أحــكام التجويـــد
مفهوم التجويـد وأهميتـه :
التجويد لغة : التحسين ، وهو مصدر جود تجويداً والاسم منه الجودة ضد الرداء ، وهو انتهاء الغاية في التصحيح ، وبلوغ النهاية في التحسين. وفي الاصطلاح : هو الإتيان بالقراءة مجودة الألفاظ بريئة من الرداءة ، وإعطاء الحروف حقها ومستحقها ونطقها بأجود نطق لها وهو نطق النبيّ صلى الله عليه وسلم
حكم التجويـد:إنّ تعلّم الأحكام وإتقان التلاوة أداء وتطبيقاً، أمر واجب على كل مسلم ومسلمة ،
لقوله تعالى:
] ورتل القرآن ترتيلاً[ ومن ترك هذا العلم وهو قادر على تعلمه فهو آثم .
حقيقـة التجويـد: تظهر حقيقة التجويد، في إعطاء الحروف حقها ومستحقها من الصفات الذاتية اللازمة لها لإظهارها بشكلها الصحيح ، ومن ذلك الهمس والجهر والاستعلاء والشدة والرخاوة ،فهذه صفات لا تنفك عن بعض الحروف وإلا صار النطق بها لحناً.
مراتب القراءة:اعلم أن لترتيل القرآن مراتب ثلاث هي:
أولاً- التحقيق: هو إعطاء كل حرف حقه من إشباع مدّ وتحقيق همزة وإتمام حركات وغيرها.
ثانياً – الحدر : هو ضد التحقيق ، ومعناه الإسراع بالقراءة مع إعطاء الحروف حقها .
ثالثاً - التدوير : وهو عبارة عن التوسط بين التحقيق والحدر .
أما الترتيل فليس بمرتبة فهو يشمل جميع المراتب السابقة إذ لو كان الترتيل مرتبة لما جاز غيره مرتبة لقوله تعالى:] ورتل القرآن ترتيلاً[ .
الاستعاذة
معناها اللجوء والاعتصام ، وصيغتها قول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما وردت في سورة النحل آية :98.
أوجه الاستعاذة:
إذا اقترنت الاستعاذة بأول السورة باستثناء أول سورة براءة فلجميع القراء أربعة أوجه فيها ، إذا علمنا أن المقصود بقول: "الأول " الاستعاذة ، وبقول : " الثاني " البسملة ، وبقول: "الثالث " بداية السورة ، والأوجه الأربعة هــي :
الوجه الأول : قطع الجميع دون وصل ، فيقف القارئ على الاستعاذة وعلى البسملة، ويبتدئ بأول السورة ، والوقف يكون بقطع القراءة مع أخذ النفس.
الوجه الثاني : وصل الجميع دون انقطاع .
الوجه الثالث : قطع الأول ، ووصل الثاني بالثالث ،أي الوقف على الاستعاذة ، ووصل البسملة بأول السورة .
الوجه الرابع : وصل الأول مع الثاني وقطع الثالث ،أي وصل الاستعاذة مع البسملة ، والوقف عليها والابتداء بأول السورة . وهذا الوجه أفضل الوجوه وأكملها.
البسملة
وهي قول : بسم الله الرحمن الرحيم.
أوجه البسملة بين السورتين: لها ثلاثة أوجه جائزة ، ووجه رابع غير مقبول، وبيانها فيما يلي :
الوجه الأول : وصل الجميع ، وهنا يصل القارئ نهاية السورة السابقة مع البسملة ومع بداية السورة اللاحقة، بلا توقف أو انقطاع بينها ، ووصلها كأن نقرأ قوله تعالى : " ولم يكن له كفواً أحدٌ بسم الله الرحمن الرحيمِ قل أعوذ برب الفلق " .
الوجه الثاني : قطع الجميع .
الوجه الثالث : قطع الأول ، ووصل الثاني بالثالث.
