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها، وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له. وعندما أحس بالضيق في بطن الحوت سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين. وقال:
{لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}. فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت.
{فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}. وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطئ. {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين}.
وهو القرع يظلله بورقه العريض ويمنع عنه الذباب الذي يقال إنه لا يقرب هذه الشجرة. وكان هذا من تدبير الله ولطفه. فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً. وكانوا
قد خافوا ما أنذرهم به من العذاب بعد خروجه، فآمنوا، واستغفروا، وطلبوا العفو من الله فسمع لهم ولم ينزل بهم عذاب المكذبين: {فآمنوا فمتعناهم إلى حين} وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون.
وقد آمنوا أجمعين
فرح محمد نور
الموقع : السودانعدد المساهمات : 52تاريخ التسجيل : 18/12/2012
موضوع: رد: فى رحاب آية الإثنين 14 يناير 2013, 9:12 am
ربنا يوفقك دوماً أخي شريف علي فعل الخير وأنت دوماً تثري هذا المنتدي بحضورك الدائم ومساهماتك الفعاله والمفيده وربنا يجعله في ميزان حسناتك وكل من ساهم في هذا البوست ولك التحيه
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الإثنين 14 يناير 2013, 11:15 am
وآياكم الحبيب فرح و الدعاء لصاحب البوست الأصلي ابو البنات بكثير الأجر أن شاء الله .
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الأربعاء 16 يناير 2013, 10:02 pm
هذا هو ميعاد الله ووعده واقع وكلمته قائمة. ولقد استقرت جذور العقيدة في الأرض. ولقد ذهبت عقائد المشركين والكفار.وبقيت العقائد التي جاء بها الرسل. تسيطر على قلوب الناس وعقولهم، وتكيف
تصوراتهم وأفهامهم. وما تزال على الرغم من كل شيء هي أظهر وأبقى ما يسيطر على البشر في أنحاء الأرض. هذه بصفة عامة. وهي ظاهرة ملحوظة. في جميع بقاع الأرض. في جميع
العصور. وهي كذلك متحققة في كل دعوة لله. يخلص فيها الجند، ويتجرد لها الدعاة. إنها غالبة منصورة مهما وضعت في سبيلها العوائق، وقامت في طريقها العراقيل. وإن هي إلا معارك تختلف
نتائجها. ثم تنتهي إلى الوعد الذي وعده الله لرسله. الوعد بالنصر والغلبة والتمكين. ولقد يريد البشر صورة معينة من صور النصر والغلبة لجند الله وأتباع رسله. ويريد الله صورة أخرى أكمل
وأبقى. فيكون ما يريده الله. ولو تكلف الجند من المشقة وطول الأمد أكثر مما كانوا ينتظرون. ولقد يهزم جنود الله في معركة من المعارك، وتدور عليهم الدائرة، ويقسو عليهم الابتلاء؛ لأن الله يعدهم
للنصر في معركة أكبر. ولأن الله يهيى ء الظروف من حولهم ليؤتي النصر يومئذ ثماره في مجال أوسع، وفي خط أطول، وفي أثر أدوم. لقد سبقت كلمة الله، ومضت إرادته بوعده، وثبتت سنته التي
لا تتخلف ولا تحيد.
ابو البنات
عدد المساهمات : 100تاريخ التسجيل : 13/03/2012
موضوع: رد: فى رحاب آية الثلاثاء 29 يناير 2013, 4:29 am
{الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} إن الإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف؛ وأمانة ذات أعباء؛ وجهاد يحتاج إلى صبر، فلا يكفي أن يقول الناس: آمنا. فهم لا يتركون لهذه الدعوى، حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم. كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به، ومع أن الله يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء؛ إلا أن الابتلاء يكشف في عالم الواقع ما هو مكشوف لعلم الله، مغيب عن علم البشر؛ فيحاسب الناس إذن على ما يقع من عملهم لا على مجرد ما يعلمه سبحانه من أمرهم. ثم إن الإيمان أمانة الله في الأرض، لا يحملها إلا من هم لها أهل وفيهم على حملها قدرة، وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص. وإلا الذين يؤثرونها على الراحة والدعة، وعلى الأمن والسلامة، وعلى المتاع والإغراء. وهي أمانة ثقيلة؛ ومن ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على الابتلاء. ومن الفتنة أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله، ولا