الخليفة ابو جعفر المنصور كان من اشد الناس حرصاً علي المال العام فوضع حيلة للشعراء بان من يكتب قصيدة من منظومه يعطيه وزن الذي كتبه عليها ذهباً .
فكان للخليفة غلام وجارية ,,,, الغلام يحفظ القصيدة عند سماعها مرة واحدة والجارية تحفظها عندما تقرأ عليها مرتين
وكان يخبئهما وراء ستار فيأتي الشاعر ويقول قصيدته الجديدة التي نظمها فينادي الخليفة أبو جعفر الغلام ويسأله هل سمعت هذه القصيدة من قبل فيقول نعم ويقرأها وكذلك الجارية فيرجع الشاعر خائباً دون أن يأخذ فلساً .
وفي ذات يوم وجد الشاعر الأصمعي الشعراء والأدباء مجتمعين وهم في حالة من الغضب وقال لهم ما خطبكم فقالوا نكتب القصيدة بالليل وعندما يصبح الصبح نجد من يحفظونها فقال لهم الأصمعي هذه حيلة الخليفة ابو جعفر المنصور فقام الأصمعي بنظم قصيدة صعبة الكلمات معقدة وذهب للخليفة وهو متلثم فقال له أنا من شعراء حي الموصل وأريد أن أشترك فقال له تعرف الشروط قال نعم فقال له إذن فقل :
فكان أن قرأ لهم القصيدة التالية :
صوت صفير البلبل ======= هيج قلب الثملي
الماء والزهر معـا ======= مع زهر لحظ المقلي
وأنت يا سيدلـي ======= وسيدي وموللي
فكم فكم تيمني ======= غزيلل عقيقلي
قطفته من وجنة ======= من لثم ورد الخجلي
فقال لا لا لا لا لا ======= وقد غدا مهرولي
والخود مالت طربا ======= من فعل هذا الرجلي
وولولت وولولت ======= ولي ولي يا ويل لي
فقلت لا تولولي ======= وبيني اللؤلؤ لي
قالت له حين كذا ======= انهض وجد بالنقلي
وفتية سقونني ======= قهوة كالعسل للي
شممتها بـ أنفي ======= أزكى من القرنفلي
في وصف بستان حلي ======= بالزهر والسرور لي
والعود دن دن دنلي ======= والطبل طب طب طبلي
طب طب طب طب ======= طب طب طب طب طب طبلي
والسقف قد سق سق لي======= شوا شوا و شاهش على ورق سفرجلي
وغرد القمر يصيح ======= ملل في مللي
ولو تراني راكبا على ======= حمار أهزلي
يمشي على ثلاثة ======= كمشية العرنجلي
والناس ترجم جملي ======= في السوق بالقل قل لي
والكل كع كع كع كع ======= خلفي ومن حويللي
لكن مشيت هاربا ======= من خشية العقن قلي
إلى لقاء ملك ======= معظم مبجلي
يأمر لي بخلعة ======= حمراء كالدم دم لي
أجر فيها ماشيا ======= مبغددا للديلي
أنا الأديب الأصمعي ======= من حي أرض الموصلي
نظمت قطعا زخرفت ======= يعجز عنها الأدبلي
أقول في مطلعها ======= صوت صفير البلبل
فذهل الخليفة أبو جعفر المنصور من هذه القصيدة الصعبة فقام بإستدعاء الغلام وقال له هل سمعت بها فقال له كلا لم أسمع بها قط وكذلك الجارية
فقال الخليفة للشاعر آتينا بالذي كتبه عليها فقال له الشاعر الأصمعي أريد مجموعة من الخدم والجنود لحملها معي فجاءه بلوح رخام كبير فأخذ كل الذهب الذي مع الخليفة أبو جعفر .