الوجه الرابع (غير المقبول): وصل الأول مع الثاني وقطع الثالث والعلة في عدم قبول هذا الوجه أن القارئ إذا وصل آخر السورة بالبسملة ، ثم قطع القراءة فإنه يكون قد ألحق البسملة بالسورة السابقة ، مما يتوهم أنها آية منها، كما أن البسملة شرعت لأوائل السور لا لأواخرها .
الوصل بين الأنفال والتوبـة:
إذا أراد القارئ وصل آخر سورة الأنفال بأول سورة التوبة فله في ذلك أوجه ثلاثة :
الوجه الأول : الوصل ، فيصل القارئ - بلا توقف وبلا بسملة- قوله تعالى :] إن الله بكل شيء عليمٌ براءة من الله ورسوله[ [الآية:75 من سورة الأنفال،والآية:1 من سورة التوبة].
الوجه الثاني : الوقف.الوجه الثالث : السكت .
أحكام النون الساكنة والتنوين
أحكام تعريف النّون الساكنة : هي التي لا حركة لها، مثل: من، وعن، وتكون في الأسماء، والأفعال، والحروف، وتأتي متوسطة، ومتطرفة.
تعريف التنويـن: هو نون ساكنة زائدة تلحق آخر الأسماء ، وتثبت بها لفظاً ووصلاً وتفارقها خطاً
( كتابة ) ووقفاً، ومثاله (عليماً حكيما ) .
أحكامها أربعة: للنّون الساكنة والتنوين أربعة أحكام هي الإظهار والإدغام والإقلاب والإخفاء .
الحكم الأول: الإظهار
وهو لغة: البيان.
واصطلاحا: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في الحرف المظهر.
وذلك إذا وقع بعد النون الساكنة أو التنوين حرف من حروف الحلق الستة وهي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء.
وتكون هذه الحروف مع النون الساكنة في كلمة أو في كلمتين، ومع التنوين ولا يكون ذلك إلا في كلمتين.
فمثال النون مع هذه الأحرف من كلمة ومن كلمتين: وَيَنْأَوْنَ مِنْ أَجْرٍ مُنْهَمِرٍ مِنْ هَادٍ أَنْعَمْتَ مِنْ عِلْمٍ يَنْحِتُونَ مِنْ حَكِيمٍ فَسَيُنْغِضُونَ مِنْ غِلٍّ وَالْمُنْخَنِقَةُ مِنْ خَيْرٍ
ومثال التنوين:
كُلٌّ آمَنَ فَرِيقًا هَدَى حَكِيمٌ عَلِيمٌ حَكِيمٍ حَمِيدٍ قَوْلا غَيْرَ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ
ويسمى هذا النوع من الإظهار إظهارا حلقياً لخروج حروفه من الحلق، والسبب في إظهار النون الساكنة والتنوين عند هذه الأحرف الستة بعد المخرج أي: بعد مخرجهما عن مخرج هذه الأحرف، فقد علمنا أن النون تخرج من طرف اللسان، وهذه الستة تخرج من الحلق، وهاك هذين البيتين
فــالأولُ الإظهــارُ قَبْــلَ أحـرفِ للحــلق ســتٌّ رُتِّبَــتْ فَلْتُعْــرَفِ
همــزٌ فهــاءٌ ثــم عيــنٌ حـاءُ مُهْمَلَتَـــانِ ثـــم غَيٌْــن خَــاءُ
الحكم الثاني: الإدغام
وهو لغة: الإدخال.
واصطلاحا: التقاء حرف ساكن بحرف متحرك بحيث يصيران حرفاً واحدا مشدداً.
وحروفه ستة مجموعة في لفظ: "يرملون" وهي: الياء، والراء، والميم، واللام، والواو، والنون.
أقسام الإدغام:
ينقسم الإدغام إلى قسمين:
1.إدغام بغنة:
وله أربعة أحرف مجموعة في لفظ "ينمو"، فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد النون الساكنة بشرط أن تكون في آخر الكلمة، أو بعد التنوين ولا يكون إلا آخرا وجب الإدغام أي: إدغام النون الساكنة أو التنوين فيه بغنة.