يملك النصرة لنفسه ولا المنعة؛ ولا يجد القوة التي يواجه بها الطغيان. وهذه هي الصورة البارزة للفتنة. ولكنها ليست أعنف صور الفتنة. فهناك فتن كثيرة في صور شتى، ربما كانت أمر وأدهى. هناك فتنة الأهل والأحباء، وهناك فتنة إقبال الدنيا على المبطلين، وهناك فتنة الغربة في البيئة والاستيحاش بالعقيدة، وهناك الفتنة الكبرى. فتنة النفس والشهوة. وجاذبية الأرض. فإذا طال الأمد، وأبطأ نصر الله، كانت الفتنة أشد وأقسى. وكان الابتلاء أشد وأعنف. ولم يثبت إلا من عصم الله. وهؤلاء هم الذين يحققون في أنفسهم حقيقة الإيمان. والنفس تصهرها الشدائد فتنفي عنها الخبث؛. وتطرقها بعنف وشدة فيشتد عودها ويصلب ويصقل. وكذلك تفعل الشدائد بالمؤمنين فلا يبقى صامدا إلا أصلبهم عودا؛ وأقواهم طبيعة، وأشدهم اتصالا بالله، وثقة فيما عنده من الحسنيين: النصر أو الأجر، وهؤلاء هم الذيبن يسلمون الراية في النهاية مؤتمنين عليها بعد الاستعداد والاختبار.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الأحد 03 فبراير 2013, 9:44 pm
قصة ابتلاء أيوب عليه السلام وصبره ذائعة مشهورة؛ وهي تضرب مثلاً للابتلاء والصبر. ولكنها مشوبة بإسرائيليات تطغى عليها. والحد المأمون في هذه القصة
هو أن أيوب عليه السلام كان كما جاء في القرآن عبداً صالحاً أوّاباً؛ وقد ابتلاه الله فصبر صبراً جميلاً، ويبدو أن ابتلاءه كان بذهاب المال والأهل والصحة جميعاً
ولكنه ظل على صلته بربه، وثقته به، ورضاه بما قسم له. وكان الشيطان يوسوس لخلصائه القلائل الذين بقوا على وفائهم له ومنهم زوجته بأن الله لو كان يحب
أيوب ما ابتلاه. وكانوا يحدثونه بهذا فيؤذيه في نفسه أشد مما يؤذيه الضر والبلاء. فلما حدثته امرأته ببعض هذه الوسوسة حلف لئن شفاه الله ليضربنها عدداً عينه
قيل مائة. وعندئذ توجه إلى ربه بالشكوى مما يلقى من إيذاء الشيطان، ومداخله إلى نفوس خلصائه، ووقع هذا الإيذاء في نفسه: {أني مسني الشيطان بنصب
وعذاب}. فلما عرف ربه منه صدقه وصبره. أدركه برحمته. وأنهى ابتلاءه، ورد عليه عافيته. إذ أمره أن يضرب الأرض بقدمه فتنفجر عين باردة يغتسل منها
ويشرب فيشفى ويبرأ: {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب}.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الخميس 14 فبراير 2013, 8:52 pm
يذكرنا ربنا بما وهبنا إياه من وسائل الهدى، وأدوات الإدراك مما لم ننتفع به، ولم نكن عليه من الشاكرين. وحقيقة أن الله هو الذي أنشأ الإنسان، حقيقة تلح على
العقل البشري، وتثبت ذاتها بتوكيد يصعب رده. فالإنسان قد وجد - وهو أرفع وأعلم وأقدر ما يُعْلَم من الخلائق - وهو لم يوجد نفسه، فلا بد أن يكون هناك من هو
أرفع وأعلم وأقدر منه أوجده. ولا مفر من الاعتراف بخالق، والقرآن يذكر هذه الحقيقة هنا ليذكر بجانبها ما زود الله به الإنسان من وسائل المعرفة.
{وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}. وما قابل الإنسان به هذه النعمة نعمة الإنشاء ونعمة السمع والأبصار والأفئدة:
{قليلا ما تشكرون}. والسمع والأبصار معجزتان كبيرتان عرف عنهما بعض خواصهما العجيبة. والأفئدة التي يعبر بها
القرآن عن قوة الإدراك والمعرفة، معجزة أعجب وأغرب. ولم يعرف بعد عنها إلا القليل. وهي سر الله في هذا المخلوق الفريد. وعلى هذه الهبات الضخمة التي
أعطيها الإنسان لينهض بتلك الأمانة الكبرى، فإنه لم يشكر {قليلا ما تشكرون}. وهو أمر يثير الخجل والحياء عند التذكير به.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الأربعاء 06 مارس 2013, 8:12 pm
يقسم الله - سبحانه - بنون، وبالقلم، وبالكتابة. فأما القسم بها فهو تعظيم لقيمتها، وتوجيه إليها، في وسط الأمة التي لم تكن تتجه إلى التعلم عن هذا الطريق، وكانت
الكتابة فيها متخلفة ونادرة، في الوقت الذي كان دورها المقدر لها في علم الله يتطلب نمو هذه المقدرة فيها، وانتشارها بينها. وقسم الله - سبحانه - بنون والقلم وما
يسطرون، تنويه بقيمة الكتابة وتعظيم لشأنها كما أسلفنا لينفي عن رسوله تلك الفرية التي رماه بها المشركون، مستبعدا لها، ونعمته على رسوله ترفضها فيثبت في
هذه الآية القصيرة وينفي. يثبت نعمة الله على نبيه، في تعبير يوحي بالقربى والمودة حين يضيفه سبحانه إلى ذاته: {ربك}.
