دخلت الأم غرفة ابنها البالغ من العمر أحد عشر عاما.. وفوجئت به يدخن سيجارة.. وما ان رآها حتي ألقي بالسيجارة من النافذة, وأسرع خارجا من غرفته.. وتلفتت الأم حولها في ذهول.. لاتدري ماذا تفعل؟ لماذا لجأ ابنها إلي التدخين؟ وكيف تعاقبه؟
وهل تخبر والده بفعلته أم تكتفي بتأنيبه؟
وضعنا تلك التساؤلات أمام الدكتور محمود عبدالرحمن حمودة أستاذ الطب النفسي والأعصاب والحائز علي جائزة الدولة التشجيعية فبادرنا بقوله ان تدخين الأطفال هو انعكاس لتباعد الأم والأب وغياب الحوار الأسري, ونعتبره أيضا نوعا من التسيب والإهمال وغياب التوجيه والتربية.. ففي الوقت الذي يتوقف المدخنون عن التدخين في الدول المتقدمة لزيادة الوعي بأخطاره يتزايد انتشار التدخين في الدول النامية والدول المتخلفة خاصة بين صغار السن والأطفال, وذلك لتكثيف شركات التبغ لدعايتها في دول العالم الثالث في محاولة منها لتعويض خسارتها في الدول المتقدمة.
ومن ناحية أخري فإن الأطفال في سلوكياتهم عادة يقتدون بالكبار, وعادة يقلدونهم في تصرفاتهم, فإذا كان الأب لا يتوقف عن التدخين داخل البيت وفي وجود الأبناء, فإن الأبناء بالتبعية يتعرضون في أول الأمر للتدخين السلبي وذلك باستنشاق هواء الحجرة المعبق بسحب الدخان وهكذا يتهيأون عن طريق ذلك مع القدوة المأخوذة من الأب للتدخين الايجابي, فيلجأون لأخذ السجائر من علبة أبيهم. أو لأخذ السيجارة من صديق أو رفيق سوء ثم يدخنونها, وينطبق عليه هنا المثل القائل: إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.
ولذلك علي الأم التي تفاجأ بطفلها يمسك بالسيجارة ويدخنها أن تراجع نفسها وتصرفاتها وسلوكيات زوجها وما يدور داخل البيت من حوار, أو مشكلات, والعلاج هنا لايكون بمعالجة ما نتج عن الأسباب فذلك لايجدي, ولكن العلاج الحقيقي هو الذي يتوجه لمعالجة الأسباب. أي أن محاولة الأم الضغط علي الابن أو إثنائه عن عدم التدخين سوف تكون محاولة فاشلة, وذلك لأن الأسباب التي دفعت الطفل للتدخين مازالت موجودة ولم يتم التعامل معها, والعلاج الفعال يكمن في التعامل مع أسباب التدخين سواء كانت من داخل الأسرة
مثل وجود أب مدخن أو اضطربات أسرية أو غياب الحوار بين أفرادها وتفكك الروابط الأسرية, أو من خارج الأسرة عن طريق رفاق السوء وترك الطفل لهم يتلاعبون به ويسيرونه. وهنا علي الأسرة أن تواجه مسئولياتها تجاه أطفالها, فكما يقول رسول الله -ص - : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته, فإذا قامت الأسرة بدورها وحققت الرعاية المناسبة لأطفالها فسوف تحميهم من التدخين الذي يدمر مستقبلهم وذلك لأن التدخين هو الخطوة الأولي في طريق