فمثال النون في هذه الأحرف الأربعة: مَن يَقُولُ مِّن نِّعْمَةٍ مِن مَّاءٍ مِنْ وَلِيٍّ
ومثال التنوين فيها –أيضا-: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ نَعِيمًا وَمُلْكًا
وقد علمنا مما تقدم أن شرط الإدغام أن يكون من كلمتين بأن يكون المدغم في آخر الكلمة الأولى، والمدغم فيه في أول الثانية -كما تقدم-.
ويسمى الإدغام بغنة إدغاماً ناقصاً لذهاب الحرف وهو النون أو التنوين، وبقاء الصفة، وهي الغنة فيكون الإدغام غير مستكمل التشديد، ومقتضى كلام بعضهم أن الإدغام بغنة يكون ناقصاً مطلقاً، والذي عليه الجمهور أنه إنما يكون ناقصاً إذا أدغمت النون الساكنة أو التنوين في الواو، والياء فقط.
وأما إذا أدغما في النون أو الميم فإن الإدغام حينئذ يكون كاملا؛ لأن في كل من المدغم والمدغم فيه غنة، فإذا ذهبت غنة المدغم بالإدغام بقيت غنة المدغم فيه، فالتشديد مستكمل.
هذا وإذا اجتمع المدغم مع المدغم فيه في كلمة واحدة، وذلك بالنسبة للنون الساكنة فقط - وجب الإظهار، ويسمى هذا النوع من الإظهار إظهارا مطلقا؛ لعدم تقييده بحلق أو شفة، وقد وقع هذا النوع من الإظهار في أربع كلمات في القرآن فقط: كلمة الدُّنْيَا حيث وقعت، وكلمة بُنْيَانٌ كذلك، وكلمة قِنْوَانٌ بسورة الأنعام، وكلمة صِنْوَانٌ في موضعي الرعد.
وإنما لم يدغم هذا النوع لئلا يلتبس بالمضاعف، وهو ما تكرر أحد أصوله ،
هذا وتلحق النون من هجاء يس * وَالْقُرْآنِ و ن وَالْقَلَمِ بهذا النوع من الإظهار فلا تدغم لحفص، من طريق الشاطبية.
2.إدغام بغير غنة:
وله حرفان مجموعان في لفظ "رل" وهما الراء واللام.
فمثال الراء بعد النون: مِّن رَّبِّهِمْ ومثالها بعد التنوين:
غَفُورًا رَحِيمًا
ومثال اللام بعد النون: مِن لَّدُنْهُ وبعد التنوين : رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ .
ويسمى الإدغام بغير غنة إدغاماً كاملا لذهاب لفظ المدغم وصفته معا، والسبب في إدغام النون الساكنة والتنوين في النون التماثل.
وفي الميم التجانس في الصفة فقد اتحدت النون مع الميم في جميع الصفات، وفي الياء والواو التقارب في الصفة، فقد اشتركت النون مع الواو والياء في الجهر، والاستفال، والانفتاح، وأيضاً مضارعتهما النون باللين الذي فيهما لشبهه بالغنة.
وفي اللام والراء، التقارب في المخرج، وفي أكثر الصفات.
ووجه حذف الغنة مع اللام والراء المبالغة في التخفيف.
فللإدغام ثلاثة أسباب: التماثل، والتقارب، والتجانس.
قال صاحب التحفة
والثـــانِ إدغــامٌ بســتـةٍ أتَْــت فــي يَرْمُلُــونَ عنـدهم قـد ثبتـت
لكنهـــا قســمان قســمٌ يُدْغَمَــا فيـــه بغنـــةٍ بينمـــو عُلِمَــا
إلا إذا كَانَــــا بكلمــــةٍ فـــلا تُــدغم كدنيــا ثــم صِنـوانٍ تـلا
والثـــان إدغــامٌ بغــير غنـــهْ فــي الــلام والــرا ثـم كَرِّرَنَّــهْ
الحكم الثالث: الإقلاب
وهو لغة: تحويل الشيء س.