وينفي تلك الصفة المفتراة التي لا تجتمع مع نعمة الله، على عبد نسبه إليه وقربه واصطفاه. وإن العجب ليأخذ كل دارس لسيرة الرسول في قومه، من قولتهم هذه
عنه، وهم الذين علموا منه رجاحة العقل حتى حكموه بينهم في رفع الحجر الأسود قبل النبوة بأعوام كثيرة. ولكن الحقد يعمي ويصم، والغرض يقذف بالفرية دون
تحرج! وقائلها يعرف قبل كل أحد، أنه كذاب أثيم!
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية السبت 09 مارس 2013, 11:38 am
يوجه الله نبيه إلى الصبر. الصبر على تكاليف الرسالة. ويذكره بتجربة أخ له من قبل ضاق صدره بهذه التكاليف، فلولا أن تداركته نعمة الله لنبذ وهو مذموم.
وصاحب الحوت هو يونس - عليه السلام -. وملخص تجربته التي يذكر الله بها محمدا صلى الله عليه وسلم لتكون له زادا ورصيدا. ملخص تلك التجربة أن يونس
بن متى - سلام الله عليه - أرسله الله إلى أهل قرية. قيل اسمها نينوى بالموصل. فاستبطأ إيمانهم، وشق عليه تلكؤهم، فتركهم مغاضبا. وقد قاده الغضب والضيق
إلى شاطئ البحر، حيث ركب سفينته، فلما كانوا في وسط اللج ثقلت السفينة وتعرضت للغرق. فأقرعوا بين الركاب للتخفف من واحد منهم لتخف السفينة. فكانت
القرعة على يونس. فألقوه في اليم. فابتلعه الحوت. عندئذ نادى يونس - وهو كظيم - في هذا الكرب الشديد. نادى ربه: {لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين} فتداركته نعمة من ربه، فنبذه الحوت على الشاطئ. وهنا يقول: إنه لولا هذه النعمة لنبذه الحوت وهو مذموم. أي مذموم
من ربه. على فعلته. وقلة صبره. وتصرفه في شأن نفسه قبل أن يأذن الله له. ولكن نعمة الله وقته هذا، وقبل الله تسبيحه واعترافه وندمه. وعلم منه ما يستحق
عليه النعمة والاجتباء. {فاجتباه ربه فجعله من الصالحين}. هذه هي التجربة التي مر بها صاحب الحوت. يذكر الله بها رسوله
محمدا في موقف العنت والتكذيب. إن مشقة الدعوة الحقيقية هي مشقة الصبر لحكم الله، حتى يأتي موعده، في الوقت الذي يريده بحكمته. وفي الطريق مشقات كثيرة.
مشقات التكذيب والتعذيب. ومشقات الالتواء والعناد. ومشقات انتفاش الباطل وانتفاخه. ومشقات افتتان الناس بالباطل المزهو المنتصر فيما تراه العيون. ثم مشقات
إمساك النفس على هذا كله راضية مستقرة مطمئنة إلى وعد الله الحق، لا ترتاب ولا تتردد في قطع الطريق، مهما تكن مشقاته. وهو جهد ضخم مرهق يحتاج إلى
عزم وصبر ومدد من الله وتوفيق. أما المعركة ذاتها فقد قضى الله فيها وقدر أنه هو الذي يتولاها، كما قدر أنه يملي ويستدرج لحكمة يراها. كذلك وعد نبيه الكريم،
فصدقه الوعد بعد حين.
شريف عبد المتعال
الموقع : ايطالياعدد المساهمات : 3801تاريخ التسجيل : 01/01/2011
موضوع: رد: فى رحاب آية الأربعاء 22 مايو 2013, 11:39 am
ولقد كان مما تقول به المشركون على القرآن وعلى رسول الله قولهم: إنه شاعر وإنه كاهن متأثرين في هذا بشبهة سطحية، منشؤها أن هذا القول فائق في طبيعته على كلام البشر. وأن الشاعر في
وهمهم له رئي من الجن يأتيه بالقول الفائق، وأن الكاهن كذلك متصل بالجن. فهم الذين يمدونه بعلم ما وراء الواقع! وهي شبهة تسقط عند أقل تدبر لطبيعة القرآن والرسالة، وطبيعة الشعر أو
الكهانة. فالشبهة واهية سطحية. حتى حين كان القرآن لم يكتمل، ولم تتنزل منه إلا سور وآيات عليها ذلك الطابع الإلهي الخاص، وفيها ذلك القبس الموحي بمصدرها الفريد. والأمر أوضح من أن
يلتبس عند أول تدبر وأول تفكير. وهو من ثم لا يحتاج إلى قسم بما يعملون وما لا يعملون إنه لقول رسول كريم. وما هو بقول شاعر. وما هو بقول كاهن.
إنما هو تنزيل من رب العالمين، وتقرير أنه قول رسول كريم لا يعني أنه من إنشائه. إنما هو رسول يقول ما يحمله عمن أرسله. ويقرر هذا تقريرا حاسما ما جاء بعده: {تنزيل من رب العالمين}.