واصطلاحا: جعل حرف مكان آخر، أي: قلب النون الساكنة والتنوين ميما قبل الباء مع مراعاة الإخفاء والغنة، فللإقلاب حرف واحد وهو الباء.
ويكون مع النون في كلمة مثل: أَنْبِئْهُمْ وفي كلمتين مثل: أَنْ بُورِكَ
ومع التنوين، ولا يكون إلا من كلمتين مثل سَمِيعٌ بَصِيرٌ
والسبب في الإقلاب عسر الإتيان بالغنة في النون والميم مع الإظهار، ثم إطباق الشفتين لأجل الباء، وعسر الإدغام كذلك لاختلاف المخرج، وقلة التناسب؛ فتعين الإخفاء وتوصل إليه بالقلب ميما.
وإنما خصت الميم بالقلب دون غيرها من الحروف لمشاركتها الباء مخرجا والنون صفة، فللإقلاب ثلاثة أعمال: قلب وإخفاء وغنة، قال صاحب التحفة:
والثــالثُ الإقــلابُ عنــد البــاءِ ميمًـــا بغنـــةٍ مــع الإخفــاءِ
الحكم الرابع: الإخفاء
ومعناه لغة: الستر.
واصطلاحا: النطق بالحرف بصفة بين الإظهار والإدغام عاريا عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول.
وله خمسة عشر حرفا وهي: الباقية من حروف الهجاء، وقد جمعها بعضهم في أوائل كلمات البيت الآتي فقال:
صـف ذا ثنـا كـم جاد شخصٌ قد سما دم طيبًـا زد فـي تقـى ضـع ظالمـا
فيجب إخفاء النون الساكنة والتنوين بغنة عند هذه الحروف الخمسة عشر.
وها هي أمثلة النون مع كل حرف منها من كلمة ومن كلمتين، وأمثلة التنوين من كلمتين على ترتيب حروف البيت السابق.
[ مَنْصُورًا أَن صَدُّوكُمْ عَمَلا صَالِحًا ]
[ مُنذِرٌ مِن ذَكَرٍ سِرَاعًا ذَلِكَ ]
[ مَنثُورًا مِن ثَمَرَةٍ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ ]
[ مِنكُمْ مَن كَانَ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ ]
[ أَنجَيْنَاكُمْ إِنْ جَاءَكُمْ صَبْرًا جَمِيلا ]
[ الْمُنشِئُونَ لِمَن شَاءَ غَفُورٌ شَكُورٌ ]
[ يَنقَلِبُ وَإِن قِيلَ عَلِيمًا قَدِيرًا ]
[ مِنسَأَتَهُ مِن سُلالَةٍ سَلامًا سَلامًا ]
[ أَندَادًا مِن دَابَّةٍ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ ]
[ يَنطِقُونَ مِن طَيِّبَاتِ صَعِيدًا طَيِّبًا ]
[ أَنزَلْنَاهُ فَإِن زَلَلْتُمْ نَفْسًا زَكِيَّةً ]
[ انفِرُوا مِن فَضْلِهِ سُبُلا فِجَاجًا ]
[ مُنتَهُونَ مِنْ تَحْتِهَا جَنَّاتٍ تَجْرِي ]
[ مَنضُودٍ قُلْ إِن ضَلَلْتُ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ ]
[ انظُرُوا مِن ظَهِيرٍ ظِلا ظَلِيلا ].
والسبب في إخفاء النون الساكنة والتنوين عند هذه الحروف هو أنهما لم يقربا من هذه الحروف كقربهما من أحرف الإدغام حتى يجب إدْغامهما، ولم يبعدا منها كبعدهما من حروف الإظهار حتى يجب إظهارهما، فأعطيا حكما متوسطا بين الإظهار والإدغام، وهو الإخفاء.
مراتب الإخفاء:
للإخفاء ثلاث مراتب:
أعلى: عند الطاء والدال والتاء.
وأدنى: عند القاف والكاف.
وأوسط: عند الحروف العشرة الباقية.
هذا والفرق بين الإخفاء والإدغام هو أن الإدغام فيه تشديد، وأما الإخفاء فلا تشديد فيه.
ويسمى هذا النوع من الإخفاء إخفاء حقيقيًا لانعدام ذات الحرف المخفي، وهو النون الساكنة والتنوين.
باب المــد والقصــر
المد:
لغة: الزيادة.
واصطلاحا: إطالة الصوت بحرف من حروف المد الآتي ذكرها.
والقصر:
لغة: الحبس.
واصطلاحا: إثبات حرف المد من غير زيادة عليه.
وقد اجتمعت حروف المد بشروطها في كلمة نُوحِيهَا وهي الواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والألف ولا تكون إلا ساكنة، ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا، فهي دائما حرف مد بخلاف الواو والياء، فتارة يكونان حرفي مد إذا سكنا وضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء، وتارة يكونان حرفي لين إذا سكنا وانفتح ما قبلهما مثل: خَوْفٌ بَيْتٍ .
أقسام المد:
ينقسم إلى قسمين: أصلي، وفرعي:
فالأصلي: هو الذي لا تقوم ذات الحرف إلا به، ولا يتوقف على سبب من سببي المد، وهما الهمز أو السكون.
وسمي أصليا لأنه أصل للفرعي، ويسمى أيضا مدا طبيعيا؛ لأن صاحب الطبيعة السليمة لا ينقصه عن مقداره، ولا يزيد عليه.
ومقدار مده: حركتان.
وينقسم المد الطبيعي إلى قسمين: كلمي، وحرفي.
1. فالكلمي: مثل مَالِكِ كَثِيرَةً مَرْفُوعَةٍ وسمي كلميا لوجود حرف المد في كلمة.
2. والحرفي: لا يوجد إلا في فواتح بعض السور، وذلك في خمسة أحرف مجموعة في "حي طهر".
فالحاء: في حم في سوره السبع.
والياء: في أول مريم كهيعص و يس
والطاء: في طه و طسم أول الشعراء والقصص، و طس أول النمل.
والهاء: في أول مريم، وطه.
والراء: في الر أول يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر، وفي المر أول الرعد.
وإنما مدت هذه الأحرف الخمسة مدا طبيعيا؛ لأنها حروف ثنائية -أي هجاؤها تلاوة حرفان- فليس بعد حرف المد فيها ساكن.
والفرعي: هو الذي يتوقف على سبب من سببي المد، وهما الهمز أو السكون، فله سببان.
أنواع المد الفرعي:
للمد الفرعي خمسة أنواع، وهي:
1.المتصل:
وهو حرف مد أتى بعده همز متصل به في كلمة واحدة، مثل: السَّمَاءِ النَّسِيءُ قُرُوءٍ .
وسمي متصلا لاتصال الهمز بحرف المد في كلمة واحدة.
مقدار مده عند حفص: أربع حركات، أو خمس.
هذا وفي المتصل الموقوف عليه إذا كانت همزته متطرفة مثل: اسْتِحْيَاءٍ وجه ثالث: وهو مده ست حركات لأجل الوقف.
أما إذا كانت همزته متوسطة مثل: الأرَائِكِ فليس فيه إلا الوجهان السابقان، وهما مده أربعا أو خمسا، وصلا ووقفا.
وحكم المتصل: الوجوب.
وإنما كان واجبا، لوجوب مده عند جميع القراء، فزادوه على المد الطبيعي، وإن تفاوتوا في مقدار هذه الزيادة.
ولذلك قال المحقق ابن الجزري: فوجب ألا يعتقد أن قصر المتصل جائز عند أحد من القراء، وقد تتبعته فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شاذة، بل رأيت النص بمده.
2. المنفصل:
وهو حرف مد أتى بعده همز منفصل عنه في كلمة أخرى مثل بِمَا أُنْزِلَ قَالُوا آمَنَّا ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ .
وسمي منفصلا؛ لانفصال الهمز عن حرف المد.
ومقدار مده عند حفص: أربع حركات أو خمس من طريق الشاطبية.
وحكم المنفصل: الجواز.
وإنما كان جائزا؛ لجواز مده وقصره عند القراء، فهناك من مده وهناك من قصره، فلم يجمعوا على مده كالمتصل، وحفص من الذين يمدونه من طريق الشاطبية.
ووجه المد في كل من المتصل والمنفصل: أن حرف المد ضعيف، والهمز قوي، فزيد في المد تقوية للضعيف عند مجاورة القوي، وقيل: ليتمكن من النطق بالهمز.
3. البدل:
وهو حرف مد تقدم عليه همز، مثل: آمَنُوا إِيمَانًا أُوتِيَ .
وسمي بدلا؛ لإبدال حرف المد من الهمز، فأصل الكلمات السابقة أأمنوا، وإئمان، وأؤتي. أبدلت الهمزة الثانية حرف مد من جنس حركة ما قبلها وجوبا.
ومقدار مده: حركتان.
وحكم البدل: الجواز.
وإنما كان جائزا؛ لجواز مده وقصره عند القراء.
وحفص من الذين يقصرونه.
4. العارض:
وهو حرف مد أتى بعده سكون عارض لأجل الوقف مثل: الْبَيَانَ نَسْتَعِينُ الْمُفْلِحُونَ . في حالة الوقف.
وسمي عارضا؛ لعروض المد بعروض السكون.
مقدار مده:
في ثلاثة أوجه لجميع القراء:
القصر: ومقداره حركتان.
والتوسط: ومقداره أربع حركات.
والمد: ومقداره ست.
فمن قصره لم يعتد بالسكون لعروضه.
ومن مده اعتد بالسكون وقاسه على اللازم.
ومن وسَّطه اعتد بالسكون، ولاحظ عروضه فحطه عن الأصل.
وحكم العارض: الجواز.
وإنما كان جائزا؛ لجواز مده وقصره عند كل القراء.
واعلم أن العارض للسكون إن كان منصوبا مثل: الْبَيَانَ ففيه ثلاثة أوجه، وهي: القصر، والتوسط، والمد.
وإن كان مجرورا مثل: يَوْمِ الدِّينِ ففيه أربعة أوجه، وهي: الثلاثة السابقة مع السكون المحض، والروم مع القصر فقط؛ لأن الروم كالوصل، وليس في "الدين" وصلا إلا القصر.
وإن كان مرفوعا نحو: نَسْتَعِينُ ففيه سبعة أوجه، وهي: القصر، والتوسط، والمد، مع السكون المحض، ومع الإشمام، والروم مع القصر.
هذا، وفي المتصل الذي عرض سكون همزته لأجل الوقف ثلاثة أوجه إن كان منصوبا مثل: وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ وهي مده أربع حركات، أو خمسا، أو ستا، مع السكون المحض.
وإن كان مجرورا نحو: مِنَ السَّمَاءِ ففيه خمسة أوجه، وهي: مده أربعا، أو خمسا، أو ستا مع السكون المحض، ومده أربعا أو خمسا مع الروم، وقد تقدم أن الروم كالوصل، وليس في السماء وصلا إلا أربع حركات، أو خمس.
وإن كان مرفوعا نحو: يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ ففيه ثمانية أوجه: وهي مده أربعا، أو خمسا، أو ستا مع السكون المحض، ومع الإشمام، ومده أربعا، أو خمسا مع الروم.
والروم:
هو الإتيان ببعض الحركة، ويكون في المرفوع، والمضموم، والمجرور، والمكسور.
والإشمام:
هو ضم الشفتين بعيد سكون الحرف، ويكون في المرفوع والمضموم فقط. وسنوضح ما يتعلق بهما بالتفصيل –إن شاء الله- في باب الوقف على أواخر الكلم.
هذا، ويلحق اللين وقفا بالعارض للسكون، ففي الوقف على نحو: خَوْفٌ و الْبَيْتَ ثلاثة أوجه، وهي: القصر، والتوسط، والمد إلا أن الطول في اللين قليل.
ثم إنه إن كان منصوبا ففيه الثلاثة المتقدمة، وإن كان مجرورا ففيه أربعة أوجه، وإن كان مرفوعا ففيه سبعة، كما تقدم في العارض.
5- اللازم:
وهو حرف مد أتى بعده سكون لازم وصلا ووقفا، مثل: الصَّاخَّةُ آلآن بيونس، الم .
ومقدار مده: ست حركات عند الجميع.
وسمي لازما؛ للزوم سببه -وهو السكون-، أو للزوم مده ست حركات.
وحكم اللازم: اللزوم.
وإنما كان لازما؛ لالتزام جميع القراء مده ست حركات للفصل بين الساكنين.
فقد ظهر لك مما تقدم أن للمد الفرعي ثلاثة أحكام.
1. الوجوب: وهو حكم للمتصل وحده.
2. والجواز: وهو حكم لثلاثة أنواع: المنفصل، والبدل، والعارض.
3. واللزوم: وهو حكم للمد اللازم وحده.
قال صاحب التحفة
للمـــد أحكـــامٌ ثلاثــةٌ تــدوم وهــي الوجـوب والجـواز واللـزوم
فواجــبٌ إن جـاء همـزٌ بعـد مـد فــي كلمــة وذا بمتصــل يُعــد
وجــائزٌ مَــدٌّ وقصــرٌ إن فُصِـل كــلٌّ بكلمــة وهــذا المنفصــل
ومثـــل ذا إن عــرض الســكون وقفــــا كتعلمـــون نســـتعين
أو قُــدِّم الهمــزُ عــلى المـد وذا بـــدل كــآمنوا وإيمانــا خُــذَا
ولازمٌ إنِ الســــكونُ أُصِّــــلا وصــلا ووقفًــا بعــد مـدٍّ طُـوِّلا
أقسام المد اللازم
ينقسم المد اللازم إلى كلمي، وحرفي.
وكل منهما إما أن يكون مثقلا وإما أن يكون مخففا، فله أربعة أقسام.
فالكلمي: هو حرف مد أتى بعده سكون لازم في كلمة، فإن أدغم ساكنه فيما بعده فهو المثقل مثل: الْحَاقَّةُ الضَّالِّينَ أَتُحَاجُّونِّي .
وإن لم يدغم ساكنه فيما بعده فهو المخفف، وذلك في لفظ "آلآن" في موضعي يونس فقط، وهما: آلآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ وسمي كلميا؛ لاجتماع المد والسكون في كلمة.
وسمي المثقل مثقلا؛ لوجود التشديد بعد حرف المد، إذ الحرف المشدد أثقل.
وسمي المخفف مخففا؛ لعدم وجود التشديد بعد حرف المد، فالساكن غير مدغم.
والحرفي: هو حرف مد أتى بعده سكون لازم في حرف هجاؤه ثلاثة أحرف وسطها حرف مد، وسمي حرفيا؛ لوجود حرف المد مع السكون في حرف.
هذا، واللازم الحرفي لا يوجد إلا في فواتح بعض السور.
والحروف التي تمد مدا لازما سبعة: وهي مجموعة في قول بعضهم: "سنقص علمك" ما عدا العين.
فالسين: في أول الشعراء، والقصص، والنمل، وفي يس، وفي حم * عسق أول الشورى.
والنون: في ن وَالْقَلَمِ فقط.
والقاف: في أول الشورى، وفي ق وَالْقُرْآنِ .
والصاد: في المص في أول الأعراف، وفي كهيعص أول مريم، وفي ص وَالْقُرْآنِ .
واللام: في الم الر المص المر .
والميم: في الم المص المر طسم حم
والكاف: في أول مريم فقط.
فهذه الأحرف السبعة تمد مدا لازما باتفاق، ويسمى المد مدا لازما حرفيا، فإن أدغم ساكنه فيما بعده كان مثقلا وإن لم يدغم كان مخففا.
مثال المثقل: "لام" من "الم" لوجود الإدغام، و "سين" من "طسم" لوجود الإدغام كذلك.
ومثال المخفف: "ميم" من "الم"، و "ق" لعدم وجود الإدغام.
وأما العين: فموجودة في أول "مريم، والشورى" وفيها للجميع وجهان:
الطول: وهو الأفضل قياسا على الأحرف السبعة السابقة.
والتوسط: لسكون الياء وانفتاح ما قبلها، فهي حرف لين لا حرف مد، فأعطيت حكما أقل من حرف المد لمزيَته على اللين.
هذا، وإذا تغير سبب المد جاز المد والقصر، وذلك في قوله تعالى: الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ أول سورة آل عمران، في حالة وصل "الم" بلفظ الجلالة.
فإن الميم من لفظ "الم" قد حركت بالفتح لاجتماعها ساكنة مع لام الجلالة، وطبيعي أن همزة الوصل لا ينطق بها وصلا.
فمن أشبع نظر إلى الأصل -وهو سكون الميم- ولم يعتد بالحركة لأنها عرضت للتخلص من الساكنين.
ومن قَصر نظر إلى الحركة العارضة، وكان التخلص من الساكنين هنا بالفتح حرصا على تفخيم لفظ الجلالة.
أما إذا وقفت على "آلم" فلا بد من الإشباع؛ لأن الميم قد عاد إليها سكونها الأصلي.
والحروف الهجائية الموجودة في فواتح بعض السور أربعة عشر حرفا وتنقسم إلى أربعة أقسام:
1. ما يمد مدا لازما، وهو حروف "سنقص علمك" ما عدا العين.
2. ما فيه الوجهان -المد، والتوسط- وهو "عين".
3. ما يمد مدا طبيعيا، وهو الحروف الخمسة المتقدمة في المد الأصلي، والمجموعة في قولهم: "حي طهر".
4. ما لا يمد أصلا وهو "ألف" لكون هجائه ثلاثة أحرف ليس وسطها حرف مد، وهو موجود في "الم"، "الر"، "المص"، "المر".
وينبغي أن يعلم أنه إذا كان حرف المد في كلمة، والحرف الساكن في كلمة أخرى حذف حرف المد في الوصل، مثل: وَقَالُوا اتَّخَذَ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ .
مراتب المدود
للمدود مراتب خمس:
فأقواها المد اللازم، فالمتصل، فالعارض، فالمنفصل، فالبدل.
فإذا اجتمع سببان من أسباب المد أحدهما قوي والآخر ضعيف عمل بالقوي، وألغي الضعيف، مثل وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فحرف المد -وهو الألف في "آمين" باعتبار تقدم الهمز عليه- يعد بدلا وباعتبار تأخر السكون اللازم بعده يسمى لازما، فيمد ست حركات إعمالا للمد اللازم لقوته، ويلغى البدل لضعفه.
ومثل: وَجَاءُوا أَبَاهُمْ فالواو المدية باعتبار تقدم الهمز عليها تسمى بدلا وباعتبار تأخر الهمز عنها في كلمة أخرى تسمى منفصلا فيعمل بالمنفصل لقوته، فيمد أربع حركات أو خمس، ويلغى البدل لضعفه.
قال صاحب لآلئ البيان في تجويد القرآن:
أقــوى المــدود لازم فمـا اتصـل فعــارض فــذو انفصــال فبـدل
وســـببا مـــدٍّ إذا مــا وجــدا فــإن أقــوى الســببين انفــردا
تم جمع المعلومات من عدة مصادر
ارجوا ذا وجدتم خطأ التنويه ولا تنسونا من صالح الدعوات والرحمة للوالد